الطعن رقم ۲۸ لسنة ٦۸ ق
جلسة الأول من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ عبد الناصر السباعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حسن منصور، ناجى عبد اللطيف نائبى رئيس المحكمة، محمد عبد الراضى عياد وعبد الفتاح أحمد أبو زيد.
(85)
الطعن رقم 28 لسنة 68 “أحوال شخصية”
(1) أحوال شخصية “المسائل المتعلقة بغير المسلمين”. قانون “تنازع قوانين الأحوال الشخصية”. نظام عام.
مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون 462 لسنة 1955. وجوب تطبيق شريعتهم فى نطاق النظام العام. المقصود بلفظ شريعتهم.
(2) أحوال شخصية “المسائل المتعلقة بغير المسلمين (زواج: موانع الزواج)”.
المحرمات فى الزواج بسبب المصاهرة. ورودها على سبيل الحصر. م 22 لائحة الأقباط الأرثوذكس.
(3) محكمة الموضوع “سلطتها فى فهم الواقع وتقدير الأدلة”.
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة فى فهم الواقع وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها. حسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وإقامة قضائها على أسباب سائغة تكفى لحمله. عدم التزامها بتتبع الخصوم فى كافة مناحى دفاعهم ما دام فى قيام الحقيقة الرد الضمنى لكل حُجة مخالفة.
(4) أحوال شخصية “المسائل المتعلقة بغير المسلمين (زواج: موانع الزواج)”. حكم تسبيبه”.
قضاء الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض دعوى بطلان زواج الطاعن بالمطعون ضدها باعتبار أن علاقتهما الزوجة لا تعد قرابة مصاهرة تمنع الزواج تأسيساً على أن بنت شقيقة زوجة الابن ليست ضمن المحرمات فى الزواج وفقاً للمدة 22 من لائحة الأقباط الأرثوذكس. صحيح.
1 – إذ كان النص فى الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية على أنه ” “أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام – فى نطاق النظام العام – طبقاً لشريتهم ..”، وكان لفظ شريعتهم التى تصدر الأحكام طبقاً لها فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة والذى لهم جهات ملية منظمة، هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء فى الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملى قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة، إذ لم يكن من ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كانت عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التى يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التى كانت تطبق فى تلك المسائل أمام جهات القضاء الملى، وأن مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقراها المجلس الملى العام فى 9/ 5/ 1938 وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد أخذها من مصادرها، واضطردت المجالس الملية على تطبيقها.
2- إذ كان النص فى المادة 22 من – مجموعة الأقباط الأرثوذكس – على أنه “تمنع المصاهرة من زواج الرجل: ( أ ) بأصل زوجته وفروعها، فلا يجوز بعد وفاة زوجته أن يتزوج بأمها أو جدتها وإن علت ولا ببنتها التى رزقت بها من زوج آخر أو بنت إبنها أو بنت بنتها وإن سفلت….(ب)…(و) بأخت زوجة والدة وأخت والدته، وأخت زوجة إبنه وأخت زوج بنته، وما يحرم على الرجل يحرم على المرأة “، مفاده أن الحرمات فى الزواج بسبب المصاهرة وردت على سبيل الحصر فى بنود هذه المادة، دون أن يشمل هذا السبب غيرهن من النساء.
3 – المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها، وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم فى كافة مناحى دفاعهم، ما دام فى قيام هذه الحقيقة الرد الضمنى لكل حُجة مخالفة.
4 – إذ كان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن باعتبار أن علاقة الزوجية بالمطعون ضدها لا تعدل قرابة مصاهرة ولا تصلح مبرراً للتخلص من الزواج التى تم بينهما، على سند من أن المادة 22 من لائحة الأقباط الأرثوذكس، والمشار إليها لم تورد بنت شقيقة زوجة الابن ضمن من اعتبرتهم على سبيل الحصر من المحرمات فى الزواج بسبب المصاهرة، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم… لسنة….. ملى كلى سوهاج بطلب الحكم بطلان عقد زواجه منها، وقال بياناً لدعواه، إنهما تزوجا طبقاً لشريعة القباط الأرثوذكس التى ينتميان إليها، ولم يدخل بها، وقد علم أن هذا الزواج مخالف لأحكام هذه الشريعة، إذ إن المطعون ضدها هى ابنة أخت زوجة ابنه، ومن ثم أقام الدعوى، وبتاريخ 29/ 6/ 1997 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم…. لسنة….. ق. أسيوط “مأمورية سوهاج”، وبتاريخ 10/ 11/ 1997 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول، إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه استند فى قضائه برفض دعواه بشأن انتفاء قرابة المصاهرة المانعة من الزواج بينه وبين المطعون ضدها إلى نص المادة 22 من لائحة الأقباط الأرثوذكس، وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة 37 من القانون المدنى من أن:”أقارب أحد الزوجين يعتبرون فى نفس القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الآخر”؛ ولما كانت المطعون ضدها تعتبر- وفقاً لهذا النص – بمثابة حفيدة للطاعن، ويحرم عليه الزواج منها، وقدم تدليلاً على ذلك أمام محكمة الموضوع شهادة من المجلس الأكليريكى لطائفة الأقباط الأرثوذكس وصورة من قرار مؤتمر الأحوال الشخصية لهذه الطائفة المعقود سنة 1991، وإذ خالف الحكم هذا النظر والتفت عن دلالة هذه المستندات، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية على أنه ” “أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام – فى نطاق النظام العام – طبقاً لشريتهم ,,”، وكان لفظ شريعتهم التى تصدر الأحكام طبقاً لها فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة والذى لهم جهات ملية منظمة، هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء فى الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملى قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة، إذ لم يكن من ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التى يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التى كانت تطبق فى تلك المسائل أمام جهات القضاء الملى، وأن مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقراها المجلس الملى العام فى 9/ 5/ 1938 وعُمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد أخذها من مصادرها، واضطردت المجالس الملية على تطبيقها. وكان النص فى المادة 22 من مجموعة الأقباط الأرثوذكس – على أنه “تمنع المصاهرة من زواج الرجل: ( أ ) بأصول زوجته وفروعها، فلا يجوز بعد وفاة زوجته أن يتزوج بأمها أو جدتها وإن علت ولا ببنتها التى رزقت بها من زوج آخر أو بنت ابنها أو بنت بنتها وإن سفلت….(ب)…(و) بأخت زوجة والده وأخت والدته، وأخت زوجة ابنه وأخت زوج بنته، وما يحرم على الرجل يحرم على المرأة”. مفاده أن الحرمات فى الزواج بسبب المصاهرة وردت على سبيل الحصر فى بنود هذه المادة دون أن يشمل هذا السبب غيرهن من النساء، وكان من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها، وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم فى كافة مناحى دفاعهم، ما دام فى قيام هذه الحقيقة الرد الضمنى المسقط لكل حُجة مخالفة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن باعتبار أن علاقة الزوجية بالمطعون ضدها لا تعد قرابة مصاهرة ولا تصلح مبرراً للتخلص من الزواج الذى تم بينهما، على سند من أن المادة 22 من لائحة الأقباط الأرثوذكس، والمشار إليها لم تورد بنت شقيقة زوجة الابن ضمن من اعتبرتهم على سبيل الحصر من المحرمات فى الزواج بسبب المصاهرة، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون. ويضحى النعى بسببى الطعن على غير أساس.
لما تقدم يتعين رفض الطعن.