الطعن رقم ۱٥۲۲ لسنة ٤٥ ق
جلسة ۲۸ / ۳ / ۱۹۷٦ – دائرة الاثنين (ج)
برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الاسيوطى، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد وهبة.
(75)
الطعن رقم 1522 لسنة 45 القضائية
التماس إعادة النظر. “حالاته”. مسئولية جنائية. موانع المسئولية”. عاهة عقلية. إثبات. “بوجه عام”.
مناط قبول طلب التماس إعادة النظر. فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 441 إجراءات. ظهور وقائع جديدة أو أوراق جديدة. لم تكن معلومة عند الحكم تثبت براءة المحكوم عليه.
ظهور دليل عاهة المتهم العقلية. التى كان عليها وقت ارتكابه الجريمة. بعد المحاكمة النهائية. أثره. قبول طلب التماسه إعادة النظر. ولو سبقت الإشارة إلى هذه العاهة عرضا على لسان المتهم. ما دام هو سقيم العقل. لا يقيم القانون وزنا لتصرفاته ولا يساءله عن أفعاله.
لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق وما تم فى شأن الطلب من تحقيقات أنه بتاريخ 28 يناير سنة 1969 تردد الطالب على العيادة النفسية بمستشفى أحمد ماهر وأدخل مستشفى الأمراض العقلية بالخانكة بعد تشخيص بجنون الصرع، ثم عاد للتردد على العيادة يوم 9 مارس سنة 1971 ودخل دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية فى 21 مارس سنة 1971 مصابا باضطراب عقلى إلى أن غادرها فى 29 أبريل سنة 1971. وبتاريخ 15 يونيو سنة 1973 حكمت محكمة القاهرة للأحوال الشخصية فى القضية رقم 212 سنة 1969 ب كلى الزيتون بتوقيع الحجر عليه للجنون وما زال محجورا عليه. وإذ أمر المحامى العام الأول – تحقيقا للطلب الماثل – بإيداع الطالب دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية بتاريخ 13 أبريل سنة 1974 لمدة خمسة عشر يوما لبيان مدى مسئوليته عن أفعاله وقت اقترافه جريمة الشروع فى السرقة فى 7 أكتوبر سنة 1971 أورى التقرير الفنى أنه يعانى من الاضطراب العقلى “الفصام” ويعتبر غير مسئول عن تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية التى حددت حالات طلب إعادة النظر قد نصت بصدد بيان الحالة الأخيرة من الحالات التى يجوز فيها طلب إعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة من مواد الجنايات والجنح – على أن ذلك جائز “إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو ظهرت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة. وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه”. وكانت تلك الفقرة وأن ما جاء نصها عاما فلم تقيد الوقائع أو الأوراق التى تظهر بعد صدور الحكم بنوع معين، إلا أن المذكرة الإيضاحية للقانون علقت على هذه الفقرة بأنه “نص فيها على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة، وهى حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه. ومثل ذلك ما لو ثبت بعد الحكم على متهم أنه كان مصابا بالعاهة فى عقله وقت ارتكابها أو أنه كان محبوسا فى هذا الوقت أو عثر على الشيء المسروق لدى المجنى عليه أو عثر على إيصال برد الأمانة، وقد تغيا الشارع من إضافة الفقرة الخامسة إلى الفقرات الأربع الأولى من المادة 441 من القانون فى ضوء الأمثلة التى ضربتها المذكرة الإيضاحية – أن تكون الوقائع الجديدة أو الأوراق المقدمة دالة بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها حتما سقوط الدليل على إدانته أو على تحمل التبعة الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان ما ظهر من الوقائع و الأوراق من أن المحكوم عليه – طالب إعادة النظر – كان مصابا بعاهة فى العقل وقت ارتكابه جريمة الشروع فى السرقة تحول دون عقابه عنها طبقا للمادة 62 من قانون العقوبات، وإذ كانت هذه العلة على ما يبين من ظروف الحال ومن الأوراق ومن محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع فى درجتى التقاضى – مجهولة من المحكمة والمحكوم عليه معا إبان المحاكمة ولا يغير من جهالة المحكوم عليه بها ما ورد على لسانه عرضا فى التحقيقات من إشارة إليها، فذلك لا ينهض دليلا على علمه اليقينى بإصابته بها وقت اقتراف الجريمة خاصة بعد الإذن له بمغادرة دار الاستشفاء قبيل ذلك مما وقر فى نفسه براءته من علته، فضلا عن أن هذا العلم لا يمكن الاعتداد به ممن كان سقيم العقل لا يقيم القانون وزنا لتصرفاته ولا يساءله عن أفعاله، وكانت تلك العلة قد ظهرت بعد صدور حكم بات بالعقاب فى الدعوى وتشكل واقعة جديدة تحسم بذاتها الأمر وتقطع بترتيب أثرها فى ثبوت عدم تحمل الطالب التبعة الجنائية للجريمة وإعفائه من العقاب، فإن طلب إعادة النظر يكون قد تكاملت عناصره وتوافرت مقوماته مما يتعين معه قبوله والقضاء بإلغاء الحكم الصادر فى الجنحة رقم 6420 سنة 1971 استئناف وسط القاهرة بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1971 وبراءة الطالب المحكوم عليه فيها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة (طالب التماس) بأنه فى يوم 7 من أكتوبر سنة 1971 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة شرع فى سرقة الأسياء المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لـ ….. وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه حال تلبسه بها، وطلبت عقابه بالمواد 45 ،47 ،321 ،318 من قانون العقوبات، ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف، فتقدم المحكوم عليه بطلب إلى السيد النائب العام يلتمس فيه إعادة النظر فى ذلك الحكم. ثم صدر قرار السيد النائب العام بعرض الطلب مع أوراق القضية على اللجنة المنصوص عليها فى المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية. وتقدمت النيابة العامة بمذكرة موقعا عليها من النائب العام انتهت فيها إلى الرأى بقبول طلب الالتماس وإحالته إلى اللجنة المنصوص عليها فى المادة سالفة الذكر لتأمر بإحالته إلى محكمة النقض.
المحكمة
حيث إن طالب إعادة النظر بنى ملتمسه تأسيسا على أنه فى تاريخ 7 أكتوبر سنة 1971 الذى ارتكبت فيه جريمة الشروع فى السرقة التى دين بها بالحكم الصادر بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1971 فى الجنحة رقم 6420 سنة 1971 استئناف وسط القاهرة كان مصابا بعاهة فى العقل تعدم مسئوليته الجنائية بدلالة أنه سبق دخوله مستشفى الأمراض العقلية بالخانكة فى 28 يناير سنة 1969 مصابا باضطراب عقلى ثم دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية فى 29 مارس سنة 1971 للعلاج من هذا الاضطراب إلا أن غادرها فى 29 أبريل سنة 1971 ولم يثر هذا الدفاع فى مرافعته أمام محكمة الموضوع اعتقادا منه وقتئذ بشفائه من علته، إلا أنه بتاريخ 15 يونيو سنة 1972 – وبعد صدور الحكم النهائى بإدانته – حكمت محكمة القاهرة للأحوال الشخصية بتوقيع الحجز عليه للجنون، وهذا الحكم بما أكده من استمرار إصابته بالعاهة العقلية وعدم شفائه يشكل واقعة جديدة ظهرت بعد الحكم البات بإدانته مما يحق له معه طلب إعادة النظر فى الحكم الأخير.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق وما تم فى شأن الطلب من تحقيقات أنه بتاريخ 28 يناير سنة 1969 تردد الطالب على العيادة النفسية بمستشفى أحمد ماهر وأدخل مستشفى الأمراض العقلية بالخانكة بعد تشخيص بجنون الصرع، ثم عاد للتردد على العيادة فى 9 مارس سنة 1971 ودخل دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية فى 29 مارس سنة 1971 مصابا باضطراب عقلى إلى أن غادرها فى 29 أبريل سنة 1971، وبتاريخ 15يونيو سنة 1973 حكمت محكمة القاهرة للأحوال الشخصية فى القضية رقم 212 سنة 1969 ب كلى الزيتون بتوقيع الحجر عليه للجنون وما زال محجورا عليه. وإذ أمر المحامى العام الأول تحقيقا للطلب الماثل – بإيداع الطالب دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية بتاريخ 13 ابريل سنة 1974 لمدة خمسة عشر يوما لبيان مدى مسئوليته عن أفعاله وقت اقترافه جريمة الشروع فى السرقة فى 7 أكتوبر سنة 1971 أورى التقرير الفنى أنه يعانى من الاضطراب العقلى “الفصام” ويعتبر غير مسئول عن تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية التى حددت حالات طلب إعادة النظر قد نصت – بصدد بيان الحالة الأخيرة من الحالات التى يجوز فيها طلب إعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة من مواد الجنايات والجنح – على أن ذلك جائز “إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو ظهرت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة. وكان من شأن هذه الوقائع أو الأواق ثبوت براءة المحكوم عليه”. وكانت تلك الفقرة وأن ما جاء نصها عاما فلم تقيد الوقائع أو الأوراق التى تظهر بعد صدور الحكم بنوع معين إلا أن المذكرة الإيضاحية للقانون علقت على هذه الفقرة بأنه “نص فيها على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة وهى حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه. ومثل ذلك ما لو ثبت بعد الحكم على متهم أنه كان مصابا بالعاهة فى عقله وقت ارتكابها أو أنه كان محبوسا فى هذا الوقت أو عثر على الشيء المسروق لدى المجنى عليه أو عثر على إيصال برد الأمانة” ،وقد تغيا الشارع من إضافة الفقرة الخامسة إلى الفقرات الأربع الأولى من المادة 441 من القانون – فى ضوء الأمثلة التى ضربتها المذكرة الإيضاحية – أن تكون الوقائع الجديدة أو الأوراق المقدمة دالة بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها حتما سقوط الدليل على إدانته أو على تحمل التبعة الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان ما ظهر من الوقائع و الأوراق من أن المحكوم عليه – طالب إعادة النظر – كان مصابا بعاهة فى العقل وقت ارتكابه جريمة الشروع فى السرقة تحول دون عقابه عنها طبقا للمادة 62 من قانون العقوبات، وإذ كانت هذه العلة على ما يبين من ظروف الحال ومن الأوراق ومن محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع فى درجتى التقاضى – مجهولة من المحكمة والمحكوم عليه معا إبان المحاكمة ولا يغير من جهالة المحكوم عليه بها ما ورد على لسانه فى التحقيقات من إشارة إليها. فذلك لا ينهض دليلا على علمه اليقينى بإصابته بها وقت اقتراف الجريمة خاصة بعد الإذن له بمغادرة دار الاستشفاء قبل ذلك مما وقر فى نفسه براءته من علته، فضلا عن أن هذا العلم لا يمكن الاعتداد به ممن كان سقيم العقل لا يقيم القانون وزنا لتصرفاته ولا يساءله عن أفعاله، وكانت تلك العلة قد ظهرت بعد صدور حكم بات بالعقاب فى الدعوى وتشكل واقعة جديدة تحسم بذاتها الأمر وتقطع بترنيب أثرها فى ثبوت عدم تحمل الطالب التبعة الجنائية للجريمة وإعفائه من العقاب، فإن طلب إعادة النظر يكون قد تكاملت عناصره وتوافرت مقوماته مما يتعين معه قبوله والقضاء بإلغاء الحكم الصادر فى الجنحة رقم 6420 سنة 1971 استئناف وسط القاهرة بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1971 وبراءة الطالب المحكوم عليه فيها.