الطعن رقم ۱۰۳٥۱ لسنة ۹۲ ق
جلسة ۲۲ / ۱۱ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء ( ب )
ـــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشــــار / صفـــــــــــــوت مكـــــــــــــادي ” نــائب رئيس المحـكــــمــــــة “
وعضوية السادة المستشــــــــــــارين / حاتــــــــــــــــم حميــــــــــــــــدة ، علــي أحمـــد عبد القادر
أحمــــــــــد أنور الغرباوي ، أحمد مصطفى عبد الفتاح
” نُوَّاب رئيــــــس المحكمــــة “
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى راجح .
وأمين السر السيد / أحمد لبيب .
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 8 من جماد الأول سنة 1445 هـ الموافق 22 من نوفمبر سنة 2023م .
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 10351 لسنة 92 القضائية .
المرفوع من
……..
……..
……..
……..
…….. ” محكوم عليهم ـــــــ طاعنون “
ضــد
النيابة العامة ” مطعون ضدها “
” الوقائــــع “
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين في قضية الجناية رقم ….. لسنة ….. جنايات قسم ….. ( والمُقَيَّدة برقم ….. لسنة ….. كُلِّي جنوب ….. ) .
لأنهم في يوم 5 من فبراير سنة 2020 بدائرة قسم ….. – محافظة …..
ـــــ المتهمون جميعاً:
ـــــــ خطفوا المجني عليه/ …… بالتحيل والإكراه بأن هاتفه رابعهم وطلب لقائه – حيث يتواجد باقي المتهمين – وما أن ظفروا به حتى باغتوه ضرباً بأسلحتهم البيضاء ( تالية الوصف ) فبثوا الرعب في نفسه وشلَّوا مقاومته واقتادوه عنوة إلى منزل ملك الأول والثاني وما أن بلغوا وجهتهم حتى احتجزوه بذلك المكان وكالوا له العديد من الضربات بجسده فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهي أنهم في ذات الزمان والمكان آنفي البيان هتكوا عرض المجني عليه سالف الذكر بأن طرحوه أرضاً ومزقوا ملابسه وحسروها عنه وجثم خامسهم فوقه وأولج عضوه الذكري في دبره والتقط ثالثهم مقطعاً مرئياً بحالتهم تلك وعلى النحو المبين بالأوراق .
ـــــــ قبضوا على المجني عليه سالف الذكر واحتجزوه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وعذبوه بتعذيبات بدنية فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وبالكيفية الواردة بالوصف عاليه .
ـــــــ أكرهوا المجني عليه سالف الذكر بالقوة والتهديد على بصم سند دين (عدد ثلاث إيصالات أمانة) حال استخدامهم لأسلحة بيضاء محل وصف التهمة التالية وتمكنوا من أخذ بصمته على تلك الإيصالات تحت تأثير ذلك التهديد وعلى النحو المبين بالأوراق .
ــــــــ أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء ( مطاوي ، عصي ، شوم ) دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية استعملوها في التعدي على المجني عليه سالف الذكر وبالكيفية الواردة بالأوصاف عاليه .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات …… لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت – حضورياً للأول والثاني والثالث والخامس والسادس وغيابياً للرابع والسابع – بجلسة ۱۸ من يناير سنة ۲۰۲۲ وعملاً بالمواد 280 ، 280/2 ، 290/4،1 ، 325 من قانون العقوبات والمواد ۱/1 ، ۲5 مكرر/1 ، 30/1 من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ٢٦ لسنة 1978 ، ١٦٥ لسنة 1981 ، ٦ لسنة ۲۰۱۲ والبندين رقمي ( 5 – 7 ) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ٢٠٠٧ – مع إعمال المادتين 17 ، ۳۲ من قانون العقوبات – بمعاقبة كل من/ ….. ، ….. ، ….. ، ….. ، ….. ، ….. و ….. بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات لما نُسب إليهم ومصادرة الأسلحة البيضاء المضبوطة وألزمتهم المصاريف الجنائية.
فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المُستشار المُقَرِّر والمُرافعة وبعد المُداولة قانوناً .
بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الرابع / ……-:
من حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به ، وأن تقديم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه مستوفيين لشرائطهما القانونية يكونان معًا وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وكان الطاعن الرابع وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه ، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلًا .
وبالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الأول/ …… ، والثاني / ….. ، والثالث/ ….. ، والخامس/ …..:-
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المُقَرَّر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم الخطف بالإكراه المقترنة بجناية هتك العرض ، والإكراه على التوقيع على سندات مثبتة لدين ، والحجز بدون أمر أحد الحكام المختصين ، وإحراز سلاح أبيض – مطواة – بدون مسوغ قانوني وأدوات – عصي شوم – مما تُستخدم في الاعتداء على الأشخاص ، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الحكم اعتوره الغموض والإبهام ، ويقول الطاعن الخامس بأن الحكم دانه بجرائم الخطف المقترنة بجناية هتك العرض والإكراه على التوقيع على سندات مثبتة لدين دون بيان أركانها المادية والمعنوية إذ اقتصر دور هذا الطاعن على التعدي بالضرب على المجني عليه ، كما اعتبر الحكم أن الفعل المادي الذي بدر منه يشكل ظرف الإكراه باعتباره ظرفًا مشددًا في كافة الجرائم التي دانه بها على الرغم من استقلال كل منها بأركانها ، وأضاف بأن الحكم لم يدلل على وجود اتفاق بينه وبين باقي الطاعنين على ارتكاب الجريمة ، ويقول الطاعنون من الأول وحتى الثالث بأن الحكم عول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه بالتحقيقات على الرغم من تناقضها فضلًا عن تضاربها مع أقوال باقي الشهود ، وعلى أقوال شاهد الإثبات الثاني على الرغم من أنه لم ير وقعة الخطف والاعتداء على المجني عليه ، وعلى تحريات الشرطة في حين أنها لا تعدو أن تكون رأيًا لمجريها ولا تصلح دليلًا للإدانة هذا إلى أن مجريها لم يفصح عن مصدر تحرياته ، وأضاف الطاعن الخامس أنه لم يُعرض عرضًا قانونيًا على المجني عليه بالنيابة العامة ، كما أن الأخير قرر بجلسة المحاكمة أن الطاعن الخامس ليس معنيًا بالاتهام ولم يكن من ضمن مرتكبي الوقعة ، وأضاف أخيرًا بأن المحكمة سمحت لمحام واحد بالدفاع عنه وعن الطاعنين من الأول وحتى الثالث رغم تعارض مصالحهم بالنظر إلى ما أقر به الطاعنان الثاني والثالث لشاهد الإثبات الثالث استدلالًا والذي أخذت به المحكمة في إدانتهم جميعًا، وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضَه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن وقعة الدعوى في قوله : ” .. تتحصل في أن المجني عليه / ….. دائن للمتهم/ …… وحال مطالبته بدينه قدم له الأخير هاتفه المحمول لبيعه وإذ استجاب له المجني عليه وباع الهاتف للمدعو / ….. صاحب متجر لبيع الهواتف المحمولة وأخبره بذلك فاستدرجه المتهم الرابع ….. بأن قابله وتعدى عليه كل من المتهم الرابع / ….. والخامس/ ….. والمتهم السابع / ….. باستخدام أسلحة بيضاء (عصي ) فأحدثوا إصابته بالرأس من الخلف واقتادوه عنوة لمسكن كل من المتهم الأول ….. والثاني/ ….. تحت تهديد السلاح الأبيض وعقب وصولهم وجد المتهم السادس/ ….. وتعدوا عليه بالضرب باستخدام سلاح أبيض ( مطواة ) محدثين إصابته في رجله ورأسه وأكرهوه على التوقيع على عدد من إيصالات الأمانة على بياض واتفقوا على هتك عرضه فقام المتهم الثاني بتمزيق ملابسه ليتمكن المتهم الخامس من ضربه في فخذه ومؤخرته وطرحه أرضًا وأولج قضيبه في دبر المجني عليه حال قيام المتهم الثالث / ….. بتصوير وقعة هتك العرض بهاتف محمول وعقب ذلك اصطحبه المتهمان الثاني والثالث إلى حانوت المدعو / ….. لبيع الهواتف المحمولة لاستعادة الهاتف وحال رفض الأخير تسلمهم ذلك الهاتف إلا بديوان المركز فذهبوا جميعًا للرائد/ ….. رئيس مباحث مركز شرطة ….. وأبلغه المجني عليه بالوقعة فقام بفحص هاتف المتهم الثالث وشاهد مقطعين فيديو لوقعة هتك عرض المجني عليه . وقد أحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وهي كدمات أسفل العينين وكدمة منتصف الفخذ الأيمن وأخرى منتصف الفخذ الأيسر وكدمة أعلى وحشية العضد الأيسر وهي إصابات ذات طبيعة رضية تنشأ من المصادمة بجسم صلب مثل الضرب بشومة ، وكذا جرح 3 سم بيسار فروة الرأس ، بضعة جروح قطعية سطحية تتراوح بين ٦ إلى ۱۰سم أعلى وحشية الفخذ الأيسر وبالإلية اليسرى وهي إصابات ذات طبيعة قطعية تنشأ من نصل آلة حادة وجميع الإصابات جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ معاصر” ، وساق الحكم على صحة الوقعة وإسنادها إلى الطاعنين أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها بالتحقيقات ، وما ثبت من تقريري الطب الشرعي والمساعدات الفنية ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن وقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد بأنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها – تحقيقًا لوجه الطعن – أن المجني عليه قرر بالتحقيقات أنه على سابق معرفة بالطاعنين جميعًا ، وأنه بعدما تم الاعتداء عليه بالضرب واقتيد إلى منزل الأول والثاني وجد الطاعن الخامس بالمنزل ، وقد حدد المجني عليه دور هذا الطاعن بأنه هو من أحضر إيصالات الأمانة وأكرهه على البصم عليها. وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين – في بيان كاف – إقدامهم على ارتكاب جريمة الإكراه على التوقيع على سندات مثبتة لدين متوخين تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق ضرب الطاعن الرابع والمحكوم عليهما غيابيًا له باستعمال أسلحة بيضاء واقتياده كرهًا عنه إلى منزل الطاعنين الأول والثاني ثم قام الطاعنون جميعًا بالاعتداء عليه وهو في قبضتهم محجوزًا دون وجه حق مما من شأنه ترويع المجني عليه وحمله كرهًا عنه على التوقيع على إيصالات الأمانة التي أكرهوه على التوقيع عليها ، فإن الحكم يكون قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات كما هي معرفة به في نص المادة ٣٢٥ من قانون العقوبات ، إذ يتحقق هذا الركن بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلًا لارتكاب الجريمة ، فكما يصح أن يكون الإكراه ماديًا باستعمال القوة ، فإنه يصح أيضًا أن يكون أدبيًا بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال ، وإذ كان تقدير التهديد الذي يبلغ درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة ، والذي يرغم المجني عليه على التوقيع على الورقة أو السند مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها بغير معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغًا ومستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كالحال في الدعوى – ، فإن ما يثيره الطاعن الخامس في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن سالف الذكر سوى عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانه بها تطبيقًا للمادة ٣٢ من قانون العقوبات ، وكانت العقوبة المقضي بها – وهي السجن المشدد لمدة عشر سنوات – تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الإكراه على التوقيع على سند مثبت لدين التي أثبتها في حقه ، فإنه لا يكون له مصلحة فيما يثيره مما ينصرف إلى باقي الجرائم ، ولا يغير من ذلك القول بأن المحكمة قد أخذته بالرأفة وأنها كانت عند تقدير هذه العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للوقعة ، إذ أن تقدير المحكمة للعقوبة مرده ذات الوقعة الجنائية التي قارفها الجاني وما أحاط بها من ظروف لا الوصف القانوني الذي تعطيه المحكمة لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلًا وقانونًا أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقًا لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلًا بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلًا أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان ما أورده الحكم من بيان وقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافيًا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين جميعًا والمحكوم عليهما غيابيًا على الجريمة التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلًا منهم قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلًا من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقًا لنص المادة ۳۹ من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلًا أصليًا في تلك الجريمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لوقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كان أي من الطاعنين أصحاب وجه النعي لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا بما لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى – فإن ما يثيره هؤلاء الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن النعي على الحكم اعتماده على أقوال الشاهد الثاني رغم عدم رؤيته لوقعة الخطف والاعتداء على المجني عليه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ، كما لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم بشأن اعتماده على التحريات رغم أنها لا ترقى إلى مرتبه الدليل ولا تستند إلى مصدر معلوم إنما هو معاودة للجدل الموضوعي في تقدير الدليل مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن الخامس على تحقيقات النيابة العامة بالقصور لعدم عرضه عرضًا قانونيًا على المجني عليه ، لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك دون بيان العلة أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها . وإذ كان الطاعن صاحب وجه النعي لا يماري في أن ما نقله الحكم عن أقوال المجني عليه له أصل ثابت بالأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بأقواله على الرغم من عدوله عنها أمام المحكمة ، إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه ، ومن ثم فإن ما أثاره هذا الطاعن في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم ، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبوا معًا الجرائم المسندة إليهم واعتبرهم فاعلين أصليين فيها ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن كلًا من الطاعن الخامس وبقية الطاعنين الذين حضر معهم نفس المحامي أنكروا التهمة تمامًا ولم يُلق أي منهم الاتهام على الآخر، كما أنه – وعلى ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – لم يكن مؤدى ما أقر به أي من الطاعنين الثاني والثالث – استدلالًا – نفيًا للاتهام عن نفسه . وإذ كان القضاء بإدانة أحد الطاعنين – كما يستفاد من أسباب الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة أي من الآخرين ، وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة – في خصوص هذه الدعوى – أن تولى محام واحد الدفاع عنهم ، ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ، ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلًا ، ومن ثم فإن مظنة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية ، هذا إلى أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار أي من الطاعنين الثاني أو الثالث على نحو مستقل ، بل استند إلى ما أقرا به للضابط – شاهد الإثبات الثالث – بشأن صحة ارتكابهم جميعًا للوقعة ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للشاهد يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : أولًا: بعدم قَبُول طعن المحكوم عليه / …… شكلًا.
ثانيًا : بقَبُول الطعن المقدم من باقي المحكوم عليهم شكلًا وفي الموضوع برفضه .