الطعن رقم ٤۹۳۹۰ لسنة ۷٥ ق
جلسة ۱۲ / ۱۱ / ۲۰۰٦ – الخميس (ب)
برئاسة السيد القاضي/ مقبل شاكر رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة/ محمد صلاح الدين إبراهيم البرجي وعادل عبد الحميد عبد الله والسيد صلاح عطية عبد الصمد وحسن سيد أحمد حمزة ومحمد حسام الدين الغرياني وأحمد علي عبد الرحمن ومحمد مجدي إسماعيل الجندي ورضوان عبد العليم مرسي موسى وحامد عبد الله محمد عبد النبي وإبراهيم علي أحمد عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.
(1) إعدام. قتل عمد. إجراءات “إجراءات المحاكمة”. محكمة الإعادة. حكم “إصداره”.
وجوب استطلاع محكمة الإعادة رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام. لا يغني عن ذلك سبق أخذ رأيه في المحاكمة الأولى. علة ذلك؟
(2) حكم “إصداره”. محكمة النقض “نظرها الطعن والفصل فيه”. قانون “تطبيقه” “تفسيره”.
فصل الهيئة بتشكيليها في موضوع الطعن بعد فصلها في مسألة العدول. غير لازم. أساس وأثر ذلك؟
1 – لما كانت المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية جرى نصها على أن “ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى” واستقر قضاء محكمة النقض على وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام باعتباره شرطاً لازماً لصحة الحكم أوجبه القانون لا يغني عنه سبق اتخاذه في المحاكمة الأولى لكون نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل إصدار الحكم المنقوض، فإذا رأت محكمة الإعادة أن تقضي بالإعدام وجب عليها إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه حتى تطمئن إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها هيئة حكم جديدة لم يسبق لها نظر الدعوى واتجه الرأي عندها إلى الحكم بإعدام المتهم ولم تستطلع من قبل رأيه حتى يطمئن وجدانها إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية فضلاً عن أن هذا الإجراء يُطمئن المتهم إلى أن المحكمة الجديدة قد استطلعت رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم – حسبما استلزم القانون وليكون الرأي العام على بينة من ذلك وهي مقاصد تراها هذه الهيئة لازمة جديرة بالاحترام. لما كان ذلك، وكانت الأحكام المطلوب العدول عنها والتي تستلزم استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام على المتهم في كل محاكمة ترى المحكمة الحكم بالإعدام على المتهم حتى ولو كانت المحاكمة للمرة الثانية هي أحكام تتفق مع صحيح حكم القانون، أما الأحكام التي ذهبت إلى أن هذا الإجراء لا يكون لازماً إذا لم تأت المحاكمة عند الإعادة بجديد، فلا تتفق مع صريح النص وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض فضلاً على أن هناك جديد في المحاكمة الثانية هو أن تشكيل المحكمة أصبح مغايراً، والمحكمة بتشكيلها الجديد في حاجة إلى أن تطمئن بدورها إلى موافقة حكمها للشرع – إذا رأت الحكم بإعدام المتهم – هذا بالإضافة إلى أن المرافعة التي تجرى في الدعوى هي مرافعة جديدة تسمعها المحكمة الجديدة لأول مرة، ثم كيف يتم تحديد الجديد الذي يستوجب أخذ رأي مفتي الجمهورية والقديم الذي لا يستلزم ذلك – ومن ثم فلا ترى هذه الهيئة العدول عن المبادئ التي قررتها أحكام محكمة النقض من ضرورة استطلاع رأي فضيلة مفتي الجمهورية في المحاكمة الثانية إذا رأت المحكمة الحكم بإعدام المتهم.
2 – لما كانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن “تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل”. والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة/ 2 أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة/ 3 هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة “وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل” التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن – وهو مرفوع للمرة الثانية – إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم……. لسنة 2002 مركز…….. (المقيدة بالجدول برقم……. لسنة 2002 كلي…….) بوصف أنه في يوم 2 من مارس سنة 2002 بدائرة مركز……. – محافظة البحيرة: أولاً: – قتل…….. عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لذلك أداة صلبة راضة “عصا” واستدرجها إلى مكان الحادث بعيداً عن أعين الرقباء وما إن ظفر بها انهال عليها ضرباً بالأداة سالفة البيان في أنحاء متفرقة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها.
ثانياً: – أحرز أداة “عصا” مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازها أو حملها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية.
وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى ورثة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت بجلسة الخامس من مايو سنة 2003 وبإجماع الآراء إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة الخامس من يونيه سنة 2003 للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم “11” من الجدول رقم “1” الملحق وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام ومصادرة العصا المضبوطة وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها……. إلخ وهذه المحكمة قضت بجلسة 17 من مارس سنة 2004 أولاً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية. ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة……… لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة – قضت حضورياً في 22 من مايو سنة 2005 عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم “1” الملحق مع إعمال المادة 32 من ذات القانون وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً ومصادرة العصا المضبوطة دون إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض “للمرة الثانية” كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها…….. إلخ.
وحيث إنه بجلسة الثالث عشر من نوفمبر سنة 2005 قررت محكمة النقض – الدائرة الجنائية – الأحد (ب) – إحالة الطعن رقم 49390 لسنة 75 ق إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية بالمحكمة لتقضي فيه بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بعد أن رأت الدائرة تأييد الحكمين الصادرين في الطعنين رقمي 23121 لسنة 67 ق، 26321 لسنة 69 ق بجلسة الرابع من ديسمبر سنة 2001 من دائرة الثلاثاء ( أ ) الجنائية. والعدول عن الأحكام التي توجب استطلاع محكمة الجنايات في المحاكمة الثانية رأي مفتي الجمهورية إذا رأت الحكم بالإعدام باعتباره إجراء أوجبه القانون ذاته وأنه لا يغير من ذلك سبق استطلاع رأيه في المحاكمة الأولى قبل إصدار الحكم بالإعدام الذي قضي بنقضه.
الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن مبنى الأحكام المراد العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته من وجوب استطلاع محكمة الجنايات في المحاكمة الثانية رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام باعتباره إجراء أوجبه القانون ذاته وأنه لا يغير من ذلك سبق استطلاع رأيه في المحاكمة الأولى قبل إصدار الحكم بالإعدام الذي قضي بنقضه، وهو إجراء الغرض منه اطمئنان المحكمة قبل الحكم أن حكمها يوافق الشريعة الإسلامية واقتناع المتهم بأن ما ارتكبه من جرم يوجب القصاص وما لهذا من وقع لدى الرأي العام الذي ألف هذا الإجراء. ومبنى الأحكام التي رأت عدم استطلاع رأي مفتي الجمهورية عند إعادة المحاكمة هو أن نقض الحكم لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التي أبديت أمام المحكمة الأولى ومن ثم يظل رأي مفتي الجمهورية ورقة من أوراق الدعوى مطروحة على المحكمة عند الفصل فيها ما لم تتغير عناصر الدعوى أو جزئية منها أو ركن من أركانها أو ظرف من ظروفها المعتبرة قانوناً والتي من شأنها محو التجريم أو نقل الجريمة إلى نوع أخف.
وحيث إن المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية جرى نصها على أن “ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى” واستقر قضاء محكمة النقض على وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام باعتباره شرطاً لازماً لصحة الحكم أوجبه القانون لا يغني عنه سبق اتخاذه في المحاكمة الأولى لكون نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل إصدار الحكم المنقوض، فإذا رأت محكمة الإعادة أن تقضي بالإعدام وجب عليها إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه حتى تطمئن إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها هيئة حكم جديدة لم يسبق لها نظر الدعوى واتجه الرأي عندها إلى الحكم بإعدام المتهم ولم تستطلع من قبل رأيه حتى يطمئن وجدانها إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية فضلاً عن أن هذا الإجراء يطمئن المتهم إلى أن المحكمة الجديدة قد استطلعت رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم – حسبما استلزم القانون وليكون الرأي العام على بينة من ذلك وهي مقاصد تراها هذه الهيئة لازمة جديرة بالاحترام. لما كان ذلك، وكانت الأحكام المطلوب العدول عنها والتي تستلزم استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام على المتهم في كل محاكمة ترى المحكمة الحكم بالإعدام على المتهم حتى ولو كانت المحاكمة للمرة الثانية هي أحكام تتفق مع صحيح حكم القانون، أما الأحكام التي ذهبت إلى أن هذا الإجراء لا يكون لازماً إذا لم تأت المحاكمة عند الإعادة بجديد، فلا تتفق مع صريح النص وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض فضلاً على أن هناك جديد في المحاكمة الثانية هو أن تشكيل المحكمة أصبح مغايراً، والمحكمة بتشكيلها الجديد في حاجة إلى أن تطمئن بدورها إلى موافقة حكمها للشرع – إذا رأت الحكم بإعدام المتهم – هذا بالإضافة إلى أن المرافعة التي تجرى في الدعوى هي مرافعة جديدة تسمعها المحكمة الجديدة لأول مرة، ثم كيف يتم تحديد الجديد الذي يستوجب أخذ رأي مفتي الجمهورية والقديم الذي لا يستلزم ذلك – ومن ثم فلا ترى هذه الهيئة العدول عن المبادئ التي قررتها أحكام محكمة النقض من ضرورة استطلاع رأي فضيلة مفتي الجمهورية في المحاكمة الثانية إذا رأت المحكمة الحكم بإعدام المتهم.
وحيث إن نص المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل جرى على أنه “تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها، وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة “2” أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة “3” هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين، ولم تلزم هذه المادة أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة “وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل” والتي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها، دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن – وهو مرفوع للمرة الثانية – إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.