الطعن رقم ٤٤۷٦ لسنة ۸۹ ق
جلسة ۸ / ۱۲ / ۲۰۱۹ – دائرة الاثنين (ج)
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / عادل عمارة ، محمـد تركـي ومحمد عبد الحليم طلبة نواب رئيس المحكمة وحاتم أحمد عبد الباري .
الطعن رقم 4476 لسنة 89 القضائية
(1) حكم ” بيانات حكم الإدانة ” ” تسبيبه . تسبيب معيب ” . نقض ” أسباب الطعن . ما يقبل منها ” .
حكم الإدانة . بياناته ؟
عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات جنائية . المقصود بها ؟
إدانة الحكم الطاعن بجرائم التحريض على محاولة قلب نظام الحكم والتظاهر وقطع الطرق العامة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وإهانة رئيس الجمهورية وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات واكتفاؤه بسرد عبارات عامة دون بيان الألفاظ التي تحرض على العنف وقلب نظام الحكم والتظاهر ومضمونها ومدى مطابقة ما حوته للأهداف المؤثمة في القانون وإجمالها على نحو مبهم لا يبين منه مدى تأييده للواقعة . قصور .
(2) إهانة رئيس الجمهورية . حكم ” تسبيبه . تسبيب معيب ” .
الحكم الصادر بالإدانة في جريمة إهانة رئيس الجمهورية . وجوب اشتماله على بيان ألفاظ الإهانة التي بني عليها . علة ذلك ؟
(3) محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” ” سلطتها في تقدير جدية التحريات ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب معيب ” . استدلالات . نقض ” أسباب الطعن . ما يقبل منها ” .
وجوب بناء الأحكام على أدلة يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته عن عقيدة يحصلها مما يجريه من تحقيق .
للمحكمة التعويل على التحريات كقرينة معززة لما ساقته من أدلة . عدم صلاحيتها بمجردها دليلاً كافياً أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام . علة ذلك ؟
إدانة الحكم الطاعن بجرائم التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وأعمال العنف والتخريب وإهانة رئيس الجمهورية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي استناداً إلى التحريات دون بيان مصدرها أو إيراده من الأدلة والقرائن ما يسانده . فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب يبطله ويوجب نقضه .
(4) محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” ” سلطتها في تقدير جدية التحريات ” . استدلالات . محكمة النقض ” نظرها موضوع الدعوى ” .
وجوب بناء الأحكام على أدلة يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته عن عقيدة يحصلها مما يجريه من تحقيق .
للمحكمة التعويل على التحريات كقرينة معززة لما ساقته من أدلة . عدم صلاحيتها بمجردها دليلاً كافياً أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام . علة ذلك ؟
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جرائم التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وأعمال العنف والتخريب وإهانة رئيس الجمهورية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به كافة أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى تلك الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرا ً، وكان المقصود بعبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت القاضي في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم التحريض على ارتكاب جريمة إرهابية وهي محاولة قلب نظام الحكم والتظاهر وقطع الطرق العامة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وإهانة رئيس الجمهورية وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات اكتفى بسرد عبارات عامة دون أن يعنى ببيان ماهية الألفاظ والعبارات التي تحرض على العنف وقلب نظام الحكم والتظاهر ومضمونها بطريقة وافية ، ولم يوضح مدى مطابقة ما حوته للأهداف المؤثمة في القانون بل أجملها على نحو مبهم غامض لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم يكون الحكم قاصر البيان في بيان أركان الجرائم التي دان الطاعن بها .
2- لما كان الحكم الصادر بالإدانة في جريمة الإهانة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ الإهانة التي بنى قضاءه عليها حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الألفاظ التي اعتبرت إهانة والتي أخذته المحكمة بها .
3- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت واقعات الاتهام في حق الطاعن أخذاً بتحريات الشرطة وبأقوال الضابط الذي أجراها فيما أوردته تحرياته تلك ، ومما شهد به الضابط الذى قام بتنفيذ إذن النيابة العامة الصادر بتفتيش مسكن المتهم من عثوره على جهاز حاسب آلي وهاتفين محمولين يستخدمان عبارات تحريض ضد مؤسسات الدولة وإهانة رئيس الجمهورية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه . وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح بمفردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهى من بعد لا تعدو وأن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الاثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من التحريات وحدها التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وأعمال العنف والتخريب وإهانة رئيس الجمهورية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ورتبت على ذلك ثبوت الاتهام في حقه ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر التحريات تلك على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال ، والقصور في التسبيب ، بما يبطله . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه .
4- لما كانت المحكمة وقد أحاطت بواقعات الدعوى على النحو المتقدم فإنها لا تطمئن إلى صحة الاتهام القائم فيه أو سلامة إسناده للمتهم وترى أن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة بلوغاً إلى غايتها في إدانة المتهم جاءت قاصرة عن بلوغ هذه الغاية ، وذلك لعدم اطمئنان المحكمة إلى صدق تصوير ضابط الواقعة لماديات الدعوى وذلك أن شاهد الإثبات مجري التحريات وواقعة ضبط المتهم قد سطر بتحرياته بتوافر معلومات موثوق بها بقيام المتهم وآخرين بإعادة تنظيم صفوف الحركات والتيارات الإيثارية المناهضة للبلاد والتخطيط والإعداد لإحداث حالة فوضى بغرض الانقضاض على الحكم وإسقاط النظام مستغلين ظروف الدولة الراهنة مستخدمين في ذلك صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت فضمن محضراً بالمتحرى عنهم الواردة أسمائهم بمحضر التحري وقد أذنت له النيابة العامة بالضبط والتفتيش بتاريخ …. لمدة خمسة عشر يوماً وبناء على ذلك الإذن تم ضبط المتهم – الطاعن – بمسكنه بتاريخ …. وبتفتيشه عثر على عدد إثنين هاتف جوال أولهما ماركة ” …. ” وثانيهما ماركة ” …. ” وبتفتيش مسكنه عثر على وحدة معالجة حاسب آلي ” كيسه ” ولم يتم ضبط مضبوطات أخرى ولم يثبت بمحضر الضبط وجود أي محتويات للمضبوطات من عبارات تحريضية أو نسخ مطبوعات تشير إلى ذلك من موقعه على موقع التواصل الاجتماعي ” الفيسبوك ” أو الهواتف المضبوطة سيما أنه بسؤال ضابط الواقعة بتحقيقات النيابة العامة قرر أنه لم يتمكن من طباعة المنشورات التي يقوم بنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي نظراً لغلق حساب المتهم على ” الفيس بوك ” الخاص به وتمكن ومصادره السرية بعد عرض المتهم ومحضر الضبط على النيابة من التحصل على بعض المقالات التي يقوم المتهم بنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي وقدمها للنيابة العامة لدى سؤاله بتاريخ …. مما يلقي بظلال الشك لدى المحكمة من عدم جدية التحريات أو نسخ وتفريغ العبارات والمنشورات التي تدل على التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وإهانة رئيس الجمهورية لعدم فحصها بعض الضبط مباشرة عن طريق الوسائل الفنية لفحص تلك المضبوطات ، ولا ينال من ذلك تقديم الضابط فيما بعد لتلك المنشورات أمام النيابة العامة إذ تتشكك المحكمة فيها سيما أنها كانت متاحة لضابط الواقعة قبل سؤاله بالنيابة العامة وأثناء إجراء التحري ، فضلاً عن إنكار المتهم وجحده للمنشورات لدى عرضها عليه مقرراً أنها لم تصدر عنه وما عضده ذلك من الفحص بالوسائل الفنية بوزارة الداخلية قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالإدارة العامة للمساعدات الفنية منطقة …. بتعذر فحص الهاتفين المحمولين لوجود مانع كودي وبفحص الشرائح التي كانت مثبتة بهما تبين خلوهما من أي بيانات وبخصوص صفحة الحساب الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي على ” الفيسبوك ” وعما إذا كانت تحوي ثمة منشورات عدائية ضد مؤسسات الدولة فيتعذر للاختصاص ولم يتم عرضها على جهة أخرى مما صار معه الدليل غير كاف لإسناد الاتهامات إلى المتهم وتتشكك المحكمة في صحة إسناد الاتهامات المنسوبة إلى المتهم الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه . وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت من ثمة دليل قبل الطاعن في ثبوت الاتهامات المسندة إليه سوى ما سجلته تحريات الأمن الوطني والتي لا تطمئن المحكمة إلى ما ورد بها خاصة وأنه لا يوجد في أوراق الدعوى من الأدلة والقرائن ما يساندها ، ومن ثم فهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال أو قرينة بعينها على ثبوت التهمة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهم من الاتهامات المسندة إليه عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنهما :
أولاً : حرضا آخرين من رواد موقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” على ارتكاب جريمة إرهابية وهي محاولة قلب النظام الجمهوري وشكل الحكومة بالقوة ، بأن قاما بنشر عبارات عبر حسابهما الشخصي تهدف إلى تحريضهم على التظاهر وقطع الطرق العامة والقيام بأعمال عنف وتخريب بالممتلكات العامة والخاصة قاصدين في بلوغ غايتهما ، إلا أن أثر جريمتهما قد أوقف لسبب لا دخل لإرادتهما به وهو التمكن من ضبطهما قبل بلوغ غايتهما على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : حرضا آخرين من رواد موقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” على الانضمام إلى اتفاق يكون الغرض منه محاولة قلب نظام الحكم الجمهوري وشكل الحكومة بالقوة ، بأن قاما بنشر عبارات عبر حسابهما الشخصي تهدف إلى تحريضهم على التظاهر وقطع الطرق العامة والقيام بأعمال عنف وتخريب الممتلكات العامة والخاصة قاصدين بلوغ غايتها على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً : روجا بطريق مباشر لارتكاب جريمة إرهابية محل الاتهامات السابقة على النحو المبين بالتحقيقات .
رابعاً : أهانا رئيس الجمهورية ، بأن قاما بنشر عبارات وألفاظ تعد سباً وقذفاً في حقه عبر حسابهما الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” .
خامساً : تعمدا إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، بأن قاما بنشر أخبار ومعلومات على موقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” كان من شأنها إزعاج متابعي الموقع وتكدير سلمهم على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات …. لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 178 ، 179 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 7/ ج ، 2 ، 6 ، 28/1 ، 2 ، 29/1 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب ، والمادتين 70 ، 76/1 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 ، وبعد إعمال المادتين
17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس سنة مع الشغل وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التحريض على ارتكاب جريمة إرهابية وهي محاولة قلب نظام الحكم والتظاهر وقطع الطرق العامة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وإهانة رئيس الجمهورية وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه صيغ في عبارات عامة مجملة لم يبين منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دانه بها لا سيما أنه خلا من تبيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن والتي خلت من أية عبارات أو إشارات صريحة تتضمن عبارات التحريض وإهانة رئيس الجمهورية المقال بها ، وانتفاء صلته بالمنشورات المضبوطة مع المتهم السابق محاكمته ، فضلاً أن التحريات لا تصلح دليلاً لإدانته كونها دليلاً وحيداً في الدعوى ، وخلت الأوراق من دليل فني قبله ، إذ ورد بها خلو جهاز الحاسب الآلي من منشورات تحريضية أو مواد عدائية وتعذر فحص الهواتف المحمولة مما ينبئ عن نفي الاتهامات المسندة إليه ويعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إنه من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به كافة أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى تلك الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرا ً، وكان المقصود بعبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت القاضي في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم التحريض على ارتكاب جريمة إرهابية وهي محاولة قلب نظام الحكم والتظاهر وقطع الطرق العامة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وإهانة رئيس الجمهورية وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات اكتفى بسرد عبارات عامة دون أن يعنى ببيان ماهية الألفاظ والعبارات التي تحرض على العنف وقلب نظام الحكم والتظاهر ومضمونها بطريقة وافية ، ولم يوضح مدى مطابقة ما حوته للأهداف المؤثمة في القانون بل أجملها على نحو مبهم غامض لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم يكون الحكم قاصر البيان في بيان أركان الجرائم التي دان الطاعن بها .
لما كان ذلك ، وكان الحكم الصادر بالإدانة في جريمة الإهانة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ الإهانة التي بنى قضاءه عليها حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الألفاظ التي اعتبرت إهانة والتي أخذته المحكمة بها . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت واقعات الاتهام في حق الطاعن أخذاً بتحريات الشرطة وبأقوال الضابط الذي أجراها فيما أوردته تحرياته تلك ، ومما شهد به الضابط الذى قام بتنفيذ إذن النيابة العامة الصادر بتفتيش مسكن المتهم من عثوره على جهاز حاسب آلي وهاتفين محمولين يستخدمان عبارات تحريض ضد مؤسسات الدولة وإهانة رئيس الجمهورية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه . وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح بمفردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهى من بعد لا تعدو وأن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الاثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من التحريات وحدها التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وأعمال العنف والتخريب وإهانة رئيس الجمهورية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ورتبت على ذلك ثبوت الاتهام في حقه ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر التحريات تلك على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال ، والقصور في التسبيب ، بما يبطله . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه .
وحيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها بعد ضم المفردات .
ومن حيث إن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن وآخر سبق الحكم عليه أنهما في تاريخ سابق على ….
1- حرضا وآخرين من رواد موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك على ارتكاب جريمة إرهابية وهي محاولة قلب النظام الجمهوري وشكل الحكومة بالقوة ، بأن قاما بنشر عبارات عبر حسابهما الشخصي تهدف إلى تحريضهم على التظاهر وقطع الطرق العامة والقيام بأعمال عنف وتخريب بالممتلكات العامة والخاصة قاصدين بلوغ غايتهما ، إلا أن أثر جريمتهما قد أوقف لسبب لا دخل لإرادتهما به وهو التمكن من ضبطهما قبل بلوغ غايتهما على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أهانا رئيس الجمهورية ، بأن قاما بنشر عبارات وألفاظ تعد سباً وقذفاً في حقه عبر حسابهما الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” .
3- تعمدا إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، بأن قاما بنشر أخبار ومعلومات على موقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” كان من شأنها إزعاج متابعي الموقع وتكدير سلمهم على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات …. لمعاقبتهم بالمادتين 178 ، 179 من قانون العقوبات ، والمواد 1/ب ، ج ، 2 ، 6 ، 7 ، 18 ، 28/1 ، 2 ، 4 ، 29/1 ، 30 من القانون 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب ، والمادتين 70 ، 76/1 بند 2 من القانون 10 لسنة 2003 ، وقد ركنت النيابة في إثبات الاتهام قبلهما إلى أقوال النقيب …. ، وما ثبت بملاحظات النيابة العامة بمطالعة عدد ثلاث عشر مطبوع ضبط حوزة المتهم الأول احتوائها على عبارات تحريضية ضد مؤسسات الدولة .
فقد شهد النقيب …. ضابط شرطة بقطاع الأمن الوطني بأن تحرياته دلت على قيام المتهمين باستخدام صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهما بشبكة المعلومات الدولية لترويج أخبار وشائعات مغلوطة ضد النظام ومؤسسات الدولة ، فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وضبط ما يحوزانه من أجهزة إلكترونية تستخدم في تلك الجرائم وتمكن من ضبطهما ، وبتفتيش مسكن كل منهما على حدة ضبط بحوزة الأول هاتفه المحمول الخاص به وعدد ثلاث عشرة ورقة بحجم الفلوسكاب تتضمن عبارات تحريض ضد مؤسسات الدولة وتهين شخص رئيس الجمهورية وبضبط المتهم الثاني عثر بحوزته ومسكنه على عدد اثنين هاتف محمول ووحدة معالجة حاسب آلي ، وأضاف أن قصد المتهمين من ارتكاب الواقعة هو إهانة رئيس الجمهورية والتحريض ضد مؤسسات الدولة لقلب نظام الحكم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي .
ثبت بملاحظات النيابة العامة بمطالعة عدد ثلاثة عشر مطبوع ضبط حوزة المتهم الأول احتوائها على عبارات تحريضية ضد مؤسسات الدولة وحيث إن المتهم أنكر ما أسند إليه من اتهام بالتحقيقات ، وبجلسة المحاكمة دفع المدافع الحاضر معه ببطلان القبض والتفتيش لبطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات وعدم ارتباط مواد الاتهام المقدم بها المتهم للواقعة محل الاتهام ، وخلو الأوراق من محضر التحريات ومن الإذن الصادر بالضبط والتفتيش ، وانتفاء صلة المتهم بالواقعة ، وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة ، وانعدام الدليل الفني ، وقصور تحقيقات النيابة العامة ، ولا يوجد دليل من شركة الاتصالات يعزز أقوال الضابط ، وأن المتهم يعمل رئيس مجلس حكماء حزب …. مما ينبئ عن كيدية الاتهام ، وطلب القضاء ببراءته .
وحيث إن المحكمة وقد أحاطت بواقعات الدعوى على النحو المتقدم فإنها لا تطمئن إلى صحة الاتهام القائم فيه أو سلامة إسناده للمتهم وترى أن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة بلوغاً إلى غايتها في إدانة المتهم جاءت قاصرة عن بلوغ هذه الغاية ، وذلك لعدم اطمئنان المحكمة إلى صدق تصوير ضابط الواقعة لماديات الدعوى وذلك أن شاهد الإثبات مجري التحريات وواقعة ضبط المتهم قد سطر بتحرياته بتوافر معلومات موثوق بها بقيام المتهم وآخرين بإعادة تنظيم صفوف الحركات والتيارات الإيثارية المناهضة للبلاد والتخطيط والإعداد لإحداث حالة فوضى بغرض الانقضاض على الحكم وإسقاط النظام مستغلين ظروف الدولة الراهنة مستخدمين في ذلك صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت فضمن محضراً بالمتحرى عنهم الواردة أسمائهم بمحضر التحري وقد أذنت له النيابة العامة بالضبط والتفتيش بتاريخ …. لمدة خمسة عشر يوماً وبناء على ذلك الإذن تم ضبط المتهم – الطاعن – بمسكنه بتاريخ …. وبتفتيشه عثر على عدد إثنين هاتف جوال أولهما ماركة ” …. ” وثانيهما ماركة ” …. ” وبتفتيش مسكنه عثر على وحدة معالجة حاسب آلي ” كيسه ” ولم يتم ضبط مضبوطات أخرى ولم يثبت بمحضر الضبط وجود أي محتويات للمضبوطات من عبارات تحريضية أو نسخ مطبوعات تشير إلى ذلك من موقعه على موقع التواصل الاجتماعي ” الفيسبوك ” أو الهواتف المضبوطة سيما أنه بسؤال ضابط الواقعة بتحقيقات النيابة العامة قرر أنه لم يتمكن من طباعة المنشورات التي يقوم بنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي نظراً لغلق حساب المتهم على ” الفيس بوك ” الخاص به وتمكن ومصادره السرية بعد عرض المتهم ومحضر الضبط على النيابة من التحصل على بعض المقالات التي يقوم المتهم بنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي وقدمها للنيابة العامة لدى سؤاله بتاريخ …. مما يلقي بظلال الشك لدى المحكمة من عدم جدية التحريات أو نسخ وتفريغ العبارات والمنشورات التي تدل على التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وإهانة رئيس الجمهورية لعدم فحصها بعض الضبط مباشرة عن طريق الوسائل الفنية لفحص تلك المضبوطات ، ولا ينال من ذلك تقديم الضابط فيما بعد لتلك المنشورات أمام النيابة العامة إذ تتشكك المحكمة فيها سيما أنها كانت متاحة لضابط الواقعة قبل سؤاله بالنيابة العامة وأثناء إجراء التحري ، فضلاً عن إنكار المتهم وجحده للمنشورات لدى عرضها عليه مقرراً أنها لم تصدر عنه وما عضده ذلك من الفحص بالوسائل الفنية بوزارة الداخلية قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالإدارة العامة للمساعدات الفنية منطقة …. بتعذر فحص الهاتفين المحمولين لوجود مانع كودي وبفحص الشرائح التي كانت مثبتة بهما تبين خلوهما من أي بيانات وبخصوص صفحة الحساب الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي على ” الفيسبوك ” وعما إذا كانت تحوي ثمة منشورات عدائية ضد مؤسسات الدولة فيتعذر للاختصاص ولم يتم عرضها على جهة أخرى مما صار معه الدليل غير كاف لإسناد الاتهامات إلى المتهم وتتشكك المحكمة في صحة إسناد الاتهامات المنسوبة إلى المتهم الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه . وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت من ثمة دليل قبل الطاعن في ثبوت الاتهامات المسندة إليه سوى ما سجلته تحريات الأمن الوطني والتي لا تطمئن المحكمة إلى ما ورد بها خاصة وأنه لا يوجد في أوراق الدعوى من الأدلة والقرائن ما يساندها ، ومن ثم فهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال أو قرينة بعينها على ثبوت التهمة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهم من الاتهامات المسندة إليه عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية .