الطعن رقم ۱۱۳۹٤ لسنة ۹۱ ق
جلسة ۱٦ / ۳ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باســـــم الشعـــــــب
محكمــة النقــض
الدائــــــــــــرة الجنائيــــــــــــــة
الخميـــــــــــس ( أ )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشـــــــــــــــــــــار / عــــــــــــــــــــــلاء سمهــــــــــــــــــــان نائـــــب رئيــــس المحكمـــــــــــــة
وعضوية الســــــــــــــــــــادة المستشاريــــــــــــــن / أشــــــــــــــــرف المصــــــــــــــــــري جمــــــــــــــــــال عبد المنعــــــــــم
محمـــــــــــــــــــد أباظـــــــــــــــــــــــة أشــــــــــــــــــــــرف الفيومــــــــــي
” نــــــــــــــواب رئيس المحكمــة”
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد مصطفى.
وأمين السر السيد / محمد عبد الله.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الخميس 24 من شعبان سنة 1444 هـ الموافق 16 من مارس سنة 2023 م.
أصـدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11394 لسنة 91 القضائية.
المرفوع مـن:
…….. ” محكوم عليه وطاعن “
ضــــــــــــد
النيابة العامة ” مطعون ضدها”
الوقائـــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم …… لسنة ۲۰۲۰ م قسم مركز ……، والمقيدة برقم …… لسنة ۲۰۲۰ م كلي جنوب …….
بأنه في يوم الرابع من أغسطس سنة ۲۰۱۹م بدائرة قسم مركز ………محافظة …….
– قتل المجني عليها ” …….. ” عمداً مع سبق الإصرار إثر تيقنه باعوجاج سلوكها وإقرارها بخيانته فبيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لهذا الغرض سلاحاً أبيض سكين وما أن ظفر بها حتى أحكم قبضتها ونحر جيدها موالياً تعديه بتسديد عدة طعنات بأنحاء متفرقة بجسدها فأحدث بها الإصابات التي أردتها قتيلة وإذ لم يستكن من مقتلها فاستجلب سلاحاً أبيض ساطور وشطرها نصفين ملقياً بجثمانها بالمصرف وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
– أحرز سلاحين أبيضين (سكيناً، ساطور) بغير مسوغ من الضرورة المهنية والحرفية مما يستخدما في الاعتداء على الأشخاص.
وأحالته إلى محكمة جنايات …….. لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في العاشر من فبراير سنة ۲۰۲۱ م عملاً بالمادتين 32، ٢٣٤/ ١، من قانون العقوبات، والمواد 1/۱، 25 مكرر / ۱، ۳۰/ ١ من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانونين ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ م، ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ م والبند رقم ٦ الملحق بالقانون الأول بمعاقبته بالسجن المؤبد لما أسند إليه وبمصادرة السلاح الأبيض وألزمته بالمصاريف الجنائية، وذلك بعد أن عدلت وصف الاتهام الأول باستبعاد ظرف سبق الإصرار.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ التاسع من مارس سنة ۲۰۲۱م، وأودعت مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ السابع من أبريل سنة ۲۰۲۱م موقعاً عليها من الأستاذ/ …….. المحامي.
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد المرافعة والمداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد من غير سبق إصرار أو ترصد وإحراز سلاحين أبيضين ” سكين ، ساطور ” بغير مسوغ من الضرورة المهنية والحرفية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت في صورة عامة مبهمة شابها الغموض والإجمال فلم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ، ولم يستظهر الركنين المادي والمعنوي لجريمة القتل ، ودلل على توافر نية القتل في حقه بما لا يسوغ توافره ، كما استدل على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حقه بما لا يسوغ توافرهما ، هذا إلى أن الطاعن ولم يحظى بدفاع جدي من جانب المحامي المترافع عنه ، كما دفع أن قتله لزوجته توافرت له شروط انطباق المادة 237 من قانون العقوبات في حقه إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع برد غير سائغ ، والتفتت عن طلبه استدعاء العقيد ….. ، والمدعو ……. لمناقشتهما بيد أن المحكمة لم تعن بهذا الدفاع إيراداً أو رداً عليه ، كما لم تعرض لدفاع الطاعن ودفوعه المبداة بمحاضر الجلسات بما يفندها ، وأخيراً أختتم أسباب طعنه بأنه العائل الوحيد لابنتيه . كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه
حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من اعترافات المتهم وبما شهد به كل من ……. ، و…….. ، و………والعقيد ……… وما ثبت من معاينة النيابة العامة للجزء المعثور عليه من جثة المجني عليه لمسرح الواقعة وما ثبت من تقرير الطب الشرعي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد حرر في صورة مجملة يكون لا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة القتل العمد مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكانت الأدلة التي عول الحكم عليها في الإدانة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ومن ثم فلا محل لما أثير بشأن تصور الحكم في التدليل على توافر أركان تلك الجريمة في حقه واستناده إلى فروض تفتقد إلى الدلائل القوية ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم استظهر نية القتل في حق الطاعن في قوله (( أن المتهم عقد العزم وبيت النية على إزهاق روح المجني عليها بعد أن شككته في نسب ابنتهما الكبرى له وأوهمته – على غير الحقيقة – أنها ليست من صلبه وأنها ثمرة معاشرة جنسية مع خطيبها السابق وطلبت منه الطلاق وكررت طلبها على مسامعه طاعنة في رجولته فانتهز فرصة دخولها الحمام للاستحمام واستل من المطبخ سكيناً يعلم سبقاً بأنها شديدة الحدية ودخل عليها الحمام لا ينوي على شيء إلا إزهاق روحها وفاجأها من خلفها وقام بلف ساعده الأيسر حول رقبتها من الخلف ونحرها من رقبتها من الأمام بالسكين الممسك بها بيده اليمنى وانهال عليها طعنا بالسكين أسفل رقبتها وصدرها وأعلى بطنها وهى مواضع قاتلة من جسدها وطعنات تحدث الوفاة لا محالة ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من موتها ثم قام تسهيلاً للتخلص من جثتها وللادعاء بتغيبها عن المنزل بإرادتها بشطر جثتها إلى نصفين علوي وسفلي باستخدام ساطور وألقى الشطرين بالترعة وحملها السكين المستخدمة في القتل والساطور المستخدم في الشطر بذات الترعة …)) . لمَّا كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، ولما كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لمَّا كان ذلك، وكانت المحكمة قد استبعدت ظرفي سبق الإصرار والترصد بالنسبة للطاعن وعاقبته عن القتل العمد من غير ظرفي سبق الإصرار والترصد وأوقعت عليه عقوبتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ظرفي سبق الإصرار والترصد يكون غير مقبول. هذا فضلاً عن أن النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرفي سبق الإصرار والترصد لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعي لا يكون مقبولاً. لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات ، إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة ، بل ترك له – اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها – أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامياً موكلاً ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعن وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذى يثيره الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول . لمَّا كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن أن قتل زوجته قد توافرت له شروط انطباق المادة 237 من قانون العقوبات بقوله (( ذلك بأنه لم يثبت من التحقيقات أن شخصاً أجنبياً كان مع المجني عليها زوجة المتهم في غياب زوجها كما أن المتهم نفسه لم يتعقب ذلك الشخص ويتأكد من صدق ظنونه التي وسوس له بها الشيطان فضلاً عن أن المتهم لم يجد زوجته في حالة تدعو إلى القول أنه فاجأها هي ومن يزني بها فمن ثم لا ترى توافر العذر القانوني المنصوص عليه فيها في حق المتهم إذ أن الأعذار القانونية استثناء لا يقاس عليه وعذر الزوج في قتل زوجته هو مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا…)) . لمَّا كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم فيما سلف أن الطاعن لم يكن قد فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا ولم يكن قتله لها حال تلبسها بالجريمة المذكورة فإذا كان الحكم قد اطرح ما دفع به الطاعن من تمسكه بأعمال المادة 237 من قانون العقوبات فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير قويم. لما هو مقرر من أن الأعذار القانونية استثناء لا يقاس عليه وعذر الزوج في قتل زوجته مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا فلا يكفي ثبوت الزنا بعد وقوعه بمدة. لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل هو وجوب سماع الشهود إلا أن هذه القاعدة عليها قيدان نصت عليهما المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أولهما ألا يكون سماع الشاهد متعذراً أو الآخر أن يتمسك المتهم أو المدافع عنه بسماعه حتى لا يفترض في حقه أنه قبل صراحة أو ضمناً الاكتفاء بأقواله في التحقيق ، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن المتهم الطاعن أبدى أوجه مرافعته عن الطاعن في جلسة المرافعة الأخيرة وأنهى مرافعته بطلب البراءة دون أية إشارة منه إلى طلب سماع الشاهدين مما يكون معه متنازلاً عن سماعهما فلا على المحكمة إذ هي عولت على أقوالهما في التحقيقات مادامت كانت مطروحة على بساط البحث ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي في ذلك أن يكون هذا القبول صريحاً أو ضمنياً يتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب بطلب استدعاء الشهود المبدى في جلسات سابقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أبداها أمام المحكمة وأمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها أو الرد عليها وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً عليه بل الرد عليه يستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولاً . لمَّا كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن أنه العائل الوحيد لابنتيه – مردوداً – بأنه وإن كان من المسلمات في القانون أن مثول المتهم أو تخلفه أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعي أمامها بياناً لموجبات الرأفة – عند ثبوت الإدانة يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه ذلك من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ومن ثم فلا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكانت المصادرة عقوبة لا يُقضى بها بحسب القاعدة العامة إلا إذا كان الشيء موضوع المصادرة سبق ضبطه على ذمة الفصل في الدعوى. ولما كان الثابت بمدونات الحكم أن السلاحين الأبيضين موضوع الاتهام الثاني لم يضبطا، فإن الحكم الصادر بمصادرة السلاحين الأبيضين (السكين، الساطور) يكون وارداً على غير محل، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في قضائه بالمصادرة مما يتعين معه نقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة المصادرة. لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم نقضا جزئيا، وبتصحيحه بإلغاء عقوبة مصادرة السلاح الأبيض، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.