الطعن رقم ۷۱۰۹ لسنة ٦۷ ق
جلسة ۹ / ٥ / ۲۰۰٤ – دائرة الاثنين (ج)
جلسة 9 من مايو سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد البارى سليمان، هانى خليل، السعيد برغوت نواب رئيس المحكمة وعزت المرسى.
الطعن رقم 7109 لسنة 67 القضائية
(1) شيك بدون رصيد. مسئولية مدنية. ضرر.
جواز تظهير الشيك لإذن. تظهيرًا توكيليًا. على الوكيل تقديم الشيك للقضاء فى المواعيد القانونية واتخاذ الإجراءات إذا امتنع المسحوب عليه عن دفع قيمة الشيك. الوكيل مسئول عن تعويض الضرر الذى يلحق المظهر إليه. إلا إذا اشترط الوكيل عدم مسئوليته.
(2) وكالة. بنوك. قانون “تفسيره”.
مجرد التوقيع على ظهر الشيك. اعتباره تظهيرًا ناقلاً للملكية. ما لم يثبت صاحب الشأن أن المراد بالتوقيع تظهيرًا توكيليًا.
تظهير المستفيد للشيك إلى البنك الذى يتعامل معه عادة. تظهيرًا توكيليًا لتحصيل قيمته وقيدها فى حساب العميل.
التظهير الناقل للملكية. لا يفترض وجوب أن يكون صريحًا وتتوافر له البيانات الواردة بالمادة 134 من قانون التجارة. خلوه منها أو نقصها يجعله تظهيرًا توكيليًا. أساس ذلك؟
مثال لتظهير توكيلى.
(3) بنوك. وكالة. شيك بدون رصيد. مسئولية مدنية.
وجوب تنفيذ البنك للوكالة المعهودة إليه فى تحصيل قيمة الشيك بمطالبة المسحوب عليه بقيمته فى ميعاد الاستحقاق. امتناعه عن السداد أو تعذر تحصيل قيمته. يوجب على البنك اتخاذ الإجراءات القانونية وإخطار العميل بها حفاظًا على حقوقه. إهماله أو تقصيره فى ذلك وسقوط حق العميل فى تحصيل قيمته. أثره: قيام مسئولية البنك قبل العميل بالتعويضات دون توافر جريمة خيانة الأمانة فى حقه. علة ذلك؟
(4) بنوك. جريمة “أركانها”. مسئولية مدنية. وكالة. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة النقض “سلطتها”.
عدم تحصيل البنك لقيمة الشيكين المظهرين له من المدعى بالحقوق المدنية لتحصيل قيمتهما. جواز اعتباره أساسًا لدعوى التعويض. شرط ذلك: إثبات عناصر المسئولية المدنية فى حق البنك ولو اشترط عدم مسئوليته فى حالتى الغش والخطأ الجسيم والذى لا تقوم به جريمة خيانة الأمانة. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية اعتبارًا بأن العلاقة بين البنك والمدعى بالحقوق المدنية علاقة تجارية. صحيح. أساس وعلة ذلك؟
انطواء الحكم على بعض التقريرات القانونية الخاطئة. لا يعيبه. شرط ذلك؟
متى يكون لمحكمة النقض تصحيح أسباب الحكم المطعون فيه؟ المادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(5) دعوى مدنية “نظرها والحكم فيها”. اختصاص “الاختصاص النوعي”. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. محكمة النقض “سلطتها”.
اختصاص المحكمة الجنائية بنظر دعوى الحقوق المدنية. شرطه؟
القضاء بالبراءة اعتبارًا بأن الواقعة منازعة تجارية. يوجب القضاء بعدم الاختصاص بالفصل فى الدعوى المدنية. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه برفض الدعوى المدنية. مخالفة للقانون. أثر ذلك؟
1 – من المقرر أنه يجوز تظهير الشيك لإذن تظهيرًا توكيليًا, وعلى الوكيل تقديم الشيك للقضاء فى المواعيد القانونية، واتخاذ الإجراءات إذا امتنع المسحوب عليه عن دفع قيمة الشيك، وإلا كان الوكيل مسئولاً عن تعويض الضرر الذى قد يلحق المظهر إليه إلا إذا اشترط الوكيل عدم مسئوليته.
2 – من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيرًا ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيرًا توكيليًا, وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذى يتعامل معه تظهيرًا توكيليًا فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها فى حساب العميل. لما كان ذلك، وكان الثابت من إيصال استلام البنك الذى يمثله المطعون ضده أن استلامه للشيكين موضوع الدعوى لتحصيل قيمتها وإيداع القيمة فى حساب الطاعن لدى البنك، كما أن الثابت من مشارطة الاتفاق المؤرخ……. بين المدعى بالحقوق المدنية – الطاعن – والبنك الذى يمثله المطعون ضده أنه ثابت بالبند الثالث أن السندات التجارية برسم التحصيل فإن ذلك يفصح بجلاء على أن التظهير الوارد على الشيكين موضوع الدعوى الماثلة يعد فى وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيرًا توكيليًا قصد به المظهر – المدعى بالحقوق المدنية أن ينيب عنه البنك المظهر إليه – الذى يمثله المطعون ضده – فى قبض قيمة الشيكين نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون حساب المدعى بالحقوق المدنية قد سمح للبنك بخصم ما يتم تحصيله لحسابه من قيمة الشيكين سدادًا لمديونيته قبل البنك, مادام قد ثبت حسبما سلف أن المظهر أراد بالتوقيع أن يكون التظهير توكيليًا لأن التظهير الناقل للملكية لا يفترض ولا يتم إلا إذا كان صريحًا ولابد أن يتوافر له البيانات المنصوص عليها فى المادة 134 من قانون التجارة القديم – المعمول بأحكامه وقت الحكم فى الدعوى – وهى تاريخ التظهير، واسم المظهر إليه، وشرط الإذن، ووصول القيمة وتوقيع المظهر، بحيث إذا لم تستوفى هذه البيانات أو كانت ناقصة يفترض طبقًا لنص المادة 135 من القانون سالف الذكر أن التظهير إنما قصد به التوكيل فى تحصيل قيمة الورقة التجارية – الشيك.
3 – من المقرر أنه إذا كان البنك موكلاً فى تحصيل قيمة الشيك – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – فيجب على البنك أن يقوم بتنفيذ الوكالة المعهودة إليه فيتقدم إلى المسحوب عليه فى ميعاد الاستحقاق للمطالبة بالوفاء فإذا امتنع المسحوب عليه أو تعذر لأى سبب تحصيل قيمة الشيك وجب على البنك اتخاذ الإجراءات التى نص عليها القانون وتفرضها عليه أحكام الوكالة وذلك للحفاظ على حقوق العميل وإخطاره بجميع تلك الإجراءات فى وقت مناسب, فإذا أهمل البنك أو قصر فى اتخاذ تلك الإجراءات فسقط حق العميل فى تحصيل قيمة الشيك – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة، وكان البنك مسئولاً قبل عميله بالتعويضات دون أن يكون مرتكبًا لجريمة خيانة الأمانة لأن القانون فى جريمة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال أو الإهمال أو التقصير فى تنفيذ الائتمان وإنما يعاقب على العبث بملكية المال المسلم بمقتضاه.
4 – لما كان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه, بما لا ينازع فيه الطاعن – المدعى بالحقوق المدنية – ثبوت عدم تحصيل البنك الذى يمثله المطعون ضده لقيمة الشيكين اللذين ظهرهما له المدعى بالحقوق المدنية لتحصيل قيمتهما وإيداعه فى حسابه فإن ذلك وإن جاز أن يكون أساسًا لدعوى التعويض إذا أثبت المدعى بالحقوق المدنية الخطأ فى جانب البنك والضرر فى جانبه وعلاقة السببية بينهما ويظل حقه فى هذا التعويض ثابتًا طبقًا للقواعد العامة فى المادة 217 من القانون المدنى حتى ولو اشترط البنك عدم المسئولية فى هذا الشأن وذلك فى حالتى الغش والخطأ الجسيم إلا أن ذلك الخطأ من جانب البنك الذى يمثله المطعون ضده لا تقوم به جريمة خيانة الأمانة – على ما سلف بيانه – لأن تلك الجريمة لا تقوم إلا بحصول العبث بملكية المال المسلم إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان الواردة حصرًا فى المادة 341 من قانون العقوبات ومن بين هذه العقود عقد الوكالة سواء كانت بأجر أو بغير أجر. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق على – ما سلف بيانه – أن الأوراق قد خلت مما يشكل جريمة خيانة الأمانة, وأن حقيقة العلاقة بين الطاعن – المدعى بالحقوق المدنية – والبنك الذى يمثله المطعون ضده هى علاقة تجارية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يغير من ذلك، ولا يؤثر فى سلامة الحكم القاضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية أن يكون قد انطوى على بعض التقريرات القانونية الخاطئة فى مدوناته مادامت لم تمس جوهر قضاءه وكانت النتيجة التى خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانونى السليم – على ما سلف بيانه – وتقضى هذه المحكمة – محكمة النقض – بتصحيح تلك الأسباب عملاً بالحق المخول لها بمقتضى المادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض.
5 – من المقرر أن الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئًا مباشرة عن ضرر وقع للمدعى من الجريمة فإذا لم يكن الضرر الذى لحق به ناشئًا عنها سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالبراءة قد بنى على أن الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية هى منازعة تجارية بحيث تدور حول حق المدعى بالحقوق المدنية فى التعويض عن الإهمال والتقصير فى تحصيل قيمة الشيكين المظهرين للبنك تظهيرًا توكيليًا وقد ألبست ثوب جريمة التبديد على خلاف القانون، فإن القضاء بالبراءة لهذا السبب يلزم عنه الحكم بعدم الاختصاص بالفصل فى الدعوى المدنية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضاؤه على الحكم برفض الدعوى المدنية فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم اختصاص القضاء الجنائى بالفصل فى الدعوى المدنية.
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم…. ضد المطعون ضده (بصفته) بوصف أنه تسلم الشيكين رقمى….،….. لتحصيل قيمتهما وتقاعس البنك فى هذا التحصيل مما يشكل جريمة خيانة الأمانة وذلك على النحو المبين بعريضة الدعوى مما يكون معه مرتكبًا لجريمة خيانة الأمانة، وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف كل من المدعى بالحقوق المدنية والنيابة العامة. ومحكمة…… الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريًا أولاً: – بقبول الاستئنافين شكلاً. ثانيًا: – وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به.
فطعن الأستاذ/… عن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن – المدعى بالحقوق المدنية – على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة خيانة الأمانة ورفض الدعوى المدنية قد أخطأ فى تطبيق القانون، وشابه قصور فى التسبيب، وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه لم يحط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وشابه الاضطراب، وخلط بين التظهير للتحصيل والتظهير الناقل للملكية بما ينبئ عن اختلال فكرته عن موضوع الدعوى مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق ومدونات الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن دفاع الطاعن – المدعى بالحقوق المدنية – قد قام فى جملته على أن تظهيره للشيكين موضوع الدعوى للبنك الذى يمثله المطعون ضده كان تظهيرًا توكيليًا لتحصيل قيمتها وإيداعه فى حسابه الجارى لدى البنك، وليس تظهيرًا ناقلاً للملكية للقرائن التى عددها فى أسباب طعنه، والمستندات التى قدمها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يجوز تظهير الشيك لإذن تظهيرًا توكيليًا، وعلى الوكيل تقديم الشيك للقضاء فى المواعيد القانونية, واتخاذ الإجراءات إذا امتنع المسحوب عليه عن دفع قيمة الشيك، وإلا كان الوكيل مسئولاً عن تعويض الضرر الذى قد يلحق المظهر إليه إلا إذا اشترط الوكيل عدم مسئوليته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيرًا ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيرًا توكيليًا، وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذى يتعامل معه تظهيرًا توكيليًا فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها فى حساب العميل. لما كان ذلك، وكان الثابت من إيصال استلام البنك الذى يمثله المطعون ضده أن استلامه للشيكين موضوع الدعوى لتحصيل قيمتها وإيداع القيمة فى حساب الطاعن لدى البنك، كما أن الثابت من مشارطة الاتفاق المؤرخ…… بين المدعى بالحقوق المدنية – الطاعن – والبنك الذى يمثله المطعون ضده أنه ثابت بالبند الثالث أن السندات التجارية برسم التحصيل فإن ذلك يفصح بجلاء على أن التظهير الوارد على الشيكين موضوع الدعوى الماثلة يعد فى وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيرًا توكيليًا قصد به المظهر – المدعى بالحقوق المدنية أن ينيب عنه البنك المظهر إليه – الذى يمثله المطعون ضده – فى قبض قيمة الشيكين نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون حساب المدعى بالحقوق المدنية قد سمح للبنك بخصم ما يتم تحصيله لحسابه من قيمة الشيكين سدادًا لمديونته قبل البنك، مادام قد ثبت حسبما سلف أن المظهر أراد بالتوقيع أن يكون التظهير توكيليًا لأن التظهير الناقل للملكية لا يفترض ولا يتم إلا إذا كان صريحًا ولابد أن يتوافر له البيانات المنصوص عليها فى المادة 134 من قانون التجارة القديم – المعمول بأحكامه وقت الحكم فى الدعوى – وهى تاريخ التظهير، واسم المظهر إليه، وشرط الإذن، ووصول القيمة وتوقيع المظهر، بحيث إذا لم تستوفى هذه البيانات أو كانت ناقصة يفترض طبقًا لنص المادة 135 من القانون سالف الذكر أن التظهير إنما قصد به التوكيل فى تحصيل قيمة الورقة التجارية – الشيك – وعلى ذلك، فإذا كان البنك موكلاً فى تحصيل قيمة الشيك – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – فيجب على البنك أن يقوم بتنفيذ الوكالة المعهودة إليه فيتقدم إلى المسحوب عليه فى ميعاد الاستحقاق للمطالبة بالوفاء فإذا امتنع المسحوب عليه أو تعذر لأى سبب تحصيل قيمة الشيك وجب على البنك اتخاذ الإجراءات التى نص عليها القانون وتفرضها عليه أحكام الوكالة وذلك للحفاظ على حقوق العميل وإخطاره بجميع تلك الإجراءات فى وقت مناسب، فإذا أهمل البنك أو قصر فى اتخاذ تلك الإجراءات فسقط حق العميل فى تحصيل قيمة الشيك – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة، وكان البنك مسئولاً قبل عميله بالتعويضات دون أن يكون مرتكبًا لجريمة خيانة الأمانة لأن القانون فى جريمة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال أو الإهمال أو التقصير فى تنفيذ الائتمان وإنما يعاقب على العبث بملكية المال المسلم بمقتضاه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه، بما لا ينازع فيه الطاعن – المدعى بالحقوق المدنية – ثبوت عدم تحصيل البنك الذى يمثله المطعون ضده لقيمة الشيكين اللذين ظهرهما له المدعى بالحقوق المدنية لتحصيل قيمتهما وإيداعه فى حسابه فإن ذلك وإن جاز أن يكون أساسًا لدعوى التعويض إذا أثبت المدعى بالحقوق المدنية الخطأ فى جانب البنك والضرر فى جانبه وعلاقة السببية بينهما ويظل حقه فى هذا التعويض ثابتًا طبقًا للقواعد العامة فى المادة 217 من القانون المدنى حتى ولو اشترط البنك عدم المسئولية فى هذا الشأن وذلك فى حالتى الغش والخطأ الجسيم إلا أن ذلك الخطأ من جانب البنك الذى يمثله المطعون ضده لا تقوم به جريمة خيانة الأمانة – على ما سلف بيانه – لأن تلك الجريمة لا تقوم إلا بحصول العبث بملكية المال المسلم إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان الواردة حصرًا فى المادة 341 من قانون العقوبات ومن بين هذه العقود عقد الوكالة سواء كانت بأجر أو بغير أجر. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق على – ما سلف بيانه – أن الأوراق قد خلت مما يشكل جريمة خيانة الأمانة، وأن حقيقة العلاقة بين الطاعن – المدعى بالحقوق المدنية – والبنك الذى يمثله المطعون ضده هى علاقة تجارية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يغير من ذلك، ولا يؤثر فى سلامة الحكم القاضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية أن يكون قد انطوى على بعض التقريرات القانونية الخاطئة فى مدوناته مادامت لم تمس جوهر قضائه وكانت النتيجة التى خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانونى السليم – على ما سلف بيانه – وتقضى هذه المحكمة – محكمة النقض – بتصحيح تلك الأسباب عملاً بالحق المخول لها بمقتضى المادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض. ولما كان ذلك، وكان الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئًا مباشرة عن ضرر وقع للمدعى من الجريمة فإذا لم يكن الضرر الذى لحق به ناشئًا عنها سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالبراءة قد بنى على أن الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية هى منازعة تحصيل تجارية بحيث تدور حول حق المدعى بالحقوق المدنية فى التعويض عن الإهمال والتقصير فى تحصيل قيمة الشيكين المظهرين للبنك تظهيرًا توكيليًا وقد ألبست ثوب جريمة التبديد على خلاف القانون، فإن القضاء بالبراءة لهذا السبب يلزم عنه الحكم بعدم الاختصاص بالفصل فى الدعوى المدنية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضاؤه على الحكم برفض الدعوى المدنية فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم اختصاص القضاء الجنائى بالفصل فى الدعوى المدنية.