الطعن رقم ۹۳۹۷ لسنة ۷٦ ق
باسم الشعب
محكمـة النـقض
الدائرة المدنية والتجارية
دائرة الاثنين (أ) تجاري
—
برئاسة السيـد القاضـــــي / مجــــــدي إبراهيم عبد الصمد “نائـب رئيس المحكمـــــــــــــــة”
وعضوية السادة ال قضــاة / إيهــــــــــــــــــــاب الميدانـــــــــــــي ، أحمـــــد إلياس منصــــــــــــــور
طـــــــــــــــــــارق سويــــــــــــــــدان و خـــــــــــــــــــالد السعــــــــــــــــدوني
“نـــــواب رئيس المحكمة”
بحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد مكاوي.
وحضور أمين السر السيد / مصطفى أبو سريع.
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين الموافق 13 من جمادى الأولى سنة 1445 هـ الموافق 27 من نوفمبر سنة 2023 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 9397 لسنة 76 القضائية.
المرفوع مــن:
السيد / ……………. بصفته رئيس مجلس إدارة شركة مصر الأصلية للتنمية العقارية والمقاولات.
ضــــد
1– السيد / وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لقلم الكتاب بمحكمة استئناف القاهرة ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية.
2– السيد / رئيس قلم الكتاب بمحكمة استئناف القاهرة.
3– السيد / رئيس قلم الكتاب بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية.
وموطنهم القانوني: هيئة قضايا الدولة – مجمع التحرير – ميدان التحرير – محافظة القاهرة.
4– السيد / ………… بصفته الممثل القانوني لمؤسسة الصبان للاستثمار والتجارة.
الوقائــع
في يــــوم 3/6/2006 طُعن بطريق النقض في حكم محكمـة استئناف القاهرة “مأمورية شمال” الصادر بتاريخ 5/4/2006 في الاستئنافين رقمي 5400/6420 لسنة 9 ق، بصحيفة طلب فيها الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي نفس اليوم أودع الطاعن بصفته مذكرة شارحة وحافظة بمستندات.
وفي 13/6/2006 أُعلن المطعون ضدهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم بصحيفة الطعن.
وفي 25/6/2006 أودع المطعون ضدهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم مذكرة بدفاعهم طلبوا في ختامها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها، وطلبت فيها أولًا: عدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث “بصفتيهما”، ثانيًا: قبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسـة 22/5/2023 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 9/10/2023 مرافعة سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة، على ما هو مبين بمحضر الجلسة، حيث صمم كلٌّ من محامي المطعون ضدهم من الأول حتى الثالث بصفاتهم والنيابة العامة كلٌّ على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / ………. “نائب رئيس المحكمة”، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهم عدا الثالث الدعوى رقم ١٠٤٩٥ لسنة ٢٠٠٣ شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من المبالغ موضوع المطالبات أرقام ٥٥٨٧ لسنة 2001/2002، 4539 لسنة 2002/2003، 1205 لسنة 2003/2004، وقال بيانًا لذلك إن المطعون ضده الأول إذ طالبه بقيمة أوامر التقدير المشار إليها المستحقة عن طلب تذييل حكم التحكيم الصادر في النزاع الذي كان مرددًا بينه وبين المطعون ضدها الثالثة بالصيغة التنفيذية حال أن الأخيرة هي التي تقدمت بطلب بوضع الصيغة التنفيذية على هذا الحكم والذي ألزمهما المصاريف مناصفةً، فضلًا عن أن المطالبتين الثانية والثالثة صدرتا عن طلبٍ واحدٍ، ومن ثم أقام دعواه. كما أقام الدعوى رقم ٥٧٨٦ لسنة ۲۰۰٤ شمال القاهرة بطلب الحكم ببراءة ذمته من المبالغ موضوع المطالبة رقم ۳۲۰۷ لسنة 2001/2002 استنادًا إلى الأسباب ذاتها، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت في الأولى بعدم اختصاصها نوعيًا بنظرها وإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة للاختصاص وبرفض الدعوى الثانية. استأنف الطاعن بصفته الحكم بالاستئنافين رقمي ٥٤٠٠، ٦٤٢٠ لسنة ٩ ق استئناف القاهرة، وبتاريخ 5/4/2006 قضت المحكمة في الاستئناف الأول بتأييد الحكم المستأنف وفي الاستئناف الثاني برفضه وتأييد أمري تقدير الرسوم المعارض فيهما. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرةً أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى في الدعوى رقم ٥٧٨٦ لسنة ٢٠٠٤ شمال القاهرة الابتدائية بتأييد أمري تقدير الرسوم القضائية عن المطالبة رقم ۳۲۰۷ لسنة 2001/2002 دون بحث دفاعه المتعلق بازدواج المطالبة عن موضوع واحد هو طلب وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم المودع برقم ٥١ لسنة ۱۱٨ ق استئناف القاهرة، ورفض طلبه ندب خبير لتحقيق هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها متى أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها ومذكرة قلم المطالبة المختص أن الرسوم القضائية عن الأمر الوقتي رقم ٣٦٢ لسنة ۲۰۰۱ الخاص بوضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم الصادر بتاريخ 23/4/2001 قُدرت صحيحة وفقًا لأحكام قانون الرسوم وفق ما ورد بمنطوق الحكم في موضوع النزاع من إلزام الطاعن بصفته والمطعون ضدها الثالثة بالمصاريف مناصفةً، وكان ما خلص إليه الحكم سائغًا، له معينه من الأوراق ويكفي لحمله، فلا عليه إن رفض طلب ندب خبير طالما وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقديته فيها، وإذ كانت المطالبة رقم ۳۲۰۷ لسنة 2001/2002 لم تسبقها مطالبات أخرى، ومن ثم فإن نعي الطاعن بصفته بشأن وجود مطالبات أخرى عن الأمر ذاته يكون محله المنازعة في المطالبات اللاحقة على المطالبة محل النزاع الراهن، فلا على الحكم إن التفت عن هذا الدفع، ويضحى معه النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إنه سبق أن عارض في أوامر التقدير موضوع التداعي أمام المحكمة التي أصدرت الحكم برقم ۲۰ لسنة ۱۱۹ ق استئناف القاهرة وقضت بحكمٍ نهائي بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون تأسيسًا على أن المنازعة تتعلق بأساس الالتزام فيتعين سلوك القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات في رفع الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه حجية هذا القضاء وقضى بتأييد الحكم الابتدائي في الدعوى رقم ١٠٤٩٥ لسنة ۲۰۰۳ كلي شمال القاهرة الصادر بعدم اختصاصه نوعيًا بنظر طلب براءة ذمته من أوامر التقدير محل تلك المطالبات والإحالة إلى محكمة استئناف القاهرة ثم تصدى للفصل في الموضوع ملتزمًا حكم الإحالة وقضى بتأييد أوامر التقدير، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة ١٦ من القانون رقم 90 لسنة ١٩٤٤ بشأن الرسوم القضائية على أن “تقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال بناءً على طلب قلم الكتاب ويعلن هذا الأمر للمطلوب منه الرسوم”، وفي المادة ۱۷ منه على أن “يجوز لذي الشأن أن يعارض في مقدار الرسوم الصادر بها الأمر المشار إليه في المادة السابقة، وتحصل المعارضة أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم الكتاب في الثمانية أيام التالية لتاريخ إعلان الأمر ويحدد له المحضر في الإعلان أو قلم الكتاب في التقرير اليوم الذي تنظر فيه المعارضة”، وفي المادة ۱۸ منه المعدلة بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٤ على أن “تقدم المعارضة إلى المحكمة التي أصدر رئيسها أمر التقدير أو إلى القاضي حسب الأحوال، ويصدر الحكم فيها بعد سماع أقوال قلم الكتاب والمُعارض إذا حضر، ويجوز استئناف الحكم في ميعاد خمسة عشر يومًا من يوم صدوره وإلا سقط الحق في الطعن”، مفاده أن المشرع أفرد للمنازعة في الرسوم القضائية قواعد خاصة، فأجاز لذي الشأن المعارضة في مقدار الرسوم الصادر بها أمر التقدير أمام المُحضر عند إعلان الأمر إليه أو بتقريرٍ في قلم الكتاب، وهو طريق استثنائي أتاحه المشرع تبسيطًا للإجراءات وتيسيرًا على المتقاضين في خصوص المنازعة التي يكون فيها ذو الشأن مُلزمًا الرسوم القضائية في الأصل، ولكنه ينازع في تقديرها وفق النسب المقررة في القانون، إلا أن المشرع لم يسلبه حقه الأصيل في سلوك الطريق العادي لرفع الدعاوى على النحو الوارد بالمادة ٦٣ وما بعدها من قانون المرافعات، إذ لم يرد نص في قانون الرسوم القضائية يحول دون لجوء ذي الشأن إلى هذا الطريق أو يَحرِمه من هذا الحق عند المنازعة في تقدير الرسوم لكنها تظل في حقيقتها معارضة في هذا التقدير، ومن ثم يتعين عليه – أيًا كان الطريق الذي يسلكه – أن يلتزم ميعاد الثمانية أيام التالية لتاريخ إعلان الأمر إليه وإلا سقط حقه في الطعن، حتى لا يكون لجوؤه إلى الطريق العادي مطية يُفلت بها معارضته من جزاء رفعها بعد الميعاد، وأسند المشرع أمر الفصل في المنازعة في تقدير الرسوم إلى المحكمة – أو القاضي – التي أصدرت الحكم في الدعوى المقدر عنها الرسوم بصرف النظر عن الاختصاص القيمي أو النوعي باعتبار أن الرسوم القضائية التي يستأديها قلم الكتاب جاءت بمناسبة الالتجاء إلى القضاء في دعوى أو طلب عرض عليه فهي تنزل من الدعوى منزلة الفرع من أصله، بما يتعين تقديم المعارضة إلى هذه المحكمة وإلا كانت غير مقبولة. كما حدد ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها بخمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره خلافًا للميعاد المقرر كأصلٍ عام في قانون المرافعات للطعن بطريق الاستئناف في الأحكام.
وحيث إنه لما كان من المستقر – في قضاء هذه المحكمة – أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من الأحكام. وكانت نصوص قانون الرسوم القضائية – على ما سلف بيانه – قد اقتصرت على تنظيم إجراءات المنازعة في شأن تقدير الرسوم المستحقة وأمسك عن تنظيم ما عداها من المنازعات المتعلقة بالرسوم، سواء كانت المنازعة تدور حول أساس الالتزام أو مداه أو سبق الوفاء بها أو سقوطها بالتقادم أو غير ذلك من المنازعات التي لا تمس تقدير الرسوم المستحقة، فإنه يُرجع في شأن تنظيم إجراءاتها إلى قواعد قانون المرافعات الذي تعد نصوصه نصوصًا إجرائيةً عامةً تنطبق على الدعاوى المدنية والتجارية كافة، ويخضع الحكم الذي يصدر فيها لقواعد الاختصاص القيمي والنوعي وإجراءات ومواعيد الطعن الواردة في هذا القانون دون غيره.
وحيث إنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التزام حجية الأحكام من الأمور المتعلقة بالنظام العام وتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وأن قوة الأمر المقضي كما ترد على منطوق الحكم ترد أيضًا على ما يكون من أسبابه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بهذا المنطوق بحيث لا تقوم له قائمة دونه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن بصفته سبق أن عارض في أمري تقدير الرسوم محل التداعي أمام المحكمة التي أصدرت الحكم في النزاع رقم ۲۰ لسنة ۱۱۹ ق أوامر تحكيم استئناف القاهرة وقضي فيه بحكم نهائي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون تأسيسًا على أن المنازعة تدور حول أساس التزام الرسوم بما يكون سبيله في ذلك رفع دعوى مبتدأة وفقًا للإجراءات الواردة بقانون المرافعات وليس بطريق المعارضة الوارد في قانون الرسوم، وقد حاز هذا الحكم حجية الأمر المقضي في مسألة أساسية تناضل فيها الخصوم واستقرت الحقيقة في شأنها وهي أن المنازعة الراهنة تدور حول أساس التزام الرسوم ووجوب رفعها بطريق الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يلتزم حجية الحكم السابق وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر النزاع وإحالته إلى المحكمة التي أصدرت الحكم في النزاع المقدر عنه الرسوم، ثم تصدى للفصل في موضوع النزاع باعتباره المحكمة المحال إليها وليس محكمة طعن بالاستئناف في حكم محكمة الدرجة الأولى، كما لم يَفطن إلى أن المنازعة في باقي المطالبات في أساس الالتزام، بما يعيبه ويوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع – فيما نُقض – صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الحكم بعدم الاختصاص يعد قضاءً شكليًا لا تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر موضوع الدعوى، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاصه بنظر الدعوى رقم ١٠٤٩٥ لسنة ۲۰۰۳ كلي شمال القاهرة الابتدائية وإحالتها إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها.
لــــــــذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا فيما قضى به من تأييد حكم أول درجة بعدم اختصاصه بنظر الدعوى رقم ١٠٤٩٥ لسنة ۲۰۰۳ كلي شمال القاهرة الابتدائية، وألزمت المطعون ضده الأول بصفته المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في الاستئناف رقم ٦٤٢٠ لسنة ٩ ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى رقم ١٠٤٩٥ لسنة ۲۰۰۳ كلي شمال القاهرة الابتدائية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، وأبقت الفصل في المصروفات.