الطعن رقم ۹ لسنة ٥٤ ق
جلسة 16 من إبريل سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد وحسين محمد حسن.
(127)
الطعن رقم 9 لسنة 54 القضائية “أحوال لشخصية”
(1، 2) أحوال شخصية “لغير المسلمين”: زواج “إبطال الزواج”. دعوى “دعوى بطلان الزواج”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
(1) الغش في بكارة الزوجية، غلط في صفة جوهرية، يجيز إبطال الزواج. م 37 مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس سنة 1938. دعوى بطلان الزواج، شرائطها، م 38 من المجموعة سالفة الذكر.
(2) توافر الغلط الذي يجيز إبطال الزواج، ومخالطة الزوج لزوجته أو عدم مخالطته، واقع تستقل محكمة الموضوع بتقديره، طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 – المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 تنص على أنه يجوز للزوج الطعن في الزواج إذا وقع غش في شأن بكارة الزوجة بأن ادعت أنها بكر وثبت أن بكارتها أزيلت بسبب سوء سلوكها أو في خلوها من الحمل وثبت أنها حامل، كما تنص المادة 38 منها على أنه “لا تقبل دعوى البطلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة السابقة إلا إذا قدم الطلب في ظرف شهر من وقت أن علم الزوج بالغش وبشرط أن لا يكون حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت”، مما مفاده أن الغش في شأن بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج باعتباره غلطاً في صفة جوهرية يعيب إرادة الزوج وقت انعقاده بشرط أن يرفع دعوى البطلان في ظرف شهر من وقت علمه بالغش على ألا يكون قد حصل اختلاط زوجي بين الطرفين من ذلك الوقت لما في هذا الاختلاط من إجازة ضمنية للعقد.
2 – توافر الغلط وقت اتصال علم الزوج به ومخالطته أو عدم مخالطته لزوجته بعد هذا العلم من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها طالما قد بينت الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها عليها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 167 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الفيوم ضد الطاعنة للحكم ببطلان عقد زواجهما المؤرخ 20/ 9/ 1981. وقال شرحاً لدعواه إنهما تزوجا في هذا التاريخ طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس ثم تركها مقيمة مع والديه وسافر للعمل بالعراق وبعد حوالي خمسة شهور من زواجهما وضعت طفلاً كامل النمو وأقرت بأنه ثمرة اعتداء ابن عمها عليها قبل الزواج، وحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 580 لسنة 1982 إداري مركز الفيوم. وإذ وقع زواجه من الطاعنة باطلاً بسبب الغش في شأن بكارتها وخلوها من الحمل فقد أقام الدعوى. وفي 21/ 11/ 1982 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف “مأمورية الفيوم” بالاستئناف رقم 21 لسنة 18 ق “نفس”. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود المطعون عليه حكمت في 15/ 12/ 1983 بإلغاء الحكم المستأنف وبإبطال عقد زواج المطعون عليه بالطاعنة والمبرم في 20/ 9/ 1981 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك تقول إن من شروط قبول دعوى بطلان عقد الزواج بسبب الغش في شأن بكارة الزوجة أو خلوها من الحمل طبقاً للمادتين 37 و38 من مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس أن ترفع في ظرف شهر من وقت علم الزوج بالغش وألا يكون قد حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت وإذ لم يفصل الحكم المطعون فيه في أمر مخالطة المطعون عليه لها من عدمه بعد علمه بواقعة الغش رغم أنها مسألة جوهرية تتعلق بشرط من شروط قبول الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور. هذا إلى أن الحكم أقام قضاءه ببطلان عقد الزواج على سند مما ورد بأقوال والدة المطعون عليه في المحضر رقم 48 أحوال مركز الفيوم وما شهد به شهوده، في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف من أنه لم يكن يعلم بعدم بكارة الطاعنة عند دخوله بها لأن أهلها أحضروا قابلة سبقته في الدخول إليها في مخدعها ليلة زفافها وخرجت ومعها أمارة على فض البكارة. ورغم أن شهادة هؤلاء جاءت نقلاً عن والدي المطعون عليه ويتوافر فيها التواطؤ ويكذبها العقل والمنطق لأن إمارات الحمل حتى الشهر السابع لا بد وأن تكون قد ظهرت على الطاعنة ولاحظها المطعون عليه عند مخالطته لها إلا أن الحكم اعتد بتلك الشهادة وقبل دعوى المطعون عليه على سند منها رغم تفويته الميعاد المقرر لرفعها ومخالطته الطاعنة بعد علمه بحقيقة الأمر في شأن بكارتها مما يعيبه بالفساد في الاستدلال وما أدى إليه من الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 تنص على أنه يجوز للزوج الطعن في الزواج إذا وقع غش في شأن بكارة الزوجة بأن ادعت أنها بكر وثبت أن بكارتها أزيلت بسبب سوء سلوكها أو في خلوها من الحمل وثبت أنها حامل. كما تنص المادة 38 منها على أنه “لا تقبل دعوى البطلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة السابقة إلا إذا قدم الطلب في ظرف شهر من وقت أن علم الزوج بالغش ويشترط أن لا يكون حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت”، مما مفاده أن الغش في شأن بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج باعتباره غلطاً في صفة جوهرية يعيب إرادة الزوج وقت انعقاده بشرط أن يرفع دعوى البطلان في ظرف شهر من وقت علمه بالغش على ألا يكون قد حصل اختلاط زوجي بين الطرفين من ذلك الوقت لما في هذا الاختلاط من إجازة ضمنية للعقد. وكان توافر ذلك الغلط وقت اتصال علم الزوج به ومخالطته أو عدم مخالطته لزوجته بعد هذا العلم من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها طالما قد بينت الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها عليها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تدع أمام محكمة الموضوع مخالطة المطعون عليه لها بعد عودته من العراق وحتى رفع الدعوى وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لدفاع الطرفين ومستنداتهما وسائر الأدلة المقدمة في الدعوى قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان عقد زواج المطعون عليه بالطاعنة على قوله ولما كان الثابت من الأوراق أن المستأنف عليها (الطاعنة) قررت في عقد زواجها بالمستأنف أنها بكر ثم وضعت مولوداً بعد الزواج بنحو أربعة شهور مما يدل على عدم بكارتها وقت عقد الزواج ولما كان لا يوجد في الأوراق ما يفيد أن المستأنف قد علم وقت زواجه بالمستأنف عليها بعدم بكارتها إذ أن الثابت في أقوال والدته بالمحضر رقم 48 أحوال مركز الفيوم أن أهل المستأنف عليها أحضروا قابلة دخلت مخدع الزوجية قبله وخرجت ومعها قطعة قماش مبللة بالدماء وأن المستأنف دخل على زوجته بعدئذ كما قرر الشاهد…. ما يستفاد منه أنه إثر زواجه وحين بدأ معاشرة زوجته – لم يكن يعلم بعدم بكارتها و بالتالي فإذا خالطها حتى سفره للعراق بعد شهرين من الزواج فإن تلك المخالطة لم تكن مسبوقة بعلمه بعدم بكارتها وقت زواجه بها – ولما كان الثابت من أقوال الشهود التي تطمئن المحكمة لصحتها أن المستأنف عليها قررت إثر ولادتها أنها حملت من ابن عمها قبل زواجها بالمستأنف فإن مؤدى ذلك أن إزالة بكارتها قد تمت بسبب سوء سلوكها قبل الزواج، ولما كان الثابت أيضاً أن المستأنف لم يعلم بولادة زوجته – وقد كانت بعد فترة قصيرة من زواجهما – وبالتالي بعدم بكارتها وقت هذا الزواج بسبب سوء سلوكها – إلا أثناء وجوده بالعراق وكان قد أقام دعواه بعد أيام من انقطاعه عن عمله في الخارج في 7/ 4/ 1982 وعودته فإنه يكون قد أقامها خلال شهر من وقت علمه بالغش. وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون خاطئاً خليقاً بالإلغاء، وعلى هدى ما تقدم وإذ كان مؤداه – أن المستأنف قد وقع في غش بشأن بكارة زوجته المستأنف عليها وثبت أن تلك البكارة قد أزيلت بسبب سوء سلوك الزوجة المذكورة وأنه رفع دعواه لإبطال عقد زواجه منها خلال شهر من علمه بالغش ولم يختلط بها بعد هذا العلم، فإن الدعوى تكون قد أقيمت على أساس صحيح من الواقع والقانون، مما يتعين معه إجابة المستأنف لطلبه والقضاء بإبطال عقد زواجه من المستأنف عليها”. وكان مفاد هذا الذي أورده الحكم أن محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن المطعون عليه لم يعلم بالغش الذي وقع عليه من الطاعنة بشأن بكارتها إلا عند إبلاغه بأنها وضعت طفلاً بعد نحو أربعة شهور من زواجه بها وذلك أثناء عمله خارج البلاد وقبل أيام من رفع دعواه ببطلان هذا الزواج وأنه لم يخالطها مخالطة الأزواج بعد أن توافر علمه بذلك الغش، وكان الذي أورده الحكم استخلاصاً سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه بإبطال زواج الطرفين وفيه الرد الضمني المسقط لكل قول أو حجة مخالفة ساقتها الطاعنة فإن ما تثيره بسببي النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.