الطعن رقم ۲۱۰۰٥ لسنة ۸۹ ق
جلسة ۲٤ / ٥ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء (ب)
ـــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشــــار / حازم عبد الرؤوف دخيل نــائب رئيس المحـكــــمــــــة
وعضوية السادة المستشــــــــــــارين / حاتــــــــــــــــــم حميــــــــــــــــــدة أحمــــــــــــــــــد عمـــــــــــــــــــران
علـي أحمــد عبــد القــادر محمـــــد حمــــــدي متولـــي
نــواب رئيــــــس المحكمــــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد بلال نصار.
وأمين السر السيد / أحمد لبيب.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 4 من ذي القعدة سنة 1444هـ الموافق 24 من مايو سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 21005 لسنة 89 القضائية
المرفوع من
……. “وشهرته …….” ” محكوم عليه ــــ طاعن “
ضــد
النيابة العامة ” مطعون ضدها “
” الوقائــــع “
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1ــــ …… 2ــــ …… 3ــــ …… 4ــــ …… (طاعن) 5ــــ ……. 6ــــ …… 7ــــ …… 8ــــ …… في قضية الجناية رقم ….. لسنة ….. قسم ….. (المقيدة بالجدول الكلي برقم ….. لسنة ….. شرق …..).
بأنهم في يوم 5 من 4 إبريل سنة 2012 بدائرة قسم …… ــــ محافظة ……
ــــ قتلوا المجني عليه ……. عمداً، بأن توجهوا لمكان إقامته لشكهم في قيامه بسرقة مبلغ نقدي من سيارة الأول وواجهوه بشكهم، فأنكر، فما كان منهم إلا أن اقتادوه عنوة إلى أحد الحوانيت المملوكة للأول واحتجزوه به ردحاً من الزمن وتناوبوا الاعتداء عليه وتعذيبه لحمله على الإقرار بالسرقة والإرشاد عن المسروقات، فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو الوارد بالأوراق.
ــــ قبضوا على المجنى عليه …… واحتجزوه مدة من الزمن بغير أمر أحد من الحكام المختصين قانوناً وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
ــــ أحرزوا بغير ترخيص أدوات (عصى من الخشب والحديد) مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص.
ــــ أخفوا جثة المجني عليه سالف الذكر بأن ألقوا بها في مجرى مائي.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ……. لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثالث والخامس والسادس والسابع وغيابياً للباقين بتاريخ 4 من يناير سنة 2017 بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية، وذلك بعد تعديل وصف الاتهام الأول إلى جناية ضرب أفضى إلى الموت.
فتقدم المحكوم عليه الرابع (الطاعن) بإعادة الإجراءات.
وبجلسة 5 من سبتمبر سنة 2019 قضت محكمة الإعادة حضوريًا عملاً بالمواد 236/1، 239، 280، 282 من قانون العقوبات والمادتين ١/1، 25 مكرراً/1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ۱۹٥٤ المعدل بالقانون رقم ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ــــ بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف الجنائية، وذلك بعد إضافة ظرف سبق الإصرار إلى التهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ الأول من أكتوبر سنة 2019، وأودعت مذكرة أسباب الطعن بتاريخ 2 من نوفمبر سنة 2019 موقعاً عليها من محامٍ مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القبض والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك المقترن بتعذيبات بدنية والضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وحيازة وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ وإخفاء جثة قتيل بدون إخبار جهات الاقتضاء، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد، ذلك أنه اعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى، مما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة واختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الاتهام المعزو إلى الطاعن، والتفت عن دفعه بانتفاء أركان الجرائم التي دانه بها، واكتفى بإيراد نتيجة تقرير الصفة التشريحية الذي عول عليه كدليل إثبات دون بيان مضمونه من وصف الإصابات التي نسب إلى الطاعن إحداثها وكيفية حدوثها، كما عول في الإدانة على التحريات رغم أنها لا تصلح دليلاً على الإدانة ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن، ولم يدلل على توافر الاتفاق بين الطاعن وباقي المتهمين، ولم يستظهر علاقة السببية بين فعله ووفاة المجني عليه، والتفت عن الرد على دفوعه بانتفاء صلته بالواقعة وبعدم تواجده على مسرح الجريمة وبعدم وجود شهود رؤية، كما التفت عما قدمه من إقرارات تفيد تنازل أهلية المجني عليه، ولم تجبه المحكمة إلى طلبه بسماع شهود الإثبات، ودانته رغم عدم استجوابه بالتحقيقات، كما أنها لم تقم باستجوابه بجلسة المحاكمة ولم تواجهه بالاتهام المسند إليه، وعدلت وصف الاتهام من القتل العمد إلى الضرب المفضي إلى الموت بعد إضافة ظرف سبق الإصرار الذي لم يتضمنه أمر الإحالة والحكم الغيابي ودون تنبيه الدفاع، كما أنها لم تدلل على توافر هذا القصد في حقه، وأوقع الحكم عليه عقوبة غير مقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت، وأخيراً نسب إليه الدفع بتناقض أقوال شهود الإثبات وبانتفاء ظرف سبق الإصرار رغم أنه لم يقل بهما، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية للمجني عليه، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وحاصلها أن الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين عقدوا العزم وبيتوا النية على القبض على المجني عليه واحتجازه وتعذيبه وضربه للإفصاح عن مكان إخفائه للمال المسروق وتناوبوا تعذيبه وضربه بعصيهم وأدواتهم، وقام الطاعن بحلق شعره، فأحدثوا إصاباته والتي أودت بحياته، ثم قاموا بإخفاء جثته بربطها بحجر وإلقاءها بمجرى مائي، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته ومن بينها تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه التي نقلت عنه أن إصاباته بباطن فروة الرأس وباطن الشفة السفلى وباطن جدار الصدر رضية تنشأ من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة وراضة أياً كانت وتجوز من مثل خشب أو مواسير مياه وتتفق وتصوير الاعتداء عليه، وتعزى الوفاة إلى إصابته الرضية بالرأس مما أدت إليه من نزيف على سطح المخ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم قبضوا على المجني عليه واحتجزوه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أفضت إلى موته، وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق المقترن بالتعذيبات البدنية والاحتجاز وجريمة الضرب المفضي إلى الموت المنصوص عليها في المواد ۲۳٦، ۲۸۰، 282/2 من قانون العقوبات، ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة، كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة، والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين أركان الجرائم التي دانه بارتكابها، ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب، ويكون ما يثار في هذا الصدد في غير محله. لَمَا كَان ذلك، وكَان الحكم فيه قد حصل مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله “وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن إصاباته بباطن فروة الرأس وباطن الشفة السفلى وباطن جدار الصدر رضية تنشأ من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة وراضة أياً كانت وتجوز من مثل خشب أو مواسير مياه وتتفق وتصوير الاعتداء عليه، وتعزى الوفاة إلى إصابته الرضية بالرأس مما أدت إليه من نزيف على سطح المخ”. لما كان ذلك، وكان فيما حصله الحكم مِن تقرير الصفة التشريحية ــــ الذي عول عليه في قضاِئه ــــ ما يكفي بياناً لمضمون ذلك التقرير، فإِن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إبراد نص تقرير الخبير بكامل فحواه وأجزائه، فَإن ما يثِيره الطاعن فِي هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة، وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وضابط المباحث وتقرير الصفة التشريحية، وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد, قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن اتفاق الطاعن مع المتهمين على مقارفة الجريمة في قوله “…. وكان الأصل ألا يسأل شخص بصفته فاعلاً أصلياً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات المفضية إلى الوفاة أو التي أسهمت في ذلك أو إذا اتفق مع آخرين على ضرب المجني عليه ثم باشر معهم الضرب فعلاً، تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معهم على مقارفته وفي هذه الحالة الأخيرة يستوي أن يكون هو محدث الضربات التي سببت الوفاة أو يكون قد أحدثها غيره ممن اتفقوا معه، وكان الثابت للمحكمة أن المتهم والمتهمين الآخرين السابق الحكم عليهم وفق استخلاصها لواقعة الدعوى اتفقوا وتوافقوا وتوحدت إرادتهم وعايشت أفعالهم على أمر احتجاز المجني عليه في كافة الأماكن التي نقل إليها لهذا الغرض بداية من مكان تواجده بمقر مبيته، وانتهاءً بالوحدة السكنية التي حددها لهم خلاصاً من الاعتداء عليه والتعذيب وأن المتهم بهذا الاتفاق مع المتهمين الآخرين كشف عن اتجاه إرادتهم وتصرفاتهم وانتقالهم بين حجز المجني عليه معلنة بصورة جلية عن حدوث ذلك الاتفاق على القبض والاحتجاز بغير حق وأنه والآخرين السابق الحكم عليهم قد اتفقوا بموجب ما تقدم على أن يتعرض المجني عليه للضرب والتعذيب وارتضوا على وقوع الإيذاء أياً كانت درجته، وثبت للمحكمة أنهم تناوبوا ذلك الاعتداء ولم يقطعهم عنه إلا الاستراحة من عناء الجهد فيه أو قضاء حاجة تخصهم أو المتابعة عن كتب لحدوثه وترقب أن يؤتي ثماره، ولما انتهت حلقة من حلقات أفعالهم أوصلتها حلقات من حل دوره فيهم شلة وفرادى وتطمئن المحكمة فيما ثبت لديها أن المتهم والآخرين السابق الحكم عليهم وفقاً لإقرار المتهم السابق الحكم عليه ……. لشاهد الإثبات الأول والذي أيدته تحريات الأخير في تحديد دوره في ذلك الاتفاق ووحدة الغاية وإلى التخلص من جثة المجني عليه لإخفاء الجريمة وما ورد بأقوال المتهمين الآخرين المضبوطين السابق الحكم عليهم بتحقيقات النيابة في شأن تواجد المتهم معهم مما يثبت ضلوعه في ارتكاب ذلك الجرم ومسئوليته عنه وعن أي إصابة تكون قد حدثت بالمجني عليه وهو ما تأيد من تحريات المباحث وأنه والأخرين ضالعين في ذلك الاتفاق في معية زمان اليومين وأماكن احتجازه وأن إرادته والآخرين السابق الحكم عليهم قد توحدت في الاعتداء البدني على جسد المجني عليه لإجباره على الكشف عن مكان المال المسروق ومن ثم يكون المتهم مسئولاً عن النتيجة وهي وفاة المجني عليه وبغض النظر عما إذا كان هو الذي أحدث الضربة التي كانت السبب في الوفاة أو كانت لغيره من المتهمين السابق الحكم عليهم خلال زمان ومكان الاعتداء المتفق عليه بينهم، ومن ثم يكون المتهم فاعلاً أصلياً في الواقعة هو وباقي المتهمين السابق الحكم عليهم ظهوراً على مسرح الأحداث وإتيان عمل من أعمال الاعتداء أو رضاءً بما يقدم عليه الباقون منه والمساهمة في حجز المتهم بغير حق والاعتداء عليه ضرباً بما أدى إلى النتيجة التي لم يقصدوها بوفاة المجني عليه”. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم ــــ فيما تقدم ــــ كافيا لإثبات اتفاق المتهمين على التعدي على المجني عليه ثم مباشرتهم جميعاً ضربه بما يتعين معه مساءلة كل منهم عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت بصرف النظر عمن باشر منهم الضربات التي ساهمت في الوفاة، فإن ما ذهب الحكم إليه يكون صحيحاً وتنتفي به قالة القصور والخطأ في القانون التي رماه بها الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، ومتى فصلت في شأنها إثباتاً أو نفياً، فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضائها في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه ــــ كما هو الحال في الدعوى الماثلة ــــ وطالما لا يدعي الطاعن أن ثمة سبب آخر قد كشفت الوقائع عن أنه هو الذي أودى بحياة المجنى عليه وطالما برئ الحكم من ثمة نفي بين الدليلين القولي والفني، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرّر أنّ الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة، لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لثبوت جرائم القبض بدون أمر أحد الحكام المختصين المقترن بتعذيبات بدنية والاحتجاز الضرب وإدانة مرتكبها وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجرائم بكل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً به، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في وجه طعنه من عدم وجود شاهد رؤيا للحادث يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذى تم بين ورثة المجنى عليه وبين الطاعن في معرض نفي التهمة عنه، وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافعين عن الطاعن وإن استهلا مرافعتهما بطلب سماع شهود الإثبات، إلا أنهما أتما مرافعتهما في الدعوى دون أن يصرا على هذا الطلب في طلباتهما الختامية، مما يفقده خصائص الطلب الجازم، فلا تثريب على الحكم إذ هو التفت عن هذا الطلب ولم يرد عليه. هذا فضلاً عن أنه لا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لسماع شهود الإثبات دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها، لما هو مقرر من أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمات أن الطاعن أو المدافعين عنه لم يثيروا شيئاً بخصوص عدم استجوابه في التحقيقات، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. هذا فضلاً عن أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 6/۷/2019 أن المحكمة قد واجهت الطاعن بالاتهام المسند إليه ثم قررت حجز الدعوى للحكم ــــ خلافاً لما يدعيه الطاعن بأسباب طعنه، ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة ــــ القتل العمد والتي كانت مطروحة بالجلسة ــــ هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت نية القتل لدى المحكوم عليه، دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعن مرتكباً لجريمة الضرب المفضي إلى الموت لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء، ولا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو دفاعه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن، وهى جناية الاحتجاز بدون وجه حق والمقترن بتعذيبات بدنية وجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وحيازة وإحراز أدوات تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ وإخفاء جثة قتيل، مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات، وأنها كلها جريمة واحدة وأوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأشدها، وهى جريمة الاحتجاز بدون وجه حق والمقترن بتعذيبات بدنية، فإن ما ينعاه الطاعن على جريمة الضرب المفضي إلى الموت وبإضافة ظرف سبق الإصرار ليس له مصلحة فيه، كما أن الحكم المطعون فيه لم يتعد العقوبة التي قضى بها الحكم الغيابي الذي صدر ضده، فهو لم يسئ إلى مركز الطاعن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن بقوله “وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار والذي أضافته المحكمة وطلبت من الدفاع إبداء دفاعه على أساسه كان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني وتستفاد من وقائع خارجية بما تستلزمه من أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث في توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها فهو ثابت في الدعوى ومتوافر في حق المتهم دلت عليه ظروف وملابسات الوقعة بعد أن علم هو ومخدومه إبراهيم محمد مصطفى الشيخ السابق الحكم عليه من أحد الشيوخ أن المجني عليه هو السارق لمبلغ مالي من سيارة المتهم السابق فجلس والأخير وآخرون سبق الحكم عليهم يتدبرون أمرهم ويعدون خطتهم بعد أن عقدوا العزم وبيتوا النية واعملوا فكرهم في هدوء وروية وارتسموا خطتهم بالقبض على المجني عليه واحتجازه بأحد الأماكن لديه والتعدي عليه ضرباً لإجباره على الكشف على مخبأ المال المسروق، وتنفيذاً لذلك فقام جمعهم، من حضر منهم منذ بداية الاتفاق أو قدم فانضم إليهم باتحاد الإرادات ووحدة الغاية وأمسكوا بالمجني عليه وأوسعوه ضرباً ونقلوه إلى مخزن لــــ ……. المتهم السابق الحكم عليه وحجزوه وكبلوه، وتناوبوا تعذيبه بضربه بعصيهم وأدواتهم، وعلى مدى يومين أوسعوه ضرباً وصفعاً وركلاً وقهروا رجولته فقام المتهم بحلق شعره لإجباره على الإقرار بالواقعة والكشف عن مكان المال المسروق وكلما أراد المجني عليه أن يريح نفسه من الضرب والتعذيب قرر لهم بتواجد المال وإرشادهم عن مكانه وكلما عادوا خائبين لعدم وجود المال استشاطوا غضباً وعاودوا التعدي عليه بقسوة وإيلامه بما توافرت لهم من أدوات الاعتداء وبما تيسر لهم منها، ولما استقر أمره من قبلهم بوحدة سكنية نقلوه إليها واتخذوها مقراً لحجزه وتعذيبه مصرين على مخططهم غير عابئين بنتيجة تعديهم على المجني عليه بناءً على الاتفاق بينهم ومن بينهم المتهم في معية وزمان يومين متتاليين ومعية مكان الحجز والتعذيب وجمعت المتهم والمتهمين الآخرين السابق الحكم عليهم وحدة الغرض بإجباره على كشف مخبأ المال المسروق وداوم بعضهم الاعتداء عليه غير قاصدين من أفعالهم قتله بيد أن إصابته الناجمة عن الاعتداء أدت إلى موته متأثراً بإحدى إصاباته الرضية بالرأس الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية بما يدل على أن المتهم قد ارتكب جريمته والآخرون السابق الحكم عليهم في هدوء بال وبعد تفكير هادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتووه، وهو ما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حقه كما هو معرف قانوناً” ــــ وهو تدليل سائغ وكاف، فإن منعى الطاعن يضحى غير سديد. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة فيما يثيره الطاعن بشأن ظرف سبق الإصرار في جريمة الضرب المفضي إلى موت ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة القبض دون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه وهي القبض والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك المقترن بتعذيبات بدنية والضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وحيازة وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ وإخفاء جثة قتيل بدون إخبار جهات الاقتضاء وأجرى تطبيق المادة ۳۲ من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقررة قانوناً لجريمة القبض والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها في المادة ۲۸۲ من قانون العقوبات وهي السجن المشدد أشد من العقوبة المقررة لجناية الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار المنصوص عليها بالمادة 236/1 من قانون العقوبات وهي السجن المشدد أو السجن، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة الجريمة الأشد وقضي بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشر سنة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تزيد الحكم في بيان أوجه الدفاع على فرض صحته، لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بُني عليها ولا أثر له في منطقه، ومن ثم يكون النعي على الحكم في الشأن في غير محله. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا ورفضه موضوعًا.