الطعن رقم ۳۰٤٥ لسنة ٥۸ ق
جلسة ۱٦ / ۱۰ / ۱۹۸۸ – دائرة الاثنين (ج)
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وحسام عبد الرحيم.
(137)
الطعن رقم 3045 لسنة 58 القضائية
(1) دعوى جنائية “القيود التي ترد على تحريكها”. نيابة عامة “اختصاصها”. جريمة “أركانها”. تزوير “أوراق رسمية”. اشتراك. زنا.
الأصل أن حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها. مطلق. القيد على حريتها في هذا الشأن أمر استثنائي. ينبغي عدم التوسع في تفسيره.
جريمة الاشتراك في تزوير عقد الزواج. مستقلة في ركنها المادي عن جريمة الزنا. لا ضير على النيابة إن هي باشرت التحقيق في جريمة الاشتراك في تزوير عقد الزواج. رجوعاً إلى حكم الأصل وما يسفر عنه من جريمة الزنا التي يتوقف تحريك الدعوى الجنائية فيها على شكوى. ما دامت الشكوى قد قدمت قبل رفع دعوى الزنا إلى جهة الحكم. علة ذلك؟
(2) دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه. شرطه؟
(3) إثبات “بوجه عام” “أوراق” “شهود”. زنا. جريمة “أركانها”. قصد جنائي.
جريمة الزنا. ركن العلم فيها بأن من زنى بها متزوجة. أمر مفترض في حق الشريك ينفيه. إثباته أن الظروف كانت لا تمكنه من معرفة ذلك لو استقصى عنه.
(4) محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
خصومة الشاهد للمتهم. لا تمنع من الأخذ بشهادته.
قرابة الشاهد للمجني عليه. لا تمنع من الأخذ بأقواله.
1 – إن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد الاستثناء من نص الشارع، ومن ثم فإن قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة إلى الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها، أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى، ولما كانت جريمة الاشتراك في تزوير عقد الزواج – التي دين الطاعن بها – مستقلة في ركنها المادي عن جريمة الزنا التي اتهم بها فلا ضير على النيابة العامة إن هي باشرت التحقيق في جريمة الاشتراك في التزوير رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، ويكون تحقيقها صحيحاً في القانون سواء في خصوص جريمة الاشتراك في التزوير أو ما يسفر عنه من جرائم أخرى مما يتوقف تحريك الدعوى الجنائية فيها على شكوى، ما دامت الشكوى قد قدمت قبل رفعها الدعوى إلى جهة الحكم في خصوص جريمة الزنا – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي تقديم شكوى الأمر الذي تتأذى منه حتماً العدالة الجنائية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 – من المقرر أنه في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده فإذا كان عارياً عن دليله، وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه أو تناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه قصوراً في حكمها.
3 – إن كل ما يوجبه القانون على النيابة العامة أن تثبت أن المرأة التي زنى بها متزوجة، كما هو الحال في هذه الدعوى، وليس عليها أن تثبت علم الطاعن بأنها كذلك إذ أن علمه بكونها متزوجة أمر مفترض. وكان عليه أن يثبت أن الظروف كانت لا تمكنه من معرفة ذلك لو استقصى عنه وهو ما لم يقم به.
4 – من المقرر أن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، كما أن قرابة الشاهد للمجني عليه لا يمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: اشترك وأخرى حدث بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو……. المأذون الشرعي بالمنيا في تزوير محرر رسمي هو وثيقة الزواج رقم…… المؤرخة…… وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أدليا أمام الموظف العمومي سالف الذكر على غير الحقيقة بأن المتهمة الحدث خالية من الموانع الشرعية للزواج فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: اشترك مع المتهمة الحدث المتزوجة في زناها. ثالثاً: هتك عرض…… والتي لم تبلغ من العمر ثماني عشر سنة كاملة بغير قوة أو تهديد على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمة طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى…… مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 211، 212، 269/ 1، 274، 275 من قانون العقوبات المعدل مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الطاعن دفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها قبل تقديم الشكوى وأثار – كذلك – أن الزواج السابق وقع باطلاً فأغفل الحكم دفع الطاعن ودفاعه ولم يدلل على علم الأخير بعدم خلو الزوجة من الموانع الشرعية وهي التي أقرت أمام المأذون بخلوها من هذه الموانع، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول – في الإدانة – على أقوال مدعي الزواج السابق وشهود شهدوا مجاملة له، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض – على خلاف ما ذهب إليه الطاعن في طعنه – للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا لتحريكها قبل تقديم الشكوى وأطرحه بقوله: “وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للتهمة الثانية – الاشتراك في الزنا – فهو في غير محله إذ النيابة باشرت التحقيق بمجرد الإبلاغ وهذا حق لها ولم تقم دعوى الزنا إلا بعد شكوى الزوج ومن ثم ترفض المحكمة الدفع” وهو رد سائغ ذلك أن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد الاستثناء من نص الشارع، ومن ثم فإن قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة إلى الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها، أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى، ولما كانت جريمة الاشتراك في تزوير عقد الزواج – التي دين الطاعن بها – مستقلة في ركنها المادي عن جريمة الزنا التي اتهم بها فلا ضير على النيابة العامة إن هي باشرت التحقيق في جريمة الاشتراك في التزوير رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، ويكون تحقيقها صحيحاً في القانون سواء في خصوص جريمة الاشتراك في التزوير أو ما يسفر عنه من جرائم أخرى مما يتوقف تحريك الدعوى الجنائية فيها على شكوى، ما دامت الشكوى قد قدمت قبل رفعها الدعوى إلى جهة الحكم في خصوص جريمة الزنا – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي تقديم شكوى الأمر الذي تتأذى منه حتماً العدالة الجنائية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن ببطلان عقد الزواج الأول لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عارياً من دليله، يكذبه واقع ما اشتملت عليه وثيقة هذا الزواج من بيانات تشهد بصحتها – حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه – ومن ثم يكون دفاع الطاعن – في هذا الصدد – غير متسم بطابع الجدية وعارياً من دليله إذ يدحضه الواقع ولا يسانده وتكون المحكمة في حل من الالتفات إليه دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيباً في حكمها، لما هو مقرر من أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده فإذا كان عارياً من دليله، وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه أو تناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه قصوراً في حكمها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن بدوره يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من عدم علمه بسبق زواج…… وأطرحه بقوله: “وحيث إن المحكمة تطمئن لأدلة الثبوت المتحدة من شهادة….. والد الزوجة….. و……. مأذون قسم المنيا و……. و……. و……… و…….. و……. ومطالعة النيابة لوثيقتي الزواج واعتراف المتهم بعقد قرانه على…….. ومعاشرتها معاشرة الأزواج على النحو السالف بيانه والتي جاءت متطابقة واضحة لا لبس فيها ولا غموض قاطعة بعلم المتهم…… بأن……. متزوجة من……. وأن الأخير لم يدخل بها ورغم ذلك أدلى أمام الموظف المختص – المأذون – بأنها خالية من الموانع الشرعية وبذا يكون قد هتك عرضها برضاها وهي التي لم تبلغ من العمر ثماني عشرة سنة كاملة وقد زنا بها إذ هي متزوجة وعلى ذمة آخر”. وهو تدليل سائغة ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، ذلك أن كل ما يستوجبه القانون على النيابة العامة أن تثبت أن المرأة التي زنى بها متزوجة، كما هو الحال في هذه الدعوى، وليس عليها أن تثبت علم الطاعن بأنها كذلك إذ أن علمه بكونها متزوجة أمر مفترض وكان عليه أن يثبت أن الظروف كانت لا تمكنه من معرفة ذلك لو استقصى عنه وهو ما لم يقم به، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على هذا العلم على النحو المتقدم، فإنه يكون بريئاً من حالة القصور في هذا الصدد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، كما أن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة بالنقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.