الطعن رقم ۲۱۹۲٦ لسنة ۸۹ ق
جلسة ۲۷ / ٥ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة السبت (د)
—–
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / محمد رضـــــا حسين نائب رئيس المحكمــــــة
وعضوية السادة المستشاريـــــــــــــن/ عـــــــــــــــــــلي حسنين و عــــــــــــادل عمـــــــــــــــــــارة
وهشام الجنـــــــــــدي و تامــــــــــــر الجمــــــــــــــــال
نواب رئيس المحكمة
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد /حمادة عزوز .
وأمين السر السيد / فتحي يونس .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .
في يوم السبت 7 من ذي القعدة سنة 1444 هـ الموافق 27 من مايو سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقـــم 21926 لسنة 89 القضائية .
المرفوع مـــــــــــــن
……… ” المحكوم عليه “
ضـــــــــــــــــــد
النيابة العامة
الـوقـائــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ….. لسنة ….. قسم ….. (والمقيدة بالجدول الكلي برقم ….. لسنة …..)
أنه في غضون عام ٢٠١٧ – بدائرة قسم …… – محافظة ……
وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية :
1ـــــ اشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محررات هي (مبيعات خاصة بالدراجات النارية) والمنسوب صدورها إلى إحدى الشركات المساهمة (……) بطريق الاصطناع بأن اتفق مع المجهول على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة والتوقيع عليها بإمضاءات نسبت زوراً إلى الموظفين المختصين بالشركة سالفة البيان وبصمهم بخاتم مقلد وساعده في ذلك بتقديم البيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
2- قلد بواسطة غيره خاتماً لإحدى المصالح الحكومية وهو خاتم شعار الجمهورية الخاصة بإدارة مرور …… بأن اصطنع خاتماً على غرار الخاتم الصحيح ومهر به المحررات موضوع الاتهام الأول سالف البيان .
3 – اشترك مع آخرين حسني النية وموظفين عموميين حسني النية (موظفي إدارة مرور ……) في تزوير محررات رسمية ” رخص تسير للدرجات البخارية” المبينة بالتحقيقات بأن قدم لسالفي الذكر المحررات المزورة موضوع التهمه الأولى والتي قدموها إلى موظفي إدارة المرور وتمكنوا من استصدار رخص قيادة بأسمائهم بناء على تلك المحررات المزورة.
4- استعمل المحررات المزورة محل الاتهام الأول بالاشتراك مع موظفين حسني النية – موظفي إدارة مرور …… فيما زورت من أجله بأن قدمها لمشتري تلك الدراجات النارية المبينة بالأوراق حال قيامه ببيعها إليهم مع علمه بتزويرها.
وأحالته إلى محكمة جنايات …… لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة ١٦ من أكتوبر سنة ۲۰۱۹ عملاً بالمواد ٤٠/ ثانياً، ثالثاً، ٢٠٦ مكرر/۱، 211 ، 212 ، 214 مكرر من قانون العقوبات، مع إعمال المادة ٣٢ من القانون ذاته ، بمعاقبة …… بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه من اتهام ومصادرة المستندات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 2019 وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 2019 موقعاً عليها من الأستاذ/ المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمرافعة والمداولة .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تقليد أختام جهات حكومية وتزوير محررات رسمية لإحدى شركات المساهمة واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن حرر في عبارات قاصرة مجهلة وغامضة خلت من أسباب الإدانة ومن بيان الأفعال التي قارفها الطاعن والدور الذي قام به ، واكتفى في بيانها بترديد صيغة الاتهام الواردة بأمر الإحالة ، ولم يبين الأعمال المادية الإيجابية والمظاهر الخارجية لسلوك الطاعن والتي اعتبرها الحكم اتفاقاً ومساعدة للمجهول وتدل على اشتراكه في الجريمة، ودفع بانتفاء أركان جريمة التزوير التي دانه بها لاسيما القصد الجنائي بما يكشف عن علمه بأن المحررات مزورة ، ولم يستظهر ركن الضرر، وعوَّل على أقوال شهود الإثبات والتي قام بسردها على نحو معيب وبالرغم من وجود خصومة بين أحد الشهود والطاعن ، ودفع بأن التزوير مفضوح ولا ينخدع به الشخص العادي ، كما أن المحكمة لم تطلع على المستندات المقول بتزويرها ، ودفع ببطلان تقرير أبحاث التزييف والتزوير لعدم بيانه وجه الشبه والاختلاف بين بصمات خاتم شعار الجمهورية ، الأمر الذي ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل على ارتكابه للواقعة ، وأخيرا دفع بانتفاء صلته بالمحررات المزورة وكيدية الاتهام وتلفيقه إلا أن المحكمة اطرحته دون رد . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها، كما أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – وهو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة ، وإيراده لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة – بفرض صحته – يكون لا محل له . لما كان ذلك، وكان الاشتراك في جرائم التقليد أو التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان في جماع ما حصله الحكم من أقوال الشهود والأدلة في الدعوى التي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ما يصح به استدلال الحكم على ثبوت اشتراك الطاعن في التزوير ويسوغ به ما انتهى إليه من إدانته عن تلك الجرائم ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم تحديد الحكم للأعمال الدالة على اشتراكه في التزوير يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التزوير وتقليد الأختام ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، ويتحقق القصد الجنائي في جرائم تزوير المحررات وتقليد أختام إحدى الجهات الحكومية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحررات أو تقليد الأختام مع انتواء استعمال المحرر أو الخاتم في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة أو ارتكب التقليد ، وليس لازماً على الحكم التحدث صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وتقليد خاتم شعار الجمهورية لإحدى الجهات الحكومية ، وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير ذلك المحرر في حق الطاعن ، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً من بعد بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لديه، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء علمه بتزوير المحرر موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق ثمة ضرر يلحق شخصاً بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بانتفاء ركن الضرر ، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ، طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، وأنه لا يشترط هو شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليلٍ منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينة لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها أقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان قول الطاعن بأن ما حدث من تزوير في المحررات موضوع التهمة الأولى هو من قبيل التزوير المفضوح مردود بما هو مقرر من أنه لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم بطريقة خفية أو أن يستلزم كشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون واضحاً ولا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن، ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الأفراد مما يكون معه هذا الدفاع بشقيه ظاهر البطلان لا يستلزم رداً خاصاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه، وكان الأصل طبقاً للمادة ۳۰ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ أن الإجراءات قد روعیت فلا يجوز دحض ما يثبت بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله الطاعن ، كما أنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات في صلب الحكم بعد أن ثبت أنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليها أن يبدي ما يعن له بشأنه في مرافعته، ومن ثم يكون النعي على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتها بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه مادام أن له مأخذه بالأوراق، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها. لما كان ذلك، وكان الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالمحررات وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــذه الأسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .