الطعن رقم ٦۳٦۷ لسنة ۸۸ ق
باســم الشعـــب
محكمــــة النقـــــض
الدائرة المدنية
دائرة الثلاثاء (ب)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الـــقــاضــــي / محمـــــد خليفــــــة البــــرى نائـــــــب رئيس المحكمــــة
وعضوية السادة الـقــضاة / أحمـــد جلال عبد العظيم أحمــــــد كمـــــال حمـــــــدى
رضـــــــا كـــــــرم الــديــــــــــن و إســماعـــيل حــسن يحيى
” نواب رئيس المحـكمـة “
وبحضور رئيس النيابة السيد / محمد إبراهيم.
وأمين السر السيد / عبد الفضيل صالح.
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الثلاثاء 14 من جمادى الأولى سنة 1445 ه الموافق 28 من نوفمبر سنة 2023 م .
أصدرت الحكم الآتـى :
فـي الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 6367 لسنـة 88 ق .
المرفوع مــن
ــــــــــ ……………
المقيمة / …………
لم يحضر أحد.
ضــــــــــــــد
- …………
- ………..
المقيمين / ………….
- ………..
المقيم / …………….
- شركة القاهرة الكبرى للإنماء والتعمير ويمثلها المهندس / ………… بصفته رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب.
يعلن / بمقرها: 8 شارع الشهيد زكريا خليل – مبنى النساجون الشرقيون الإداري – شيراتون هليوبوليس – النزهة – محافظة القاهرة.
لم يحضر أحد.
” الوقائــع “
في يوم 26/3/2018 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 30/1/2018 في الاستئنافين رقمي 5423، 5660 لسنة 134 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفى نفس اليوم أودع الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستندات.
وفى 8/4/2018 أعلن المطعون ضدهم الأولى والثاني والرابع بصحيفة الطعن.
وفى 17/4/2018 أعلن المطعون ضده الثالث بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وأبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 24/10/2023 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أرجأت إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / ………. ” نائب رئيس المحكمة “، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم ٢٤٩٧ لسنة ۲۰۱٦ مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بقبول رجوعها في هبتها غير المباشرة واعتبارها كأن لم تكن ، وإلزام المطعون ضده الثالث بنقل ملكية الشقة موضوع التداعي إليها أو تحرير عقد بيع وتوكيل بالبيع للنفس أو للغير يمكنها من نقل الملكية لها ، والغاء العقد والتوكيل الصادرين منه للمطعون ضدها الأولى عن شقة التداعي وإلزام الأخيرة بالإخلاء والتسليم ، وإبطال العقد المؤرخ 1/9/2016 وإلزام الشركة المطعون ضدها الرابعة بتحرير عقد جديد باسمها، وقالت بياناً لذلك إنه بتاريخ 11/12/2014 قامت بشراء شقة التداعي من المطعون ضده الثالث على أن يتم تحرير العقد والتوكيل بالبيع باسم ابنتها المطعون ضدها الأولى لتكون هبة غير مباشرة مؤجلة لما بعد الوفاة مع إقامتها مع الموهوب لها في نفس الشقة موضوع الهبة ، وورد بالعقد شرط مانع من التصرف يتضمن إقرار الأخيرة بأن تلك الشقة مملوكة للطاعنة ولا يجوز لها التصرف فيها إلا بعد الرجوع إليها، إلا أنها عقب تحرير العقد والتوكيل سالفي البيان قامت بافتعال المشاكل والتعدي عليها وعلى شقيقتها بالضرب بقصد إجبارها على ترك مسكنها موضوع العقد وقامت بالتنازل عن الشقة لصالح زوجها، ولما كانت الطاعنة ترغب في الرجوع في الهبة استناداً للمادة 5۰۱ من القانون المدني فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 26/3/2017 حكمت المحكمة ببطلان عقد البيع المؤرخ 1/9/2016 ورفضت باقي الطلبات بحكمٍ استأنفته الطاعنة لدى محكمة استئناف القاهرة برقم ٥٤٢٣ لسنة ١٣٤ ق كما استأنفه كل من المطعون ضدهما الأولى والثاني برقم ٥٦٦٠ لسنة ١٣٤ ق أمام ذات المحكمة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 30/1/2018 في استئناف الطاعنة بتعديل الحكم المستأنف بإلزام المطعون ضدهما الأولى والثاني بتسليم شقة النزاع للطاعنة والتأييد فيما عدا ذلك ورفض الاستئناف الثاني، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن المادة ٤٨٨ من القانون المدني قد أجازت حصول الهبة تحت ستار عقد آخر، وقد ورد بالبند التاسع من العقد موضوع التداعي إقرار المطعون ضدها الأولى بأن شقة النزاع ملك لوالدتها وهو إقرار يؤكد على أنه في حقيقته عقد هبة تحت ستار عقد بيع اشترطت فيه الواهبة على الموهوب لها الإقامة معها ، وأن الأعذار التي وردت في المادة ٥٠١ من القانون المدني للرجوع في الهبة لم ترد على سبيل الحصر ولا يوجد ما يمنع أن تكون هناك أعذار أخرى تبرر الرجوع في الهبة ومن بينها ألا يقوم الموهوب له بالالتزامات أو التكاليف التي فرضتها عليه الهبة فإذا أخل الموهوب له بالتزامه جاز للواهب أن يلجأ للقضاء بطلب الرجوع فيها ، وأنها طلبت الرجوع في الهبة لإخلال المطعون ضدها الأولى بما التزمت به ، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض طلبها لخلو الأوراق من وجود عقد هبة لشقة النزاع وعدم تسجيلها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة ٤٨٦ من التقنين المدني على أنه ” 1 – الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض ۲ – ويجوز للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع، أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين ” وفى المادة ٤٩٧ منه على أنه ” يلتزم الموهوب له بأداء ما اشترط عليه من عوض سواء اشترط هذا العوض لمصلحة الواهب أم لمصلحة أجنبي أم للمصلحة العامة “، يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه ولئن كان الأصل في الهبة أنها تبرع محض فتكون عقداً ملزماً لجانب واحد هو الواهب ولا يلتزم الموهوب له بشيء ، ومن ثم لا يرد عليه الفسخ لأن مبناه الارتباط بين الالتزامات المتقابلة، إلا أنه إذا كانت الهبة مقيدة أي مقترنة بفرض التزام معين على الموهوب له كاستعمال المال الموهوب في غرض محدد، أو بعوض اشترط فيها الواهب عوضاً لهبته كأن يؤدى إليه الموهوب له نفقة مقدرة طوال حياته، فإن عقد الهبة على الحالين يكون عقداً ملزماً للجانبين يرد عليه الفسخ طبقاً للقواعد المقررة في القانون المدني، فيجوز لكل من العاقدين طلب الفسخ إذا لم يوفِ العاقد الآخر بالتزامه إعمالاً لنص المادة ١٥٧ من التقنين المدني باعتباره من النصوص المكملة لإرادة المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين، ولا يجوز حرمان المتعاقدين من هذا الحق أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح، ولا يجوز الخلط بين طلب فسخ عقد الهبة المؤسس على إخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته الناشئة عن عقد الهبة باعتباره كسائر العقود الملزمة للجانبين يخضع لأحكام الفسخ القضائي المقررة في القانون المدني وبين طلب الرجوع في الهبة لقيام عذر يسوغ للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع والذي تحكمه القواعد والضوابط المنصوص عليها فى المادة ٥٠٠ وما بعدها من التقنين المدني المتعلقة بالرجوع في الهبة وموانعه ، وكان تكييف المدعى لدعواه تكييفاً خاطئاً لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في صحيفتها أو تمسك بها في دفاعه لا يقيد القاضي ولا يمنعه من إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح؛ ذلك أنه على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها والعبرة فى ذلك هو بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها وأن تنزل حكم القانون على ما يثبت لديها من وقائعها أنه التكييف الصحيح، وأن كل ما يشترطه القانون لصحة الهبة المستترة ونفاذها وفقا للمادة ٤٨٨ من القانون المدني أن يكون العقد الساتر للهبة مستوفياً كل الشروط المقررة له وتجيز هذه المادة حصول الهبة تحت ستار عقد آخر، وهى تخضع في شكلها للقواعد الخاصة بالعقد الذي يسترها، والهبة المسترة في صورة عقد بيع تصح متى كان العقد جامعاً في الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده أي مذكوراً فيه الثمن بطريقة غير نافية لوجوده، وتحقق ذلك لا يغير منه وجود ورقة أو اكتشاف دليل بأي سبيل يكشف عن حقيقة اتجاه نية المتصرف إلى التبرع طالما توافر الشكل الظاهري، ولما كانت محكمة الموضوع لا تستطيع البت في أمر صحة العقد إلا بعد أن تحدد نوعه إذ يتوقف على هذا التحديد معرفة الأحكام القانونية التي تنطبق عليه من حيث صحة العقد الصادر من المتصرف سواء باعتباره بيعا أو باعتباره وصية أو بحسبانه هبة مستورة فى تصرف آخر، وأن النص في المادة ١٧٥ من الدستور على أنه ” تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين فى القانون ” والنص في المادة ۱۷۸ منه على أن ” تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار ” وأن النص في المادة ٤٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۷۹ المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨ يدل – وعلى ما أقرته الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض – على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه ابتداءً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، وهذا الحكم ملزم الجميع سلطات الدولة وكافة الهيئات ، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الواقعات والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية بوصفه قضاءً كاشفاً عن عيبٍ صاحب النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص فى القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية قد حكمت في القضية رقم ٩٧ لسنة ٣٠ ق ” دستورية ” المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد ٤٠ مكرر ج بتاريخ ١٣/١٠/۲۰۲۱ بعدم دستورية نص البند ( هـ ) من المادة ٥٠٢ من القانون المدني الصادر بالقانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨ في مجال سريانها على هبة أي من الوالدين لولده ، مما مؤداه زوال المانع القانوني في رجوع الواهب في هبته لذي رحمٍ محرم ويحق للواهب لولده فى الحصول على ترخيص من القضاء بالرجوع فى الهبة عند توافر العذر المقبول ، وقد أدرك هذا الحكم الدعوى الماثلة قبل أن يصير الحكم الصادر فيها باتاً ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد حكم أول درجة برفض طلب الطاعنة الرجوع في هبتها لابنتها المطعون ضدها الأولى استناداً إلى أن الأوراق قد خلت من وجود عقد هبة الشقة محل النزاع وفقد شرط الشكلية الذي تطلبه المشرع في المادة ٤٨٨ من القانون المدني وهو التسجيل ، وقصر بحثه على ما إذا كان التصرف الصادر من الطاعنة يعد بيعاً منجزاً أم غير منجز وتم تسجيله أم لم يتم تسجيله حاجباً بذلك نفسه عن إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح وإعمال أثر الحق المقرر للطاعنة وبحث أعذارها طبقاً لطلباتها في الدعوى وبحث ما إذا كان العقد موضوع التداعي يعد هبة وتحديد نوعها أم يعد غير ذلك إعمالاً لنص المادة سالفة البيان المقضي بعدم دستوريتها وهو الأمر الذي حال دون بحث مدى توافر العذر المقبول الذي يجيز للطاعنة الرجوع في الهبة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وران عليه قصور مبطل بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها الأولى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة.