نظرية الظروف الطارئة. شرط إعمالها. أن يكون الحادث استثنائيًا وغير متوقع الحصول وقت انعقاد العقد

الطعن رقم ۱۱٥۷٤ لسنة ۹۲ ق – جلسة ۷ / ۲ / ۲۰۲۳

باسم الشعـــــــب

محكمــة النقــــــــــض

الـدائـــــــــــرة العماليـــــــــــة

ــــــــــــــــــــــ

برئاســة السيــد القاضي/ عاطـــــف الأعصــــــر “نائب رئيــــس المحكمــــــة”

وعضويـة السادة القضـاة/ أحمــــد داود ، حبشـــي راجـــي حبشـــي

عمــاد عبـد الرحمــن و د. توفيــــق إبراهيــــم

“نواب رئيس المحكمــــــــــــة”

بحضور السيد رئيس النيابة/ خالد محمد.

وأمين السر السيد/ محمد غازي.

في الجلسة العلنيــة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الثلاثـــــــــاء 16 من رجـــــــــــــب سنة 1444ه الموافق 7 من فبرايـــــــــــــــــر سنة 2023 م.

أصدرت الحكم الآتي:

فـي الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 11574 لسنـة 92 القضائية.

المرفوع مــن

…………

حضر الأستاذ/ ……… عن الطاعنة.

ضـــــــــــــــــد

…………

لم يحضر أحد عن المطعون ضده.

الوقائع

في يوم 22/5/2022 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف قنا “مأمورية البحر الأحمر” الصادر بتاريخ 30/3/2022 في الاستئنافين رقمي ….، ….. لسنة 40 ق، وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة ـــــــ بصفة مستعجلة ــــــ وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتًا إلى حين الفصل في الموضوع، والحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي اليوم ذاته أودعت الطاعنة مذكرة شارحة.

وفي 11/6/2022 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن.

ثم أودعت النيابة مذكرتها، وطلبت فيها: قبول طلب وقف التنفيذ، وقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وبجلسة 6/12/2022 عُرِضَ الطعن على المحكمة ـــــــ في غرفة مشورة ـــــــ فرأت أنه جدير بالنظر؛ فحددت لنظره جلسة للمرافعة، وبجلسة 7/2/2023 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ـــــ حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها ـــــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر الدكتور/ ……. “نائب رئيس المحكمة”، والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن الواقعات ــــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن ـــــــ تتحصل في أن المطعون ضده تقدم بشكوى إلى مكتب العمل ضمنها أنه كان يعمل عند الطاعنة ـــــــ وهي شركة توصية بسيطة تخضع لأحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة 2003 ـــــــــــــ وقد منعته من أداء عمله من دون مسوغ، ولتعذر تسوية النزاع وديًا أحيل إلى محكمة البحر الأحمر الابتدائية حيث قيد برقم …… لسنة ۲۰۲۱ وطلب المطعون ضده إلزام الطاعنة (رب العمل) بأن تؤدي إليه مبلغ ١٤۰۹۷۸٤ جنيهًا بالإضافة إلى تذاكر الطيران والتعويض. واجهت الطاعنة الدعوى بدفاع حاصله أنها واجهت قوة قاهرة نشأت عن تفشي جائحة مرضية فاضطرت إلى تخفيض عدد ساعات العمل وأجور العمال، ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الطاعنة (رب العمل) أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ٦١١٠٥٢ جنيهًا قيمة المستقطع من راتبه عن المدة من 1/9/2020 حتى 31/5/2021 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات بحكم استأنفه الطرفان بالاستئنافين رقمي ….، …. لسنة ٤٠ ق قنا “مأمورية البحر الأحمر”، وبتاريخ 30/3/2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عُرِضَ الطعن على المحكمة ــــــ في غرفة مشورة ـــــــ فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول: إن المدة التي يطالب المطعون ضده بأجره كاملًا خلالها وهي من 1/9/2020 حتى 31/5/2021 كانت فترة توقف لنشاط المنشأة تنفيذًا لقرارات رئيس مجلس الوزراء المتعاقبة بدءًا من القرار رقم ….. لسنة ۲۰۲۰ ذلك لمواجهة جائحة مرضية (فيروس كوفيد ۱۹ كورونا) وتم خلالها غلق المطارات والشواطئ وحظر التجوال مما أثر بالسلب على الحركة السياحية وبالتالي على نشاط المنشأة ومواردها المالية فاضطرت إلى تخفيض عدد ساعات العمل وتخفيض أجور العمال بنسبة ٢5% ومنهم المطعون ضده عملًا بقاعدة الظروف الاستثنائية، إلا أن الحكم لم يواجه هذا الدفاع بما يصلح ردًا عليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك بأن النص في الفقرة الثانية من المادة ٤١ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ۲۰۰۳ ـــــــــــــ والمنطبق على الواقعة ـــــــــــــ على أن “…. أما إذا حضر (العامل إلى مقر عمله) ….. وحالت بينه وبين مباشرة عمله أسباب قهرية خارجة عن إرادة صاحب العمل استحق نصف أجره” مفاد ذلك أن المشرع قد استهدف بهذه الفقرة تحقيق التوازن بين مصلحة العامل في كفالة مورد رزق له خلال فترة الظروف القهرية التي تعزى لسبب خارجي عن إرادة رب العمل وحق صاحب العمل في ظل هذا السبب القهري في تخفيض ساعات العمل حتى ولو أدى ذلك إلى تخفيض أجور العمال، وتُعد هذه الفقرة إحدى تطبيقات نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها بالمادة 147/2 من القانون المدني، والتي قوامها أن يكون الحادث استثنائيًا وغير متوقع الحصول وقت انعقاد العقد، والمعيار في توفر هذا الشرط ــــــــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ معيار مجرد مناطه ألا يكون في مقدور الشخص أن يتوقع حصوله لو وجد في الظروف ذاتها عند التعاقد من دون اعتداد بما وقر في ذهن هذا المدين بالذات من توقع الحصول أو عدم توقعه، والبحث فيما إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع طالما أقام قضاءه على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه، وكان من المقررـ في قضاء هذه المحكمة ـــــ أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها، وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عنها أو طرح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم من دون أن يبين بمدوناته ما يسوغ هذا الإطراح فإنه يكون قاصرًا. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنها خفضت ساعات العمل وأجور العاملين بها نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد نتيجة جائحة كورونا، وبالتالي عدم أحقية المطعون ضده في طلبه إلا أن الحكم التفت عن دفاعها هذا والمؤيد بالمستندات ولم يعن ببحثه وتمحيصه على الرغم من جوهريته وهو ما يعيبه، ويوجب نقضه.

ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة تعمل في شكل شركة توصية بسيطة وتخضع لأحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ والذي نظم في المادة ٤١ منه حق رب العمل في تنظيم منشأته خلال فترة الظروف الاستثنائية الخارجة عن إرادته بما يتفق ونشاط المنشأة ومواردها المالية وما يستتبع ذلك من تخفيض عدد العاملين بالمنشأة وتخفيض عدد ساعات العمل وبالتالي تخفيض الأجور بما يتناسب مع حالة المنشأة المالية؛ وذلك حرصًا على استمرار نشاط المنشأة وفي الوقت ذاته كفالة مورد رزق العمال لحين انتهاء هذا الظرف الاستثنائي، وكان رئيس مجلس الوزراء ـــــــــــــ اتساقًا مع هذا النهج ولمواجهة تداعيات انتشار جائحة مرضية (فيروس كوفيد ۱۹) ـــــــــــــ قد أصدر عددًا من القرارات بدءًا من القرار رقم ٦٠٦ لسنة ۲۰۲۰ وما تلاه من قرارات بحظر التجمعات الكبيرة للمواطنين وتعليق حركة الطيران وتنظيم حق الانتقال، وذلك في إطار خطة شاملة للدولة للحفاظ على صحة وحياة المواطنين من أي أخطار مرضية محتملة، مما أدى إلى توقف حركة الطيران والسياحة وأثر سلبًا على نشاط المنشأة وتقليص مواردها خاصة وأنها تعمل في مجال السياحة، وهذا الظرف الاستثنائي يعد قوة قاهرة الأمر الذي يكون معه قرار الشركة الطاعنة بتخفيض أجر المطعون ضده بنسبة 25% من إجمالي أجره الشهري يتفق مع صحيح القانون ولا مخالفة فيه للقانون ويكون طلب المطعون ضده باسترداد ما خصم من أجره على غير أساس، وتقضي المحكمة تأسيسًا على ذلك برفض دعوى العامل مع إعفائه من المصاريف والرسوم كافة.

لذلـــــــــــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئنافين رقمي …..، ….. لسنة ٤٠ ق قنا “مأمورية البحر الأحمر” بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وأعفت المطعون ضده من المصاريف والرسوم كافة.

اترك تعليقاً