الطعن رقم ۱٥٥٦۳ لسنة ۹۱ ق
باسم الشعب
محكمــــــــــة النقــــــــــض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء ( هــ )
ــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عبــــد الــرســـول طنطــــاوي نـــائـــــــب رئيـــس المحـكمــــــة
وعضوية السادة المستشاريـــــــــن / محمــــــــــــــــــد زغـلـــــــــــــــــول نــائـــب رئيـــس المحــــكــمــــــة
أيمـــــــــــــــــن مهـــــــــــــــــــــران إبراهـــــــــــــــــــــيم الخولـــــــــــــــي ومصطـفـــــــــــى حســـــــــــــــــــــن
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد حجاج .
وأمين السر السيد/ محمد دندر .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الثلاثاء 23 من رجب سنة 1444 هـــــ الموافق 14 من فبراير سنة 2023 م .
أصـــــدرت الحكم الآتــــــــــي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 15563 لسنة 91 القضائية .
الوقائــــــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم ١ لسنة ٢٠١٩ جنح بني سويف الاقتصادية المقيدة برقم 27 لسنة 2019 جنح اقتصادي مستأنف بني سويف . بأنه في يوم 7 من يوليو سنة ۲۰۱۸ بدائرة قسم أول الفيوم – محافظة الفيوم :-
۱ – تعمد إزعاج ومضايقة المجني عليها / ………….. وذلك عن طريق قيامه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات.
2 – قام بسب وقذف المجني عليها / ………….. وذلك بأن أسند إليها وقائع ووجه إليها عبارات عن طريق النشر من خلال الصفحة الشخصية الخاصة به والمسماة (…………..) على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) والتي لو كانت صادقة لأوجبت عقابها بالعقوبات المقررة قانوناً أو احتقارها عند أهل وطنها والتي تضمنت طعناً في عرضها وخدشاً لسمعة عائلتها على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت عقابه عملاً بالمواد ١ ، 5/4 ، 6 ، 13/7 ، ۷۰ ، ٧٦/1 بند ٢ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ والمواد ۱۷۱ ، ۳۰۲/1 ، ۳۰۳/1 ، 206 ، 308 ، 308 مكرراً من قانون العقوبات.
وادعت المجني عليها / ………….. – مدنياً قبل المتهم بملغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
ومحكمة جنح بني سويف الاقتصادية قضت في 13 من فبراير سنة ۲۰۱۹ حضورياً بتوكيل بحبس المتهم / …………..ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ وتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه وألزمته بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته مصاريف الدعويين المدنية والجنائية ومبلغ خمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
وذلك بعد أن عدلت المحكمة القيد والوصف على النحو التالي :- عملاً بالمواد ۱ ، ۷۰ ، ٧٦/بند ۲ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ ، والمواد 171/5،1 ، 302/1 ، 303/1 ، 306 ، ۳۰۸ ، ۳۰۸ مكرر من قانون العقوبات .
بوصف أنه في يوم 7 من يوليو سنة ۲۰۱۸ بدائرة قسم أول الفيوم – محافظة الفيوم :-
1 – تعمد إزعاج المجني عليها / …………..بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بأن قام بقذفها وسبها علناً عبر شبكة المعلومات الدولية (الأنترنت) على الحساب الخاص به على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك) وذلك على النحو المبين بالأوراق .
2 – قذف المجني عليها سالفة الذكر علناً بطريق الكتابة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) المتاح للكافة بدون تمييز بأن أسند لها وقائع لو كانت صادقة لأوجبت عقابها واحتقارها بين أهل وطنها بأن قام بمشاركة منشورات على حسابه الخاص أسندت إليها سرقة والدتها والاستيلاء على مشغولاتها الذهبية ومبالغ مالية على النحو المبين بالأوراق.
3 – سب المجني عليها سالفة الذكر علناً بطريق الكتابة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) المتاح للكافة بدون تمييز بأن خدش شرفها واعتبارها بأن وصفها بأنها سارقة بلفظ (حرامية) كما قام على حسابه الخاص بمشاركة منشورات تضمنت عبارات خادشة لسمعة عائلتها بأن والدتها على علاقة غير مشروعة بشخص سيء السمعة على النحو المبين بالأوراق.
ولم يلقى ذلك المحكوم عليه قبولا لدى المتهم فقرر فيه بالاستئناف وقيد استئنافه برقم ۲۷ لسنة ۲۰۱۹ جنح مستأنف اقتصادية ، ومحكمة جنح بني سويف الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت غيابياً في 21 من مايو سنة ٢٠١٨ – قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف الجنائية.
فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم استئنافيا ، ومحكمة جنح بني سويف الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً في 27 من أغسطس سنة ۲۰۱۹ بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفى الموضوع بتعديله والاكتفاء بحبس المتهم ………….. ثلاثة أشهر مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك وإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وألزمت المتهم المصاريف الجنائية .
فقرر الأستاذ / …………..المحامي – بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه – بالطعن على هذا الحكم بطريق النقض في 24 من سبتمبر سنة ۲۰۱۹ .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بذات التاريخ الأخير موقع عليها من ذات الأستاذ المحامي المقرر بالطعن .
ومحكمة استئناف القاهرة – دائرة طعون نقض الجنح – قضت في 18 من إبريل سنة ۲٠٢١ بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الطعن . وأحيل الطعن إلى هذه المحكمة – محكمة النقض – وقيد بالرقم الحالي .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها .
المحكمـــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة ، والمداولة قانوناً :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات والسب المتضمن طعناً للشرف وخدش لسمعة العائلات والقذف ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن أسبابه حررت في عبارات مجملة مجهلة يشوبها الغموض لا يبين منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ولم يورد الأدلة التي استند إليها في الإدانة مكتفياً بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ، وعول على أقوال الشهود دون أن يورد مضمونها أو مؤداها في بيان جلي ومفصل ، ولم يستظهر ركن العلانية وقصد الطاعن من ارتكابه للواقعة ، واطرح بما لا يسوغ دفوعه بعدم قبول الدعوى لتحريكها بعد الميعاد المقرر في المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية ، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر حفظ من النيابة العامة في المحضر رقم 1543 لسنة 2018 إداري قسم أول الفيوم ، وبعدم جدية التحريات بدلالة مكتبيتها وعدم بيان المصدر السري وعدم توصلها للحساب المسمى (…………..) وأنها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليها ، واعتنق صورة للواقعة مستنداً لأقوال المجني عليها رغم اختلاقها وتناقضها بمحضر جمع الاستدلالات عنها بتحقيقات النيابة العامة واستحالة تصورها ، ولم تستجب المحكمة لطلبه بندب خبير لبيان صاحب الحساب الأصلي ، والتفت عن دفوعه بكيدية الاتهام وتلفيقه وبعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر معرضاً عما قدمه من مستندات في هذا الشأن ، وعدلت القيد ووصف الاتهام بتخصيص الفقرتين الأولى والخامسة من المادة 171 من قانون العقوبات دون تنبيه الدفاع ، وأخيراً استعملت الرأفة مع الطاعن على الرغم من كون الواقعة جنحة ونزلت بالعقوبة عن الحد الأدنى الذي يوجبه نص المادة 308 من قانون العقوبات، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها ، فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها صادرة منها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشـأن غير مقبول .لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات – على خلاف ما يزعمه الطاعن – في بيان واف يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، وكان الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن وأيا كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، ومن ثم فلا على الحكم إن لم يعرض له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج الغير ومضايقته باستعمال أجهزة الاتصالات ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعن في ذلك مما أورده في مدوناته من أن التهمة المسندة إليه ثابتة قبله من أقوال المدعية بالحقوق المدنية بمحضر جمع الاستدلالات المحرر بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات ، وتقرير الفحص الفني المحرر بمعرفة قسم المساعدات الفنية بإدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات الذي انتهى إلى قيام مستخدم الحساب المسمى (………….) بنشر صورة شخصية للمجني عليها وكذا صورة بطاقتها مصحوبة بعبارات مسيئة لها بأنه وصفها بأنها سارقة بلفظ (حرامية) وقام بمشاركة منشورات تضمنت عبارات خادشة لسمعة عائلتها بأن والدتها على علاقة غير مشروعة بشخص سيئ السمعة ومنشورات أخرى تضمنت اتهام المجني عليها بسرقة والدتها ، والتحريات الفنية عن ذلك الحساب والذي تبين أنه مرتبط بشريحة هاتف الطاعن ، واطلاع المحكمة على اللقطات المطبوعة المرفقة بالتقرير ، وتحريات الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات ، مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعن قد تعمد ارتكاب ما نسب إليه بخصوص هذه الجريمة ، فإن ما يثيره في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي لديه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم في شأن جريمتي السب المتضمن طعناً للشرف وخدش لسمعة العائلات والقذف لإغفاله الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر في المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية ؛ ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن التهم التي دانه بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الإزعاج المؤثمة بمواد القانون رقم 10 لسنة 2003 في شأن تنظيم الاتصالات باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من النيابة العامة بالحفظ هو إجراء إداري صدر عنها بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جمع الاستدلالات عملاً بالمادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها ، وهو على هذه الصورة لا يقيدها ويجوز العدول عنه في أي وقت بالنظر إلى طبيعته الإدارية البحت ، وفرق بين هذا الأمر الإداري وبين الأمر القضائي بأن لا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجري تحقيق الواقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها على ما تقضي به المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية ؛ فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنها حوت حافظة مستندات مقدمة من الطاعن طويت على صورة رسمية من المحضر رقم 1543 لسنة 2018 إداري قسم الفيوم مقدمة من الطاعن بجلسة 6/2/2019 ، وشهادة رسمية من نيابة الفيوم تفيد أن ذات المحضر حفظ إداريا كإثبات حالة بتاريخ 18/3/2018 وقد خلت أوراقه من وجود تحقيق من النيابة العامة أو ندب منها لأحد رجال الضبط القضائي لإجراء تحقيق ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى استناداً إلى أن ذلك الأمر الإداري بالحفظ لا يحول دون تحريك الدعوى الجنائية بالدعوى الراهنة يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيبها – من بعد – عدم كشف مجريها عن مصدرها أو وسيلة التحري ، هذا فضلاً عن أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط التحريات – وعلى النحو الذي شهد به – ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، فإن منازعة الطاعن في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، كما أن التناقض بين أقوال الشهود على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، وكانت محكمة الموضوع قد أفصحت عن اطمئنانها لحدوث واقعة الدعوى وفق الصورة التي استخلصتها من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه باستحالة حدوث الواقعة على هذه الصورة لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها عن الواقعة وصورتها من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها وهو ما لا يجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لطلب دفاع الطاعن بندب خبير من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات لبيان صاحب الحساب المسمى (…………..) وبيان رقم الهاتف أو البريد الإليكتروني المستخدم في إنشاء هذا الحساب في قوله : ( – بعد أن أورد تقريرات قانونية – لما كانت المحكمة قد ارتأت من خلال مطالعتها لكافة أوراق الدعوى ومستنداتها وكذا تقرير قسم المساعدات الفنية بإدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات ما يكفي لتكوين عقيدتها في الدعوى ، وكانت الواقعة قد وضحت لديها دون حاجة إلى ندب خبير آخر ، سيما وأن شكوى المجني عليها اقتصرت على الأفعال المنسوبة إلى المتهم دون غيره وأن النيابة العامة قامت بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها قبل المتهم بمفرده ، الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن طلب المتهم إعمالاً لسلطتها المخولة لها قانوناً في هذا الشأن ، وتكتفي بالإشارة إليه بالأسباب دون المنطوق ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل دون حاجة إلى ندبه ، وما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، وكانت المحكمة انتهت في حكمها استناداً إلى كل ما تقدم إلى عدم جدية هذا الدفاع ، فإنها تكون بذلك قد فصلت في أمر موضوعي لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية وتلفيق الاتهام وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فضلاً عن أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بتعديل الوصف وبتخصيص الفقرتين الأولى والخامسة من المادة 171 من قانون العقوبات إلى مواد القيد دون لفت نظر المدافع عنه إلى ذلك ، فإنه – وبفرض صحته – لا يتضمن تعديلاً في وصف التهم أو الوقائع التي كانت مطروحة على بساط البحث وجرت مرافعة المدافع عن الطاعن على أساسها ، وأن التعديل – كما يسلم الطاعن في أسباب طعنه -قداقتصر على تخصيص الفقرتين الأولى والخامسة من المادة 171 من قانون العقوبات إلى مواد القيد وهى في حقيقتها وجوهرها مادة تعريفية تحدد مسئولية الشريك وطرق العلنية ، وفي شأن الوصف اقتصر بإضفاء الوصف الصحيح على الفعل الذي ارتكبه الطاعن بالنسبة للجرائم دون أن يتضمن إسناد وقائع مادية جديدة أو عناصر جديدة تختلف عنها ، وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع ؛ ذلك أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع قيودها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الاحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساسا للوصف الذي دان المتهم به ، إذ أوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج في واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم ، ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله . لما كان ذلك ، وكان خطأ الحكم المطعون فيه فيما أورده بمدوناته من إعمال المادة 17 من قانون العقوبات في حق المتهم ، فإنه لا يعدو أن يكون خطأً مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم يضحى هذا النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة ، وفق أحكام المادة ٣٢ من قانون العقوبات وعاقبه بالحبس لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك وهي عقوبة مقررة لجريمة الإزعاج المؤثمة بمواد القانون رقم 10 لسنة 2003 في شأن تنظيم الاتصالات باعتبارها الجريمة الأشد ، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار جريمة السب المتضمن طعناً للشرف وخدش لسمعة العائلات الموثمة بالمادة 308 من قانون العقوبات هي الجريمة ذات العقوبة الأشد ، إذ إن خطأه في تحديد الجريمة ذات العقوبة الأشد لا يبطله ولا يقتضي نقضه اكتفاء بتصحيح أسبابه عملاً بالمادة ٤٠ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب
حكمتالمحكمة :بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه .