الطعن رقم ٦٤٦ لسنة ۷۳ ق
محكمة النقض
دائرة الأحوال الشخصية
برئاسة السيد المستشار/ كمال مراد ” نائب رئيس المحكمة “
وعضوية السادة المستشارين/ على بدوى وعبد الصبور خلف الله
ومجدى جاد نواب رئيس المحكمة
ومصطفى صفوت
والسيد رئيس النيابة / ياسر العكازى .
والسيد أمين السر / محمد الضبع .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم السبت 24 من جماد آخر سنة 1429 ه الموافق 28 من يونية سنة 2008 م .
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 646 لسنة 73 القضائية ” أحوال شخصية “
مجدى محمد جاد والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 657 لسنة 2001 كلى أحوال شخصية المنيا ضد الطاعنة بطلب الحكم ببطلان الشهادة الصادرة من المطعون ضده الثالث بتاريخ 13/9/2001 وسريان العقد الكنسى المؤرخ 22/1/1991 0000 ، 0000 وقال شارحاً لدعواه إنه بموجب المحضر المؤرخ 22/1/1999 تم توثيق خطبته للطاعنة إلا أنها أنذرته بالعدول عن الخطبة فى 14/9/1999 فأخذها طالباً لمستحقاته المالية واستخرج شهادة بتاريخ 24/7/2001 باستمرار الخطبة ثم فوجئ بالمطعون ضده الثالث يحرر لها شهادة تفيد إنهاء الخطبة دون تحرير محضر بالإجراءات وتسليمه مستحقاته ومن ثم أقام دعواه وبتاريخ 28/10/2002 حكمت المحكمة ببطلان الشهادة الصادرة من مطرانية سمالوط للأقباط الأرثوذكس المؤرخة 13/9/2001 وسريان العقد الكنسى المؤرخ 22/1/1999 . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 127 لسنة 38 ق نفس بنى سويف ” مأمورية المنيا ” وبتاريخ 17/6/2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك تقول إن النص فى المادة 12 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 أجاز الرجوع فى الخطبة باتفاق الطرفين أو بإرادة أحدهما المنفردة ولم يشترط فيه أن يصل إلى علم الطرف الآخر ، ولم يستلزم المشرع شكلاً خاصاً لهذا العدول بل يكفى فيه مجرد التعبير الانفرادى ويترتب عليه انقضاء الخطبة بغض النظر عن البواعث ولم يرتب المشرع جزاءً على مخالفة إجراءاته 0000 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر على سند من وجوب إفراغ ذلك العدول فى محضر يسمى بمحضر فسخ الخطبة على أن يضم إلى ملف عقد الخطبة رغم أن هذا الإجراء إجراء كنسى يكلف به الكاهن وليس الخصم وفى وقت لاحق على العدول ورغم أنها قدمت وثيقة عقد قرانها بزوج آخر وما يفيد إنذارها المطعون ضده الأول والكاهن الذى عقد الخطبة بالعدول عن الخطبة وإيداعها الشبكة بالمطرانية والمبلغ المالى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد 0000 ذلك أن من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن الخطبة ليست الا تمهيداً لعقد الزواج وهذا الوعد بالزواج لا يقيد أحداً من الطرفين المتواعدين فلكل منهما أن يعدل عنه فى أى قت شاء خصوصاً وأنه يجب فى هذا أن يتوافر للمتعاقدين كامل الحرية فى مباشرته لما للزواج من الخطر فى شئون المجتمع وهذا لا يكون إذا كان أحد الطرفين مهدداً ومؤدى ذلك أن العدول عن الخطبة هو إنهاء الخطبة بالإرادة المنفردة وهذا التعبير يتم بتعبير انفرادى غير واجب التسلم أو الاتصال ومنه للخطبة أما كونه تصرفاً انفرادياً فذلك يتم وينتج آثاره بإرادة صاحبه المنفردة أما كونه غير واجب الاتصال فمعناه أنه يشترط فيه أن يصل إلى علم الطرف الآخر فالعدول عن الخطبة أمر يستطيع أى الخاطبين أن يأتيه فى أى وقت فالخطبة فى ذاتها لم تشرع إلا ليعرف كل منهما أحوال من سوف يقترن به عن طريق الزواج فإذا وجد أن هذا الاقتران لن يكون ناجحاً فتلك مسألة تخضع لشعوره ولا يمكن أبداً قسره على عدم العدول 000 وقد أكدت هذا المبدأ نصوص الشرائع الخاصة ونصت على عدم ترتيب أى التزام بإتمام الزواج على الخاطب ذلك أن البيئة المصرية فى مجموعها لا تزال تمنع الاختلاط الذى يمكن من دراسة الطباع إلا عن طريق الخطبة وعلى ذلك فالعدول عن الخطبة بغير مقتض لا يعتبر خطأ عقدياً لأنه لكى تقوم المسئولية العقدية لابد وأن نكون بصدد عقد قائم وعقد الخطبة ليس شأنه شأن سائر العقود المدنية فهذه الأخيرة تولد التزامات بحيث إذا لم يقم المدين بتنفيذها كان عدم قيامه خطأ عقدياً وجزاء الخطأ العقدى هو التنفيذ العينى للالتزام ، فإذا لم يكن التزم التعويض ، أما الخطبة فلا ينشأ عنها أى التزام ومن ثم فعدم التنفيذ لا يعتبر إخلالاً بالتزام عقدى أى لا يعتبر خطأ عقدياً ، ولا يغير من هذا القول أن الخطبة عقد شكلى فالشكلية لا تغير أبداً من طبيعة
العقد فإذا كانت الخطبة لا ترتب أى التزام بإبرام الزواج فإن الشكل لا يجعلها تولد مثل هذا الأثر لأن المقصود بالشكل فى الخطبة هو مباركة الخطوة التى قام بها الخاطبان وإعلام الناس بأن الخطبة قد وقعت . لما كان ذلك وكان المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير فى الدعوى وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه يكون مشوباً بالقصور 00000 وكانت المادة 211 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 قد جرى نصها على أنه ” تفسخ الخطبة إذا وجد سبب من الأسباب المانعة من الزواج 000 الخ ” وكانت الطاعنة قد قدمت لمحكمة ثانى درجة صورة ضوئية غير محجودة من عقد زواجها بزوج آخر يدعى إيهاب حبيب صبح مؤرخة 22/2/2002 وصورة ضوئية من إنذار رسمى على يد محضر معلن للمطعون ضده الأول والكاهن الذى عقد الخطبة بتاريخ 9/10/1999 و19/10/1999 يفيد عدولها بالإرادة المنفردة عن الخطبة وإيداع الشبكة بمطرانية سمالوط وإذ خلت نصوص تلك اللائحة والشرائع الخاصة الأخرى من النص على ترتيب جزاء لمخالفة الإجراءات الشكلية لإجراء العدول عن الخطبة فإن الطاعنة فضلاً عن أن عدولها عن الخطة بهذا الطريق يكون قد صادف صحيح القانون بما يتفق وهدف الشارع من إجراء عقد الخطبة وقد تحقق لديها أيضاً مانع من موانع استمرار الخطبة وهو الزواج من زوج آخر غير المطعون ضده الأول بما يتعين معه إعمالاً لصريح نص المادة 11 سالفة الذكر فسخ عقد الخطبة . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف ببطلان الشهادة الصادرة من مطرانية سمالوط للأقباط الأرثوذكس المؤرخة 13/9/2001 وسريان عقد الخطبة الكنسى المؤرخ 22/1 /1999 فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما كان عدول الطاعنة عن الخطبة تم صحيحاً كما تم عقد قرانها على زوج آخر يدعى إيهاب حبيب صبح زوجاً آخر بموجب عقد الزواج الكنسى الرسمى المؤرخ 22/2/2002 المسجل برقم 61 بتاريخ 27/2/2002 فيكون قد تحقق لديها مانع من استمرار عقد الخطبة الأول المؤرخ 22/1/1999 وتكون دعوى المدعى لا سند لها من القانون مما يتعين معه القضاء فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .
” لذلك “
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول بالمصاريف ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وقضت فى موضوع الاستئناف رقم 127 لسنة 38 ق نفس بنى سويف ” مأمورية المنيا ” بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده الأول بالمصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر نائب رئيس المحكمة