الدعوى رقم 59439 لسنة67ق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 17/ 11/ 2015
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكروري نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد احمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأسـتاذ المسـتشار/ عبد القادر ابو الدهب يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السـيد الأستاذ المستشار/ محمد أنور خليل مـفـوض الدولـة
وسـكرتـارية الســـــيد/ سامي عبد الله خليفة أمـيـن الســر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 59439 لسنة67ق
المقامة من:
1 – حسام الدين محمد علي بهجت.
2 – عماد مبارك حسن بصفته المدير التنفيذي والممثل القانوني لمؤسسة حريــة الفكر والتعبير.
3 – وائل محمد جمال الدين إبراهيم حسين.
ضـد
1 – رئيس مجلس الوزراء .
2 – وزير الصناعة والتجارة الخارجية.
3 – رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
4 – وزير الاستثمار.
5 – وزير العدل بصفاتهم.
الوقائع
أقام المدعون هذه الدعوى بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمــة بتاريخ 26/ 6/ 2013 وطلبوا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بتنظيم حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسويات المعتمدة من رئيس مجلس الوزراء وفقًا لنص المادة (66 مكررًا) المضافة بالمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإفصاح عن تلك التسويات وتداولها على النحو الذي يحقق المعرفة بالمعايير والأسباب والأسس التي تتم وفقًا لها كل تسوية على حدة مع الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بصفاتهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكر المدعون شرحًا لدعواهم أن الجهات الإدارية المسئولة في الدولة قامت خلال العقدين الأخيرين بإجراء تصرفات ترتبط بمقدرات الشعب المصري وثرواته تتمثل صورها الشائعة في بيع أراضي شاسعة بالمخالفة للقانون وبأثمان بخسة وبيــــــوع أخـــــرى لشركات القطاع العام – رابحة أو خاسرة – بأصولها ومقوماتها المادية والبشرية بأساليب فاسدة وملتوية فيما عرف ببرنامج خصخصة الشركات، فضلاً عن العديد من التصرفات التي أهدرت الموارد الطبيعية للدولة مثلما حدث في الغاز الطبيعي والذهب، وكانت هذه التصرفات بجميع صورها سببًا في تدهور الاقتصاد المصري، وقد صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 متضمنًا إضافة المادة
(66 مكررًا) إلى القانون رقم 8 لسنة 1997 المشار إليــه والتي نصت على أن ” يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل لجنة لتسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود المبرمة بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة تكون مهمتها بحث ما يثار بشأنها من منازعات بين أطرافها تتعلق بالعقود المشار إليها وذلك من أجل تسويتها على نحو يضمن الحفاظ على المال العام ويحقق التوازن العقدي، وفي حالة وصول اللجنة مع الأطراف إلى تسوية ودية نهائية تكون تلك التسوية واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء ” وأنه نفاذًا لهذه المادة صدرت عدة قرارات من رؤساء مجلس الوزراء المتعاقبين بتشكيل هذه اللجنة وسبل عملها والضوابط الحاكمة لها، وقد وافق مجلس الوزراء على عدد من القرارات الصادرة عن هذه اللجنة دون تحديد المعايير أو الأسباب أو الأسس التي تتم بناء عليها تلك التسويات، وأضاف المدعون أن إعمال قواعد الإفصاح وتفعيل الحق في المعرفة والحصول على المعلومات وكشف مضمون تلك التسويات التي أجريت في جرائم أو مخالفات أو وقائع فساد على المال العام من شأنها إتاحة الرقابة الشعبية على التصرفات الواردة على المال العام الذي هو ملك للشعب في المقام الأول، وتمكن الرأي العام من إنزال أحكام موضوعية في مدى قيام الدولة بواجبها في حماية حرمة المال العام ونهوضها بواجباتها نحو حماية المقومات الاقتصادية للمجتمع وضمانها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأن اطلاع الرأى العام على تفاصيل قرارات التصالح واجب في ظل انعدام الحد الأدنى من الشفافية حول محتوى القرارات الصادرة باعتماد تلك التسويات، الأمر الذي حدا بالمدعين إلى إقامة دعواهم الماثلة بغية الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني فيها ارتأت فيها الحكم: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وإلزام المدعين المصروفات 0
وقد نظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث أودع الحاضر المدعين عشر حوافظ مستندات ومذكرة، وأودع الحاضر عن الهيئة العامة للاستثمار مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ومصلحة، ثانيًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ثالثًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وبجلسة 13/ 10/ 2015 قررت المحكمة إصدار الحكم اليوم بجلسة اليوم مع التصريح بإيداع مذكرات في أسبوع وانقضى هذا الأجل دون إيداع ثمة مذكرات وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، و المداولة.
ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بتنظيم حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسويات المعتمدة من رئيس مجلس الوزراء وفقًا لنص المادة (66مكررًا) المضافة بالمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإفصاح عن تلك التسويات وتداولها على النحو الذي يحقق المعرفة بالمعايير والأسباب والأسس التي تتم
وفقًا لها كل تسوية على حدة وتنفيذ الحكم الصادر في الشق العاجل بموجب مسودته ودون إعلان وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعين من مواطني جمهورية مصر العربية وكانت دعواهم تتعلق بحقهم في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بتسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود المبرمة بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة وفقًا لنص المادة (66 مكررًا) والتي ترد على العقارات المملوكة للدولة وتؤثر في النهاية على حقوق ومقدرات المصريين جميعًا، ومن ثم يكون المدعون أصحاب صفة ومصلحة في إقامتهم لدعواهم الماثلة ويكون الدفع الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون حريًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لرئيس الهيئة العامة للاستثمار فإنه لما كانت الهيئة العامة للاستثمار هي الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام القانون رقم 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار وذلك وفقًأ لحكم المادة الثالثة من مواد إصدار هذا القانون ومن ثم يكون اختصام المدعين لرئيس الهيئة العامة للاستثمار إختصاما لصاحب الصفة في الدعوى ويكون الدفع الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون حريًا بالرفض وتكتفي المحكمة بالإشارة إلى ذلك في الأسباب دون المنطوق 0
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى وإذ استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا فإنها تكون مقبولة شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى: فــــإن المادة (68) من الـــدستور الحالي تنص على أن (المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا.
وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقابتها بجميع الوسائل والأدوات الحديثة وفقًا للقانون).
ومن حيث إن المادة (66 مكررًا) من القانون رقم 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار المضافة بموجب المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تنص على أن ” يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل لجنة لتسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود المبرمة بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة تكون مهمتها بحث ما يثار بشأنها من منازعات بين أطرافها تتعلق بالعقود المشار إليها وذلك من أجل تسويتها على نحو يضمن الحفاظ على المال العام ويحقق التوازن العقدي، وفي حالة وصــــــول اللجنة مع الأطراف إلى تسوية ودية نهائية تكون تلك التسوية واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء “
ومن حيث إن الحق في المعرفة هو حق من حقوق الإنسان التي تمثل أمرًا بالغ الأهمية، وأن تنظيم حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسويات المعتمدة من رئيس مجلس الوزراء وفقًا لنص المادة (66 مكررًا) المشار إليها من شأنه تعزيز مبدأ الشفافية ويضمن طرقًا أفضل لإتمام هذه التسويات على أحسن وجهٍ ويقضي على الفساد ويؤدي إلى اتخاذ قرارات مدروسة من القائمين على أمر التسويات ويجعل المواطنين مشاركين في هذه التسويات والتي تؤثر تأثيرًا مباشرًا على حياتهم وأوضاعهم الاقتصادية ويضع قادتهم أمام المساءلة، ومن ثم يتعين على الدولة أن تنشئ الأطر القانونية القوية التي تحمى حق الأفراد في الوصول إلى هذه المعلومات – وبما يضمن الحفاظ على سريتها – وبالتالي يؤدى ذلك إلى خلق مجتمع مدني نشط قادر على تحقيق رقابة شعبية حقيقية وفعالة على تصرفات الحكومة في أموال الدولة.
ومن حيث إنه نظرًا لأهمية هذا الحق فقد حرص المشرع الدستوري على أن يضمن دستور عام 2014 نص المادة (68) سالفة البيان والتي نصت صراحة على أن ” المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية ” ومن ثـــم يتعيــــن على الدولـــــة – إلى حين صدور القانون الذي ينظم ضوابط الحصول على المعلومات – أن تصدر قرارًا ينظم حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسويات المعتمدة من رئيس مجلس الوزراء وفقًا لنص المادة (66 مكررًا) المضافة بالمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 – فيما يتعلق بمعايير هذه التسويات والأسباب التي استندت إليها والأسس التي تمت بناء عليها وبما يضمن المحافظة على سرية بياناتها – في سهولة ويسر وعلى على نحو يعزز المساءلة على نطاق أوسع فيما يتعلق بهذه التسويات وإذ امتنعت الجهة الإدارية عن إصدار هذا القرار، فمن ثم يشكل امتناعها قرارًا سلبيا غير مشروع يخالف الدستور والقانون ويتعين القضاء بإلغائه مع ما يرتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.