الطعن رقم ۸۹۳ لسنة ۷۱ ق
جلسة 27 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضى/ محمد ممتاز متولى رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة/ عزت عبد الجواد عمران، عزت عبد الله البندارى، محمد شهاوى عبد ربه، فؤاد أمين شلبى، عبد الجواد هاشم فراج، عبد الله فهيم غالى، د/ سعيد فهيم خليل، على عبد الرحمن بدوى، ناجى عبد اللطيف حسين وعبد العزيز فرحات نواب رئيس المحكمة.
(1) أموال “أموال الدولة الخاصة: من أنواعها: الأراضى الموات”.
الأراضى غير المزروعة فى م 874 مدنى. ماهيتها. الأراضى الموات التى لا مالك لها غير الداخلة فى زمام المدن والقرى.
(2، 3) ملكية “بعض صور الملكية: أموال الدولة الخاصة: ملكية الأراضى الموت”.
(2) تملك الأفراد للأراضى الموات. كيفيته. الترخيص من الدولة. الاستثناء. تملكها فور تعميرها بزراعتها أو بالغراس أو بالبناء عليها. شرطه. عدم الانقطاع عن استعمالها خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك مدة خمس سنوات متتالية. م 57 مدنى قديم المقابلة للمادة 874/ 3 مدنى.
(3) حظر تملك الأراضى الصحراوية الوارد فى ق 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضى الصحراوية وق 147 لسنة 1957 بتعديل م 970 مدنى. نطاقه. لا أثر له على تملكها وفقًا للمادة 874/ 3 مدنى. علة ذلك.
(4، 5) أموال “أموال الدولة الخاصة: تملكها” “من أنواعها: الأراضى الموات”. قانون “سريان القانون من حيث الزمان”. ملكية “بعض صور الملكية: ملكية الأراضى الموات”.
(4) تملك الأراضى الموات بالتعمير. م 874/ 3 مدنى. تحققه. بواقعة مادية هى التعمير لا بتصرف قانونى. مؤداه. اعتبار المعمر مالكًا للأرض بمجرد التعمير. سريان القانون. نطاقه. على المراكز القانونية الناشئة بعد نفاذه. أثره. إقرار ق 100 لسنة 1964 الملكيات السابقة على نفاذه. علة ذلك.
(5) تملك الأراضى الموات بالتعمير. إخطار أصحاب حق الملكية والحقوق العينية الأخرى للمحافظة الواقع فى دائرتها العقار والمؤسسة المصرية العامة للتعمير. م76/ 1 ق 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها. ماهيته. إجراء تنظيمى. مخالفته. لا أثر له على الملكية المكتسبة بحكم القانون. جواز اللجوء للقضاء لتقرير تلك الملكية عند توافر شرائطها.
1 – إن الأراضى غير المزروعة التى ذكرتها المادة 57 من التقنين المدنى القديم المقابلة للمادة 874 من القانون المدنى الحالى هى كل أرض غير مزروعة لا تكون مملوكة لأحد من الأفراد ولا تدخل فى الأموال العامة ولا فى أموال الدولة الخاصة، فهى الأراضى الموات التى لا مالك لها، كالأراضى المتروكة والصحارى والجبال، أى أنها الأراضى التى لا تدخل فى زمام المدن والقرى ولم تكن بمنزلة الأراضى الداخلة فى الزمام والتى تملكها الدولة ملكية خاصة، بل هى أرض مباحة يملكها من يستولى عليها ويعمرها، وقبل أن يستولى عليها أحد كانت مملوكة ملكية ضعيفة للدولة، وهى بهذا الوصف أقرب إلى السيادة منها إلى الملكية الحقيقية.
2 – عُنى المشرع بتنظيم تملك الأفراد لها (الأراضى غير المزروعة) سواء بالترخيص من الدولة أو بالتعمير على النحو المبين بالمادة 57 المشار إليها المقابلة للفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى الحالى والتى كانت تنص – قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1964 – على أن “…….. 3 – إلا أنه إذا زرع مصرى أرضًا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها تملك فى الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك”. وطبقًا لذلك يملك المعمر الأرض التى عمرها سواء بزراعتها أو بالغراس أو بالبناء عليها أو بأية وسيلة أخرى فى الحال فور تعميرها، ولكن ملكيته تكون معلقة على شرط فاسخ هو ألا ينقطع عن استعمالها فى خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك مدة خمس سنوات متتالية.
3 – إذ صدر القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضى الصحراوية والذى عمل به اعتبارًا من 24/ 8/ 1958 وحظر فى المادة الأولى منه تملك الأراضى الكائنة بالمناطق المعتبرة خارج الزمام وقت صدوره بأى طريق كان عدا الميراث ما لم يرخص وزير الحربية بتملكها طبقًا للإجراءات المقررة فيه. وهو اتجاه كان يؤدى إلى إهدار الحقوق المستندة إلى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، غير أن المشرع أصدر بعد ذلك القانون رقم 100 لسنة 1964 – بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها – وجعل حظر التملك شاملاً جميع الأراضى الصحراوية، ونص فى المادة 86 منه على إلغاء القانون رقم 124 لسنة 1958 وإلغاء الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، بما يدل على أن تلك الفقرة ظلت سارية حتى ألغيت بالقانون رقم 100 لسنة 1964 سيما وأن القانون رقم 147 لسنة 1957 حين عدل نص المادة 970 من القانون المدنى بإضافة حكم جديد يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم لم يتناول الفقرة الثالثة من المادة 874 من ذات القانون والتى تتحدث عن الاستيلاء المصحوب بالتعمير باعتباره سببًا مستقلاً بذاته لكسب الملكية. وقد حرص المشرع حين أصدر القانون رقم 100 لسنة 1964 بالعدول عن اتجاه القانون رقم 124 لسنة 1958 فى إهداره للحقوق المستندة إلى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، وأورد فى المادة 75 منه الأحكام التى تنظم هذه الحقوق وهى تقضى فى شأن التعمير بالبناء بأن كل من أتم قبل العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 إقامة بناء مستقر بحيز ثابت فيه يعد مالكًا بحكم القانون للأرض المقام عليها البناء والمساحة الملحقة به، وقد أقر المشرع بهذا النص حالات الملكية السابقة على نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1958 المستندة على حكم الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، وكان رائده فى ذلك – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – الاعتبارات المتعلقة بالعدالة واحترام الحقوق المكتسبة والمبادئ المسلمة بالنسبة إلى تطبيق القوانين من حيث الزمان.
4 – إن التملك بهذا الطريق (الاستيلاء المصحوب بالتعمير وفق نص المادة 874/ 3 من القانون المدنى قبل إلغائها بالقانون 100 لسنة 1964) لا يتحقق بتصرف قانونى بل بواقعة مادية هى واقعة التعمير، فيصبح المعمر مالكًا بمجرد تحقق تلك الواقعة فلا يكون للقانون رقم 100 لسنة 1964 أثر رجعى ولا تمس أحكامه المراكز القانونية التى استقرت لأصحابها قبل العمل به، وهو ما أفصح عنه صراحة القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية حين نص فى المادة 18 منه على أنه “مع مراعاة الحد الأقصى للملكية المنصوص عليه فى هذا القانون يعد مالكًا للأرض الخاضعة لأحكامه: 1 – من توافرت فى شأنه شروط الاعتداد بالملكية وفقًا لأحكام القوانين النافذة قبل العمل بأحكام هذا القانون. 2 – …….. ” وهو ما يتفق مع الأصل المقرر من أن القانون يسرى بأثر فورى على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو انقضائها وهو لا يسرى على الماضى، فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد، تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله، أما المراكز القانونية التى تنشأ وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التى تحققت فى ظله، فى حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التى تتم بعد نفاذه. وهو ما حرص عليه المشرع فى القانون رقم 100 لسنة 1964 من إقراره الملكيات السابقة على نفاذه – فى الأراضى الصحراوية – وتأمين استقرارها وتوفير الحماية القانونية لها فقد ضمن المواد من 76 إلى 79 منه أحكامًا انتقالية تعالج تنظيم المراحل التى يمر بها الإخطار عن تلك الملكيات وتحقيقها والفصل فى المنازعات المتعلقة بها وإصدار المحررات المثبتة لها وشهرها.
5 – مفاد النص فى المادة 76/ 1 من هذا القانون (100 لسنة 1964 – بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها – ) يدل على أن المشرع وتيسيرًا منه على أصحاب الحقوق المشار إليها فيها فقد رسم لهم الطريق لإثبات تلك الحقوق بالإخطار عنها للجهتين المشار إليهما، وكان القصد من هذا الإخطار – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – هو تمكين المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى من حصر الادعاء بالملكية والحقوق العينية الأخرى المنصوص عليها فى المادة 75 من ذات القانون، ومن ثم فإنه لا يعدو أن يكون مجرد إجراء تنظيمى لا يترتب على تخلفه فقد أصحاب الشأن للملكية التى اكتسبوها بحكم القانون ولا يسلبهم حقهم فى اللجوء إلى القضاء لتقرير تلك الملكية لهم عند توافر شرائطها.
الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنين وآخر عدا الخامس أقاموا على المطعون ضدهم الأربعة الأول الدعوى رقم …… لسنة 1996 مدنى محكمة سوهاج الابتدائية مأمورية جرجا الكلية – بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لقطع الأرض المبينة بالصحيفة وببراءة ذمتهم من مبلغ 2384 جنيهًا المطالب به من جهة الإدارة. وقالوا بيانًا لدعواهم إن مورثيهم وهم من بعدهم وضعوا اليد على أراضى النزاع وهى من الأراضى الصحراوية التى ليس لها مالك كائنة خارج الزمام منذ سبعين عامًا وكانت حيازتهم لها ظاهرة ومستمرة وعمروها بإقامة مساكن لهم عليها، وإذ طالبهم المطعون ضدهم الثلاثة الأول بدفع مبالغ كإيجار لتلك الأراضى عن عام 1994 بزعم أنها ملك الدولة برغم أنها تملكوها بتعميرها بالبناء عليها وفقًا للمادة 874/ 3 من القانون المدنى وبحيازتها المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 ووفقًا للمادة 968 من القانون المدنى فقد أقاموا الدعوى. تدخل كل من الطاعن الخامس والمطعون ضده السادس للقضاء لهما بذات الطلبات. ندبت المحكمة خبيرًا فى الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بعد قبول التدخل شكلاً وبتثبيت ملكية باقى الطاعنين للعقارات محل النزاع كل بشأن مسكنه المبين الحدود والمعالم والمساحة بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير. استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط مأمورية سوهاج بالاستئناف رقم….. لسنة 75 ق، كما استأنفه الطاعن الخامس والمطعون ضده السادس أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم …… لسنة 75 ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 17/ 12/ 2000 فى الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وفى الاستئناف الثانى قضت برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الخامس والمطعون ضدهما الخامس والسادس وأبدت الرأى فى موضوع الطعن برفضه. عُرض الطعن على الدائرة المدنية المختصة، رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 8 من إبريل سنة 2012 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية عملاً بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل، وذلك إزاء اختلاف أحكام محكمة النقض فى شأن مفهوم أثر الإخطار المنصوص عليه فى المادة 76 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها والتى تنص على أنه “يجب على كل ذى شأن من أصحاب حق الملكية والحقوق العينية الأخرى المنصوص عليها فى المادة السابقة أن يقدم خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون وإخطاره إلى المحافظة التى يقع فى دائرتها العقار الوارد عليه حقه وإلى المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى … “. إذ اتجهت بعض الأحكام إلى أن القانون سالف الذكر ومن قبله القانون رقم 124 لسنة 1958 – بتنظيم تملك الأراضى الصحراوية ليس لهما أثر رجعى وأن المعمر يملك الأرض الصحراوية التى عمرها سواء بالغراس أو بالبناء عليها أو بأية وسيلة أخرى فى الحال فور تعميرها فى ظل سريان الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1964 دون حاجة إلى تقديمه ذلك الإخطار، بينهما ذهبت أحكام أخرى إلى أن الأخطار سالف الذكر شرط لازم للاعتداد بكسب الأراضى الصحراوية. وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن، أودعت النيابة مذكرة عدلت فيها عن رأيها السابق فى موضوع الطعن ارتأت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها الأخير.
وحيث إن الأراضى غير المزروعة التى ذكرتها المادة 57 من التقنين المدنى القديم المقابلة للمادة 874 من القانون المدنى الحالى هى كل أرض غير مزروعة لا تكون مملوكة لأحد من الأفراد ولا تدخل فى الأموال العامة ولا فى أموال الدولة الخاصة، فهى الأراضى الموات التى لا مالك لها، كالأراضى المتروكة والصحارى والجبال، أى أنها الأراضى التى لا تدخل فى زمام المدن والقرى ولم تكن بمنزلة الأراضى الداخلة فى الزمام والتى تملكها الدولة ملكية خاصة، بل هى أرض مباحة يملكها من يستولى عليها ويعمرها، وقبل أن يستولى عليها أحد كانت مملوكة ملكية ضعيفة للدولة، هى بهذا الوصف أقرب إلى السيادة منها إلى الملكية الحقيقية. وقد عنى المشرع بتنظيم تملك الأفراد لها سواء بالترخيص من الدولة أو بالتعمير على النحو المبين بالمادة 57 المشار إليها المقابلة للفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى الحالى والتى كانت تنص – قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1964 – على أن ” ……. 3 – إلا أنه إذا زرع مصرى أرضًا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها تملك فى الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك”. وطبقًا لذلك يملك المعمر الأرض التى عمرها سواء بزراعتها أو بالغراس أو بالبناء عليها أو بأية وسيلة أخرى فى الحال فور تعميرها، ولكن ملكيته تكون معلقة على شرط فاسخ هو ألا ينقطع عن استعمالها فى خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك مدة خمس سنوات متتالية. ثم صدر القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضى الصحراوية والذى عمل به اعتبارًا من 24/ 8/ 1958 وحظر فى المادة الأولى منه تملك الأراضى الكائنة بالمناطق المعتبرة خارج الزمام وقت صدوره بأى طريق كان – عدا الميراث – ما لم يرخص وزير الحربية بتملكها طبقًا للإجراءات المقررة فيه. وهو اتجاه كان يؤدى إلى إهدار الحقوق المستندة إلى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، غير أن المشرع أصدر بعد ذلك القانون رقم 100 لسنة 1964 – بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها – وجعل حظر التملك شاملاً جميع الأراضى الصحراوية، ونص فى المادة 86 منه على إلغاء القانون رقم 124 لسنة 1958 وإلغاء الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، بما يدل على أن تلك الفقرة ظلت سارية حتى ألغيت بالقانون رقم 100 لسنة 1964 سيما وأن القانون رقم 147 لسنة 1957 حين عدل نص المادة 970 من القانون المدنى بإضافة حكم جديد يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم لم يتناول الفقرة الثالثة من المادة 874 من ذات القانون والتى تتحدث عن الاستيلاء المصحوب بالتعمير باعتباره سببًا مستقلاً بذاته لكسب الملكية. وقد حرص المشرع حين أصدر القانون رقم 100 لسنة 1964 بالعدول عن اتجاه القانون رقم 124 لسنة 1958 فى إهداره للحقوق المستندة إلى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، وأورد فى المادة 75 منه الأحكام التى تنظم هذه الحقوق وهى تقضى فى شأن التعمير بالبناء بأن كل من أتم قبل العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 إقامة بناء مستقر بحيز ثابت فيه يعد مالكًا بحكم القانون للأرض المقام عليها البناء والمساحة الملحقة به، وقد أقر المشرع بهذا النص حالات الملكية السابقة على نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1958 المستندة إلى حكم الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى، وكان رائده فى ذلك – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – الاعتبارات المتعلقة بالعدالة واحترام الحقوق المكتسبة والمبادئ المسلمة بالنسبة إلى تطبيق القوانين من حيث الزمان. وكان التملك بهذا الطريق لا يتحقق بتصرف قانونى بل بواقعة مادية هى واقعة التعمير، فيصبح المعمر مالكًا للأرض بمجرد تحقق تلك الواقعة فلا يكون للقانون رقم 100 لسنة 1964 أثر رجعى ولا تمس أحكامه المراكز القانونية التى استقرت لأصحابها قبل العمل به، وهو ما أفصح عنه صراحة القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية حين نص فى المادة 18 منه على أنه “مع مراعاة الحد الأقصى للملكية المنصوص عليه فى هذا القانون يعد مالكًا للأراضى الخاضعة لأحكامه: 1 – من توافرت فى شأنه شروط الاعتداد بالملكية وفقًا لأحكام القوانين النافذة قبل العمل بأحكام هذا القانون. 2 – …. ” وهو ما يتفق مع الأصل المقرر من أن القانون يسرى بأثر فورى على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه، سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو انقضائها، وهو لا يسرى على الماضى، فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد، تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله، أما المراكز القانونية التى تنشأ وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التى تحققت فى ظله، فى حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التى تتم بعد نفاذه. وهو ما حرص عليه المشرع فى القانون رقم 100 لسنة 1964 من إقراره الملكيات السابقة على نفاذه فى الأراضى الصحراوية – وتأمين استقرارها وتوفير الحماية القانونية لها فقد ضمن المواد من 76 إلى 79 منه أحكامًا انتقالية تعالج تنظيم المراحل التى يمر بها الإخطار عن تلك الملكيات وتحقيقها والفصل فى المنازعات المتعلقة بها وإصدار المحررات المثبتة لها وشهرها. وكان النص فى المادة 76/ 1 من هذا القانون على أنه “يجب على كل ذى شأن من أصحاب حق الملكية والحقوق العينية الأخرى المنصوص عليها فى المادة السابقة أن يقدم خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون إخطاره إلى المحافظة التى يقع فى دائرتها العقار الوارد عليه حقه وإلى المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى”. يدل على أن المشرع وتيسيرًا منه على أصحاب الحقوق المشار إليها فيها فقد رسم لهم الطريق لإثبات تلك الحقوق بالإخطار عنها للجهتين المشار إليهما، وكان القصد من هذا الإخطار – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – هو تمكين المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى من حصر الادعاء بالملكية والحقوق العينية الأخرى المنصوص عليها فى المادة 75 من ذات القانون، ومن ثم فإنه لا يعدو أن يكون مجرد إجراء تنظيمى لا يترتب على تخلفه فقد أصحاب الشأن للملكية التى اكتسبوها بحكم القانون ولا يسلبهم حقهم فى اللجوء إلى القضاء لتقرير تلك الملكية لهم عند توافر شرائطها. لما كان ذلك، وكانت الهيئة قد انتهت إلى هذا النظر بالأغلبية المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية فإنها تعدل عن الأحكام التى ارتأت غير ذلك فيما قررته من أن الإخطار المنصوص عليه فى المادة 76/ 1 من القانون رقم 100 لسنة 1964 سالفة البيان شرط لازم للاعتداد بكسب الملكية والحقوق العينية الأخرى المنصوص عليها فى المادة 75 من ذات القانون بما يجعل لهذا القانون أثرًا رجعيًا بإهدار الملكيات السابقة والتى استقرت فى ظل العمل بالفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى. ومن ثم فإن الهيئة بعد الفصل فى المسألة المعروضة تعيد الطعن إلى الدائرة التى أحالته إليها للفصل فيه طبقًا لأحكام القانون.