بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولي (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد محمود حسام الدين رئيــــــس مجلــس الــدولــــــــة
ورئــــيــس المحـــكـــمـــــــــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد شحات إسماعيل يوسف نائـب رئـيس مجلـس الدولـــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد حامد شربيني قلامي نائـب رئـيس مجلـس الدولـــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد محمد السعيد محمد نائـب رئـيس مجلس الدولــــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سامح جمال وهبة نصر نائـب رئـيس مجلـس الدولـــــة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / رجب عبد الهادى تغيان نائـب رئـيس مجلـس الدولـــــة
مــــفـــــوض الــــدولــــــــــة
وسكرتارية الســـــــــــــــــــيد / وائل محمود مصطفى أمــــــيــــــــن الــــســـــــــر
أصدرت الحكم الآتي :-
في الطعنين رقمي :
أولًا : الطعن رقم 41691 لسنة 62 ق.ع
المقام من /
……………………………..
ضــــــــــد /
1- وزير الداخلية بصفته
2- مساعد الوزير رئيس مصلحة الأحوال المدنية بصفته
3- رئيس النقابة العامة لأطباء مصر خصم مدخل
ثانيًا : الطعن رقم 43057 لسنة 62 ق.ع
المقـــام من :
……………………………………..
ضــــــــد :
1- وزير الداخلية بصفته
2- مساعد الوزير رئيس مصلحة الأحوال المدنية بصفته
3- رئيس النقابة العامة لأطباء مصر خصم مدخل
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية
في الدعوى رقم ۸۰419 لسنة 68 ق ، بجلسة 24/1/2016م
الإجــــراءات :
بتاريخ 19/3/2016م أودع الحاضر عن الطاعنة قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومی برقم 41691 لسنة 62 ق.ع طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية في الدعوى رقم 80419 لسنة 68 ق والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلًا، ورفضها موضوعًا ، وألزمت المدعية المصروفات .
وأيضًا بتاریخ 22/3/2016م أودع الحاضر عن الطاعنة قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومي برقم 43057 لسنة 62 ق.ع طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية في الدعوى رقم ۸۰419 لسنة 68 ق والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلًا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعية المصروفات .
وطلبت الطاعنة في ختام تقريرى الطعنين رقمي 43691 لسنة 62 ق.ع و 43057 لسنة 62 ق.ع وللأسباب الواردة بهما الحكم بقبول الطعن شكلًا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بتمكينها من تغيير الاسم والنوع بقيودات الأحوال المدنية، مع إلزام المطعون ضدهم بصفاتهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانوني ارتأت فيهما الحكم : بقبول الطعنين شكلًا، وتمهيديًا وقبل الفصل في موضوع الطعنين بندب عميد كلية الطب جامعة القاهرة ليندب بدوره لجنة على أن يكون من بينها أطباء في الطب النفسى – الجهاز التناسلى – الوراثة الإكلينيكية والغدد الصماء والأطفال وله الحق في أن يندب من يراه مناسبًا من الأطباء بكافة التخصصات لمباشرة المأمورية على النحو المبين بالأسباب.
وتدوول نظر الطعنين أمام المحكمة الإدارية العليا ( دائرة فحص الطعون ) وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلسات المحكمة، وبجلسة 16/10/2017م قررت المحكمة ضم الطعن رقم 41691 لسنة 62 ق.ع إلى الطعن رقم 43057 لسنة 62 ق.ع وبجلسة 6/5/2019 قررت المحكمة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، وتدوول نظر الطعنين أمامها وبجلسة 7/9/2019 قضت المحكمة بندب خبير في الدعوى ولم يتم تسديد أمانة الخبير في جانب الطاعنة، وبجلسة 28/12/2019 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 18/4/2020 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات في إسبوعين، وبها قررت مد أجل النطق بالحكم إداريًا لجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المـحــكــمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة المقررة قانونًا.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية الأخرى المقررة قانونًا ومن ثم يكونان مقبولين شكلًا .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما هو ثابت من خلال الأوراق في أنه بتاريخ 31/8/2014م أقامت المدعية الدعوى رقم ۸۰419 لسنة 68 ق بموجب عريضة موقعة من محام مقبول ومعلنة قانونًا أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية، بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلًا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تغيير نوعها واسمها، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع التصريح بتنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل الأتعاب .
وذكرت المدعية شرحًا لدعواها أنها ولدت بتاريخ 30/10/1982م إلا أنها عانت من اضطرابات الهوية الجنسية (التحول الجنسى) ، الأمر الذي حداها إلى عرض نفسها على نقابة أطباء مصر وبعد إجراء التحاليل والفحوصات الطبية قررت اللجنة المختصة بالنقابة بتاریخ 22/11/2012 الموافقة على تصحيح جنسها من أنثى إلى ذكر، وبتاريخ 29/10/2013 تم إجراء عملية تصحيح الجنس من أنثى إلى ذكر في مركز الدقى التخصصى، وعلى أثر ذلك تقدمت بطلب تصحيح وتغيير قيد لمصلحة الأحوال المدنية وذلك لتحويل نوعها من أنثى إلى ذكر واسمها من …………………. إلى ……………………. بغية استخراج بطاقة رقم قومى لها على هذا النحو، إلا أن جهة الإدارة امتنعت برغم حدوث حالات مماثلة، ونعت المدعية على قرار جهة الإدارة المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون، فضلًا عن بقائها تحمل بطاقة شخصية تحوي بيانات مخالفة للواقع والحقيقة يضر بها أشد الضرر حيث يترتب على ذلك حرمانها من حق الزواج وكذا الحق في العمل وكذا التنقل والسفر والإقامة لعدم تطابق اسمها الموجود ببطاقتها الشخصية مع اسمها الحقيقى بما يتوافر معه ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، الأمر الذي حداها إلى إقامة الدعوى الماثلة بغية الحكم لها بطلباتها سالفة البيان .
وقد تدوول نظر الدعوى بجلسات التحضير أمام هيئة مفوضى الدولة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وقد أودعت الهيئة تقريرًا مسببًا بالرأى القانوني في الدعوى ارتأت للأسباب الواردة به الحكم أصليًا : تمهيديًا وقبل الفصل في موضوع الدعوى بإحالة الدعوى إلى مصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل ليندب بدوره لجنة ثلاثية من خبرائه المتخصصين في الموضوع لمباشرة المأمورية الواردة بالأسباب، مع إبقاء الفصل في المصروفات، واحتياطيًا : بقبول الدعوى شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وتدوولت الدعوى بجلسات المرافعة أمام محكمة أول درجة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 24/1/2016م أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه سالف البيان .
وقد شيدت المحكمة قضاءها – بأن الثابت من مطالعة تقرير الإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بمصلحة الطب الشرعى المؤرخ 9/2/2014 المرفق بتقرير مصلحة الطب الشرعى المقدم ضمن حافظة مستندات جهة الإدارة بجلسة المرافعة المنعقدة بتاريخ 1/2/2015 أنه قد أثبت نتيجة التحليل المعملي للبصمة الوراثية للحمض النووى المستخلص من عينة دماء المدعية وانتهى إلى أن البصمة الوراثية لأنثى تحمل الكروموسوم (xx)، وبالتالي فإن الثابت بيقين أن المدعية كانت تعانى من حالة اضطراب الهوية الجنسية وهي في الأساس حالة من حالات المرض النفسى، وهو ما أكد عليه الأستاذ الدكتور طارق أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسى في تقريره المؤرخ 18/6/2007 والمشار إليه في تقرير مصلحة الطب الشرعى سالف الذكر، ومن ثم فإن ما سبق ذكره جميعًا يقطع بأن المدعية هي في حقيقة خلقها أنثى مكتملة الأنوثة من ناحية الأعضاء الداخلية والخارجية، وأنه وإن تم استئصال الثديين وزرع جزء مشكل على هيئة قضيب بطول 9 سم وعرض حوالي ٢ سم بموضع النظر فقد كان ذلك دون إمكانية وجود خصيتين والمسئولتين عن الإنجاب عند الرجال، وفي المقابل تم الاحتفاظ للمدعية بفتحة البول في الوضع الأنثوى والشفران الغليظان الدقيتان موجودان وأيضًا فتحة المهبل موجودة، وبالتالى فإن ما تم في حقيقة الواقع من عملية جراحية للمدعية لم تكن علاجًا من مرض عضوى يقتضى تصحيح الجنس وإنما كان لمعالجة المدعية مما تشعر به من ألم نفسى وليد إحساسها بالانتماء إلى جنس الذكر وهى حالة نفسية كانت تقتضى العلاج النفسى دون إجراء عملية تغيير الجنس التى تعد في تلك الحالة من قبيل التلاعب بخلقة الله المنهى عنه في الشريعة الإسلامية، والذى لا سبيل للمحكمة إلا الاحتكام إليها في ظل خلو التشريعات القائمة من تنظيم لعمليات تصحيح وتغيير الجنس وذلك تطبيقًا مباشرًا لنصوص أحكام الدستور التي اعتبرت مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الأساسى للتشريع، ولا يحاج على ذلك بالادعاء بالحرية الشخصية للفرد في أن يحقق ما يراه نافعًا له، فتلك الحرية مقيدة بعدم الإضرار بالآخرين ولا ريب في أن تغيير الشخص لجنسه على خلاف حقيقة خلق الله له إنما يؤدى إلى آثار خطيرة في الزواج والطلاق والميراث وهي أضرار يتعدى أثرها إلى غيره، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه برفض طلب المدعية تغيير جنسها من أنثى إلى ذكر واسمها من …………………… إلى أ…………….. قد جاء قائمًا على صحيح حكم القانون، وهو ما تقضي معه المحكمة برفض الدعوى.
وحيث إن مبنى الطعنين أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون، وخلصت الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإن المادة (2) من القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية تنص على أن : تنشئ مصلحة الأحوال المدنية قاعدة قومية لبيانات المواطنين تشتمل على سجل خاص لكل مواطن يميزه رقم قومى منذ ميلاده وطوال حياته ولا يتكرر حتى بعد وفاته، وتلتزم جميع الجهات بالتعامل مع المواطن من خلال هذا الرقم.
وتنص المادة (۱۲) من القانون ذاته على أن : تعتبر السجلات التي تمسكها المصلحة وفروعها بما تشتمل عليها من بيانات والصور الرسمية المستخرجة منها حجة بصحتها ما لم يثبت عكسها أو بطلانها أو تزويرها بحكم قضائى … .
وتنص المادة (46) من ذات القانون على أن : تشكل في دائرة كل محافظة لجنة من :
1- ………. 2- ……….. 3- …………
وتختص هذه اللجنة بالفصل في طلبات تغيير أو تصحيح قيود الأحوال المدنية المدونة في سجلات المواليد والوفيات وقيد الأسرة …
وتحدد اللائحة التنفيذية الإجراءات الخاصة بتقديم الطلبات وكيفية القيد والجهات الواجب إخطارها بالقرار الصادر فيها ….
وتنص المادة (47) منه على أن : لا يجوز إجراء أي تغيير أو تصحيح في قيود الأحوال المدنية المسجلة عن وقائع الميلاد والوفاة وقيد الأسرة إلا بناءً على قرار يصدر بذلك من اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة.
ويكون إجراء التغيير أو التصحيح في الجنسية أو الديانة أو المهنة – أو في قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصاق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسمانى أو إثبات النسب بناء على أحكام أو وثائق صادرة من جهة الاختصاص دون حاجة إلى استصدار قرار من اللجنة المشار إليها .
وتنص المادة (1) من اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم ۱۱۲۱ لسنة ۱۹۹5 على أن : تتولى مصلحة الأحوال المدنية تسجيل بيانات أسر المواطنين على الحاسبات الآلية بها وتسجيل واقعات الأحوال المدنية وما يتفرغ عنها من بيانات، وذلك وفقًا للسجلات المبينة بالمادة التالية.
وتنص المادة (۲) من اللائحة ذاتها على أن : تنشأ بمصلحة الأحوال المدنية السجلات الآلية الآتية :
سجل واقعات الميلاد وتسجل فيه واقعات الولادة.
سجل واقعات الوفاة وتسجل فيه واقعات الوفاة.
………..
………..
سجل بطاقات تحقيق الشخصية وتسجل فيه بيانات تحقيق الشخصية.
6- …… 7- ….. 8- ….. .
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع في القانون رقم ۱43 لسنة ۱۹۹4 ألزم مصلحة الأحوال المدنية بإنشاء قاعدة قومية لبيانات المواطنين من خلال سجلات تثبت بها وقائع الميلاد والوفاة والزواج والطلاق، واختصها بإصدار شهادات الميلاد والوفاة وبطاقات تحقيق الشخصية وقيد الأسرة وصور من جميع قيود الأحوال المدنية المسجلة لديها، وأسبغ الحجية على البيانات الواردة بتلك السجلات وما يستخرج منها من صور رسمية وحظر إهدار تلك الحجية إلا بموجب حكم قضائى ببطلانها أو تزويرها، ولم يمنح المشرع المصلحة بعد إجراء القيود أية سلطة في تعديلها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب يقدم من ذوى الشأن، وناط بلجنة تشكل في دائرة كل محافظة برئاسة المحامى العام للنيابة الكلية بالمحافظة أو من ينيبه الفصل في طلبات تغيير أو تصحيح قيود الأحوال المدنية المدونة في سجلات المواليد والوفيات وقيد الأسرة وطلبات قيد ساقطى قيد الميلاد والوفاة للوقائع التي لم يبلغ عنها خلال المدة المحددة بالقانون، وهذه اللجنة هي لجنة إدارية وقراراتها نهائية لا تحتاج إلى تصديق أو اعتماد من سلطة أعلى، واستثنى من العرض على اللجنة المذكورة إجراء التغيير أو التصحيح في الجنسية أو الديانة أو المهنة أو في قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسمانى أو إثبات النسب فاستلزم أن يكون ذلك بناءً على أحكام أو وثائق صادرة من جهة الاختصاص، ومن ثم فإن المشرع قد مايز بين نوعين من التعديلات التي يمكن إدخالها على قيود الأحوال المدنية الثابتة بسجلات المصلحة، أولهما: ما يتعلق بإبطال قيد الواقعة ذاتها بالسجلات، وهو ما يرتب محوه أو إلغاءه، وهذا النوع لا يتم إلا بموجب حكم قضائى، وثانيهما: المتعلق بتغيير أو تصحيح بيان ورد بقيد الواقعة وهذا النوع يتم بقرار يصدر من لجنة الأحوال المدنية المذكورة، عدا التغيير أو التصحيح الذى استثناه من العرض على اللجنة على نحو ما سلف بيانه والذى استلزم أن يتم بناء على أحكام قضائية أو وثائق صادر من جهة الاختصاص، وفي جميع الأحوال تلتزم المصلحة بإجراء التعديل الذي يقرره الحكم القضائى أو قرار اللجنة المذكورة أو الوثائق الصادر من جهة الاختصاص، وبينت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 143 لسنة 1994 أنواع السجلات التي تمسكها المصلحة ومن بينها سجل الميلاد وتسجل فيه واقعات الميلاد وسجل بطاقات تحقيق الشخصية وتسجل فيه بيانات تحقيق الشخصية .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعية قد تقدمت بطلب إلى وزارة الداخلية قطاع مصلحة الأحوال المدنية لتغيير نوعها من أنثى إلى ذكر وتغيير اسمها من نوران مجد الدين محمد صدقى إلى ……………………… وقد عرض أمرها على اللجنة المختصة بتغيير وتصحيح قيود الميلاد بقطاع مصلحة الأحوال المدنية حيث قررت اللجنة إحالة المدعية إلى مصلحة الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى الشرعى عليها لبيان الجنس لها وبيان حالة جنسها العقلى (ذكر أم أنثى) والعملية الجراحية التى أجريت لها وما إذا كانت تحولت بالفعل إلى ذكر من عدمه.
وقد باشرت مصلحة الطب الشرعى المهمة الموكلة إليها، حيث استعرضت المستندات التي تحصلت عليها وهى كالآتى :
1- صورة ضوئية من شهادة صادرة من نقابة أطباء مصر مؤرخة 26/5/2013 مثبت بها أن لجنة تحديد وتصحيح الجنس بالنقابة العامة للأطباء قد اجتمعت في يوم 11/5/2013 وانتهت بعد الاطلاع على التحاليل والفحوصات الطبية وتوقيع الكشف الطبى، إلى الموافقة على تصحيح من أنثى إلى ذكر للسيدة / ………………….(الطاعنة).
2- صورة ضوئية من تحليل کروموسومى صادر من مركز الوراثة الطبى باسم ……………. بتاريخ 18/6/2007 والنتيجة.(xx 46).
3- صورة ضوئية محررة بخط اليد على روشتة خاصة بالدكتور ……………… مؤرخة 18/6/2007 مثبت بها بالكشف على الآنسة ……………. وجد أنها تعانى من اضطرابات الهوية الجنسية – تحول جنسى مع أعراض اكتئابية بسيطة وبعد عمل معدل ذكاء وجد أن ذكاءها متوسط (۱۰۸) وحالتها النفسية في الوقت الحالى لا تدل على أي أعراض عصابية أو زهانية او اضطراب في الشخصية.
4- صورة ضوئية من تقرير طبى صادر من مركز الدقى التخصصى باسم/ …………….. مؤرخ 29/10/2013 مثبت بها أن المريض المذكور أجرى عملية تصحيح جنس من أنثى إلى ذكر بناءً على موافقة نقابة الأطباء بتاریخ 22/11/2012 وتحمل بطاقة رقم قومى (۲۸۲۱۰۳۰۰۱۰5۰۰۹) باسم/ ………….، وتم إجراء العملية في مركز الدقى التخصصى للجراحة تحت إشراف الأستاذ الدكتور/ …………….. في يوم 29/10/2013 .
5- صورة ضوئية من خطاب صادر عن نقابة أطباء مصر موجه إلى مدير عام مستشفى القصر العينى مثبت به
نصًا إيماء إلى الطلب المقدم من / …………… بالموافقة على تصحيح الجنس. نحيط سيادتكم علمًا أنه بناءً على التوصية الخاصة بالأستاذ الدكتور/ …………. أستاذ الذكورة والأستاذ الدكتور/ ……….. أستاذ الطب النفسى والتى أوصى فيها بالموافقة على التحول الجنسى من أنثى إلى ذكر.
كما قامت مصلحة الطب الشرعى بمناظرة الطاعنة حيث أثبت الآتى :
1- تمتعها بمظهر رجولى والذقن بازغ والشارب بازغ وشعر العانة بازغ وشعر الصدر بازغ.
2- تبين أثر التئام على شكل زجزاج بمجموع أطوال حوالى 43 سم تقع أسفل مقدم الحوض مع ملاحظة وجود جزء مشكل على هيئة قضيب بطول 9 سم وعرض حوالى 2 سم بموضع النظر، وفتحة البول تقع بوضع أنثوى مع عدم وجود خصيتين والشفران الغليظان الدقيتان موجودان وفتحة المهبل موجودة.
3- عدم وجود الثديين وتبين وجود أثرتى التئام تامتى التكوين بأبعاد حوالي ۱۲سم x 2سم تقع أسفل الثديين على
غرار استئصال الثديين.
كما قامت مصلحة الطب الشرعى بعمل استمارة معمل لعرض المذكورة على استشارى الذكورة وكذا العينات اللازمة لبيان عما إذا كان ذكرًا أو أنثى کروموسومات وهرمونات، وقد وردت نتيجة المعمل وأفادت أنه بعد إجراء التحاليل للمدعوة / ………………….. وجد أن الكروموسومات لأنثى بينما الهرمونات وتحويل الجنس لذكر أى جانب الصفات الجنسية والأعضاء التناسلية تتماشى مع كونه ذكرًا بصورة جيدة.
واستنادًا إلى كل من تقدم من مستندات وأخذًا بتقرير المعامل الطبية واستشارى الذكورة انتهت مصلحة طلب الشرعى في تقريرها رقم (47) لسنة ۲۰۱4 المؤرخ 26/6/2014 إلى الكروموسومات لأنثى (xx) أى أن المذكورة أنثى.
وبناء على ما تقدم وما خلص إليه تقرير مصلحة الطب الشرعى انتهت لجنة تغيير وتصحيح القيود بقطاع مصلحة الأحوال المدنية في 10/8/2014 إلى رفض طلب الطاعنة بتغيير نوعها من أنثى إلى ذكر وكذا تغيير اسمها من ……………………… إلى ……………………. وأنه يتعين عليها اللجوء إلى القضاء.
ومن حيث إنه ولما كان الدستور قد صدر ناصًا في المادة الثانية منه على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، ومؤكدًا في المادة الرابعة والخمسين على أن الحرية الشخصية حق طبیعی وهي مصونة لا تمس، ومتى كانت الحرية الشخصية هي ملاك الحياة الإنسانية كلها لا تخلقها الشرائع بل تنظمها ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها ومختلف توجيهاتها تحقيقًا للخير المشترك للجماعة ورعاية الصالح العام، فهي لا تقبل من القيود إلا ما كان هادفًا إلى هذه الغاية مستوجبًا تلك الأغراض، ومن ثم غدت الحرية الشخصية أصلًا يهيمن على الحياة بكل أقطارها، لا قوام لها بدونها، إذ هي محورها وقاعدة بنيانها، ويندرج تحتها بالضرورة تلك الحقوق التي لا تكتمل الحرية الشخصية في غيبتها، ومنها مما لا شك فيه حق الشخص في أن يفعل شيئًا مباحًا يرى فيه نفعه وتحقيق صالحه دون أن يطال حق الغير أو الافتئات عليه، وبشرط عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب، وهذا القيد وإن لم ينص الدستور عليه فإن ذلك لا يعنى إسقاطه عمدًا أو إباحة ممارسة الشخص لحريته الشخصية ولو كانت مخلة بالنظام العام بمفهومه الشامل أو تلحق به ذاته ضرارًا قد لا يقدر حدوده عند ممارسة تلك الحرية، ذلك أن هذا القيد غنی عن الإثبات والنص عليه صراحة باعتباره أمرًا بديهيًا وأصلًا دستوريًا يتعين إعماله ولو أغفل النص عليه.
وحيث إن حرية الشخص في تغيير جنسه ضمن المنظور الدستوري يتعين فهمها في ضوء أمرين هامين : أولهما – أن جمهورية مصر العربية دولة مدنية ديمقراطية والإسلام فيها دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع وفقًا لحكم المادة (۲) من الدستور، وثانيهما – أن الدستور في المادة (60) منه قد جعل لجسد الإنسان واعتبر الاعتداء عليه أو تشويهه جريمة يعاقب عليها القانون ولم يجز بحال إجراء تجارب طبية أو علمية عليه ولو برضاه إلا وفقًا للأسس المستقرة في العلوم الطبية على النحو الذي ينظمه القانون، ومن ثم فإن تغيير الجنس ولئن كان لا يثير مشكلة في الدول ذات الطابع المدنى الكامل، فإن الأمر جد مغاير في مصر لما يترتب على تغيير الجنس من آثار قانونية هامة في مسائل الأسرة كالزواج والطلاق والميراث وهى آثار تختلف حسب كون الشخص ذكرًا أو أنثى، وبالتالى فإنه لا يمكن التسليم بحرية الشخص المطلقة في تغيير جنسه في ظل الوضع القانوني الراهن والذي خلا من وجود تنظيم قانوني لعمليات تغيير الجنس يحدد حالات إجرائها كضرورة طبية علاجية والجهة الرسمية في الدولة المنوط بها إصدار التصاريح الخاصة بإجراء تلك العمليات وفقًا للأصول الفنية والعلمية الحاكمة والمتعارف عليها لإجراء هذا النوع من العمليات.
وحيث إنه وعن التصور الإسلامى لحرية تغيير الجنس في ضوء ما قررته المادة الثانية من الدستور من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع، فإن هناك فارقًا كبيرًا بين عمليات تصحيح الجنس وعمليات تغيير الجنس، فعمليات تصحيح الجنس مباحة شرعًا عند رأى جمهور الفقهاء باعتبارها علاجًا للمرضى الذين يعانون اضطرابات عضوية كحالات الخنثى الذكرية أو الخنثى الأنثوية وفيها تكون الحالة عبارة عن شخص لديه خلل في الجهاز التناسلي أو البنية الجسدية بحيث يبدو أنثى وهو في الحقيقة ذكر وفي هذه الحالة يتم إجراء الجراحة التصحيحية إلى الجنس الحقيقى وهو الذكورة والعكس قد يكون الشخص أنثى ولديها خلل في الجهاز التناسلى ويبدو وكأنه ذكر ويتم إجراء الجراحة التصحيحية إلى الجنس الحقيقى وهو الأنثى، وهنا يتضح أن عمليات تصحيح الجنس هي تصحيح من الوضع الخطأ إلى الوضع الصحيح، وهى جائزة وبإجماع شرعى من المجامع الفقهية، أما عمليات تغيير الجنس فتتم للمرضى الذين يعانون من اضطراب في الهوية الجنسية وهو الإحساس الداخلى بالأنوثة أو الذكورة وهو ما يسمى بالجنس العقلى وهو في حقيقته تغيير من وضع سليم إلى خاطئ، ومن ثم كان إجماع الفقهاء على تحريم عمليات تغيير الجنس لما تنطوى عليه من تغيير في خلق الله أي تغيير من وضع سليم إلى خاطئ أى تغيير الرجل إلى امرأة لا تنجب والمرأة إلى رجل لا ينجب.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة تقرير الإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بمصلحة الطب الشرعى المؤرخ 9/2/2014 المرفق بتقرير مصلحة الطب الشرعى المقدم ضمن حافظة مستندات جهة الإدارة أمام محكمة أول درجة بجلسة المرافعة المنعقدة بتاريخ 1/2/2015 أنه قد أثبت نتيجة التحليل المعملى للبصمة الوراثية للحمض النووى المستخلص من عينة دماء الطاعنة وانتهى إلى أن البصمة الوراثية لأنثى تحمل الكروموسوم (xx)، وبالتالى فإن الثابت بيقين أن الطاعنة كانت تعانى من حالة اضطراب الهوية الجنسية وهى في الأساس حالة من حالات المرض النفسى، وهو ما أكد عليه الأستاذ الدكتور/ ……………… أستاذ الطب النفسى في تقريره المؤرخ 18/6/2007 والمشار إليه في تقرير مصلحة الطب الشرعى سالف الذكر، ومن ثم فإن ما سبق ذكره جميعًا يقطع بأن الطاعنة هي في حقيقة خلقها أنثى مكتملة الأنوثة من ناحية الأعضاء الداخلية والخارجية، وأنه وإن تم استئصال الثديين وزرع جزء مشكل على هيئة قضيب بطول 9 سم وعرض حوالى 2 سم بموضع النظر فقد كان ذلك دون إمكانية وجود خصيتين والمسئولتين عن الإنجاب عند الرجال، وفي المقابل تم الاحتفاظ للطاعنة بفتحة البول في الوضع الأنثوى والشفران الغليظان الدقيتان موجودان وأيضًا فتحة المهبل موجودة، وبالتالى فإن ما تم في حقيقة الواقع من عملية جراحية للطاعنة لم تكن علاجًا من مرض عضوى يقتضى تصحيح الجنس وإنما كان لمعالجة الطاعنة مما تشعر به من ألم نفسى وليد إحساسها بالانتماء إلى جنس الذكر وهى حالة نفسية كانت تقتضى العلاج النفسى دون إجراء عملية تغيير الجنس التى تعد في تلك الحالة من قبيل التلاعب بخلقة الله المنهى عنه في الشريعة الإسلامية، والذي لا سبيل للمحكمة إلا الاحتكام إليها في ظل خلو التشريعات القائمة من تنظيم لعمليات تصحيح وتغيير الجنس وذلك تطبيقًا مباشرًا لنصوص أحكام الدستور التي اعتبرت مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الأساسى للتشريع، ولا يحاج على ذلك بالادعاء بالحرية الشخصية للفرد في أن يحقق ما يراه نافعًا له، فتلك الحرية مقيدة بعدم الإضرار بالآخرين ولا ريب في أن تغيير الشخص لجنسه على خلاف حقيقة خلق الله له إنما يؤدى إلى آثار خطيرة في الزواج والطلاق والميراث وهي أضرار يتعدى أثرها إلى غيره، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه برفض طلب الطاعنة تغيير جنسها من أنثى إلى ذكر واسمها من ………………….. إلى ……………….. قد جاء قائمًا على صحيح حكم القانون، وهو ما تقضى معه المحكمة برفض الطعن.
ولا يفوت المحكمة أن تنوه هنا أنها، وهي الخبير الأعلى في الدعوى، وإذا انحازت إلى ما خلص إليه التقرير الطبى لمصلحة الطب الشرعى عن حالة الطاعنة كان ذلك بحسبان أن تلك المصلحة هي الجهة الرسمية ذات الاختصاص الأصيل في حسم الأمر الطبى في الحالة المعروضة، وليست نقابة الأطباء والتى تعد في أساسها نقابة مهنية تقوم على رعاية شئون الأعضاء المنتمين إليها، لم يخولها المشرع في قانون إنشائها أى اختصاص قانوني في تقرير الموافقة أو عدم الموافقة على عمليات تصحيح وتغيير الجنس، ولا تعد لائحة آداب المهنة الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان رقم ۲۳۸ لسنة ۲۰۰۳ في 5/9/2003 بمثابة سند تشريعى للنقابة في إنشاء ما يسمى لجنة تحديد وتصحيح الجنس بها وقيام تلك اللجنة بإصدار قرار للمدعية بالموافقة على إجرائها عملية تغيير الجنس من أنثى إلى ذكر دون أن يتبين من الأوراق إجراء الفحص الطبي المعملى المسبق على الطاعنة من خلال الجهات الطبية الرسمية في الدولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا الوجه من القضاء، فإنه يكون قد أصاب تطبيق صحيح حكم القانون جديرًا بالتأييد ويكون النعى عليه بالإلغاء غير قائم على سنده وسببه جديرًا بالرفض.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملًا بنص المادة 184 قانون المرافعات.
فلهـــذه الأسبــاب
حكـمـت المحكـمـة : بقبول الطعنين شكلًا ورفضهما موضوعًا وألزمت الطاعنة المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلى علنًا يوم السبت 21 من شوال سنة 1441 هجرية، الموافق 13/6/2020 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
سكرتير المحكمة رئـيــس المحــكــمــــة