باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن مــــن يوليه سنة 2023م، الموافق العشرين من ذي الحجة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم
والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 188 لسنة 35 قضائية “دستورية”
المقامة من
1 – شعبان محمد عويس سلمان 2 – كمال حسين محمد حسين
3 – شعبان صديق عيد درويش 4 – عادل محمد عبد الغني عزيزة
5 – كمال محمد غريب أحمد 6 – واصف ندا عطية
7 – حامد حسن عبد النعيم إبراهيم 8 – حسين يوسف حسين يوسف
9 – حجازي أحمد محمد قاسم 10- إبراهيم عويس إسماعيل
11- خالد محمد سعيد قرني 12- جمعة صابر قرني نصار
13- إبراهيم عثمان محمد أبو الفضل 14- سميح عبد الغني محمد
15- محمد علي محمود سليمان 16- عمر عبودة أحمد محمد حسانين
17- حسين أحمد محمود سليمان عمار
ضـــد
1 – رئيـــــــــس الجمهوريـــــــة
2 – رئيس مجلس الوزراء
3 – وزيـــــــــــــــر العـــــــــــــــــــــــدل
4 –الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
الإجراءات
بتاريخ الرابع من ديسمبر سنة 2013، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، قدمت خلالهما هيئة قضايا الدولة مذكرة رددت فيها طلبها السابق، كما قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم، أصليًّا: برفض الدعوى، واحتياطيًّا: في حالة الحكم بعدم دستورية النص المطعون فيه، إعمال أثر الحكم من اليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعين أقاموا أمام محكمة الجيزة الابتدائية – مأمورية الصف الكلية – الدعوى رقم 24 لسنة 2011 عمال كلي، ضد الهيئة المدعى عليها الرابعة طلبًا للحكم، أولًا: بتعديل معاشات المدعين، وإعادة تسوية حسابها وفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون نص الفقرة الثانية من المادة ذاتها بعد استبدالها بالقانون 130 لسنة 2009، وإعادة حساب مستحقاتهم وصرف ما تجمد منها بأثر رجعي، ثانيًا: بإلزام الهيئة المدعى عليها الرابعة بغرامة 1% شهريًّا، تعويضًا عن التأخير في صرف المبالغ المطالب بها، من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام الصرف، إعمالًا لنص المادة (142) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه. وذلك على سند من القول بأن المدعين كانوا من العاملين بشركة النصر لإنتاج الحراريات والسيراميك “سورناجا”، وانتهت خدمتهم بالإحالة إلى المعاش المبكر بتاريخ 26/6/2010، وتمت تسوية معاشاتهم من جانب الهيئة المدعى عليها الرابعة؛ استنادًا لنص المادة (20) في فقرتها الثانية من قانون التأمين الاجتماعي المار ذكره، المستبدلة بالقانون رقم 130 لسنة 2009، مما ترتب عليه الانتقاص من معاشاتهم، على الرغم من توافر شروط استحقاقهم لتلك المعاشات، لسدادهم الاشتراكات التأمينية من تاريخ تعيينهم بالشركة حتى تقاعدهــــم المبكر، شأنهــــم فــــي ذلك شــــأن باقي الحالات المنصوص عليها في المادة (18) من ذلك القانون. وإذ كانت هذه التسويات لمعاشاتهم قد أخلت بحقوقهم الدستورية، ممثلة في الحق في المعاش، والحق في الملكية ومبدأ المساواة، فقد أقاموا دعواهم الموضوعية بالطلبات السالفة البيان. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعون بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009، وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع، صرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى المعروضة.
حيث إن المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعــــــي الصــــــادر بالقانــــــون رقم 79 لسنة 1975، بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009 تنص على أنه “يسوى المعاش بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة السابقة عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين.
ويسوى المعاش لتوافر الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة 18 (المعاش المبكر) بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بالجدول رقم (9) المرفق في تاريخ تقديم طلب صرف الحقوق التأمينية.
……………”.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب المدعين تسوية معاشاتهم وصرفها طبقًا للفقرة الأولى من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون فقرتها الثانية، بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009، ولما كان الثابت بالأوراق أن المدعين قد أُنهيت خدمتهم للاستقالة بنظام المعاش المبكر، اعتبارًا من 26/6/2010، وبعد العمل بالقانون رقم 130 لسنة 2009 المشار إليه، وتمت تسوية معاشاتهم طبقًا لنص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي المار ذكره، ومن ثم فإنهم يكونون من المخاطبين بأحكام هذه الفقرة، ويكون الفصل في دستوريتها لازمًا للفصل في الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتبعًا لذلك تتوافر للمدعين مصلحة شخصية مباشرة في الطعن عليها.
ولا ينال من ذلك إلغاء النص المطعون فيه – ضمن كامل أحكام قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، بموجب المادة السادسة من القانون رقم 148 لسنة 2019، بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات – ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جــــرى على أن استبدال المشــــــرع لقاعــــــدة قانونية بغيرهــــــا، أو إلغائهــــــا لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال مدة نفاذها وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشـــــرة، ذلك أن الأصـــــل فـــــي تطبيـــــق القاعـــــدة القانونيـــــة هو سريانها علي الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة أو حلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ مكتملًا في ظل القاعدة القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها. متى كان ذلك، فإن إلغاء النص المطعون فيه بموجب أحكام القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، لا يمنع هذه المحكمة من إعمال رقابتها الدستورية عليه، باعتباره قد طبق على المدعين خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم.
وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون فيه، تقويضه نظام التأمين الاجتماعي الذي تكفل الدولة بمقتضاه تهيئة أفضل الظروف التي تفي باحتياجات من تقرر لمصلحتهم، والارتقاء بمعيشتهم، ومخالفته مبدأ المساواة لتمييزه في الحقوق التأمينية بين من انتهت خدمته بالمعاش المبكر، ومن انتهت ببلوغ السن القانونية للإحالة للمعاش أو للعجز، بالرغم من وفاء كل من أفراد الطائفتين بالتزاماته التأمينية، ومن ثم تساويهم في المركز القانوني، واعتداءه على حقوقهم الشخصية التي سعى الدستور إلى صونها، مما يشكل إخلالًا بأحكام المواد (17 و34 و40) من دستور سنة 1971، وما يقابلها من مواد دستور سنة 2012.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع للدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة تستهدف – أصلًا – صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامـــــه، لكـــــون الطبيعة الآمـــــرة لقواعد الدستور، وعلوهـــــا على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها – أيًّا كان تاريخ العمل بها – لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة، يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. إذ كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعون إلى النص المطعون فيه، تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، وكان النص المطعون فيه قد عُمل به حتى تم إلغاؤه بموجب القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات – على ما سبق بيانه – فإن هذه المحكمة تفصل في دستورية النص المطعون فيه، على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن ما نعاه المدعون على النص المطعون فيه سديـد في مجمله؛ ذلك أن الدستور قد حرص في المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعي، حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم، في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم، أو عجزهم عن العمل، أو شيخوختهم؛ ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي التي يحدد المشرع نطاقها، هي التي تفرض بمداها واقعًا أفضل يؤمّن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع، وفقًا لنص المادة (8) من ذلك الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بهــــا في مستقبل أيامهم عند تقاعدهــــم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، بما مؤداه أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافيًا أحكام الدستور منافيًا لمقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها، أو يفرغها من مضمونها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة بين المؤهلين للانتفاع بها. كما أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة (53) من دستور سنة 2014، والذى رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي؛ غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها، أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتبرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك، سقـط في حمأة المخالفة الدستورية.
وحيث إن المشرع قد استهدف من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج تحتها الشيخوخة والعجز والوفاة وغيرها من أسباب انتهاء الخدمة التي عددتها المادة (18) من القانون المشار إليه، ومن بينها حالات انتهاء الخدمة لغير الأسباب التي عددتها البنود (1 و2 و3) من هذه المادة، والتي يأتي من بينها حالة المعاش المبكر، ليفيد المؤمَّن عليه الذي يخضع لأحكام هذا النص، وتوافرت فيه شروط استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي، من المزايا التأمينية المقررة به عند تحقق الخطر المؤمَّن منه.
وحيث إنه ولئن كان اختيار المشرع للمعامل الإكتواري، أو تعديله، يدخل ضمن حدود سلطته التقديرية في المفاضلة بين بدائــــل متعــــددة، فينحاز إلى ما يراه منها جديرًا بوفاء النظام التأميني بالتزاماته في مواجهة المستفيدين منه، إلا أن البديل التشريعي الذي يختاره، ينبغي أن ينضبط – وفق المبادئ الدستورية المقررة، في إطـــــار التزام الدولـــــــة بتحقيـــــــــــق العدالــــــة الاجتماعيــــــة وتوفيـــــــر سبــــــل التكافــــــل الاجتماعي – بضابطين متلازمين لا ينفـــــك أحدهمـــــا عن الآخـــــر، أولهما: سريـــــان معامل إكتواري موحد على حالات تسوية الحقوق التأمينية كافة، ما دامت تواجه خطرًا تأمينيًّا واحدًا، جوهره انتهاء الخدمة، أيًّا كان سبب انتهائها. وثانيهما: سريان المعامل بأثر فوري ومباشر على تسوية المستحقات التأمينية للمستفيدين من النظام التأميني عند اكتمال مراكزهم القانونية، بحلول آجال استحقاقهم للمزايا التأمينية، وذلك ضمانًا لتحقيق مبادئ المساواة والعـــــدل وتكافـــــؤ الفرص بين المخاطبين بنظام تأميني يقوم على المزايا المحددة؛ بالنظر إلى أن المعامل الإكتواري – وحده – يمثل العنصر الثابت في المعادلة التأمينية، بينما يتغير متوسط أجر الاشتراك، ومدته، وفق المعطيات الفعلية لكل حالة تأمينية على حدة.
متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه يقضي بتسوية معاش من انتهت خدمتهم بالاستقالة (المعاش المبكر) – وحدهم – بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بالجدول رقم (9) المرفق بالقانون، في تاريخ تقديم طلب صرف الحقوق التأمينية، بينما يسوى المعاش ذاته لباقي الفئات، ممن تنتهي خدمتهم لغير سبب الاستقالة، بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين، وكان النص المطعون فيه بهذه المثابة قد أعاق النظام التأميني، القائم على أساس المزايا المحددة، من تحقيق غايته في كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعي الواجبة، باعتبار أن وفاء الجهة التي تقرر المعاش في ذمتها لصالح مستحقيه، مؤداه – عملًا بمفهوم العدالة الاجتماعية – أن تعامل جميع فئات المستحقين للمعاش بمعامل إكتواري موحد، كما أخل النص المطعون فيه بالمساواة بين أصحاب المعاش المبكر، والمكافئين لهم، ممن تنتهي خدمتهم بغير الاستقالة؛ وذلك بتعديل المعامل الإكتواري لفئة أصحاب المعاش المبكر عما سواهم، على الرغم من اتحاد مراكزهم القانونية تجاه الخطر المؤمَّن منه، بحسبان وحدة المعامل الإكتواري هي مناط إعمال مبدأ المساواة بين المستحقين للمزايا التأمينية عند حلول آجال استحقاقهم لها، مهما كان سبب انتهاء خدمتهم، ومن ثم يكون النص المطعون فيه قد جاء مخالفًا لأحكام المواد (8 و17 و53) من دستور 2014، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إن النص المطعون فيه قد أحال في شأن قواعد حساب المعاش إلى المعامل المناظر لسن المؤمَّن عليه المحدد بالجدول رقم (9) المرفق بذلك القانون، وكان هذا الجدول يرتبط ارتباطًا غير قابل للانفصال عن النص المقضي بعدم دستوريته، ولا حكم له من دونه، ومن ثم فإن الحكم بسقوطه يكون لازمًا.
وحيث إن هذه المحكمة تقديرًا منها أن إعمال الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه، يُفضي إلى تحمل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أعباءً مالية كبيرة، مقابل إعادة تسوية معاشات المستحقين المخاطبين بأحكام ذلك النص، فإن المحكمة تُعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثانية من المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال آثاره، دون إخلال باستفادة المدعين منه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المستبدل بالقانون رقم 130 لسنة 2009، وسقوط الجدول رقم (9) المرفق بهذا القانون.
ثانيًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال آثاره.
ثالثًا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة
1/ 8 / 2023
بعد الاطـــلاع على المادة(191) من قــــانـون المرافعات المدنية والتجارية الصـادر بالقانون رقم 13لسنة 1968، والمـــادة(51) من قانون المحكمة الدســـتورية العليا الصــادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وعلى المسودة الخطية لهذا الحكم ،
قـــررت المحكمة ” من تلقـــاء نفسها ” تصحيح الخـطأ المادى الـوارد بالســطر الرابــع عشـــر مــــــن الصحيفة رقم (10) من نسخة الحكم الأصلية، وذلك باســــــــــتبدال كلمـــة ” الثالثة ” بكلمــة ” الثانية “
مع نشر هذا التصحيح باستدراك بالجريدة الرسمية
أمين السر رئيس المحكمة