باسم الشعب
محكمـة الـنقــض
الدائرة المدنيـة والتجارية
ـــــــ
برئاسـة السـيد المستشـــــــــــار / عـمرو محــــمد الشوربــــجي نـــائـــب رئيـــس المحكمـــــــة
وعضوية السادة المستشارين / أشـــرف عبد الحـي القباني ، ســـــميـر ســـــــعـــــد عـــــــوض
مـــــــحـــــمد شرين القـــــاضي ، نــــــــــــــواب رئيس المحكمــــة
ووائل فتح الله الطويل
بحضور السيد رئيس النيابة / محمد أحمد فؤاد .
والسيد أمين الســر / محمد محيي الدين مصطفى السقا .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 10 من رجب سنة 1444هـ الموافق 1 من فبراير سنة 2023 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 17323 لسنة 77 ق .
المرفــوع مــن
……..
حضر عنهما السيد / ……. نائب الدولة .
ضـــــــــــــــــــد
……..
لم يحضر عنه أحد بالجلسة .
” الوقائــع “
في يوم 16/8/2007 طُعِنَ بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا – مأمورية شبين الكوم – الصادر بتاريخ 20/6/2007 في الاستئناف رقم …. لسنة 40 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكـم المطعون فيه والإحالة .
وفي اليوم ذاته أودع الطاعنان بصفتيهما مذكرة شارحة .
وفي 30/8/2007 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته ، وأبدت الرأي في الموضوع بنقض الحكم المطعون .
وبجلسة 4/1/2023 عُرِضَ الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 1/2/2023 سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضـر الجلسة حيث صمم نائب الدولة الحاضر عن الطاعنين والنيابة كلٌ عـلى ما جاء بمذكرتها والمحكمة أصدرت الحكم بذات الجلسة .
” الـمـحـكـمـــــــــة “
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المــــقرر / ……..
” القاضي بالمحكمة ” والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم …. لسنة 2004 مساكن شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بتخفيض أجرة المحل المبين بالصحيفة وبعقد الإيجار والتخصيص المؤرخ 1/11/1995 من مبلغ 63 جنيهاً إلى مبلغ 17,50 جنيهاً مع عدم الاعتداد بالزيادة المقررة من الطاعن الثاني بصفته واعتبارها كأن لم تكن مع حفظ حقها في استرداد ما تم سداده من إيجار بالزيادة دون وجه حق وإجراء المقاصة بينه وبين ما هو مستحق للأخير من إيجار ، وقالت بياناً لها إنه بموجب عقد الإيجار السالف استأجرت من الطاعن الثاني بصفته المحل المبين بالصحيفة لقاء أجرة شهرية مقدارها 63 جنيهاً ، وإذ كان ذلك المحل قد سبق تأجيره لأخر بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/1/1985 مقابل أجرة شهرية مقدارها 17,50 جنيهاً والذي تنازل لها عنه بموافقة الطاعن الثاني بصفته إلا أن الأخير قام بزيادة مبلغ الإيجار دون سند من القانون رغم أن العين المؤجرة لم يطرأ عليها ثمة تغيير ، ومن ثم فقد أقامت الدعوى ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات . استأنف الطاعنان بصفتيهما ذلك الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 40 ق طنطا – مأمورية شبين الكوم – وبتاريخ 20/6/2007 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته ، وأبدت الرأي في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته محافظ المنوفية لكون الطاعن الثاني بصفته رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أشمون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية أمام القضاء .
وحيث إن هذا الدفع في محله ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادتين 52 ، 53 من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره، وإذ كان القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلي نص في المادة الأولى على أن “وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى، ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية …….” ، وفي المادة الرابعة منه على أن “يمثل المحافظة محافظها، كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير” فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولكل منها ذمة مالية خاصة بها ، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء ، بما مفاده أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون . لما كان ذلك ، وكان النزاع المطروح ناشئاً عن قيام الطاعن الثاني بصفته بتأجير عين النزاع للمطعون ضدها وزيادة مبلغ الأجرة دون سند من القانون فإنه يكون هو صاحب الصفة وحده في تمثيل وحدته قبل الغير وأمام القضاء ، ويضحى الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة .
وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الثاني بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من أوراق الدعوى وتقرير الخبير المقدم فيها ومن عقد الترخيص الصادر من الطاعن الثاني بصفته للمطعون ضدها باستغلال محل النزاع والكائن بشارع …… بمدينة أشمون أنه ترخيص إداري بالانتفاع بالمال العام بدليل اشتماله على شروط خاصة ، كما أن وصف الرسم الذي تستأديه الجهة الإدارية بأنه قيمة إيجارية لا يخرج هذا الترخيص عن كونه ترخيصاً إدارياً ، بما مؤداه أن منازعة المطعون ضدها بشأن تحديد الرسم المستحق عن الانتفاع بالمحل موضوع التداعي هي منازعة إدارية يحكمها القانون العام مما ينعقد معه الاختصاص بنظرها لمحاكم القضاء الإداري دون القضاء العادي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى باعتبار أن المنازعة بين الطرفين يحكمها القانون الخاص وأعمل أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نص المادة ١٠٩ من قانون المرافعات أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع ، وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها ، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها ولائياً ، وأن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها واستثمارها ، ويجرى ذلك وفقاً لأوضاع وإجراءات القانون العام ، وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص ، وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائماً لداعى المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ، وذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص ، وكون الترخيص يمنح للمنتفع مقابل رسم يدفعه للجهة الإدارية المختصة لا تخرج المال العام عن طبيعته ولا يجعل الترخيص عقد إيجار – حتى ولو وصفته بذلك الجهة الإدارية ، إذ العبرة في تكييف الرابطة التي تربطها بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع والقانون ما دام العقد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحه عامة ، وكان النص في المادة ٨٧ من القانون المدني وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية – يدل على أن المشرع لم يحدد الأموال العامة بل جمعها في عبارة موجزة واضحة وتجنب فقط تعددها بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار يضع تعريفاً عاماً تتعين بمقتضاه الأموال العامة دون حاجة لتعدادها ، ومن ثم فإن الطرق والميادين والأسواق العامة تعتبر من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة ، وإذ كان ترخيص السلطة الإدارية للأفراد بالانتفاع بالأموال العامة قد تنظمه القوانين واللوائح ، ومن ثم فإن الأسواق التي تقيمها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى تعتبر من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة ، وأن الترخيص بالانتفاع بها يكون مقابل رسم لا أجرة ، ويعتبر من الأعمال الإدارية ولا ولاية للمحاكم العادية عليها في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن المحل موضوع النزاع يقع بشارع …. بمدينة أشمون وقد تضمن العقد المحرر عنه الترخيص للمطعون ضدها الانتفاع به على التزام المنتفع بشروط من بينها أنه ترخيص شخصي مؤقت وأنه يجوز للوحدة المحلية إلغاؤه لأي سبب من الأسباب التي حددتها سلفاً بالترخيص ومن ثم فإن محل العلاقة بين الطاعن الثاني بصفته والمطعون ضدها – بهذه المثابة – تكون قد وردت على مال عام وأن انتفاع المطعون ضدها به على سبيل الترخيص ويعد بذلك من أعمال الإدارة وتعتبر المنازعة بشأنه منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإداري وتخرج من ولاية القضاء العادي ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى وأعمل قانون إيجار الأماكن الاستثنائيةعلى طبيعة العلاقة بين الطرفين فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفته قواعد الاختصاص، ومن ثم تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وهو ما يقتضي إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى.
لـــــــــذلــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها المصروفات، وحكمت في الاستئناف رقم …. لسنة 40 ق طنطا ” مأمورية شبين الكوم ” بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحاكم العادية ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص بنظرها وأبقت الفصل في المصروفات.