الطعن رقم ۸۷٦۱ لسنة ۹۲ ق
جلسة ۲۲ / ۱۱ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء (ب)
ـــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشــــار / صفـــــــــــــوت مكـــــــــــــادي ” نــائب رئيس المحـكــــمــــــة “
وعضوية السادة المستشــــــــــــارين / أحمد مصطفى عبد الفتاح ، محمـــــــــد حمدي متولي
جــــــــــورج إميـــــــــل الطويل نواب رئيــــــس المحكمــــة
أيمن صالح شريف
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى راجح.
وأمين السر السيد / أحمد لبيب.
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 8 من جماد الأول سنة 1445 هـ الموافق 22 من نوفمبر سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 8761 لسنة 92 القضائية.
المرفوع من
……. “محكوم عليه ـــــــ طاعن”
ضــد
النيابة العامة “طاعنة”
” الوقائــــع “
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم …. لسنة …. جنايات قسم ….(المقيدة برقم …. لسنة …. كلي ….).
لأنه في يوم 30 من يونيه سنة 2021 – بدائرة قسم …. – محافظة …..
ــــــــ المتهم وآخرون مجهولون سرقوا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه / …… بطريق الإكراه الواقع عليه بأن قاموا باعتراض طريقه مستخدمين في ذلك دراجة نارية وسيارتين وذلك حال قيادة المجني عليه السيارة الرقيمة “…..” ملاکي مهددين إياه متعدين عليه بأن كالوا له عدة ضربات مستخدمين في ذلك الأسلحة إحرازهم وعاجله المتهم بضربه فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق وشلا بذلك مقاومته وبثوا الرعب في نفسه حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة للشد من أزره وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات خاصته والسيارة قيادته ولاذوا بالقرار على النحو المبين بالتحقيقات. ـــــــ حازوا وأحرزوا بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن ” فرد خرطوش ” على النحو المبين بالتحقيقات.
ـــــــ حازوا وأحرزوا سلاحين أبيضين “مطواة ، كتر” دون مسوغ قانوني .
وأحالته إلى محكمة جنايات ….. لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت في ١٢ من فبراير لسنة ٢٠2٢ وعملاً بالمادتين 314/2، 315/أولاً، ثانياً، ثالثاً والمواد 1/1، 25، 26/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل. وبإعمال المادة ٣٢ من العقوبات. حضورياً بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وألزمته المصاريف الجنائية ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في ذلك الحكم بطريق النقض بتاريخ 26 من فبراير سنة 2022.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بتاريخ 21 من مارس سنة 2022 موقعاً عليها من المحامي/….. المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح في الطريق العام مع تعدد الجناة وحمل السلاح ، وحيازة وإحراز سلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” بغير ترخيص ، وسلاحين أبيضين ” مطواة – كتر ” دون ترخيص وبغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة وأعرض عن الدفع بانتفاء أركان جريمة السرقة بركنيها المادي والمعنوي ، ودفع الطاعن ببطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية ، وخلوه من البيانات الجوهرية بيد أن الحكم رد بما لا يصلح على الدفع الأول ولم يعرض للثاني ، كما أطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان القبض لتجاوز مأمور الضبط لاختصاصه المكاني دون أن يفطن إلى بطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ولحصوله قبل صدور الأمر به بدلالة التلاحق الزمنى في الإجراءات وما قرره الطاعن بالتحقيقات ، فضلاً عن بطلانه لعدم عرض الطاعن على النيابة المختصة الواقع في دائرتها الضبط ، وعول في إدانته على أقوال شهود الإثبات رغم تمسكه بعدم معقولية تصويرهم للواقعة وتناقض أقوال المجنى عليه وتراخيه في الإبلاغ وانفراد ضابط الواقعة بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة له عنها دون أن يحفل بدفاعه في ذلك الشأن ، كما تساند إلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وكونها لا تصلح بذاتها دليلاً للإدانة ، وارتكن إلى الدليل المستمد من العرض القانوني الذي تم بمعرفة النيابة العامة رغم بطلانه لرؤية المجني عليه للطاعن بمركز الشرطة قبل إجراء عملية العرض ، وأن التعرف عليه كان بإيعاز من رجال المباحث ، ولم تجبه المحكمة إلى طلب سماع شاهد الأثبات ، وتفريغ محتوى القرص المدمج المقدم منه في الدعوى ، وأغفلت دفاعه القائم على بطلان التقرير الطبي ، وتناقض الدليلين القولي والفني ، وانتفاء صلته بالمضبوطات ، كما التفتت عن باقي أوجه دفاعه ودفوعه التي أثارها بجلسة المحاكمة ، وخلا محضر الجلسة من أثباتها ، وأخيراً دانته المحكمة بمادة عقاب لم ترد بأمر الإحالة دون تنبيه الدفاع ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه ، وشهود الإثبات ، وتعرف المجني عليه على الطاعن بالعرض القانوني بتحقيقات النيابة ، ومما ثبت بالتقرير الطبي للمجنى عليه. لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في إدانته في بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما عليها من تدقيق البحث للتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور يكون لا محل له. لما كان ذلك ، وكان يكفى أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه وأن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، وكان الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه من ، وكان من المقرر أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرفي الإكراه والتهديد باستعماله وهي من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاً كان أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين لو كان وقوعهما من بعضهم دون الآخرين ، كما أنه يكفى لتوافر ظرفي الطريق العام وتعدد الجناة المنصوص عليهما في المادة ٣١٥ من قانون العقوبات أن تقع السرقة في طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت وبغير قيد سواء أكانت الأرض مملوكة للحكومة أم للأفراد من شخصين فأكثر ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة أن الطاعن وآخرين مجهولين قاموا سرقة السيارة والمتعلقات الشخصية المملوكة للمجنى عليه وكان ذلك بطريق الإكراه بأن استوقفوه حال قيادته لسيارته وأشهروا في وجهه أسلحة نارية وبيضاء واعتدوا عليه بالضرب محدثين إصابته مما أوقع الرعب في نفسه وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات ، ومن ثم فإن ما أثاره دفاع المحكوم عليه من انتفاء أركان جريمة السرقة في حقه لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح ، وهو ما لا تقبل أثارته لدى محكمة النقض ، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم توافر أركان جريمة السرقة وأطرحه في منطق سابغ وتدليل مقبول ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد أضحى غير سديد. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مؤدى ما نصت عليه المادتين ۱۲٦ ، ۱۹۹ من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة – عندما تباشر التحقيق – أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر القبض وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان أمر النيابة العامة بضبطه وإحضاره لعدم اشتماله على بياناته وشرائطه القانونية ، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لأمر الضبط والاحضار فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المتهم المأذون بضبطه كاملاً أو صفته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك ، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ولما كان الطاعن لا يماري في صحة صدور الأمر بضبطه وإحضاره من وكيل النيابة المختص مكانياً للضابط الذي نفذه فإن للأخير أن ينفذ هذا الأمر على من صدر عليه أينما وجده طالما أن ظروف التحقيق ومقتضياته قد استوجبت ذلك – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هو النظر عند رده على الدفع ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في أن أمر ضبطه صدر من سلطة تملك إصداره وحصل صحيحاً موافقاً للقانون فإن تفتيش شخصه على هذه الصورة يكون صحيحاً أيضاً لأن الإذن بالضبط هو في حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب وفي سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضى المادة ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل ، فضلاً عن ذلك فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن ضابط الواقعة لم يقم بالقبض على الطاعن إلا بعد أن رآه رؤية العين حال إحرازه للسلاح الأبيض ، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح للضابط القبض والتفتيش ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير صائب. لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما ، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها هذا إلى أنه من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي توردها – وهو الشأن في الدعوى المطروحة – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن لرجل الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفى الوقت الذى يراه مناسباً ما دام ذلك يتم في خلال المدة المحددة بالإذن إذ إن ذلك متروكاً لتقديره ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بقالة التلاحق الزمني للإجراءات التي قام بها الضابط يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من المقرر – إنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن أقوال الطاعن بالتحقيقات ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر؛ لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه ، وكان اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش في زمان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ، وكانت المحكمة غير ملزمة بأن تشير صراحة في حكمها إلى عدم أخذها بقالة الطاعن؛ ما دام قضاؤها بالإدانة اطمئناناً منها إلى صدق رواية شاهد الإثبات – ضابط الواقعة – يفيد دلالة إطراح أقواله ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة العامة – التي قبض عليه في دائرتها استناداً لنص المادة ۱۳۲ من قانون الإجراءات الجنائية – طالما أنه لا يدعى أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، هذا إلى أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على النحو الوارد بوجه النعي – لمخالفته نص السادة ۱۳۲ من قانون الإجراءات الجنائية – وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً موضوعياً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن النص في المادة ٣٣١ س قانون الإجراءات الجنائية على أنه : “يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء” جوهري يدل في صريح لفظه وواضح معناه أن الشارع يرتب البطلان على عدم مراعاة أي إجراء من الإجراءات الجوهرية التي يقررها دون سواها ، وإذ كان ذلك ، وكان الشارع لم يورد معياراً ضابطاً يميز به الإجراء الجوهري عن غيره من الإجراءات التي لم يقصد بها سوى الإرشاد والتوجيه للقائم بالإجراء ، فإنه يتعين لتحديد ذلك الرجوع إلى علة التشريع ، فإذا كان الغرض من الإجراء المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة للمتهم أو غيره من الخصوم فإن الإجراء يكون جوهرياً يترتب البطلان على عدم مراعاته ، أما إذا كان الغرض منه هو مجرد التوجيه والإرشاد للقائم به فلا يعد جوهرياً ولا يترتب البطلان على عدم مراعاته ، وكان النص في المادة من أنه إذا قبض على المتهم خارج دائرة المحكمة التي يجري التحقيق فيها ، يرسل إلى النيابة العامة بالجهة التي قبض عليه فيها وعلى النيابة العامة أن تتحقق من جميع البيانات الخاصة بشخصه وتحيطه علماً بالواقعة المنسوبة إليه وتدون أقواله في شأنها ، لم يرد على سبيل الوجوب وإنما تضمن قاعدة تنظيمية لم يرتب القانون بطلاناً على عدم مراعاتها ولا هي تعتبر من الإجراءات الجوهرية ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن التناقض في أقوال الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأن تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات وفي صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا عليها إن هي التفتت عما أبداه الطاعن من دفاع موضوعي ، ذلك أن أخذ المحكمة بشهادة شهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية – كما هو الحال في الحكم المطعون فيه – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ، مادامت قد أطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة. لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها شئياً عن أن تعرف الشاهد الأول – المجنى عليه – عليه كان نتيجة تأثير من رجال المباحث ، فلا يقبل منه إثارته ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك ، وكان الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع شهود الإثبات ، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده ، ومن ثم فإن النعي على المحكمة في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من محضر جلسة المرافعة أن المدافع عن الطاعن ضَمَّن مرافعته طلباً بتفريغ القرص المدمج غير أنه أتم مرافعته دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما يدعيه من بطلان التقرير الطبي ، فإنه لا يحل له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، هذا فضلاً عن أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه ، ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، فضلاً عن ذلك فإنه من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملائمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت بها محكمة الموضوع واطمأنت إليها غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الخاص بالمجنى عليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات المحكمة عن دفاع الطاعن بعدم صلته بالمضبوطات مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي يقول أنه آثارها ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، خاصة أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك ، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والمطروحة بالجلسة هي بذاتها التي دارت عليها المرافعة ، ولم تجر المحكمة تعديلاً في وصف التهمة – خلافاً لما يزعمه الطاعن – بل دانته المحكمة بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه.