الطعن رقم 18971 لسنة 52 بتاريخ : 2006/12/16 الدائرة الأولي
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد السيد نوفل
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضـوية السادة الأسـاتذة المستشــــارين / عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفى وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضى وأحمد عبد الحميد حسن عبود .
نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / عبد القادر حسين مبروك قنديل
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب رمسيس سـكرتير المحكــمة
أصدرت الحكم الأتي :
في الطعنين رقمى 16834 و 18971 لسنة 52 القضائية عليا
المقـــام أولهما من : ……………………..
ضــــــد
…………………………………………………….
رئيس الجمهورية بصفته
وزير الداخلية بصفته
النائب العام بصفته
والمقام ثانيهما من :
وزير الداخلية بصفته
رئيس مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية بصفته
رئيس مصلحة الجوازات والهجرة بوزارة الداخلية بصفته
ضــــــد
…………………………………………
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة
فى الدعوى رقم 24044 لسنة 58 ق بجلسة 4/4/2006
الإجــــــــــراءات
فى يوم الإثنين الموافق 17/4/2006 أودع الأستاذ / عبد المجيد العنانى المحامى قلم كتاب هذه المحكمة , تقرير طعن , قيد بجدولها برقم 16834 لسنة 52 ق . عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة , فى الدعوى رقم 24044 لسنة 58 ق . بجلسة 4/4/2006 والقاضى فى منطوقه حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا , وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار , على النحو المبين بالأسباب , وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد جلسة عاجلة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون , لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً , وبإلغاء الحكم المطعون فيه , وبرفض الدعوى , مع إلزام جهة الإدارة بتنفيذه بمسودته وإلزام المطعون ضدهما الأول والثانى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى .كما طلب بتقرير طعنه إحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى الدفع الدستورى بشأن المادتين 3 , 3 مكرراً من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المستبدلة والمضافة بالقانون رقم 81 لسنة 1996 والمواد 1 , 2 , 3 , 4 من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن مباشرة دعوى الحسبة فى مسائل الأحوال الشخصية لمخالفتها للمواد 2 , 3 , 40 , 64 , 65 , 68 , 69 من الدستور. أو التصريح للطاعن باتخاذ إجراءات الدعوى الدستورية .وفى يوم السبت الموافق 6/5/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين فى الطعن الثانى , قلم كتاب هذه المحكمة , تقرير طعن قيد بجدولها برقم 18971 لسنة 52 ق . عليا فى ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 24044 لسنة 58 ق المشار إليه , وطلبت للأسباب الواردة فى تقرير الطعن تحديد أقرب جلسة لنظره أمام دائرة فحص الطعون , لتقضى بقبوله شكلاً , ولتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه , ثم إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بإلغاء الحكم المطعون فيه , وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى , بصفة أصلية , واحتياطيا بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانونى , ومن باب الاحتياط الكلى برفضها موضوعاً , مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى .
وجرى إعلان الطعنين على النحو المبين بالأوراق .
وعينت جلسة 15/5/2006 لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص وفيها قررت ضم الطعن الثانى للطعن الأول للارتباط , وليصدر فيهما حكم واحد , وأمرت بإجماع الآراء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه , وبإحالة الطعنين إلى هيئة مفوضى الدولة لتقدم تقريراً فى موضوعهما . حيث أودعت الهيئة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعنين , ارتأت فى ختامه الحكم :
أولاً : بقبول الطعن رقم 18971 لسنة 52 ق. عليا شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه , والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتى التقاضى . ثانيا : بقبول الطعن رقم 16834 لسنة 52 ق . عليا شكلاً ورفضه موضوعا وذلك فيما تضمنه الحكم المطعون فيه من عدم تدخله منضما إلى جانب الجهة الإدارية وإلزام الطاعن المصروفات .
وبجلسة 20/11/2006 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 2/12/2006 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم , وفيها صدر الحكم , وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن كلاً من حسام عزت محمد موسى ورانيا عنايت عبد الرحمن رشدى كانا قد أقاما الدعوى رقم 24044 لسنة 58 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 10/6/2004 طالبين الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى المطعون فيه , وإلزام المدعى عليهم المصروفات .
وذكر المدعيان – شرحا لدعواهما – أنهما مصريا الجنسية وبهائيا الديانة , وتقدما بطلب إضافة أسماء بناتهما باكينام وفرح وهنا حسام عزت على جواز السفر الخاص بهما , إلا أنهما فوجئا بامتناع الإدارة عن تسليم جوازات السفر الخاصة بهما , وكذلك سحب بطاقتهما دون سند من القانون , ونعى المدعيان على ذلك المسلك مخالفته للدستور والإعلان العالمى لحقوق الإنسان , وبعريضة معلنة قام المدعيان بتعديل طلباتهما لتصبح الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار وتسليم بطاقات شخصية مثبت بها فى خانة الديانة , أنهم بهائى الديانة وكذلك الامتناع من إصدار وتسليم شهادات ميلاد خاصة ببناتهم باكينام وفرح وهنا مثبت فيها ذات البيان المشــــار إليه , وفى أثناء نظر الدعــوى طلب الأستاذ / عبد المجيد العنانى المحامى التدخل خصما منضما إلى جانب الجهة الإدارية طالبا الحكم برفض الدعوى .
وبجلسة 4/4/2006 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أنه بالنسبة لعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى ولعدم إتباع الطريق الذى رسمه القانون فإنه مردود عليه إذ لا اختصاص للجنة الأحوال المدنية فى الحالة الماثلة طبقا لحكم المادة 47/2 من القانون رقم 143 لسنة 1994 , فضلا عن توافر القرار السلبى فى الدعوى الماثلة . كما شيدت المحكمة قضاءها بعدم قبول طلب التدخل انضماميا إلى جانب الجهة الإدارية على أن المتدخل لا تتوافر فى شأنه المصلحة والصفة فى طلب التدخل كما أقامت قضاءها بإلغاء القرار المطعون فيه على أن البين من مدونات الفقه الإسلامى أن دار الإسلام قد وسعت غير المسلمين على اختلاف ما يدينون , يحيون فيها كسائر الناس بغير أن يُكره أحد منهم على أن يغير شيئا مما يؤمن به , ولكن لا يُقر على الظهور من شعائر الأديان إلا ما يعُترف به فى حكومة الإسلام , ويقتصر ذلك فى أعراف المسلمين بمصر على أهل الكتاب من اليهود والنصارى وحدهم , وتقتضى الشريعة أن يظهر ما يميز غير المسلم عن المسلم فى ممارسة شئون الحياة الاجتماعية بما يقيم فى مجال الحقوق والواجبات التى يختص بها المسلمون , ولا يستطيع سواهم القيام بها لمخالفتها ما يعتقدون , فما أوجبه قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 من استخراج بطاقة شخصية لكل مصرى يبين فيها اسمه ودينه , وذات الشأن فى شهادة الميلاد , وهو ما تفرضه الشريعة الإسلامية , وليس يخالف أحكامها ذكر الدين فى تلك البطاقة أو الشهادة , وإن كان مما لا يعترف بإظهار مناسكه كالبهائية ونحوها , بل يجب بيانه حتى تعُرف حال صاحبه , ولا يقع له من المراكز القانونية ما لا تنتجه له تلك العقيـــــدة
بين جماعة المسلمين , ولا يكون للسجل المدنى أن يمتنع عن إعطاء بطاقة شخصية أو شهادة ميلاد لمن يدين بالبهائية , ولا أن يغفل ذكر هذا الدين فى بطاقة من يعتنقه . وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن امتناع الجهة الإدارية عن إعطاء المدعين بطاقة تحقيق شخصية ثابت فيها تلك الديانة ( البهائية ) وكذا امتناعها عن إعطائهما شهادات ميلاد لبناتهم مثبت بها الديانة البهائية … يشكل قراراً سلبيا غير مشروع تقضى المحكمة بإلغائه , مع ما يترتب على ذلك من آثار , أخصها إعطاء المدعيين بطاقات تحقيق شخصية وشهادات ميلاد لبناتهم مثبت بها جميعا الديانة البهائية .
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون والدستور والشريعة الإسلامية وأخل بحق الدفاع , كما صدر مجحفا بحق الطاعن وأنه يكفى بالنسبة له المصلحة المحتملة إذ يخشى الطاعن من تأثره الشخصى وأفراد أسرته وعائلته وأقاربه والهيئة الاجتماعية من جراء عمليات التبشير الممتهجة والتى تسير على قدم وساق لتنصير المسلمين وتهويدهم تحت مسمى البهائية , وهو ما يأباه الإسلام دين الله الخاتم , كما أن مبنى الطعن الثانى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وأخل بحق الدفاع كما لحقه القصور وفساد الاستدلال ذلك أن المحكمة لم تلتزم بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها وذلك بعد قبولها الطلبات المعدلة والتى أبداها المطعون ضدهما وتكليفها إعلان الخصوم بها , ذلك أن تحضير الدعوى بطلباتها الأصلية قد أسفر عن أنها غير مقبولة لانتفاء المصلحة فيها , مما دفع الخصوم إلى تعديل طلباتهم , الأمر الذى كان يتعين فيه على المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعادة تحضيرها وفقا للطلبات الجديدة , هذا فضلاً عن أن حكم المحكمة الإدارية العليا الذى استندت إليه المحكمة المطعون على حكمها صدر فى ظل قانون الأحوال المدنية الملغى , وقد نسخت أحكامه بالقانون رقم 143 لسنة 1994 من بعد تعديل حكم المادة الثانية من الدستور بالنص فيها على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع مما يكون من مقتضاه ولازمه عدم الاستناد إلى هذا الحكم , وأخيراً فقد فات الحكم المطعون فيه ما اجتمعت عليه الآراء الفقهية والفتاوى الصادرة من جهات الاختصاص أن حرية العقيدة تعنى أن للفرد اعتناق ما يشاء من أصول العقائد شريطة ألا ينطوى اعتناق هذه العقيدة على المساس بالنظام العام للدولة واستقرارها , وأن البهائية تخرج عن الأديان السماوية ومباشرتها تتضمن المساس بالنظم المسـتقرة فى الدولة , فلا يجــوز قيد هذه الديانة للأبناء لمخالفة ذلك للنظام العام .
ومن حيث إن الطاعن فى الطعن الأول رقم 16834 لسنة 52 ق.عليا يستهدف من طعنه – وبحسب صحيح التكييف القانونى الذى تنزله المحكمة على طلباته بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن – الحكم أصليا : بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول تدخله كخصم منضم إلى جانب الجهة الإدارية , والقضـــــاء مجدداً بقبــــول تدخله , وبرفض
الدعوى , واحتياطيا إحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا أو التصريح له باتخاذ إجراءات إقامة الدعوى الدستورية إلى هذه المحكمة الأخيرة للفصل فى مدى دستورية المواد التى أشار إليها فى تقرير طعنه لمخالفتها للمــواد 2 , 3 , 40 , 65 , 68 , 69 من الدستور . كما أن الجهة الإدارية تستهدف من طعنها رقم 18971 لسنة 52 ق. عليا القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى .
ومن حيث إنه عن طلب التدخل ( موضوع الطعن الأول ) فإنه من المستقر عليه – طبقا لحكم المادة 126 مرافعات – أنه يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل منضما فى الدعوى لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى , ويجرى هذا التدخل إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة يثبت فى محضرها , فمناط التدخل فى الدعوى قيام مصلحة ووجود ارتباط بين طلبات المتدخل والطلبات موضوع الدعوى القائمة .
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كان يجب فى المصلحة أن تكون شخصية ومباشرة وقائمة إلا أنه فى مجال دعوى الإلغاء , وحيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية والنظام العام يتسع شرط المصلحة لكل دعوى إلغاء يكون رافعها فى حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً فى مصلحة جدية له , دون أن يعنى ذلك الخلط بينها وبين دعوى الحسبة , إذ يظل قبول الدعوى ( وكذلك طلب التدخل ) منوطا بتوافر شرط المصلحة الشخصية لرافعها , كما جرى قضاؤها كذلك على أنه يكفى أن يكون للمدعى مصلحة محتملة لقبول دعواه .
لما كان ذلك , وكان للطـاعن فى الطعن الأول مصلحة فى التدخل فى الدعوى الأصلية , باعتبار أن الحكم الصادر فيها سيتعدى أثره إليه فيما لو قضت المحكمة للمدعيين بطلباتهما وأحقيتهما فى كتابة كلمة البهائية أمام خانة الديانة فى بطاقتهما الشخصية وشهادات ميلاد بناتهما , بما من شأنه الاعتراف بالبهائية كديانة بالمخالفة لما استقرت عليه الآراء الفقهية والفتاوى الصادرة من جهات الاختصاص , وخروجا على أحكام الدستور , مما قد يؤثر عليه وعلى أفراد أسرته من جراء عمليـات التبشير التى تستهدف النيل من الدين الإسلامى , خاصة إذا ما تواترت الأحكام القضائية مسايرة لهذا الاتجاه الذى تبنته محكمة القضاء الإدارى فى حكمها المطعون فيه , ومن ثم تقضى المحكمة بقبول تدخله خصما منضما إلى الحكومة فى طلب رفض الدعوى .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير هذه الوجهة من النظر فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون , متعينا القضاء بإلغائه فى هذا الخصوص , وبقبول تدخل الطاعن فى الدعوى خصما منضما إلى جانب الجهة الإدارية فى طلب رفض الدعوى .
ومن حيث إنه عن طلب المتدخلين فى الطعن الثانى كخصوم منضمين إلى جانب الجهة الإدارية الطاعنة فى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وهم الأساتذة المحامين السيد عبد الرحمن موسى وأمينة عبد النبى على بكر ومرتضى منصور وأحمد صابر ومؤنس عبد الحميد وأحمد عفيفى وأشرف فؤاد وعبد اللطيف بدر وحامد صديق وأحمد ضياء الدين ومحمد عفيفى عبد الهادى فإنه لما كان من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن التدخل فى الخصومة كطرف ثالث جائز فى درجات التقاضى الأعلى ممن يطلب الانضمام إلى أحد الأخصام أو ممن يعتبر الحكم الصادر فى الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها ومن ثم تقضي المحكمة بقبول تدخلهم كخصوم منضمين إلى الجهة الإدارية الطاعنة فى طلب رفض الدعوى .
ومن حيث إنه عن الدفع الأول المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ، فإن الثابت من الأوراق أن طلبات المدعيين الختامية (المطعون ضدهما ) هى – وبحسب صحيح التكييف القانوني لها – الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي للجهة الإدارية بعدم ملء البيان الخاص بالديانة فى بطاقتيهما الشخصية وشهادات ميلاد بناتهما الثلاث باكينام وفرح وهنا ، الأمر الذى يتوافر معه مقومات القرار السلبي وفقاً لنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فيما نصت عليه فى فقرتها الأخيرة من أنه ويعتبر فى حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح الأمر الذى يكون معه هذا الدفع خليقاً بالرفض .
ومن حيث إنه عن الدفع الثاني الذى أبدته الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون ، على سند من أنه كان يتعين على المدعيين اللجوء إلى اللجنة المنصوص عليها فى المادة (46) من القـانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية ، باعتبارها صاحبة الاختصاص بشأن هذه الطلبات ، فإن الثابت من مطالعة نصي المادتين (46) و (47) من القانون المشار إليه ، أن المشرع قصر اختصاص اللجنة المنصوص عليها فى المادة 46 منه على الفصل فى طلبات تغيير أو تصحيح قيود الأحوال المدنية المدونة فى سجلات المواليد والوفيات وقيد الأسرة وطلبات قيد ساقطي قيد الميلاد والوفاة بالنسبة للوقائع التى لم يبلغ عنها خلال المدة المقررة قانوناً ومضى عليها أكثر من عام بحيث يكون إجراء أي تغيير فى هذه البيـــانات بقرار يصدر من هذه اللجنة وحدها دون غيرها ، أما التغيير أو التصحيح فى الجنسية أو الديانة أو المهنة أو فى قيود الأحــوال المدنية
المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسماني أو إثبـات النـسب فيكـون بنـاء على أحكـام أو وثـائـق صادرة من جهة الاختصاص دون حاجة إلى استصدار قرار من اللجنة المشار إليها وهو ما نصت عليه صراحة المادة 47 من القانون ذاته فى فقرتها الثانية .
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الأمر يتعلق ببيان يراد إثباته أمام خانة الديانة بمستندات الأحوال المدنية الخاصة بالمطعون ضدهما وبناتهما وهى من المسائل التى لا يدخل أمر إجرائه أو تغييره فى اختصاص اللجنة المنصوص عليها فى المادة (46) من قانون الأحوال المدنية ، المشار إليه ، ومن ثم يكون الدفع المبدى من الجهة الإدارية فى هذا الخصوص حرياً بالرفض .
ومن حيث إنه لا وجه لما أثارته الجهة الإدارية من أنه وقد عدل المدعيان طلباتهما أمام محكمة القضاء الإدارى – كان يتعين على هذه الأخيرة إعادة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعادة تحضيرها وفقاً للطلبات الجديدة التى يتعين على المحكمة الفصل فيها ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى اتصلت المحكمة المختصة بنظر الدعوى بعد اتباع سلسلة الإجراءات التى أشارت إليها المواد 26 و27 و28 من قانون مجلس الدولة ، فلا وجه بعد ذلك أن تعيد المحكمة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستيفاء أي جوانب فيها موضوعية كانت أم قانونية ، ومن ثم فلا سند من القانون فيما تمسك به الطاعن من بطلان الحكم المطعون فيه بمقولة أن هيئة مفوضي الدولة لم تبد رأيها فى الطلبات التى عدلها المدعيان فى الدعوى ذلك أنه سواء تعلق الأمر بالطلبات المعدلة أو تلك المعدلة فكلها بمناسبة ما طلبه المدعيان من إثبات البهــائية كديانة فى شهادات ميلاد بناتهما أو فى بطاقاتهم الشخصية ، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عن هذا الادعاء .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن يبين من استقصاء النصوص الخاصة بحرية العقيدة فى الدساتير المصرية المتعاقبة أنها بدأت أصلاً بالمادتين 12 و 13 من دستور سنة 1923 ، وكانت أولاهما تنص على أن حرية العقيدة مطلقة . وكانت الثانية تنص على أن تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية فى الديار المصرية ، على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب ،وتفيد الأعمال التحضيرية لهذا الدستور أن النصين المذكورين كانا فى الأصل نصاً واحداً اقترحته لجنة وضع المبادئ العامة للدستور مستهدية بمشروع للدستور أعده وقتئذ لورد كيرزون – وزير خارجية إنجلترا التى كانت تحتل مصر، وكان يجري على النحو الآتي حرية الاعتقاد الديني مطلقة ، فلجميع سكان مصر أن يقوموا بحرية تامة علانية أو فى غير علانية بشعائر أية ملة أو دين أو عقيدة مادامت هذه الشعائر لا تنافى النظام العام أو الآداب العامة ، وقد أثار هذا النص معارضة شديدة من جانب أعضاء لجنة الدستور ، لأنه من العمـــــوم والإطـــــلاق بحيث يتناول شعائر
الأديان كافة فى حين أن الأديان التى تجب حماية شعائرها هى الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة : الإسلام والمسيحية واليهودية ، وأستقر الرأي أن يكون النص مقصور على شعائر هذه الأديان فحسب ، فلا يسمح باستحداث أي دين ، وصيغ النص مجزأ فى المادتين 12و13 اللذين تقدم ذكرهما ، وتضمنت الأولى النص على حرية العقيدة ، وتضمنت الثانية النص على حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد و … و…. ، وظل هذان النصان قائمين حتى ألغى دستور 1923 ، وحل محل دســـــتور سنة 1956 ، فأدمج النصين المذكورين فى نص واحد تضمنته المادة 43 وكان يجري على النحو الآتي حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافى الآداب ثم تردد هذا النص فى دستور سنة 1958 فى المادة 43 منه ، ثم دستور 1964 فى المادة 34 منه ، وأستقر أخيراً فى المادة 46 من الدستور القائم ونصها تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية .
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن جميع الدساتير المصرية كفلت حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الثابتة المستقرة فى كل بلد متحضر فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التى يطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه ، ولا سبيل لأي سلطة عليه فيما يدين به فى قرارة نفسه وأعمال وجدانه .
أما حرية إقامة الشعائر الدينية وممارستها فهي مقيدة بقيد أفصحت عنه الدساتير السابقة وأغفله الدستور القائم وهو قيد عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب غير أن إغفاله لا يعني إسقاطه عمداً وإباحة إقامة الشعائر الدينية ولو كانت مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب ذلك أن المشرع رأى أن هذا القيد غني عن الإثبات والنص عليه صراحة بإعتباره أمراً بديهياً وأصلاً دستورياً يتعين إعماله ولو أغفل النص عليه ، أما الأديان التى يحمي هذا النص حرية القيام بشعائرها فقد استبان من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 عن المادتين 12 و 13 منه – وهما الأصل الدستوري لجميع النصوص التى رددتها الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها المادة 46 من الدستور الحالي فهى الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية .
ومن حيث إن العقيدة البهائية – وعلى ما أجمع عليه أئمة المسلمين وقضاء المحكمتين الدستورية العليا والإدارية العليا – ليست من الأديان المعترف بها ، ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتداً ، ويبين من استقصاء تاريخ هذه العقيدة أنها بدأت فى عام 1844 حين دعا إليها مؤسسها ميرزا محمد على الملقب بالباب فى إيران عام 1844 معلناً أنه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد ، وتقويم ما أعوج من أمور الإسلام والمسلمين ، وقد اختلف الناس فى أمر هذه الدعوة ، وعلى الخصوص فى موقفها من الشريعة الإســلامية ، وحسماً لهذا الخلاف
دعا مؤسسها إلى مؤتمر عقد فى بادية بدشت بإيران فى عام 1848 ، حيث أفصح عن مكنون هذه العقيدة ، وأعلن خروجها وانفصالها التام عن الإسلام ، وشريعته ، كما حفلت كتب عقيدتهم ، وأهمها كتاب البيان الذى وضعه مؤسس الدعوة ، ثم الكتاب المسمى لديهم (بالأقدس) الذى وضعه خليفته ميرزا حسن على الملقب بالبهاء أو بهاء الله ، وقد صيغ على نسق القرآن الكريم ، بما يؤيد هذا الإعلان من مبادئ وأصول تناقض مبادئ الدين الإسلامي وأصوله ، كما تناقض سائر الأديان السماوية وتحريمهم الجهاد المقرر فى الشريعة الإسلامية تحريماً قطعياً ومطلقاً فهم يريـدون للأمم والشـــــعوب أن تســــــلم عنقها لجــــلاديها بدون أية مقاومة ، فى مقابل كلام شاعري معسول بالدعوة إلى إقامة حكومة عالمية هى الهدف الأول والأساسي للحركة البهـــائية ، وهذا أحد أسرار علاقتهم بالقوى الاستعمارية – قديمها وحديثها – التى تحتضنهم وتدافع عنهم . وشرعوا لأنفسهم شريعة خاصة على مقتضى عقيدتهم تهدر أحكام الإسلام فى الصوم ، والصلاة ، ونظام الأسرة , وتبتدع أحكاماً تناقضها من أساسها ، ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة عند حد إدعاء النبوة والرسالة معلنين أنهم رسل يوحى إليهم من العلي القدير ، منكرين بذلك أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين ، كما جاء فى القرآن الكريم ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، ولكن رسول الله وخاتم النبيين بل جاوزوا ذلك فأدعوا الألوهية ، ومن أجل ذلك أصدر المشرع القانون رقم 263 لسنة 1960 بحل جميع المحافل البهائية ومراكزها الموجودة فى البلاد ، وحظر فى ذات الوقت على الأفراد والمؤسسات والهيئات القيام بأي نشاط كانت تباشره هذه المحافل والمراكز , وهو القانون الذى قضت بشأنه المحكمة العليا فى القضية رقم 7 لسنة 2ق. دستورية بجلسة أول مارس سنة 1975 برفض الدعوى المقامة بعدم دستوريته تأسيساً على ما ثبت لها من أنها لا تقوم على أساس سليم ، وهو حكم ملزم لجميع ســـلطات الدولة كما أنه ( أي القانون ) لا يخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10/12/1948 ووقعته مصر ذلك أن هذا الإعلان إذا كان قد كفل فى المادة (18) منه لكل شخص الحق فى حرية التفكير والتعبير والدين فإن هذا الحق الأخير يجب أن يكون مفهوماً فى حدود ما هو معترف به من أن المقصود بالدين أحد الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية .
ومن حيث إنه باستقراء نصوص القانون رقم 143 لسنة 1994 ، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 1121 لسنة 1995 يبين أن الديانة هى إحدى البيانات الأساسية التى أوجب المشرع إثباتها فى شهادات الميلاد والوفاة وبطاقات تحقيق الشخصية وصور القيد العائلى وصور قيد الزواج وقيد الطلاق وغيرها من المستندات التى تصدرها مصلحة الأحوال المدنية نفاذاً لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية ، المشار إليهما ، ومن ثم ، وهدياً بما تقدم يتعين تفسير المقصود بالديانة بأنها تلك المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية , بحسبانها الأديان التى تكفلت الدساتير المصرية المتعاقبة بحماية حرية القيام بشعائرها أما ماعـدا ذلك ( كالبهائية وغيرها )
والتى أجمع فقهاء الأمة وتواترت أحكام القضائين الدستوري والإداري على أنها ليست من الأديان السماوية ، وإنها تخرج عن دين الإســـلام وعن ديانة أهل الكتاب ( المسيحية واليهودية ) فلا يجوز قيدها لا فى مستندات الأحوال المدنية المنصوص عليها فى قانون الأحوال المدنية ، المشار إليه ، ومنها المستندات موضوع التداعى ولا فى أي مستندات رسمية أخرى تصدرها أي من الجهات الرسمية بالدولة ويكون ضمن بياناتها البيان الخاص بالديانة وبحسبان أن النصوص القانونية المنظمة لهذه القواعـــــد جميعها تعتبر من النظام العام فلا يجوز إثبات ما يخالفه أو يتعـارض معه فى بلد يقوم أصله وأســــاسه على الشــريعة الإسلامية ، ومن ثم تغدو مطالبة المدعيين بإلغاء القرار السلبي للجهة الإدارية بعدم كتابة كلمة (البهائية) أما البيان الخاص بالديانة فى بطاقتيهما الشخصية وشهادات ميلاد بناتهما الثلاث بكينام وفرح وهنا غير قائمة على صحيح سند من القانون ، متعيناً لذلك القضاء برفض دعواهما .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير هذه الوجهة من النظر ، فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ، متعيناً لذلك القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من خسر أيا من الطعنين يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات .
فلهــــــذه الأســــــباب
حكمت المحكمة :-
بقبول الطعنين شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، وبرفض الدعوى ، وألزمت المطعون ضـــدهما الأول والثــــانية فى الطعنين رقمي 16834 ، 18971 لسنة 52 ق .عليا المصروفات .