الطعن رقم ۹٤۷۹ لسنة ۹۲ ق
جلسة ۸ / ۱۰ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد ( د )
—–
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ منصور القاضي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ د. عادل أبو النجا و محمد السعدني
وائل صبحي و مصطفى محمد سيد
نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ مينا إسحق .وأمين السر السيد/ علي جودة .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 23 من ربيع الأول سنة 1445 ه الموافق 8 من أكتوبر سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 9479 لسنة 92 القضائية.
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد ( د )
—–
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ منصور القاضي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ د. عادل أبو النجا و محمد السعدني
وائل صبحي و مصطفى محمد سيد
نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ مينا إسحق .وأمين السر السيد/ علي جودة .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 23 من ربيع الأول سنة 1445 ه الموافق 8 من أكتوبر سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 9479 لسنة 92 القضائية.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونًا:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين الأربعة الأول بصفتهم موظفين عموميين بجريمة طلب وأخذ لأنفسهم عطايا على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم ، كما دان الطاعن الخامس بصفته في حكم الموظف العمومي/ عضو بأحد المجالس النيابية العامة “مجلس النواب” بجريمة طلب وأخذ لنفسه عطية على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع، وران عليه البطلان، ذلك بأنه جاء في عبارات عامة مجملة ومبهمة ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً تتحقق به أركان جريمة الرشوة التي دان الطاعنين الأربعة الأول بها ، وخلا من الأسباب الكافية لحمل قضائه بالإدانة ، ويضيف الطاعنان الأول والثانية بأنه اكتفى بترديد ما جاء بأمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، وتزيد الطاعنة الثانية بأنه لم يبين زمان ارتكابها الواقعة ، ويضيف الطاعنون “عدا الرابع” بأنه لم يستظهر الركنين المادي والمعنوي لجريمة الرشوة التي دانهم بها رغم انتفائها في حقهم “لشواهد عددوها”، ويزيد الطاعن الرابع بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه بعدم اختصاصه الوظيفي بالعمل المتصل بالرشوة “لشواهد عددها”، ويضيف الطاعن الأول بأنه خلا من بيان نص القانون الذي حكم بموجبه ، ويزيد الطاعنون الثلاثة الأول بأنه دانهم رغم خلو الأوراق من أي دليل على ارتكابهم للواقعة ، مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة، وتضيف الطاعنة الثانية بأن الحكم بنى قضاءه على الفرض والاحتمال ، مما ينبئ عن اختلال فكرته عن موضوع الدعوى وعناصرها ، ويزيد الطاعنون جميعاً بأن الحكم عول في الإدانة على اعترافات “الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة ، والمتهمين من السادس وحتى التاسع ، والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر” مطرحاً بما لا يسوغ قانوناً دفعهم ببطلانها لعدول الطاعنين الأول والخامس عنها ، فضلاً عن كونها وليد إكراه معنوي ووعد بالإعفاء من العقاب عملاً بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ، ومتناقضة مع بعضها البعض “لشواهد عددوها”، ويضيف الطاعن الأول بأن الحكم اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة لحصول استجوابه دون حضور محاميه بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون العقوبات ، ويزيد الطاعن الثالث بأنه عول على إقراره بتحقيقات النيابة رغم أنه لم يكن نصاً في اقتراف جريمة الرشوة ، فضلاً عن تجزئة الحكم له مخالفاً الثابت بالأوراق “لشواهد عددها” ، ويضيف الطاعنون جميعاً بأنه اعتنق صورة للواقعة مستنداً لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني – عضوي الرقابة الإدارية – رغم عدم مشاهدتهما الطاعنين حال ارتكابهم للجريمة ، وكذب أقوال أولهما ، ملتفتاً عن بعض أقواله بجلسة المحاكمة ، ورغم عدم معقولية تصوير الواقعة “لشواهد عددوها” ، وتزيد الطاعنة الثانية بوجود تناقض بين أقوال شاهد الإثبات الأول واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع – بتحقيقات النيابة “لشواهد عددتها” ، ويضيف الطاعنون جميعاً بأن الحكم عول على التسجيلات المسموعة والمرئية المأذون بإجرائها رغم خلوها مما يفيد ارتكابهم جريمة الرشوة ، ويزيد الطاعن الثالث بعدم صلاحية التسجيلات المسموعة كدليل إثبات لكونها ليست من قبيل الأدلة الكتابية التي يمكن التحقق ممن نسبت إليه ، وبأن الحكم عول على التسجيل المرئي لواقعة ضبطه رغم خلوه من الصوت ، وبأن الحكم عول على تقرير الهيئة الوطنية للإعلام رغم عدم صلاحيته كدليل للإدانة ، إذ خلا مما يفيد وجود صوت أو صورة له يثبتان ارتكابه لجريمة الرشوة ، ويضيف الطاعنان الثانية والثالث بأن الحكم لم يورد مؤدى أدلة الإثبات “أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – ، واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع -، والتسجيلات ، وتقرير الهيئة الوطنية للإعلام” والتي تساند إليها في قضائه بالإدانة في بيان كاف ، ويزيد الطاعنون الأربعة الأول بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعهم ببطلان أذون النيابة بالتسجيل والتفتيش لابتنائها على تحريات غير جدية ومنعدمة ومتناقضة وغير صالحة كدليل على ثبوت التهمة قبلهم “لشواهد عددوها” ، ويضيف الطاعن الثالث بأنه التفت عن دفعه ببطلان التحريات وانعدامها لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية مجريها على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء بالمخالفة لنص المادة ٨ من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية “لشواهد عددها” ، ويزيد الطاعن الأول بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان إذن النيابة بالتسجيل والصادر بوضع هاتفه تحت المراقبة لحصول التسجيلات قبل صدور الإذن ، ويضيف الطاعن الثالث بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان أذون النيابة بالتسجيل لعدم صدورها من القاضي الجزئي ، وبأنه التفت عن دفعيه ببطلان أذون النيابة بالتسجيل والتفتيش لصدورها عن جريمة مستقبلة ، وببطلان أذون النيابة بالتسجيل والدليل “التسجيلات” المستمد منها لتعلقها بأشخاص غير معنيين بالاتهام ، ولتسجيل مكالمات هاتفية غير مأذون بتسجيلها ، سيما وأنه عول عليها في قضائه بالإدانة ، ويزيد الطاعنان الثانية والثالث بأنه التفت عن دفعهما ببطلان ما تلا أذون النيابة بالتسجيل والتفتيش من إجراءات وشهادة عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – مجريها والأدلة المستمدة من تنفيذها ، ويضيف الطاعن الخامس بأن الحكم اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعيه ببطلان الإذن الصادر من مجلس النواب برفع الحصانة البرلمانية عنه باعتباره عضواً في مجلس النواب لمخالفته للمواد 113 من الدستور، (356 – 358) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب “لشواهد عددها” ، وببطلان التسجيلات لحصولها بناء على أذون صدرت من النيابة وليس من القاضي الجزئي دون إجراء تحريات وقبل اتخاذ إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عنه ، فضلاً عن عدم صلاحية التسجيلات وتفريغ عضو الرقابة الإدارية لها كدليل لإدانته بجريمة الرشوة “لشواهد عددها”، ويزيد الطاعن الأول بأن الحكم التفت عن دفعه ببطلان التسجيلات لاستخدام عضو الرقابة الإدارية في التسجيل أجهزة فنية خاصة بالرقابة الإدارية مُغايرة لأجهزة شركة الاتصالات مما يشكك في صحة التسجيلات ، ويضيف الطاعن الثالث بأنه التفت عن دفعه ببطلان التسجيلات لاطلاع عضو الرقابة الإدارية عليها حال إجرائها بمعرفة العاملين الفنيين بالرقابة الإدارية الغير مأذون لهم بإجرائها مما يشكل جريمة استراق السمع المؤثمة بالمادة 309 مكرراً من قانون العقوبات ، وبأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان التسجيلات لامتداد يد العبث إليها “لشواهد عددها” ، كما أنه التفت عن دفعيه ببطلان التسجيلات لعدم وضع مُصدر إذن التسجيل بصمة صوتية في بداية ونهاية كل شريط من أشرطة التسجيل وعدم توقيعه عليها ، وببطلان التسجيلات لعدم تحرير عضو الرقابة الإدارية محضراً بكل تسجيل أجراه شاملاً لجميع الإجراءات التي قام بها بالمخالفة لنص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويزيد الطاعنان الأول والرابع بأن الحكم اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعهما ببطلان تفتيش مسكنيهما لتجاوز عضو الرقابة الإدارية حدود الإذن الصادر من النيابة لعدم شموله لمسكنيهما ، ويضيف الطاعنان الأول والثالث بأنه التفت عن دفعهما بعدم ضبطهما متلبسين بالجريمة ، ويزيد الطاعنان الرابع والخامس بأنه التفت عن دفعهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، ويضيف الطاعن الخامس بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان القبض لعدم إجراء تحريات سابقة عليه ، ويزيد الطاعنان الثانية والرابع بأنه التفت عن دفعهما بعدم ضبط عطايا الرشوة “محل الاتهام” بحوزة كل منهما ، وتضيف الطاعنة الثانية بأنه التفت عن دفعها بعدم قيام عضو الرقابة الإدارية بتفريغ الكاميرات الموجودة في محل عملها “حي المقطم” إثباتاً لعدم ارتكابها للجريمة ، ويزيد الطاعن الثالث بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعيه بعدم دستورية نص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد (53 – 58) من الدستور الصادر سنة 2014، وكذا طلبه بوقف الدعوى تعليقياً وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها ، سيما وأنه سبق وأقام الدعوى رقم 23 لسنة 42 ق دستورية بشأن ذلك ، وببطلان تحقيقات النيابة وما تلاها من إجراءات لإجرائها بمعرفة وكلاء نيابة بالمخالفة لنص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية ، وتضيف الطاعنة الثانية بأنه التفت عن دفعها بانتفاء صلتها بالواقعة ، ويزيد الطاعن الثالث بأنه التفت عن دفوعه بانتفاء صلته بالواقعة وبنفي التهمة وبتلفيقها ، ويضيف الطاعن الخامس بأنه التفت عن دفعه بانتفاء صلته بالمتهمين “السادس والثامن والثالث عشر” ، ويزيد الطاعنون الثلاثة الأول بأنه التفت عن المستندات “التي بينوها” والمقدمة منهم بجلسة المحاكمة إثباتاً لأوجه دفاعهم ودفوعهم ، ويضيف الطاعن الأول بأن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشأن أوجه دفاعه ودفوعه ، ويزيد الطاعن الثالث بأن المحكمة عولت على الدليل المستمد من استماع النيابة للتسجيلات رغم عدم استماعها لها ملتفتة عن طلبه الاستماع إليها بالأجهزة الفنية ، ويضيف الطاعنان الأول والثانية بأن المحكمة لم تثبت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخة 5/9/2021 فحوى التسجيلات التي استمعت إليها وشاهدتها ، ويزيد الطاعن الأول بأن الحكم أخطأ في تاريخ إذن النيابة الصادر بالتفتيش ، وبأنه أورد بمدوناته أن الهيئة مصدرته هي التي استمعت للتسجيلات التي عول عليها في قضائه بإدانته رغم أن هيئة أخرى هي التي استمعت إليها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من اعتراف الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة العامة ، وإقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة ، واعتراف المتهمين السادس والسابع والثامن والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر – المقضي بإعفائهم من العقاب – بتحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة ، واعتراف المتهم التاسع – المقضي بإعفائه من العقاب – أمام المحكمة، وأقوال شهود الإثبات ، ومما ثبت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات واللقاءات المأذون بمراقبتها وتسجيلها ، وبتقرير الهيئة الوطنية للإعلام ، وبتقرير الإدارة العامة لدمغ المصوغات ، وبالاطلاع على صور ترخيص البناء ومطابقات العقارات “محل الاتهام” ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة ، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان جريمة الرشوة التي دان الطاعنين الأربعة الأول بها ، والتدليل على ثبوتها في حقهم بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهم بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين الأربعة الأول بقصور الحكم في بيان الواقعة ومؤدى أدلة الثبوت أو بخلوه من الأسباب الكافية لحمل قضائه بالإدانة يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، كما أن من حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات وباقي الأدلة كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، فإن نعي الطاعنين الأول والثانية على الحكم المطعون فيه بالقصور لاكتفائه بياناً للواقعة وإيراداً لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بترديد ما جاء بأمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة – بفرض صحته – يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين زمان ارتكابها الواقعة – خلافاً لما تدعيه الطاعنة الثانية بأسباب طعنها – ، مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان ، فإن هذا الوجه من النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المستفاد من نص المادة ۱۰۳ من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة ولو كان حقاً ، وكان القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها، وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – في تحصيله لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة – من أن الطاعنين الثلاثة الأول بصفتهم موظفين عموميين الطاعن الأول/ مدير إدارة التنظيم بحي المقطم ، والطاعنة الثانية/ مهندسة بتلك الإدارة ، والطاعن الثالث/ مدير عام منطقة الإسكان بذلك الحي طلبوا وأخذوا لأنفسهم عطايا من “المتهم السادس” على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم ، إذ طلب وأخذ الطاعن الأول من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ مائة وعشرة آلاف جنيه ، كما طلبت الطاعنة الثانية من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ مائة ألف جنيه وأخذت منه مبلغ سبعين ألف جنيه ، كما طلب الطاعن الثالث من “المتهم السادس” بوساطة “المتهم الحادي عشر” مبلغ مليون جنيه وأخذ منه مبلغ خمسمائة ألف جنيه ، كما طلب وأخذ الطاعن الثالث من “المتهم السادس” بوساطة “المتهم العاشر” سبيكتين ذهبيتين قيمتهما مبلغ مائة وثمانية وخمسين ألفاً وثلاثمائة جنيه ، وذلك كله على سبيل الرشوة مقابل إنهاء الطاعنين الثلاثة الأول لإجراءات إصدار ترخيص البناء رقم 88 لسنة 2019 لمشروع “نكست بوينت” والمملوك “للمتهم السادس” ، كما طلب الطاعن الأول من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ ثمانين ألف جنيه أخذ منه مبلغ ستين ألف جنيه ، كما طلبت وأخذت الطاعنة الثانية من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ خمسة وستين ألف جنيه ، وذلك كله على سبيل الرشوة مقابل إنهاء الطاعنين الأول والثانية إصدار تقارير مطابقة لأربعة عقارات مملوكة “للمتهم السادس” بنطاق حي المقطم، كاف وسائغ في التدليل على توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة طلب وأخذ الطاعنين الثلاثة الأول عطايا من “المتهم السادس” على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم التي دانهم بها ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين الثلاثة الأول على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المشرع قد استهدف بما نص عليه في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع في مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي والمزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة ، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية ، فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في عجز المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً عقوبات ، وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً في تلك الجريمة وإنما هي ظرف مشدد فيها ، كما أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة المؤثمة بالمادة 106 مكرراً فقرة أولى من قانون العقوبات يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أنه يفعل هذا لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على مزية ما لدى سلطة عامة ، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت ارتكاب الفعل ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – في تحصيله لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة – من أن الطاعن الخامس بصفته في حكم الموظف العمومي/ عضو بأحد المجالس النيابية العامة “مجلس النواب” قد طلب لنفسه من “المتهم السادس” مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه أخذ منه مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه بوساطة “المتهمين الثامن والثاني عشر والثالث عشر” على سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه الحقيقي لدى سلطة عامة “مسئولي هيئتي نظافة وتجميل القاهرة والنيابة الإدارية” وذلك للحصول من هيئة نظافة وتجميل القاهرة على قرار ومزية باسترداد شركة “نكست هوم” للتطوير العقاري المملوكة “للمتهم السادس” لمبلغ التأمين وقدره سبعة ملايين وخمسمائة ألف جنيه والمودع لدى نظافة وتجميل القاهرة ضماناً لإزالة مخلفات أعمال الحفر بمشروع “نكست بوينت” الذي تتولى الشركة تنفيذه من الطرق العمومية ، والموقوف صرفه لارتكاب الشركة لمخالفات محل تحقيق بهيئة النيابة الإدارية ، وكذا لسرعة إنهاء هيئة النيابة الإدارية لإجراءات التحقيق في تلك المخالفات ، كاف وسائغ في التدليل على توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة طلب وأخذ الطاعن الخامس لنفسه عطية على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية التي دانه بها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الرابع بعدم اختصاصه الوظيفي بالعمل المتصل بالرشوة بدلالة أنه مجرد استشاري فني متطوع لرئيس حي المقطم وليس موظفاً معيناً أو منتدباً بحي المقطم ، وليس له أي توقيع على مستندات الترخيص “محل الاتهام” في قوله : “وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم الرابع بعدم اختصاصه وظيفياً بالتوقيع على أية أوراق بحي المقطم كونه ليس موظفاً بالحي أو منتدباً للعمل به بل يحضر متطوعاً في أوقات غير منتظمة ، ولما كان الثابت للمحكمة بأدلة الدعوى أنه بتاريخ 31/10/2019 صدر قرار بتكليف المتهم الرابع بالعمل كمستشار فني لرئيس حي المقطم واختص وظيفياً بعدة اختصاصات منها إبداء الرأي الفني الملزم لرئيس حي المقطم باعتماد تراخيص البناء وتقارير مطابقة العقارات ، وأنه اختص بفحص ملف ترخيص بناء مشروع نكست بوينت الخاص بشركة المتهم السادس وأبدى موافقته الفنية على إصداره ، فصدر ذلك الترخيص لاحقاً بناء على تلك الموافقة التي لولا حصولها لما صدر ذلك الترخيص ، فإن ذلك يقطع بتوافر اختصاص المتهم الرابع بالعمل الوظيفي الذي طلب العطية مقابل أدائه متاجراً بذلك بوظيفته ، ومن ثم فقد ورد الدفع على غير سند صحيح من واقع أو قانون” . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة ، بل يكفي أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة ، وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس ، كما لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو – والذي طلب أو أخذ الرشوة – هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة ، بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة ، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى طلب وأخذ الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لمحكمة الموضوع بغير معقب مادامت تقيمه على أسباب سائغة مستنداً إلى أصل ثابت بالأوراق ، كما أنه ليس من الضروري أن يتخذ نصيب الموظف من الاختصاص صورة اتخاذ القرار ، وإنما يكفي أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضير هذا القرار ، ولو كان في صورة إبداء رأي استشاري يحتمل أن يؤثر على من بيده اتخاذ القرار ، وكان ما أورده الحكم – فيما تقدم – كاف وسائغ ويستقيم به إثبات الاختصاص الوظيفي للطاعن الرابع – المُعين في وظيفة مستشار فني لرئيس حي المقطم- بالعمل الذي طلب وأخذ الجعل على سبيل الرشوة مقابلاً لأدائه والمتمثل في إبداء الرأي الفني الملزم لرئيس حي المقطم بشأن إصدار ترخيص البناء رقم 88 لسنة 2019 لمشروع “نكست بوينت” الخاص بشركة “نكست هوم” للتطوير العقاري المملوكة “للمتهم السادس” ، واطراح دفع الطاعن الرابع بانحسار هذا الاختصاص عنه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه – وخلافاً لما يزعمه الطاعن الأول بأسباب طعنه – قد أشار إلى مواد العقاب التي خلص إلى معاقبته طبقاً لها ، فإن نعيه على الحكم بإغفال نص القانون الذي حكم بموجبه يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه – والتي اطمأنت إليها المحكمة – والمتمثلة في اعتراف الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة العامة ، وإقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة ، واعتراف “المتهمين السادس والسابع والثامن والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر” بتحقيقات النيابة العامة وأمام هيئة المحكمة ، واعتراف “المتهم التاسع” أمام هيئة المحكمة ، وأقوال شهود الإثبات ، ومما ثبت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات واللقاءات المأذون بمراقبتها وتسجيلها ، وبتقرير الهيئة الوطنية للإعلام ، وبتقرير الإدارة العامة لدمغ المصوغات ، وبالاطلاع على صور ترخيص البناء ومطابقات العقارات “محل الاتهام” ، سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين الثلاثة الأول للجريمة التي دينوا بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون الثلاثة الأول من خلو الأوراق من أي دليل على ارتكابهم للواقعة مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنة الثانية ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكماً مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما تذهب إليه الطاعنة الثانية ، فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة ، وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما تدعيه الطاعنة الثانية من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وفي أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، وأن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، وأن التناقض بين اعترافات المتهمين – بفرض قيامه – لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به دون معقب مادامت تقيم ذلك على أسباب سائغة ، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف ، فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعنين جميعاً على اعترافات “الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة العامة ، والمتهمين من السادس وحتى التاسع، والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر” ، وقد حصل اعترافاتهم بما لا تناقض فيه ، مطرحاً دفع الطاعنين جميعاً ببطلان تلك الاعترافات لكونها وليدة إكراه معنوي ووعد بالإعفاء من العقاب ولعدول الطاعنين الأول والخامس عنها برد كاف وسائغ ، استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من تلك الاعترافات لكونها قد صدرت طواعية عن إرادة حرة واعية وإدراك سليم ولم تكن وليدة إكراه معنوي أو وعد بالإعفاء من العقاب ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين جميعاً في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الأول ببطلان استجوابه بتحقيقات النيابة العامة لحصوله دون حضور محاميه بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون العقوبات ، بما مؤداه أن عضو النيابة العامة المحقق قد سأل الطاعن الأول قبل بدء تحقيقاته عن محاميه ولما تبين له عدم وجود محام له أرسل مندوباً لمقر نقابة المحامين لاستدعاء أحد المحامين للحضور معه ، إلا أنه تعذر حضور أحدهم فلم يجد مناصاً من إجراء التحقيق وقام باستجوابه ، وأثناء إجراء التحقيق حضر محام معه ومكنه المحقق من ذلك وأثبت حضوره بمحضر التحقيق ، واستمر حضوره حتى نهاية التحقيق ولم يبد المحامي أي اعتراض على إجراءات التحقيق ، مما يسقط معه حق الطاعن الأول في الدفع ببطلان استجوابه بتحقيقات النيابة العامة ، فإن هذا الذي أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً في اطراح دفع الطاعن الأول ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لحصول استجوابه دون حضور محاميه بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون العقوبات ، إذ إنه لا تثريب على النيابة العامة إن هي بدأت في مباشرة التحقيق مع الطاعن الأول في غيبة أحد المحامين مادام أصبح ندبه أمراً غير ممكن وإلا تعطلت عن أداء وظيفتها ، سيما وأن الطاعن الأول لا يزعم في أسباب طعنه أنه قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمته المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن ، فضلاً عن أن الطاعن الأول قد اعترف بارتكابه الواقعة المسندة إليه بما يوجب على النيابة العامة أن تستجوبه فوراً وأن تبادر على وجه السرعة بسؤاله تفصيلاً عن التهمة وإثبات اعترافه خشية التأثير عليه مستقبلاً وضياع هذا الدليل ، ومن ثم فإن استجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ، هذا إلى أن الثابت بتحقيقات النيابة العامة حضور محام مع الطاعن الأول بعد بدء استجوابه دون إبدائه أي اعتراض على إجراءات التحقيق ، مما يسقط معه حق الطاعن الأول في الدفع ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لحصول استجوابه دون حضور محاميه ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاء على مخالفة المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك – متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع – ، كما أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره – بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن إقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة والذي آخذه به قد ورد نصاً في الإقرار بجريمة الرشوة ، واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع ، فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على توافر جريمة الرشوة التي دانه بها ، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الإقرار على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ فيه الحكم ، هذا فضلاً عن أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للإقرار ، وهو الاكتفاء به وحده ، بل بنت معتقدها كذلك على أدلة أخرى سائغة عددتها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الثالث في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة، فلها أن تجزئ أقوال الشاهد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذى رواه وبين باقي الأدلة، فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال الشاهد يفيد اطراحها، كما أن المحكمة لا تلتزم – بحسب الأصل – بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، كما أنه من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وفق ما صوره شهود الإثبات لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال عضوي الرقابة الإدارية – شاهدي الإثبات الأول والثاني – بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة، وصحة تصويرهما للواقعة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون جميعاً في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة الثانية بشأن التناقض بين أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – ، واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع – بتحقيقات النيابة العامة، مردوداً بأنه من المقرر أن التناقض بين أقوال الشهود واعترافات المتهمين لا يعيب الحكم مادام استخلص الإدانة منها بغير تناقض، ومن ثم فإن نعي الطاعنة الثانية على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، بما مؤداه أن للقاضي أن يكون عقيدته من الدليل الرقمي والمتمثل في المعلومات الإلكترونية “كالأرقام والأكواد والشفرات والحروف والرموز والإشارات والصور والأصوات – كالتسجيلات المسموعة أو المرئية” المخزنة أو المنقولة أو المستخرجة أو المأخوذة من أجهزة الحاسب الآلي أو من أي أجهزة إلكترونية أو مغناطيسية أو ضوئية أخرى أو من نظم المعلومات كالشبكات المعلوماتية وما في حكمها، والتي يمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية مادام قد اطمئن إليه، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل فيها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد كشف – في تدليل سائغ – عن اطمئنان المحكمة إلى التسجيلات المسموعة والمرئية المأذون بإجرائها وتعويلها عليها في قضائها بالإدانة كقرينة مُعززة لأدلة الثبوت التي أوردتها “أخذاً بما ثبت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات واللقاءات المأذون بمراقبتها وتسجيلها، وبتقرير الهيئة الوطنية للإعلام”، ومؤدى تلك التسجيلات ارتكاب الطاعنين الأربعة الأول بصفتهم موظفين عموميين لجريمة طلب وأخذ لأنفسهم عطايا على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم، وكذا ارتكاب الطاعن الخامس بصفته في حكم الموظف العمومي/ عضو بأحد المجالس النيابية العامة “مجلس النواب” لجريمة طلب وأخذ لنفسه عطية على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون جميعاً بشأن خلو التسجيلات المسموعة والمرئية مما يفيد ارتكابهم جريمة الرشوة، وكذا ما يثيره الطاعن الثالث بشأن عدم صلاحية التسجيلات المسموعة كدليل إثبات لكونها ليست من قبيل الأدلة الكتابية التي يمكن التحقق ممن نسبت إليه، أو بشأن خلو التسجيل المرئي لواقعة ضبطه من الصوت، ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن تعويل الحكم المطعون فيه في قضائه بإدانته على تقرير الهيئة الوطنية للإعلام رغم عدم صلاحيته كدليل للإدانة، إذ خلا مما يفيد وجود صوت أو صورة له يثبتان ارتكابه لجريمة الرشوة، مردوداً بأنه ولما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ثبت بتقرير الهيئة الوطنية للإعلام – والذي عولت عليه في قضائها بإدانة الطاعن الثالث – من مطابقة أصوات المتهمين عدا التاسع والعاشر – ومن بينهم الطاعن الثالث – للأصوات المنسوبة إليهم بالتسجيلات المأذون بها ، وكذا مطابقة صور المتهمين من الثاني وحتى الثامن – ومن بينهم الطاعن الثالث – ، ومن الحادي عشر وحتى الثالث عشر للصور المنسوبة إليهم باللقاءات المأذون بتصويرها ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة مادامت قد اطمأنت إلى تلك الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها، وكان ما أورده الحكم من مؤدى أدلة الإثبات “أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – ، واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع – ، والتسجيلات ، وتقرير الهيئة الوطنية للإعلام” والتي عول عليها في قضائه بإدانة الطاعنين الثانية والثالث يحقق مراد الشارع الذي استوجبته المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، هذا فضلاً عن أنه لا يؤثر في سلامة الحكم الصادر بالإدانة عدم إيراده “نص التسجيلات، وتقرير الهيئة الوطنية للإعلام” بكامل أجزائها وفحواها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان الثانية والثالث من منازعة في بيان أدلة الإثبات التي استمدها منها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التسجيل والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة العامة في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، كما أن القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، أو أن يكون قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكانت المحكمة قد كشفت عن اطمئنانها إلى التحريات وأقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول– مجريها ، والتي لم تعول عليها في قضائها بإدانة الطاعنين الأربعة الأول إلا كمسوغ لإصدار الأذون الصادرة من النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش ، مطرحة برد كاف وسائغ دفع الطاعنين الأربعة الأول ببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش لابتنائها على تحريات غير جدية ومنعدمة ومتناقضة ، سيما وأنه لا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، كما أن عدم إيراد كل محل إقامة للطاعن أو الخطأ فيه لا يقدح بذاته في جدية التحريات ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين الأربعة الأول على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الثالث ببطلان التحريات وانعدامها لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية مجريها على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء باعتباره موظفاً بدرجة مدير عام ويتجاوز مرتبه مبلغ ألف وخمسمائة جنيه سنوياً ، مردوداً بأنه ولما كان نص المادة الثامنة من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية والمستبدلة بالقانون رقم 207 لسنة 2017 – الساري على واقعة الدعوى المطروحة – قد جرى على أنه : “يجوز لهيئة الرقابة الإدارية، كلما رأت مقتضى لذلك، أن تجري التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية . وإذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق تحال الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال بعد موافقة رئيس الهيئة أو نائبه، وتقوم النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بإفادة الهيئة بما انتهى إليه التحقيق.”، وكان مؤدى ذلك النص أنه قد أجاز لهيئة الرقابة الإدارية أن تجري التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية كلما رأت مقتضى لذلك ، دون أن يستلزم حصولها على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم فإن إجراء عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – للتحريات في الدعوى المطروحة دون الحصول على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء يتفق وصحيح القانون ، ويضحى نعي الطاعن الثالث في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الأول ببطلان إذن النيابة العامة بالتسجيل والصادر بوضع هاتفه تحت المراقبة لحصول التسجيلات قبل صدور الإذن ، مردوداً بأنه من المقرر أن الدفع بحصول التسجيلات قبل صدور إذن النيابة العامة بالتسجيل يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع التسجيلات بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها– كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه اطرح دفع الطاعن الثالث ببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل لعدم صدورها من القاضي الجزئي استناداً إلى حق النيابة العامة في إصدارها ، وكانت المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 تنص على أن : “يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات …. ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون ، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.” ، وكانت المادة 95 من القانون ذاته تنص على أن : “لقاضي التحقيق أن يأمر …. بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.” ، ومفاد المادتين – سالفتي البيان – أن القانون خول النيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في أمور معينة بذاتها ، منها الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جرائم محددة على سبيل الحصر – ومنها جناية الرشوة – ، ومن ثم فإن النيابة العامة إذ أمرت بتسجيل المحادثات المسموعة والمرئية في الدعوى المطروحة ، فإنها لا تكون قد خالفت القانون ، ويضحى منعى الطاعن الثالث في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث لم يدفع ببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش لصدورها عن جريمة مستقبلة ، وببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل والدليل “التسجيلات” المستمد منها لتعلقها بأشخاص غير معنيين بالاتهام ، ولتسجيل مكالمات هاتفية غير مأذون بتسجيلها ، فلا يصح له – من بعد – النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، هذا فضلاً عن أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن الثالث لم يحدد الأشخاص الغير معنيين بالاتهام الذين شملتهم أذون النيابة العامة بالتسجيل ، ولم يبين ماهية المكالمات الهاتفية الغير مأذون بتسجيلها التي عول الحكم المطعون فيه عليها في قضائه بالإدانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة أذون النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش وما تلاها من إجراءات ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – مجريها ، وما أسفر عنه تنفيذ الأذون من أدلة ، ويكون منعى الطاعنين الثانية والثالث في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الخامس ببطلان الإذن الصادر من مجلس النواب برفع الحصانة البرلمانية عنه باعتباره عضواً في مجلس النواب لمخالفته للدستور ولائحة مجلس النواب لصدوره من أمين عام المجلس وليس من رئيس المجلس في أقل من ساعتين وعدم إخطاره به في قوله : “وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم الخامس ببطلان قرار رفع الحصانة البرلمانية عنه لمخالفته لائحة المجلس والدستور ولصدوره من أمين عام المجلس وليس من رئيس المجلس ، ولما كان الثابت بأوراق الدعوي أن السيد المستشار النائب العام قد تقدم بتاريخ 7/3/2020 بطلب إلى مجلس النواب للإذن برفع الحصانة عن المتهم الخامس بين فيه الواقعة المنسوبة للعضو المطلوب رفع الحصانة عنه لقيامه بارتكابها ومواد القانون المؤثمة لها ، وإثر ذلك باشرت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب اختصاصها وعقدت اجتماعاً حضره المتهم الخامس وانتهت اللجنة للموافقة على طلب الإذن برفع الحصانة ، وعرض تقرير اللجنة على مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 8/3/2020 وقرر المجلس بإجراءات صحيحة دستورياً ولائحياً الموافقة على الطلب المقدم من السيد المستشار النائب العام ، وأخطر السيد رئيس مجلس النواب النيابة العامة بذلك ، ولما كان الثابت للمحكمة أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جنائي ضد المتهم الخامس إلا بعد صدور إذن مجلس النواب بذلك ، ومن ثم فقد أضحى الدفع على غير سند متعيناً رفضه” ، وكان الحكم قد أثبت – فيما تقدم – أن مجلس النواب قد أصدر الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن الطاعن الخامس باعتباره عضواً فيه بناء على طلب السيد المستشار النائب العام بعد اتخاذ الإجراءات القانونية لرفع الحصانة البرلمانية عنه والمنصوص عليها في المواد 113 من الدستور ، (356 – 358) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب – والتي من بينها أن ينظر المجلس تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأن طلب الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن العضو على وجه الاستعجال للبت فيه – وقبل اتخاذ أي إجراء جنائي ضده، بما يكفي ويسوغ به اطراح دفعه في هذا الشأن ، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن الخامس بشأن عدم إخطاره بالإذن ، إذ إنه لم يقدم الدليل على صحة دفاعه والذي لم يكن إلا قولاً مرسلاً ولا يعد من أوجه الدفاع الجوهرية ، إذ يشترط كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده ، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه ، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه ودون أن تتناوله في حكمها ، ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ، ولا قصوراً في حكمها ، سيما وأن المحكمة قد أثبتت أن الطاعن الخامس قد حضر اجتماع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب للنظر في طلب الإذن برفع الحصانة البرلمانية عنه والذي انتهت فيه إلى الموافقة على الطلب ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الخامس ببطلان التسجيلات لحصولها بناء على أذون صدرت من النيابة وليس من القاضي الجزئي دون إجراء تحريات وقبل اتخاذ إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عنه باعتباره عضواً في مجلس النواب ، فضلاً عن عدم صلاحية التسجيلات وتفريغ عضو الرقابة الإدارية لها كدليل لإدانته بجريمة الرشوة في قوله : “وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم الخامس ببطلان التسجيلات لمخالفة نص المادة 113 من الدستور ، والمادة 356 من لائحة مجلس النواب ، فإنه ولما كان الثابت للمحكمة أنه لم تصدر في الدعوى أية أذون من النيابة العامة بوضع أية هواتف تخص المتهم الخامس قيد المراقبة أو التسجيل ، فضلاً عن أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جنائي ضد المتهم الخامس إلا عقب صدور إذن مجلس النواب بذلك ، ومن ثم يضحى الدفع على غير سند متعيناً الالتفات عنه ، لا سيما وأن المحكمة قد أقامت قضاءها بإدانة المتهم الخامس استناداً لأدلة مستقلة عن التسجيلات المُدعى ببطلانها ، وهذه الأدلة المستقلة قوامها الأساسي اعتراف المتهم الخامس التفصيلي بارتكاب الواقعة وشهادة شهود الواقعة واعترافات المتهمين التي ثبت منها للمحكمة بيقين ثبوت التهمة في جانب المتهم الخامس”. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدستور هو التشريع الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه ، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما عداها ، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى ، فإذا فعلت وجب الالتزام بالتشريع صاحب السمو والصدارة وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له ، إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته ، وكان نص المادة 113 من الدستور الصادر سنة 2014 والذي جرى على أنه : “لا يجوز، في غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أي إجراء جنائي ضد عضو مجلس النواب في مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس. وفي غير دور الانعقاد، يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء.” ، واضح الدلالة على أن الذي يمتنع على جهة التحقيق هو اتخاذ أي اجراء من إجراءات التحقيق الماسة بشخص عضو مجلس النواب كتكليفه بالحضور أو استجوابه أو إصدار أمر بضبطه وإحضاره أو حبسه أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو إقامة الدعوى ضده أمام المحكمة الجنائية قبل أن يأذن مجلس النواب بذلك ، أما غير ذلك من إجراءات التحقيق الغير ماسة بشخص عضو مجلس النواب كسماع الشهود وإجراء المعاينات وندب الخبراء وغيرها والتحقيق دون قيد مشابه مع متهمين آخرين لا يلزم للتحقيق معهم إذن ، فلجهة التحقيق أن تجريها دون انتظار لإذن مجلس النواب ، ولا محل – من بعد – لإعمال حكم الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية التي جرى نصها على أنه : “وفي جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب” ، فحرمت اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق ولو لم يكن ماساً بشخص المتهم أو مسكنه إذا لم يكن هناك إذن، ذلك أن نص هذه الفقرة الأخيرة ورد بشأن الإذن الذي يستلزمه قانون من القوانين، فخرج بذلك الإذن الوارد بالمادة 113 من الدستور من إطارها ، إذ لا يجوز تقييدها بموجب تشريع أدنى كان تحت نظر المشرع الدستوري عند صياغة المادة “المار بيانها”، ولو كان يرى هذا الرأي لنص عليه صراحة ، والأصل التحرز في تفسير التشريعات الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل ، والبادي أن طبيعة المجالس النيابية وأعضائها وصلة هؤلاء الأعضاء بتلك المجالس النيابية وهي ذات طبيعة خاصة أوجبت أن تكون حصانتهم في حدود معينة “على النحو السالف بيانه” ، وكان الحكم قد أثبت – فيما تقدم – أنه لم تصدر في الدعوى المطروحة أي أذون من النيابة العامة بوضع أي هواتف تخص الطاعن الخامس قيد المراقبة أو التسجيل ، كما أن مجلس النواب قد أصدر الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن الطاعن الخامس باعتباره عضواً بالمجلس قبل اتخاذ أي إجراء جنائي ضده ، بما يكفي ويسوغ به اطراح دفعه في هذا الشأن ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من نعي الطاعن الخامس على الحكم بالقصور في الرد على دفعه ببطلان التسجيلات مادام أن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في إدانته إلى أي دليل مستمد من التسجيلات المُدعى ببطلانها ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى سائغة مستقلة عنها ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الأول ببطلان التسجيلات لاستخدام عضو الرقابة الإدارية في التسجيل أجهزة فنية خاصة بالرقابة الإدارية مُغايرة لأجهزة شركة الاتصالات مما يشكك في صحة التسجيلات ، وكذا دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات لاطلاع عضو الرقابة الإدارية عليها حال إجرائها بمعرفة العاملين الفنيين بالرقابة الإدارية الغير مأذون لهم بإجرائها مما يشكل جريمة استراق السمع المؤثمة بالمادة 309 مكرراً من قانون العقوبات ، مردوداً بأنه من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل موكولة إلى عضو الرقابة الإدارية المأذون له يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع ، فله أن يستعين في تنفيذ ذلك الإذن بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه ، وأن يستخدم الأجهزة الفنية اللازمة للتسجيل ، ولا تثريب عليه إن هو اطلع على التسجيلات المأذون بها قانوناً مادام أنه قد رأى أن ذلك الاطلاع ضرورة لاستكمال إجراءاته وهو على بينة من أمره – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه ، فلا معقب عليها في ذلك مادام تقديرها سائغاً، وكانت المحكمة قد اطرحت دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات التي عولت عليها في قضائها بالإدانة لامتداد يد العبث إليها ، وذلك استناداً لاطمئنانها إلى سلامتها وعدم امتداد يد العبث إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات لعدم وضع مُصدر إذن التسجيل بصمة صوتية في بداية ونهاية كل شريط من أشرطة التسجيل وعدم توقيعه عليها ، مردوداً بأنه ولما كانت نصوص القانون ليس فيها ما يوجب على عضو النيابة العامة المحقق أن يضع بصمة صوتية في بداية ونهاية كل شريط من أشرطة التسجيلات التي تمت نفاذاً للإذن الصادر بها أو أن يوقع عليها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات لعدم تحرير عضو الرقابة الإدارية محضراً بكل تسجيل أجراه شاملاً لجميع الإجراءات التي قام بها بالمخالفة لنص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، مردوداً بأنه ولما كانت المادة 24/2 من قانون الإجراءات الجنائية لم ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكامها ، مما يجعل الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع بسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الوجه يكون على غير أساس . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الأول ببطلان تفتيش مسكنه لتجاوز عضو الرقابة الإدارية حدود الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم شموله لمسكنه برد كاف وسائغ استناداً لاطمئنان محكمة الموضوع – أخذاً بما أوردته من أدلة سائغة – إلى أن تفتيش مسكنه كان بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة بذلك ، وأن القائم به لم يتجاوز حدود الإذن ، ومن ثم يضحى النعي المبدى من الطاعن الأول في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الرابع ببطلان تفتيش مسكنه لتجاوز عضو الرقابة الإدارية حدود الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم شموله لمسكنه ، مردوداً بأن الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانته للطاعن الرابع على أي دليل مستمد من تفتيش لمسكنه المُدعى ببطلانه ولم يُشر إليه في مدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن الرابع في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنين “عدا الثانية” في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تجيز القبض عليهم وتفتيشهم من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذين القبض والتفتيش بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة “بالنسبة للطاعنين الأول والثالث والرابع” ، وبناء على أمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة “بالنسبة للطاعن الخامس” وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه بما لا ينازع فيه الطاعنون “عدا الثانية” ، ومن ثم فإن ما يثيرونه في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الخامس ببطلان القبض لعدم إجراء تحريات سابقة عليه استناداً إلى أنه قد تم القبض على الطاعن الخامس تنفيذاً لأمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة بتاريخ 8/3/2020 – بناء على تحقيق قضائي أجرته توافرت فيه أدلة كافية على ارتكابه لجناية الرشوة – عقب ورود كتاب السيد رئيس مجلس النواب بشأن صدور إذن مجلس النواب باتخاذ الإجراءات الجنائية قبله ، وهو رد كاف وسائغ ، سيما وأن إصدار النيابة العامة لأمر الضبط والإحضار لا يستلزم أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، إذ إنه من المقرر أن مؤدى ما نصت عليه المادتان 126 ، 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة – عندما تباشر التحقيق – أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم ، أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، ومن ثم يكون نعي الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعنين الثانية والرابع قد طلبا عطايا الرشوة “محل الاتهام” ، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله – وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعنين الثانية والرابع -، ومن ثم فإن ما يثيرانه بشأن عدم ضبط عطايا الرشوة “محل الاتهام” بحوزة كل منهما يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعنة الثانية بعدم قيام عضو الرقابة الإدارية بتفريغ الكاميرات الموجودة في محل عملها “حي المقطم” ، مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ إن العبرة في الأحكام بإجراءات المحاكمة والتحقيقات أمام المحكمة ، ومن ثم فإن نعي الطاعنة الثانية في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن اطراح الحكم المطعون فيه لدفعه بعدم دستورية نص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد (53 – 58) من الدستور الصادر سنة 2014 ، وكذا طلبه بوقف الدعوى تعليقياً وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها ، سيما وأنه سبق وأقام الدعوى رقم 23 لسنة 42 ق دستورية بشأن ذلك ، مردوداً بأن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ ١/١٢/٢٠١٨ في الدعوى رقم ٢٠٧ لسنة ٣٢ ق دستورية برفض الدعوى والتي كان موضوعها الحكم بعدم دستورية نصوص المواد ٩٥ ، ٢٠٦/٤ ، ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن تمسك الطاعن الثالث بالدفع بعدم دستورية المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لن يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة لا تصلح أساساً للطعن ، ويضحى نعيه في هذا الخصوص غير منتج ومن ثم غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم – المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية – واستثناء يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – المادة 69 من قانون الإجراءات الجنائية – وحدد القانون إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي – وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات – ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ، ومن بينها جرائم أمن الدولة من جهة الخارج ومن جهة الداخل ، عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها – المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية – ولأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – إضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق جرائم أمن الدولة المشار إليها آنفاً – المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية – ، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن إجراءات التحقيق التي باشرها أعضاء النيابة العامة – في القضية المطروحة – ليس فيها ما يدخل في اختصاصات قاضي التحقيق ، إنما باشروها في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضي التحقيق ، فإن دعوى الطاعن الثالث ببطلان تحقيقات النيابة العامة وما تلاها من إجراءات لإجرائها بمعرفة وكلاء نيابة بالمخالفة لنص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون لها محل. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعنة الثانية بانتفاء صلتها بالواقعة ، وكذا دفع الطاعن الثالث بانتفاء صلته بالواقعة وبنفي التهمة وبتلفيقها ، وكذا دفع الطاعن الخامس بانتفاء صلته بالمتهمين “السادس والثامن والثالث عشر” ، من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد يُستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين الثانية والثالث والخامس ، ولا عليه أن يتعقبهم في كل جزئية من جزئيات دفاعهم لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون الثانية والثالث والخامس في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعنون الثلاثة الأول للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ، ذلك بأن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها للمستندات التي قدمها الطاعنون الثلاثة الأول ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن أوجه دفاعه ودفوعه، فليس له – من بعد – النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن تعويل المحكمة على الدليل المستمد من استماع النيابة العامة للتسجيلات رغم عدم استماعها لها ملتفتة عن طلبه الاستماع إليها بالأجهزة الفنية ، مردوداً بأن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخة 5/9/2021 أن المحكمة قد قامت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات بالأجهزة الفنية في حضور الطاعن الثالث ومحاميه ، وقد عولت في قضائها بإدانته على الدليل المستمد من استماعها ومشاهدتها للتسجيلات دون أن تعول على الدليل المستمد من استماع النيابة العامة إليها – خلافاً لما يزعمه الطاعن الثالث بأسباب طعنه – ، هذا إلى أن الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة الاستماع إلى التسجيلات ، فليس له – من بعد – النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان الأول والثانية بشأن عدم إثبات المحكمة بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخة 5/9/2021 فحوى التسجيلات التي استمعت إليها وشاهدتها ، مردوداً بأنه ولما كان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت فحوى التسجيلات التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين الأول والثانية في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الأول بشأن خطأ الحكم المطعون فيه في تاريخ إذن النيابة العامة الصادر بالتفتيش ، مردوداً بأن خطأ الحكم في تاريخ إذن النيابة العامة الصادر بالتفتيش – على فرض حصوله – لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يؤثر في حقيقة الواقعة التي أسندت للطاعن الأول والتي ألمت بها المحكمة وأحاطت بكل ظروفها وهى نفسها التي أسفر عنها تنفيذ الإذن الصادر بالتفتيش مما لا يعيب الحكم في شيء ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد بمدوناته أن الهيئة مُصدرة الحكم المطعون فيه هي التي استمعت للتسجيلات التي عول عليها في قضائه بإدانته – خلافاً لما يذهب إليه الطاعن الأول بأسباب طعنه – ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن فاته القضاء بعزل الطاعنين جميعاً من وظيفتهم ، وكان الطعن مرفوعاً من الطاعنين “المحكوم عليهم” وحدهم دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح الحكم في هذه الحالة ، لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعنين ، وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .
أمين السر نائب رئيس المحكمة
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين الأربعة الأول بصفتهم موظفين عموميين بجريمة طلب وأخذ لأنفسهم عطايا على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم ، كما دان الطاعن الخامس بصفته في حكم الموظف العمومي/ عضو بأحد المجالس النيابية العامة “مجلس النواب” بجريمة طلب وأخذ لنفسه عطية على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع، وران عليه البطلان، ذلك بأنه جاء في عبارات عامة مجملة ومبهمة ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً تتحقق به أركان جريمة الرشوة التي دان الطاعنين الأربعة الأول بها ، وخلا من الأسباب الكافية لحمل قضائه بالإدانة ، ويضيف الطاعنان الأول والثانية بأنه اكتفى بترديد ما جاء بأمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، وتزيد الطاعنة الثانية بأنه لم يبين زمان ارتكابها الواقعة ، ويضيف الطاعنون “عدا الرابع” بأنه لم يستظهر الركنين المادي والمعنوي لجريمة الرشوة التي دانهم بها رغم انتفائها في حقهم “لشواهد عددوها”، ويزيد الطاعن الرابع بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه بعدم اختصاصه الوظيفي بالعمل المتصل بالرشوة “لشواهد عددها”، ويضيف الطاعن الأول بأنه خلا من بيان نص القانون الذي حكم بموجبه ، ويزيد الطاعنون الثلاثة الأول بأنه دانهم رغم خلو الأوراق من أي دليل على ارتكابهم للواقعة ، مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة، وتضيف الطاعنة الثانية بأن الحكم بنى قضاءه على الفرض والاحتمال ، مما ينبئ عن اختلال فكرته عن موضوع الدعوى وعناصرها ، ويزيد الطاعنون جميعاً بأن الحكم عول في الإدانة على اعترافات “الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة ، والمتهمين من السادس وحتى التاسع ، والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر” مطرحاً بما لا يسوغ قانوناً دفعهم ببطلانها لعدول الطاعنين الأول والخامس عنها ، فضلاً عن كونها وليد إكراه معنوي ووعد بالإعفاء من العقاب عملاً بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ، ومتناقضة مع بعضها البعض “لشواهد عددوها”، ويضيف الطاعن الأول بأن الحكم اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة لحصول استجوابه دون حضور محاميه بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون العقوبات ، ويزيد الطاعن الثالث بأنه عول على إقراره بتحقيقات النيابة رغم أنه لم يكن نصاً في اقتراف جريمة الرشوة ، فضلاً عن تجزئة الحكم له مخالفاً الثابت بالأوراق “لشواهد عددها” ، ويضيف الطاعنون جميعاً بأنه اعتنق صورة للواقعة مستنداً لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني – عضوي الرقابة الإدارية – رغم عدم مشاهدتهما الطاعنين حال ارتكابهم للجريمة ، وكذب أقوال أولهما ، ملتفتاً عن بعض أقواله بجلسة المحاكمة ، ورغم عدم معقولية تصوير الواقعة “لشواهد عددوها” ، وتزيد الطاعنة الثانية بوجود تناقض بين أقوال شاهد الإثبات الأول واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع – بتحقيقات النيابة “لشواهد عددتها” ، ويضيف الطاعنون جميعاً بأن الحكم عول على التسجيلات المسموعة والمرئية المأذون بإجرائها رغم خلوها مما يفيد ارتكابهم جريمة الرشوة ، ويزيد الطاعن الثالث بعدم صلاحية التسجيلات المسموعة كدليل إثبات لكونها ليست من قبيل الأدلة الكتابية التي يمكن التحقق ممن نسبت إليه ، وبأن الحكم عول على التسجيل المرئي لواقعة ضبطه رغم خلوه من الصوت ، وبأن الحكم عول على تقرير الهيئة الوطنية للإعلام رغم عدم صلاحيته كدليل للإدانة ، إذ خلا مما يفيد وجود صوت أو صورة له يثبتان ارتكابه لجريمة الرشوة ، ويضيف الطاعنان الثانية والثالث بأن الحكم لم يورد مؤدى أدلة الإثبات “أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – ، واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع -، والتسجيلات ، وتقرير الهيئة الوطنية للإعلام” والتي تساند إليها في قضائه بالإدانة في بيان كاف ، ويزيد الطاعنون الأربعة الأول بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعهم ببطلان أذون النيابة بالتسجيل والتفتيش لابتنائها على تحريات غير جدية ومنعدمة ومتناقضة وغير صالحة كدليل على ثبوت التهمة قبلهم “لشواهد عددوها” ، ويضيف الطاعن الثالث بأنه التفت عن دفعه ببطلان التحريات وانعدامها لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية مجريها على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء بالمخالفة لنص المادة ٨ من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية “لشواهد عددها” ، ويزيد الطاعن الأول بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان إذن النيابة بالتسجيل والصادر بوضع هاتفه تحت المراقبة لحصول التسجيلات قبل صدور الإذن ، ويضيف الطاعن الثالث بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان أذون النيابة بالتسجيل لعدم صدورها من القاضي الجزئي ، وبأنه التفت عن دفعيه ببطلان أذون النيابة بالتسجيل والتفتيش لصدورها عن جريمة مستقبلة ، وببطلان أذون النيابة بالتسجيل والدليل “التسجيلات” المستمد منها لتعلقها بأشخاص غير معنيين بالاتهام ، ولتسجيل مكالمات هاتفية غير مأذون بتسجيلها ، سيما وأنه عول عليها في قضائه بالإدانة ، ويزيد الطاعنان الثانية والثالث بأنه التفت عن دفعهما ببطلان ما تلا أذون النيابة بالتسجيل والتفتيش من إجراءات وشهادة عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – مجريها والأدلة المستمدة من تنفيذها ، ويضيف الطاعن الخامس بأن الحكم اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعيه ببطلان الإذن الصادر من مجلس النواب برفع الحصانة البرلمانية عنه باعتباره عضواً في مجلس النواب لمخالفته للمواد 113 من الدستور، (356 – 358) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب “لشواهد عددها” ، وببطلان التسجيلات لحصولها بناء على أذون صدرت من النيابة وليس من القاضي الجزئي دون إجراء تحريات وقبل اتخاذ إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عنه ، فضلاً عن عدم صلاحية التسجيلات وتفريغ عضو الرقابة الإدارية لها كدليل لإدانته بجريمة الرشوة “لشواهد عددها”، ويزيد الطاعن الأول بأن الحكم التفت عن دفعه ببطلان التسجيلات لاستخدام عضو الرقابة الإدارية في التسجيل أجهزة فنية خاصة بالرقابة الإدارية مُغايرة لأجهزة شركة الاتصالات مما يشكك في صحة التسجيلات ، ويضيف الطاعن الثالث بأنه التفت عن دفعه ببطلان التسجيلات لاطلاع عضو الرقابة الإدارية عليها حال إجرائها بمعرفة العاملين الفنيين بالرقابة الإدارية الغير مأذون لهم بإجرائها مما يشكل جريمة استراق السمع المؤثمة بالمادة 309 مكرراً من قانون العقوبات ، وبأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان التسجيلات لامتداد يد العبث إليها “لشواهد عددها” ، كما أنه التفت عن دفعيه ببطلان التسجيلات لعدم وضع مُصدر إذن التسجيل بصمة صوتية في بداية ونهاية كل شريط من أشرطة التسجيل وعدم توقيعه عليها ، وببطلان التسجيلات لعدم تحرير عضو الرقابة الإدارية محضراً بكل تسجيل أجراه شاملاً لجميع الإجراءات التي قام بها بالمخالفة لنص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويزيد الطاعنان الأول والرابع بأن الحكم اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعهما ببطلان تفتيش مسكنيهما لتجاوز عضو الرقابة الإدارية حدود الإذن الصادر من النيابة لعدم شموله لمسكنيهما ، ويضيف الطاعنان الأول والثالث بأنه التفت عن دفعهما بعدم ضبطهما متلبسين بالجريمة ، ويزيد الطاعنان الرابع والخامس بأنه التفت عن دفعهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، ويضيف الطاعن الخامس بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعه ببطلان القبض لعدم إجراء تحريات سابقة عليه ، ويزيد الطاعنان الثانية والرابع بأنه التفت عن دفعهما بعدم ضبط عطايا الرشوة “محل الاتهام” بحوزة كل منهما ، وتضيف الطاعنة الثانية بأنه التفت عن دفعها بعدم قيام عضو الرقابة الإدارية بتفريغ الكاميرات الموجودة في محل عملها “حي المقطم” إثباتاً لعدم ارتكابها للجريمة ، ويزيد الطاعن الثالث بأنه اطرح بما لا يسوغ قانوناً دفعيه بعدم دستورية نص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد (53 – 58) من الدستور الصادر سنة 2014، وكذا طلبه بوقف الدعوى تعليقياً وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها ، سيما وأنه سبق وأقام الدعوى رقم 23 لسنة 42 ق دستورية بشأن ذلك ، وببطلان تحقيقات النيابة وما تلاها من إجراءات لإجرائها بمعرفة وكلاء نيابة بالمخالفة لنص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية ، وتضيف الطاعنة الثانية بأنه التفت عن دفعها بانتفاء صلتها بالواقعة ، ويزيد الطاعن الثالث بأنه التفت عن دفوعه بانتفاء صلته بالواقعة وبنفي التهمة وبتلفيقها ، ويضيف الطاعن الخامس بأنه التفت عن دفعه بانتفاء صلته بالمتهمين “السادس والثامن والثالث عشر” ، ويزيد الطاعنون الثلاثة الأول بأنه التفت عن المستندات “التي بينوها” والمقدمة منهم بجلسة المحاكمة إثباتاً لأوجه دفاعهم ودفوعهم ، ويضيف الطاعن الأول بأن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشأن أوجه دفاعه ودفوعه ، ويزيد الطاعن الثالث بأن المحكمة عولت على الدليل المستمد من استماع النيابة للتسجيلات رغم عدم استماعها لها ملتفتة عن طلبه الاستماع إليها بالأجهزة الفنية ، ويضيف الطاعنان الأول والثانية بأن المحكمة لم تثبت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخة 5/9/2021 فحوى التسجيلات التي استمعت إليها وشاهدتها ، ويزيد الطاعن الأول بأن الحكم أخطأ في تاريخ إذن النيابة الصادر بالتفتيش ، وبأنه أورد بمدوناته أن الهيئة مصدرته هي التي استمعت للتسجيلات التي عول عليها في قضائه بإدانته رغم أن هيئة أخرى هي التي استمعت إليها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من اعتراف الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة العامة ، وإقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة ، واعتراف المتهمين السادس والسابع والثامن والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر – المقضي بإعفائهم من العقاب – بتحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة ، واعتراف المتهم التاسع – المقضي بإعفائه من العقاب – أمام المحكمة، وأقوال شهود الإثبات ، ومما ثبت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات واللقاءات المأذون بمراقبتها وتسجيلها ، وبتقرير الهيئة الوطنية للإعلام ، وبتقرير الإدارة العامة لدمغ المصوغات ، وبالاطلاع على صور ترخيص البناء ومطابقات العقارات “محل الاتهام” ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة ، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان جريمة الرشوة التي دان الطاعنين الأربعة الأول بها ، والتدليل على ثبوتها في حقهم بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهم بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين الأربعة الأول بقصور الحكم في بيان الواقعة ومؤدى أدلة الثبوت أو بخلوه من الأسباب الكافية لحمل قضائه بالإدانة يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، كما أن من حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات وباقي الأدلة كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، فإن نعي الطاعنين الأول والثانية على الحكم المطعون فيه بالقصور لاكتفائه بياناً للواقعة وإيراداً لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بترديد ما جاء بأمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة – بفرض صحته – يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين زمان ارتكابها الواقعة – خلافاً لما تدعيه الطاعنة الثانية بأسباب طعنها – ، مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان ، فإن هذا الوجه من النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المستفاد من نص المادة ۱۰۳ من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة ولو كان حقاً ، وكان القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها، وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – في تحصيله لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة – من أن الطاعنين الثلاثة الأول بصفتهم موظفين عموميين الطاعن الأول/ مدير إدارة التنظيم بحي المقطم ، والطاعنة الثانية/ مهندسة بتلك الإدارة ، والطاعن الثالث/ مدير عام منطقة الإسكان بذلك الحي طلبوا وأخذوا لأنفسهم عطايا من “المتهم السادس” على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم ، إذ طلب وأخذ الطاعن الأول من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ مائة وعشرة آلاف جنيه ، كما طلبت الطاعنة الثانية من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ مائة ألف جنيه وأخذت منه مبلغ سبعين ألف جنيه ، كما طلب الطاعن الثالث من “المتهم السادس” بوساطة “المتهم الحادي عشر” مبلغ مليون جنيه وأخذ منه مبلغ خمسمائة ألف جنيه ، كما طلب وأخذ الطاعن الثالث من “المتهم السادس” بوساطة “المتهم العاشر” سبيكتين ذهبيتين قيمتهما مبلغ مائة وثمانية وخمسين ألفاً وثلاثمائة جنيه ، وذلك كله على سبيل الرشوة مقابل إنهاء الطاعنين الثلاثة الأول لإجراءات إصدار ترخيص البناء رقم 88 لسنة 2019 لمشروع “نكست بوينت” والمملوك “للمتهم السادس” ، كما طلب الطاعن الأول من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ ثمانين ألف جنيه أخذ منه مبلغ ستين ألف جنيه ، كما طلبت وأخذت الطاعنة الثانية من “المتهم السادس” بوساطة “المتهمين من السابع وحتى التاسع” مبلغ خمسة وستين ألف جنيه ، وذلك كله على سبيل الرشوة مقابل إنهاء الطاعنين الأول والثانية إصدار تقارير مطابقة لأربعة عقارات مملوكة “للمتهم السادس” بنطاق حي المقطم، كاف وسائغ في التدليل على توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة طلب وأخذ الطاعنين الثلاثة الأول عطايا من “المتهم السادس” على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم التي دانهم بها ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين الثلاثة الأول على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المشرع قد استهدف بما نص عليه في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع في مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي والمزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة ، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية ، فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في عجز المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً عقوبات ، وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً في تلك الجريمة وإنما هي ظرف مشدد فيها ، كما أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة المؤثمة بالمادة 106 مكرراً فقرة أولى من قانون العقوبات يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أنه يفعل هذا لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على مزية ما لدى سلطة عامة ، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت ارتكاب الفعل ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – في تحصيله لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة – من أن الطاعن الخامس بصفته في حكم الموظف العمومي/ عضو بأحد المجالس النيابية العامة “مجلس النواب” قد طلب لنفسه من “المتهم السادس” مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه أخذ منه مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه بوساطة “المتهمين الثامن والثاني عشر والثالث عشر” على سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه الحقيقي لدى سلطة عامة “مسئولي هيئتي نظافة وتجميل القاهرة والنيابة الإدارية” وذلك للحصول من هيئة نظافة وتجميل القاهرة على قرار ومزية باسترداد شركة “نكست هوم” للتطوير العقاري المملوكة “للمتهم السادس” لمبلغ التأمين وقدره سبعة ملايين وخمسمائة ألف جنيه والمودع لدى نظافة وتجميل القاهرة ضماناً لإزالة مخلفات أعمال الحفر بمشروع “نكست بوينت” الذي تتولى الشركة تنفيذه من الطرق العمومية ، والموقوف صرفه لارتكاب الشركة لمخالفات محل تحقيق بهيئة النيابة الإدارية ، وكذا لسرعة إنهاء هيئة النيابة الإدارية لإجراءات التحقيق في تلك المخالفات ، كاف وسائغ في التدليل على توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة طلب وأخذ الطاعن الخامس لنفسه عطية على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية التي دانه بها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الرابع بعدم اختصاصه الوظيفي بالعمل المتصل بالرشوة بدلالة أنه مجرد استشاري فني متطوع لرئيس حي المقطم وليس موظفاً معيناً أو منتدباً بحي المقطم ، وليس له أي توقيع على مستندات الترخيص “محل الاتهام” في قوله : “وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم الرابع بعدم اختصاصه وظيفياً بالتوقيع على أية أوراق بحي المقطم كونه ليس موظفاً بالحي أو منتدباً للعمل به بل يحضر متطوعاً في أوقات غير منتظمة ، ولما كان الثابت للمحكمة بأدلة الدعوى أنه بتاريخ 31/10/2019 صدر قرار بتكليف المتهم الرابع بالعمل كمستشار فني لرئيس حي المقطم واختص وظيفياً بعدة اختصاصات منها إبداء الرأي الفني الملزم لرئيس حي المقطم باعتماد تراخيص البناء وتقارير مطابقة العقارات ، وأنه اختص بفحص ملف ترخيص بناء مشروع نكست بوينت الخاص بشركة المتهم السادس وأبدى موافقته الفنية على إصداره ، فصدر ذلك الترخيص لاحقاً بناء على تلك الموافقة التي لولا حصولها لما صدر ذلك الترخيص ، فإن ذلك يقطع بتوافر اختصاص المتهم الرابع بالعمل الوظيفي الذي طلب العطية مقابل أدائه متاجراً بذلك بوظيفته ، ومن ثم فقد ورد الدفع على غير سند صحيح من واقع أو قانون” . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة ، بل يكفي أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة ، وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس ، كما لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو – والذي طلب أو أخذ الرشوة – هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة ، بل يكفي أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة ، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى طلب وأخذ الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لمحكمة الموضوع بغير معقب مادامت تقيمه على أسباب سائغة مستنداً إلى أصل ثابت بالأوراق ، كما أنه ليس من الضروري أن يتخذ نصيب الموظف من الاختصاص صورة اتخاذ القرار ، وإنما يكفي أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضير هذا القرار ، ولو كان في صورة إبداء رأي استشاري يحتمل أن يؤثر على من بيده اتخاذ القرار ، وكان ما أورده الحكم – فيما تقدم – كاف وسائغ ويستقيم به إثبات الاختصاص الوظيفي للطاعن الرابع – المُعين في وظيفة مستشار فني لرئيس حي المقطم- بالعمل الذي طلب وأخذ الجعل على سبيل الرشوة مقابلاً لأدائه والمتمثل في إبداء الرأي الفني الملزم لرئيس حي المقطم بشأن إصدار ترخيص البناء رقم 88 لسنة 2019 لمشروع “نكست بوينت” الخاص بشركة “نكست هوم” للتطوير العقاري المملوكة “للمتهم السادس” ، واطراح دفع الطاعن الرابع بانحسار هذا الاختصاص عنه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه – وخلافاً لما يزعمه الطاعن الأول بأسباب طعنه – قد أشار إلى مواد العقاب التي خلص إلى معاقبته طبقاً لها ، فإن نعيه على الحكم بإغفال نص القانون الذي حكم بموجبه يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه – والتي اطمأنت إليها المحكمة – والمتمثلة في اعتراف الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة العامة ، وإقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة ، واعتراف “المتهمين السادس والسابع والثامن والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر” بتحقيقات النيابة العامة وأمام هيئة المحكمة ، واعتراف “المتهم التاسع” أمام هيئة المحكمة ، وأقوال شهود الإثبات ، ومما ثبت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات واللقاءات المأذون بمراقبتها وتسجيلها ، وبتقرير الهيئة الوطنية للإعلام ، وبتقرير الإدارة العامة لدمغ المصوغات ، وبالاطلاع على صور ترخيص البناء ومطابقات العقارات “محل الاتهام” ، سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين الثلاثة الأول للجريمة التي دينوا بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون الثلاثة الأول من خلو الأوراق من أي دليل على ارتكابهم للواقعة مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنة الثانية ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكماً مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما تذهب إليه الطاعنة الثانية ، فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة ، وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما تدعيه الطاعنة الثانية من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وفي أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، وأن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، وأن التناقض بين اعترافات المتهمين – بفرض قيامه – لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به دون معقب مادامت تقيم ذلك على أسباب سائغة ، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف ، فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعنين جميعاً على اعترافات “الطاعنين الأول والخامس بتحقيقات النيابة العامة ، والمتهمين من السادس وحتى التاسع، والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر” ، وقد حصل اعترافاتهم بما لا تناقض فيه ، مطرحاً دفع الطاعنين جميعاً ببطلان تلك الاعترافات لكونها وليدة إكراه معنوي ووعد بالإعفاء من العقاب ولعدول الطاعنين الأول والخامس عنها برد كاف وسائغ ، استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من تلك الاعترافات لكونها قد صدرت طواعية عن إرادة حرة واعية وإدراك سليم ولم تكن وليدة إكراه معنوي أو وعد بالإعفاء من العقاب ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين جميعاً في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الأول ببطلان استجوابه بتحقيقات النيابة العامة لحصوله دون حضور محاميه بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون العقوبات ، بما مؤداه أن عضو النيابة العامة المحقق قد سأل الطاعن الأول قبل بدء تحقيقاته عن محاميه ولما تبين له عدم وجود محام له أرسل مندوباً لمقر نقابة المحامين لاستدعاء أحد المحامين للحضور معه ، إلا أنه تعذر حضور أحدهم فلم يجد مناصاً من إجراء التحقيق وقام باستجوابه ، وأثناء إجراء التحقيق حضر محام معه ومكنه المحقق من ذلك وأثبت حضوره بمحضر التحقيق ، واستمر حضوره حتى نهاية التحقيق ولم يبد المحامي أي اعتراض على إجراءات التحقيق ، مما يسقط معه حق الطاعن الأول في الدفع ببطلان استجوابه بتحقيقات النيابة العامة ، فإن هذا الذي أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً في اطراح دفع الطاعن الأول ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لحصول استجوابه دون حضور محاميه بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون العقوبات ، إذ إنه لا تثريب على النيابة العامة إن هي بدأت في مباشرة التحقيق مع الطاعن الأول في غيبة أحد المحامين مادام أصبح ندبه أمراً غير ممكن وإلا تعطلت عن أداء وظيفتها ، سيما وأن الطاعن الأول لا يزعم في أسباب طعنه أنه قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمته المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن ، فضلاً عن أن الطاعن الأول قد اعترف بارتكابه الواقعة المسندة إليه بما يوجب على النيابة العامة أن تستجوبه فوراً وأن تبادر على وجه السرعة بسؤاله تفصيلاً عن التهمة وإثبات اعترافه خشية التأثير عليه مستقبلاً وضياع هذا الدليل ، ومن ثم فإن استجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ، هذا إلى أن الثابت بتحقيقات النيابة العامة حضور محام مع الطاعن الأول بعد بدء استجوابه دون إبدائه أي اعتراض على إجراءات التحقيق ، مما يسقط معه حق الطاعن الأول في الدفع ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لحصول استجوابه دون حضور محاميه ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاء على مخالفة المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك – متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع – ، كما أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره – بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن إقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة والذي آخذه به قد ورد نصاً في الإقرار بجريمة الرشوة ، واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع ، فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على توافر جريمة الرشوة التي دانه بها ، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الإقرار على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ فيه الحكم ، هذا فضلاً عن أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للإقرار ، وهو الاكتفاء به وحده ، بل بنت معتقدها كذلك على أدلة أخرى سائغة عددتها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الثالث في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة، فلها أن تجزئ أقوال الشاهد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذى رواه وبين باقي الأدلة، فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال الشاهد يفيد اطراحها، كما أن المحكمة لا تلتزم – بحسب الأصل – بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، كما أنه من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وفق ما صوره شهود الإثبات لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال عضوي الرقابة الإدارية – شاهدي الإثبات الأول والثاني – بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة، وصحة تصويرهما للواقعة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون جميعاً في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة الثانية بشأن التناقض بين أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – ، واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع – بتحقيقات النيابة العامة، مردوداً بأنه من المقرر أن التناقض بين أقوال الشهود واعترافات المتهمين لا يعيب الحكم مادام استخلص الإدانة منها بغير تناقض، ومن ثم فإن نعي الطاعنة الثانية على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، بما مؤداه أن للقاضي أن يكون عقيدته من الدليل الرقمي والمتمثل في المعلومات الإلكترونية “كالأرقام والأكواد والشفرات والحروف والرموز والإشارات والصور والأصوات – كالتسجيلات المسموعة أو المرئية” المخزنة أو المنقولة أو المستخرجة أو المأخوذة من أجهزة الحاسب الآلي أو من أي أجهزة إلكترونية أو مغناطيسية أو ضوئية أخرى أو من نظم المعلومات كالشبكات المعلوماتية وما في حكمها، والتي يمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية مادام قد اطمئن إليه، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل فيها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد كشف – في تدليل سائغ – عن اطمئنان المحكمة إلى التسجيلات المسموعة والمرئية المأذون بإجرائها وتعويلها عليها في قضائها بالإدانة كقرينة مُعززة لأدلة الثبوت التي أوردتها “أخذاً بما ثبت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات واللقاءات المأذون بمراقبتها وتسجيلها، وبتقرير الهيئة الوطنية للإعلام”، ومؤدى تلك التسجيلات ارتكاب الطاعنين الأربعة الأول بصفتهم موظفين عموميين لجريمة طلب وأخذ لأنفسهم عطايا على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم، وكذا ارتكاب الطاعن الخامس بصفته في حكم الموظف العمومي/ عضو بأحد المجالس النيابية العامة “مجلس النواب” لجريمة طلب وأخذ لنفسه عطية على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون جميعاً بشأن خلو التسجيلات المسموعة والمرئية مما يفيد ارتكابهم جريمة الرشوة، وكذا ما يثيره الطاعن الثالث بشأن عدم صلاحية التسجيلات المسموعة كدليل إثبات لكونها ليست من قبيل الأدلة الكتابية التي يمكن التحقق ممن نسبت إليه، أو بشأن خلو التسجيل المرئي لواقعة ضبطه من الصوت، ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن تعويل الحكم المطعون فيه في قضائه بإدانته على تقرير الهيئة الوطنية للإعلام رغم عدم صلاحيته كدليل للإدانة، إذ خلا مما يفيد وجود صوت أو صورة له يثبتان ارتكابه لجريمة الرشوة، مردوداً بأنه ولما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ثبت بتقرير الهيئة الوطنية للإعلام – والذي عولت عليه في قضائها بإدانة الطاعن الثالث – من مطابقة أصوات المتهمين عدا التاسع والعاشر – ومن بينهم الطاعن الثالث – للأصوات المنسوبة إليهم بالتسجيلات المأذون بها ، وكذا مطابقة صور المتهمين من الثاني وحتى الثامن – ومن بينهم الطاعن الثالث – ، ومن الحادي عشر وحتى الثالث عشر للصور المنسوبة إليهم باللقاءات المأذون بتصويرها ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة مادامت قد اطمأنت إلى تلك الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها، وكان ما أورده الحكم من مؤدى أدلة الإثبات “أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – ، واعترافات المتهمين – من السادس وحتى التاسع – ، والتسجيلات ، وتقرير الهيئة الوطنية للإعلام” والتي عول عليها في قضائه بإدانة الطاعنين الثانية والثالث يحقق مراد الشارع الذي استوجبته المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، هذا فضلاً عن أنه لا يؤثر في سلامة الحكم الصادر بالإدانة عدم إيراده “نص التسجيلات، وتقرير الهيئة الوطنية للإعلام” بكامل أجزائها وفحواها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان الثانية والثالث من منازعة في بيان أدلة الإثبات التي استمدها منها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التسجيل والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة العامة في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، كما أن القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، أو أن يكون قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكانت المحكمة قد كشفت عن اطمئنانها إلى التحريات وأقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول– مجريها ، والتي لم تعول عليها في قضائها بإدانة الطاعنين الأربعة الأول إلا كمسوغ لإصدار الأذون الصادرة من النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش ، مطرحة برد كاف وسائغ دفع الطاعنين الأربعة الأول ببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش لابتنائها على تحريات غير جدية ومنعدمة ومتناقضة ، سيما وأنه لا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، كما أن عدم إيراد كل محل إقامة للطاعن أو الخطأ فيه لا يقدح بذاته في جدية التحريات ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين الأربعة الأول على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الثالث ببطلان التحريات وانعدامها لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية مجريها على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء باعتباره موظفاً بدرجة مدير عام ويتجاوز مرتبه مبلغ ألف وخمسمائة جنيه سنوياً ، مردوداً بأنه ولما كان نص المادة الثامنة من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٤ بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية والمستبدلة بالقانون رقم 207 لسنة 2017 – الساري على واقعة الدعوى المطروحة – قد جرى على أنه : “يجوز لهيئة الرقابة الإدارية، كلما رأت مقتضى لذلك، أن تجري التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية . وإذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق تحال الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال بعد موافقة رئيس الهيئة أو نائبه، وتقوم النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بإفادة الهيئة بما انتهى إليه التحقيق.”، وكان مؤدى ذلك النص أنه قد أجاز لهيئة الرقابة الإدارية أن تجري التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية كلما رأت مقتضى لذلك ، دون أن يستلزم حصولها على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم فإن إجراء عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – للتحريات في الدعوى المطروحة دون الحصول على إذن بإجرائها من رئيس مجلس الوزراء يتفق وصحيح القانون ، ويضحى نعي الطاعن الثالث في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الأول ببطلان إذن النيابة العامة بالتسجيل والصادر بوضع هاتفه تحت المراقبة لحصول التسجيلات قبل صدور الإذن ، مردوداً بأنه من المقرر أن الدفع بحصول التسجيلات قبل صدور إذن النيابة العامة بالتسجيل يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع التسجيلات بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها– كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه اطرح دفع الطاعن الثالث ببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل لعدم صدورها من القاضي الجزئي استناداً إلى حق النيابة العامة في إصدارها ، وكانت المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 تنص على أن : “يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات …. ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون ، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.” ، وكانت المادة 95 من القانون ذاته تنص على أن : “لقاضي التحقيق أن يأمر …. بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.” ، ومفاد المادتين – سالفتي البيان – أن القانون خول النيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في أمور معينة بذاتها ، منها الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جرائم محددة على سبيل الحصر – ومنها جناية الرشوة – ، ومن ثم فإن النيابة العامة إذ أمرت بتسجيل المحادثات المسموعة والمرئية في الدعوى المطروحة ، فإنها لا تكون قد خالفت القانون ، ويضحى منعى الطاعن الثالث في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث لم يدفع ببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش لصدورها عن جريمة مستقبلة ، وببطلان أذون النيابة العامة بالتسجيل والدليل “التسجيلات” المستمد منها لتعلقها بأشخاص غير معنيين بالاتهام ، ولتسجيل مكالمات هاتفية غير مأذون بتسجيلها ، فلا يصح له – من بعد – النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، هذا فضلاً عن أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن الثالث لم يحدد الأشخاص الغير معنيين بالاتهام الذين شملتهم أذون النيابة العامة بالتسجيل ، ولم يبين ماهية المكالمات الهاتفية الغير مأذون بتسجيلها التي عول الحكم المطعون فيه عليها في قضائه بالإدانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة أذون النيابة العامة بالتسجيل والتفتيش وما تلاها من إجراءات ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال عضو الرقابة الإدارية – شاهد الإثبات الأول – مجريها ، وما أسفر عنه تنفيذ الأذون من أدلة ، ويكون منعى الطاعنين الثانية والثالث في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الخامس ببطلان الإذن الصادر من مجلس النواب برفع الحصانة البرلمانية عنه باعتباره عضواً في مجلس النواب لمخالفته للدستور ولائحة مجلس النواب لصدوره من أمين عام المجلس وليس من رئيس المجلس في أقل من ساعتين وعدم إخطاره به في قوله : “وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم الخامس ببطلان قرار رفع الحصانة البرلمانية عنه لمخالفته لائحة المجلس والدستور ولصدوره من أمين عام المجلس وليس من رئيس المجلس ، ولما كان الثابت بأوراق الدعوي أن السيد المستشار النائب العام قد تقدم بتاريخ 7/3/2020 بطلب إلى مجلس النواب للإذن برفع الحصانة عن المتهم الخامس بين فيه الواقعة المنسوبة للعضو المطلوب رفع الحصانة عنه لقيامه بارتكابها ومواد القانون المؤثمة لها ، وإثر ذلك باشرت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب اختصاصها وعقدت اجتماعاً حضره المتهم الخامس وانتهت اللجنة للموافقة على طلب الإذن برفع الحصانة ، وعرض تقرير اللجنة على مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 8/3/2020 وقرر المجلس بإجراءات صحيحة دستورياً ولائحياً الموافقة على الطلب المقدم من السيد المستشار النائب العام ، وأخطر السيد رئيس مجلس النواب النيابة العامة بذلك ، ولما كان الثابت للمحكمة أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جنائي ضد المتهم الخامس إلا بعد صدور إذن مجلس النواب بذلك ، ومن ثم فقد أضحى الدفع على غير سند متعيناً رفضه” ، وكان الحكم قد أثبت – فيما تقدم – أن مجلس النواب قد أصدر الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن الطاعن الخامس باعتباره عضواً فيه بناء على طلب السيد المستشار النائب العام بعد اتخاذ الإجراءات القانونية لرفع الحصانة البرلمانية عنه والمنصوص عليها في المواد 113 من الدستور ، (356 – 358) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب – والتي من بينها أن ينظر المجلس تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأن طلب الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن العضو على وجه الاستعجال للبت فيه – وقبل اتخاذ أي إجراء جنائي ضده، بما يكفي ويسوغ به اطراح دفعه في هذا الشأن ، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن الخامس بشأن عدم إخطاره بالإذن ، إذ إنه لم يقدم الدليل على صحة دفاعه والذي لم يكن إلا قولاً مرسلاً ولا يعد من أوجه الدفاع الجوهرية ، إذ يشترط كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده ، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه ، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه ودون أن تتناوله في حكمها ، ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ، ولا قصوراً في حكمها ، سيما وأن المحكمة قد أثبتت أن الطاعن الخامس قد حضر اجتماع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب للنظر في طلب الإذن برفع الحصانة البرلمانية عنه والذي انتهت فيه إلى الموافقة على الطلب ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الخامس ببطلان التسجيلات لحصولها بناء على أذون صدرت من النيابة وليس من القاضي الجزئي دون إجراء تحريات وقبل اتخاذ إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عنه باعتباره عضواً في مجلس النواب ، فضلاً عن عدم صلاحية التسجيلات وتفريغ عضو الرقابة الإدارية لها كدليل لإدانته بجريمة الرشوة في قوله : “وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم الخامس ببطلان التسجيلات لمخالفة نص المادة 113 من الدستور ، والمادة 356 من لائحة مجلس النواب ، فإنه ولما كان الثابت للمحكمة أنه لم تصدر في الدعوى أية أذون من النيابة العامة بوضع أية هواتف تخص المتهم الخامس قيد المراقبة أو التسجيل ، فضلاً عن أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جنائي ضد المتهم الخامس إلا عقب صدور إذن مجلس النواب بذلك ، ومن ثم يضحى الدفع على غير سند متعيناً الالتفات عنه ، لا سيما وأن المحكمة قد أقامت قضاءها بإدانة المتهم الخامس استناداً لأدلة مستقلة عن التسجيلات المُدعى ببطلانها ، وهذه الأدلة المستقلة قوامها الأساسي اعتراف المتهم الخامس التفصيلي بارتكاب الواقعة وشهادة شهود الواقعة واعترافات المتهمين التي ثبت منها للمحكمة بيقين ثبوت التهمة في جانب المتهم الخامس”. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدستور هو التشريع الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه ، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما عداها ، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أو لاحقاً على العمل بالدستور ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى ، فإذا فعلت وجب الالتزام بالتشريع صاحب السمو والصدارة وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له ، إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته ، وكان نص المادة 113 من الدستور الصادر سنة 2014 والذي جرى على أنه : “لا يجوز، في غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أي إجراء جنائي ضد عضو مجلس النواب في مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس. وفي غير دور الانعقاد، يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء.” ، واضح الدلالة على أن الذي يمتنع على جهة التحقيق هو اتخاذ أي اجراء من إجراءات التحقيق الماسة بشخص عضو مجلس النواب كتكليفه بالحضور أو استجوابه أو إصدار أمر بضبطه وإحضاره أو حبسه أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو إقامة الدعوى ضده أمام المحكمة الجنائية قبل أن يأذن مجلس النواب بذلك ، أما غير ذلك من إجراءات التحقيق الغير ماسة بشخص عضو مجلس النواب كسماع الشهود وإجراء المعاينات وندب الخبراء وغيرها والتحقيق دون قيد مشابه مع متهمين آخرين لا يلزم للتحقيق معهم إذن ، فلجهة التحقيق أن تجريها دون انتظار لإذن مجلس النواب ، ولا محل – من بعد – لإعمال حكم الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية التي جرى نصها على أنه : “وفي جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب” ، فحرمت اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق ولو لم يكن ماساً بشخص المتهم أو مسكنه إذا لم يكن هناك إذن، ذلك أن نص هذه الفقرة الأخيرة ورد بشأن الإذن الذي يستلزمه قانون من القوانين، فخرج بذلك الإذن الوارد بالمادة 113 من الدستور من إطارها ، إذ لا يجوز تقييدها بموجب تشريع أدنى كان تحت نظر المشرع الدستوري عند صياغة المادة “المار بيانها”، ولو كان يرى هذا الرأي لنص عليه صراحة ، والأصل التحرز في تفسير التشريعات الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل ، والبادي أن طبيعة المجالس النيابية وأعضائها وصلة هؤلاء الأعضاء بتلك المجالس النيابية وهي ذات طبيعة خاصة أوجبت أن تكون حصانتهم في حدود معينة “على النحو السالف بيانه” ، وكان الحكم قد أثبت – فيما تقدم – أنه لم تصدر في الدعوى المطروحة أي أذون من النيابة العامة بوضع أي هواتف تخص الطاعن الخامس قيد المراقبة أو التسجيل ، كما أن مجلس النواب قد أصدر الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن الطاعن الخامس باعتباره عضواً بالمجلس قبل اتخاذ أي إجراء جنائي ضده ، بما يكفي ويسوغ به اطراح دفعه في هذا الشأن ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من نعي الطاعن الخامس على الحكم بالقصور في الرد على دفعه ببطلان التسجيلات مادام أن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في إدانته إلى أي دليل مستمد من التسجيلات المُدعى ببطلانها ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى سائغة مستقلة عنها ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الأول ببطلان التسجيلات لاستخدام عضو الرقابة الإدارية في التسجيل أجهزة فنية خاصة بالرقابة الإدارية مُغايرة لأجهزة شركة الاتصالات مما يشكك في صحة التسجيلات ، وكذا دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات لاطلاع عضو الرقابة الإدارية عليها حال إجرائها بمعرفة العاملين الفنيين بالرقابة الإدارية الغير مأذون لهم بإجرائها مما يشكل جريمة استراق السمع المؤثمة بالمادة 309 مكرراً من قانون العقوبات ، مردوداً بأنه من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل موكولة إلى عضو الرقابة الإدارية المأذون له يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع ، فله أن يستعين في تنفيذ ذلك الإذن بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه ، وأن يستخدم الأجهزة الفنية اللازمة للتسجيل ، ولا تثريب عليه إن هو اطلع على التسجيلات المأذون بها قانوناً مادام أنه قد رأى أن ذلك الاطلاع ضرورة لاستكمال إجراءاته وهو على بينة من أمره – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه ، فلا معقب عليها في ذلك مادام تقديرها سائغاً، وكانت المحكمة قد اطرحت دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات التي عولت عليها في قضائها بالإدانة لامتداد يد العبث إليها ، وذلك استناداً لاطمئنانها إلى سلامتها وعدم امتداد يد العبث إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات لعدم وضع مُصدر إذن التسجيل بصمة صوتية في بداية ونهاية كل شريط من أشرطة التسجيل وعدم توقيعه عليها ، مردوداً بأنه ولما كانت نصوص القانون ليس فيها ما يوجب على عضو النيابة العامة المحقق أن يضع بصمة صوتية في بداية ونهاية كل شريط من أشرطة التسجيلات التي تمت نفاذاً للإذن الصادر بها أو أن يوقع عليها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الثالث ببطلان التسجيلات لعدم تحرير عضو الرقابة الإدارية محضراً بكل تسجيل أجراه شاملاً لجميع الإجراءات التي قام بها بالمخالفة لنص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، مردوداً بأنه ولما كانت المادة 24/2 من قانون الإجراءات الجنائية لم ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكامها ، مما يجعل الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع بسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الوجه يكون على غير أساس . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الأول ببطلان تفتيش مسكنه لتجاوز عضو الرقابة الإدارية حدود الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم شموله لمسكنه برد كاف وسائغ استناداً لاطمئنان محكمة الموضوع – أخذاً بما أوردته من أدلة سائغة – إلى أن تفتيش مسكنه كان بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة بذلك ، وأن القائم به لم يتجاوز حدود الإذن ، ومن ثم يضحى النعي المبدى من الطاعن الأول في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعن الرابع ببطلان تفتيش مسكنه لتجاوز عضو الرقابة الإدارية حدود الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم شموله لمسكنه ، مردوداً بأن الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانته للطاعن الرابع على أي دليل مستمد من تفتيش لمسكنه المُدعى ببطلانه ولم يُشر إليه في مدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن الرابع في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنين “عدا الثانية” في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تجيز القبض عليهم وتفتيشهم من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذين القبض والتفتيش بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة “بالنسبة للطاعنين الأول والثالث والرابع” ، وبناء على أمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة “بالنسبة للطاعن الخامس” وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه بما لا ينازع فيه الطاعنون “عدا الثانية” ، ومن ثم فإن ما يثيرونه في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعن الخامس ببطلان القبض لعدم إجراء تحريات سابقة عليه استناداً إلى أنه قد تم القبض على الطاعن الخامس تنفيذاً لأمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة بتاريخ 8/3/2020 – بناء على تحقيق قضائي أجرته توافرت فيه أدلة كافية على ارتكابه لجناية الرشوة – عقب ورود كتاب السيد رئيس مجلس النواب بشأن صدور إذن مجلس النواب باتخاذ الإجراءات الجنائية قبله ، وهو رد كاف وسائغ ، سيما وأن إصدار النيابة العامة لأمر الضبط والإحضار لا يستلزم أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، إذ إنه من المقرر أن مؤدى ما نصت عليه المادتان 126 ، 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة – عندما تباشر التحقيق – أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم ، أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، ومن ثم يكون نعي الطاعن الخامس على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعنين الثانية والرابع قد طلبا عطايا الرشوة “محل الاتهام” ، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله – وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعنين الثانية والرابع -، ومن ثم فإن ما يثيرانه بشأن عدم ضبط عطايا الرشوة “محل الاتهام” بحوزة كل منهما يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعنة الثانية بعدم قيام عضو الرقابة الإدارية بتفريغ الكاميرات الموجودة في محل عملها “حي المقطم” ، مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ إن العبرة في الأحكام بإجراءات المحاكمة والتحقيقات أمام المحكمة ، ومن ثم فإن نعي الطاعنة الثانية في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن اطراح الحكم المطعون فيه لدفعه بعدم دستورية نص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد (53 – 58) من الدستور الصادر سنة 2014 ، وكذا طلبه بوقف الدعوى تعليقياً وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها ، سيما وأنه سبق وأقام الدعوى رقم 23 لسنة 42 ق دستورية بشأن ذلك ، مردوداً بأن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ ١/١٢/٢٠١٨ في الدعوى رقم ٢٠٧ لسنة ٣٢ ق دستورية برفض الدعوى والتي كان موضوعها الحكم بعدم دستورية نصوص المواد ٩٥ ، ٢٠٦/٤ ، ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن تمسك الطاعن الثالث بالدفع بعدم دستورية المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لن يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة لا تصلح أساساً للطعن ، ويضحى نعيه في هذا الخصوص غير منتج ومن ثم غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم – المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية – واستثناء يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – المادة 69 من قانون الإجراءات الجنائية – وحدد القانون إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي – وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات – ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ، ومن بينها جرائم أمن الدولة من جهة الخارج ومن جهة الداخل ، عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها – المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية – ولأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – إضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق جرائم أمن الدولة المشار إليها آنفاً – المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية – ، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن إجراءات التحقيق التي باشرها أعضاء النيابة العامة – في القضية المطروحة – ليس فيها ما يدخل في اختصاصات قاضي التحقيق ، إنما باشروها في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضي التحقيق ، فإن دعوى الطاعن الثالث ببطلان تحقيقات النيابة العامة وما تلاها من إجراءات لإجرائها بمعرفة وكلاء نيابة بالمخالفة لنص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون لها محل. لما كان ذلك، وكان دفع الطاعنة الثانية بانتفاء صلتها بالواقعة ، وكذا دفع الطاعن الثالث بانتفاء صلته بالواقعة وبنفي التهمة وبتلفيقها ، وكذا دفع الطاعن الخامس بانتفاء صلته بالمتهمين “السادس والثامن والثالث عشر” ، من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد يُستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين الثانية والثالث والخامس ، ولا عليه أن يتعقبهم في كل جزئية من جزئيات دفاعهم لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون الثانية والثالث والخامس في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعنون الثلاثة الأول للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ، ذلك بأن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها للمستندات التي قدمها الطاعنون الثلاثة الأول ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن أوجه دفاعه ودفوعه، فليس له – من بعد – النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن تعويل المحكمة على الدليل المستمد من استماع النيابة العامة للتسجيلات رغم عدم استماعها لها ملتفتة عن طلبه الاستماع إليها بالأجهزة الفنية ، مردوداً بأن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخة 5/9/2021 أن المحكمة قد قامت بالاستماع ومشاهدة التسجيلات بالأجهزة الفنية في حضور الطاعن الثالث ومحاميه ، وقد عولت في قضائها بإدانته على الدليل المستمد من استماعها ومشاهدتها للتسجيلات دون أن تعول على الدليل المستمد من استماع النيابة العامة إليها – خلافاً لما يزعمه الطاعن الثالث بأسباب طعنه – ، هذا إلى أن الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة الاستماع إلى التسجيلات ، فليس له – من بعد – النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان الأول والثانية بشأن عدم إثبات المحكمة بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخة 5/9/2021 فحوى التسجيلات التي استمعت إليها وشاهدتها ، مردوداً بأنه ولما كان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت فحوى التسجيلات التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين الأول والثانية في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الأول بشأن خطأ الحكم المطعون فيه في تاريخ إذن النيابة العامة الصادر بالتفتيش ، مردوداً بأن خطأ الحكم في تاريخ إذن النيابة العامة الصادر بالتفتيش – على فرض حصوله – لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يؤثر في حقيقة الواقعة التي أسندت للطاعن الأول والتي ألمت بها المحكمة وأحاطت بكل ظروفها وهى نفسها التي أسفر عنها تنفيذ الإذن الصادر بالتفتيش مما لا يعيب الحكم في شيء ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد بمدوناته أن الهيئة مُصدرة الحكم المطعون فيه هي التي استمعت للتسجيلات التي عول عليها في قضائه بإدانته – خلافاً لما يذهب إليه الطاعن الأول بأسباب طعنه – ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن فاته القضاء بعزل الطاعنين جميعاً من وظيفتهم ، وكان الطعن مرفوعاً من الطاعنين “المحكوم عليهم” وحدهم دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح الحكم في هذه الحالة ، لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعنين ، وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .
أمين السر نائب رئيس المحكمة