(1) خواطر مُحاماة

ينشغل المجتمع بمشكلة ما، ويحتاج الأمر إلى تدخل تشريعي، وبالطبع تتجه الدفة إلى البرلمان فهو المعهود له بسن القوانين ، وقد يحتاج الأمر إلى مناقشة مجتمعية حول القانون المُزمع اصداره، ويُعرض على طوائف مُتعددة، ويُصاغ، ويُراجع، ويُعرض على اللجان المتخصصة بالبرلمان،ويقره أخيرًا، ويُحال لرئيس الجمهورية ، والذي بدوره يُصدق على القانون ويصبح نافذًا كقاعدة قانونية تُطبق على أفراد المجتمع، وتحكم به المحاكم.

يسرح محامٍ في مكتبة البسيط الكائن في شارع جانبي أو حارة أو زقاق في نص مادةٍ من مواده، وربما القانون برمته.

ويفتح كتاب الدستور، ويتأمل مواده، ويحاول الربط بينها وبين القانون الذي لا يروق له، ويتمعن فيه أكثر وأكثر ويحتاج الأمر إلى فنجان من القهوة وربما أكثر ، ويضيء مصباح خافت الإضاءة، وربما يبحث عن قلم، فيجده مقصوف، ولكنه يعقد الهمة على الكتابة به، ويبدأ في صياغة طعن بعدم دستورية النص أو ربما القانون بأكمله.

ويصيغ الطعن ويودع بالمحكمة الدستورية في الأجل المحدد لذلك، وتنظره المحكمة الدستورية العليا..
وعجبًا
تقضى المحكمة الدستورية بعدم دستورية النص المطعون فيه.
كيف هذا؟؟؟
هل يُعقل بعد أن يمر القانون على كل تلك الجهات واللجان والرأي بعد المناقشة من أعضاء بلغ عددهم مايقرب من ٦٠٠ عضو حول القانون، ويكون مصير كل هذا عدم الدستورية والسبب فيه هذا المحامي البسيط في مكتبه البسيط بفنجان قهوة.
عجبًا لقوته وثقافته
التي فافت ال ٦٠٠ عضو، واللجان، والمناقشات المجتمعية التي أهدر بحرفيته جميعها، بجرة قلم مقصوف ربما استلفه من صديق له في إحد قاعات المحاكم 😆 إنه المحامي ياسادة صاحب القيمة والقامة المهدرة.

ً#خواطر_محاماة_البيرأنسي

 

اترك تعليقاً