الطعن رقم ۸۹۸٦ لسنة ۹۱ ق
جلسة ۱٤ / ٦ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشـعب
محكمــــــــــــة النقــــــــض
الدائرة الجنائيـــة
الأربعــــاء (هـ)
—–
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / أحمـــــــــد عبــد الـــودود نـــائب رئيس المحكمـــة
وعضوية الســـــــادة القضـــــــــــاة / إبـراهيــــــــــــــــــــم عبـد الله و عطيــــه أحــــمد عطيـــــه
ناصر إبراهيــم عـوض و ســــــــــــامح أبـو باشــــــــا
نــــــــواب رئيس الـمحكمـة
وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / وائـل أبـو زيـد .
وأمين السر السيد / حازم خيري .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 25 مـن ذي القعـدة سنة 1444ه الموافق 14 من يونيـه سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي :-
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقــم 8986 لسنة 91 قضائيــة .
المرفـــوع من
…………………. ( الطاعـن )
ضــــــــــد
النيــــــــابة العــــــــامة (المطعــون ضدهــا )
الوقائـــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم …. لسنة …. مركز …… (والمقيدة بالجدول الكلي برقم …. لسنة …. …… ) بوصف أنه في يوم 6 من يونيـه سنة 2018 بدائرة مركز …… – محافظة …… …
– قتل المجني عليها / ………………….فريد عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن قام بدفعها بداخل بركة لمواد بترولية سريعة الاشتعال وأشعل فيها النيران قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتقارير الطبية المرفقة والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالتحقيقات .
– أسقط عمداً إمرأة حبلى هي المجني عليها سالفة الذكر بأن تعدى عليها على النحو المبين بالتهمة الأولى مما أدى إلى إجهاضها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات …… لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الوارديـن بأمر الإحالة .
وادَّعت والدة المجني عليها – بوكيلٍ عنها محامٍ- مدنيًا قِبل المتهم بمبلغ مائة ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياًفي 23 من فبراير سنـة 2021 ، وعملاً بالمادتيـن 234/1 ، ٢٦٠ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲/1 من ذات القانون – أولاً : بمعاقبة / …………………. بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عن التهمتين وألزمته بالمصاريف الجنائية . ثانياً : إثبات ترك المدعية بالحق المدني لدعواها المدنية وألزمتها بمصاريفها ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
فطعن المحكوم عليه – بشخصه – في هذا الحكم بطريق النقض في 17 من مـارس سنة 2021 .
وأُودعت مذكرة بأسباب الطعن عن الطاعن في 14 من أبريل سنة 2021 موقعٌ عليها من الأستاذ / …………………. ( الـمحامي ) .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مُبيَّـن بمحضر الجلسة .
المحكمـــة
بعد الاطـلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، والمرافعة ، وبعد المداولة قانوناً :-
حيث إنَّ الطعن استـوفى الشـكل المـقرر في القانون .
ينعي الـطاعن على الـحكم الـمطعون فيـه أنه إذ دانـه بجريمتي القتل الـعمد بغير سبق إصرار أو ترصد وإسقاط امرأة حبلى عمداً ، قد شـابه القصـور في التسبيب والفسـاد في الاستدلال والإخلال بحق الـدفاع ، ذلك بأنه لم يـدلل تدليـلاً سـائغاً على تـوافر نيـة القتـل في حقِّـه وأنَّ الـواقعـة في حقيقتهـا لا تعدو أن تكون جريمـة الضرب المفضي إلى الـموت ، وأنه دفـع بانتـفاء عـلاقـة السببيـة بيـن فعل الاعتداء وحدوث الـوفـاة بدلالـة الإهمال في علاج الـمجني عليـها ومـا قرره الـطبيبـان المعالجـان بجلسـة الـمحاكمـة من أنَّ الإصـابات لا تؤدي إلى الـوفـاة والإجهـاض بيْـد أنَّ الـحكم أطرح هذا الـدفع بـردٍ غير سـائغ ، وأنه تساند في الإدانـة إلى أقـوال شـهود الإثبـات رغم تناقضـها ووجود خصومـة بينهم وبيـن الـطاعن واستحالـة تصـويرهم للـواقعـة ، والتفت عن الرد على الـدفع ببطلان أمر الإحـالـة وسـائر دفـوعه التي أبداها بجلسـة الـمحاكمـة ، ذلك ممَّـا يعيب الـحكم بمـا يستـوجب نقضـه .
وحيث إنَّ الـحكم الـمطعون فيـه بيّـن واقعـة الدعوى بمـا تتـوافر به كـافـة العناصر القانونيـة للجريمتيـن التي دان الـطاعن بـهما وأورد على ثبـوتهما في حقِّـه أدلـة مستمدة من أقـوال شـهود الإثبـات وتحريـات الشـرطـة وممّـا جـاء بالتقرير الـطبي وهي أدلـة سـائغـة من شأنهـا أن تؤدي إلى مـا رتّـبه الـحكم عليـها . لمَّـا كان ذلك ، وكان قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الـظـاهر وإنمـا يُدرك بالـظروف الـمحيطـة بالدعوى والأمـارات والـمظـاهر الـخارجيـة التي يأتيـها الـجاني وتنم عمّـا يضمره في نفسـه واستخلاص هذا القصد من عناصـر الدعوى موكول إلى قاضي الـموضوع في حدود سلطته التقديريـة ، وكان الـحكم قد استخلص نيـة القتل في حق المتهم من قيـامه بدفع الـمجني عليـها بقدمه داخل بركـة مليئـة بالمواد البتروليـة وهو يـعلم أنها حبلى ثمَّ أشـعل عـود الثقاب وألقـاه عليـها بعدمـا تبللت ملابسـها بمـادة بتروليـة وهو يعلم أنها قابلـة للاشتعال ممّـا أدى إلى اشتعال النيـران في جسدهـا وأحدثت بـها حروق جسيمـة ثابتـة بالـتقرير الـطبي أدت إلى وفاتهـا ، وإذ كان هذا الذي استخلصته الـمحكمـة من ظروف الدعوى وملابسـاتها هو استخلاصٌ سـائغ وكـاف في التدليـل على ثبـوت توافر نيـة القتل لدى الـطاعن فإن مـنعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس . لمَّـا كان ذلك ، وكان مـا أورده الـحكم في مدونـاته تتـوافر به جنايـة القتل كمـا هي معرفـة به في القانون وكان النعي بأن الـواقعـة مجرد جنايـة ضرب أفضى إلى موت لا يـعدو أن يكون منـازعـة في الصـورة التي اعتنقتها الـمحكمـة للـواقعـة وجدلاً موضوعيـاً في سلطـة محكمـة الـموضوع في استخلاص صـورة الـواقعـة كمـا ارتسمت في وجدانهـا ممَّـا تستقل بالفصل فـيه بغير معقِّـب – هذا إلى أنّ محكمـة الـموضوع غير ملـزمـة بتعقب المتهم في منـاحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبـهـة يثيـرها على استقلال إذ في قضـائهـا بالإدانـة استنـاداً إلى أدلـة الثبـوت التي أوردتهـا مـا يفيد ضمنـاً أنها أطرحتهـا ولم تعـول عليـها ويضحى مـا يثيـره الـطاعن في هذ الصدد غير مقبـول . لمَّـا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ علاقـة السببيـة في المواد الجنائيـة علاقـة مـاديـة تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحيـة المعنـويـة بمـا يجب عليـه أن يتوقعه من النتـائج المألـوفـة لفعله إذا مـا أتاه عمداً وهذه الـعلاقـة مسـألـة موضوعيـة ينفرد قاضي الموضوع بتقديرهـا ومتى فصل فيـها إثبـاتاً أو نفيـاً فلا رقـابـة لـمحكمـة الـنقض عليـه مـا دام قد أقــام قضـاءه في ذلك على أسـبـاب تؤدي إلى مـا انتهى إليـه ، وكان الـحكم الـمطعون فيـه قد نقل عن شـهادة الـطبيبـة – أنَّ إصـابـة الـمجني عليـها بالحروق أدت إلى وفـاتها – فإنه يكون قد بيّـن إصـابـة الـمجني عليـها واستـظهر قيـام علاقـة السببيـة بين تلك الإصـابـة التي أوردهـا التقرير الـطبي وبيـن وفاتهـا ومن ثمَّ فإنَّ مـا ينعاه الـطاعن بشأن قصور الـحكم في هذا الشأن لا يـكون له محل . لمَّـا كان ذلك ، وكان من الـمقرر أنَّ لـمحكمـة الـموضوع أن تستمد اقتنـاعها بثبـوت الجريمـة من أي دليـلٍ تطمئـن إليـه طالمـا أنَّ هذا الـدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان من حق محكمـة الـموضوع أن تستخلص من أقـوال الشـهود وسـائر العناصر الـمطروحـة أمامهـا على بسـاط البـحث الصـورة الصحيحـة لـواقعـة الدعوى حسبمـا يؤدي إليـه اقتنـاعها وأن تطرح مـا يـخالفهـا من صـور أخرى مـادام استخلاصـها سـائغاً مستنداً إلى أدلـة مقبـولـة في العقـل والـمنطق ولـها أصلها في الأوراق ، وأنَّ وزن أقـوال الشـهود وتقدير الـظروف التي يؤدون فيـها شـهادتهم وتعويل القضـاء على أقـوالهم مهمـا وُجـه إليـها من مطاعن وحام حولهـا من الشبـهات كل ذلك مرجـعه إلى محكمـة الـموضوع تُنزله المنزلـة التي تراهـا وتقدره التقـدير الذي تطمئـن إليـه وهي متى أخذت بشـهادتهم فإنَّ ذلك يفيد أنها أطرحت جميـع الاعتبـارات التي سـاقهـا الـدفاع لحملهـا على عدم الأخذ بـها ، وأنَّ تناقض الشـاهد أو اختلاف روايـة شـهود الإثبـات في بـعض تفاصيلها لا يعيب الـحكم ولا يـقدح في سلامته مادامت الـمحكمـة قد استخلصت الحقيقـة من أقـوالهم استخلاصـاً سـائغاً لا تناقض فيـه – كمـا هو الحال في الدعوى الـراهنة – وأنَّ قرابـة الشاهد للـمجني عليه لا يمنع من الأخذ بأقـواله متى اقتنـعت الـمحكمة بصدقـها وأنه لا يُشترط في شـهادة الشـاهد أن تكون واردة على الحقيقـة المراد إثباتها بأكملهـا وبجميـع تفاصيلهـا على وجه دقيق بل يـكفي أن يكون من شأن تلك الشـهادة أن تؤدي إلى هذه الـحقيقـة باستنـتاجٍ سـائغٍ تجريـه محكمـة الـموضوع يتلاءم به مع قالـة الشـاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى الـمطروحة أمامها ، وأنه لا يُشترط أن تكون الأدلـة التي يركن إليـها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطـع في كل جزئيـة من جزيئـات الدعوى إذ الأدلـة في المواد الجنائيـة متسـاندة يكمل بعضـها بعضـاً ومنها مجتمـعة تتكون عقيدة الـمحكمـة فلا يُنظر إلى دليـل بعينه لمناقشـته على حده دون باقي الأدلـة بل يكفي أن يكون مجمـوعها كوحدة مؤديـة إلى مـا قصده الـحكم منها ومنتجـة في اقتنـاع الـمحكمـة واطمئنـانها إلى مـا انتهت إليـه ، وكان الـحكم الـمطعون فيـه قد كشف عن اطمئـنانه إلى أقـوال شـهود الإثبـات واقتنـاعه بحدوث الـواقعـة على الصـورة التي شـهدوا بـهـا فإنَّ مـا يثيـره الـطاعن من منـازعـة حول تصـوير الـمحكمـة للـواقعـة أو في تصديقـها أقـوال شـهود الإثبـات أو محاولـة تجريـحهـا ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدلـيل وهو مـا تستقل به محكمـة الـموضوع ولا تجوز مجادلتهـا فيـه أو مصـادرة عقيدتهـا أمام محكمـة النقض . لمَّـا كان ذلك ، وكان من الـمقرر أن أمر الإحالـة هو عمل من أعمال التحقيق فالقصـور فيـه لا يُبطل الـمحاكمـة ولا يؤثـر في صحـة إجراءاتها إذ أنَّ الـمحكمـة هي جهـة التحقيق النهـائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال مـا فات النيـابة العامـة من إجراءات تحقيق وإبداء دفاعه بشأن وصف التهم الموجهـة إليـه في أمر الإحالـة ونصوص القانون المطلـوب معاقبته بمقتضـاها ومن ثمَّ فلا وجه للنعي على الـحكم في هذا الخصوص . لمَّـا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبـول وجه الـطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الـطاعن لم يـكشف بأسبـاب طعنه عن ماهيـة الـدفـوع التي ساقهـا أمام الـمحكمـة ولم يـعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى الـمطروحـة فإنَّ مـا يثيـره في هذا الـخصوص لا يكون مقبـولاً . لمَّـا كان مـا تقدم ، فإنَّ الـطعن برمته يكون على غير أساس متعيـناً رفضـه موضوعـاً .
فلهـــذه الأسبــــــــــاب
حكمتالمحكمة: ـــ
بقبـول الـطعن شكـلاً ، وفي الـموضوع برفضـه .