الطعن رقم ۹۰۷۷ لسنة ٦۲ ق
جلسة ٦ / ٦ / ۱۹۹٤ – دائرة الاثنين (ج)
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزة ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
(109)
الطعن رقم 9077 لسنة 62 القضائية
(1) إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(3) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
صحة الأخذ بأقوال الشاهد ولو تأخر في الإبلاغ. أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة. ما دامت المحكمة كانت على بينه من ذلك.
تقدير قوة الدليل. موضوعي.
(4) إجراءات “إجراءات المحاكمة”. وصف التهمة. محكمة الموضوع “سلطتها في تعديل وصف التهمة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. مواقعة أنثى بغير رضاها. هتك عرض.
محكمة الموضوع. واجبها أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها صحيح القانون. لها أن تعدل الوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن.
(5) هتك عرض. جريمة “أركانها”. إثبات “بوجه عام”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
الركن المادي في جريمة هتك العرض. توافره: بكل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه ويخدش عاطفة الحياء عنده.
توافر جريمة هتك العرض ولو لم يحدث إيلاج أو يترك الفعل أثراً بالمجني عليها.
مثال لتسبيب سائغ.
(6) إجراءات “إجراءات التحقيق”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
ادعاء وجود نقص بتحقيقات النيابة. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة.
عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
(7) إثبات “بوجه عام”. دفوع “الدفع بتلفيق التهمة”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي.
(8) هتك عرض. إثبات “خبرة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
طلب عرض الطاعن على الطلب الشرعي لبيان مدى قدرته الجنسية في جريمة هتك العرض. غير منتج. علة ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ.
(9) إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. ظروف مشددة. قانون “تطبيقه”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. هتك عرض.
تقدير توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها. موضوعي.
متولي الملاحظة في مفهوم المادة 267 عقوبات. تحديده؟
امتداد إعمال الظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 267 عقوبات على من لهم سلطة فعلية على المجني عليها. علة ذلك.
مثال.
(10) دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفاع الموضوعي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير مقبول أمام النقض.
1 – من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 – إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله
المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
3 – من المقرر أن تأخر المجني عليه في الإبلاغ لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع.
4 – إن المحكمة قياماً بواجبها في تمحيص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقاً صحيحاً، قد عدلت الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن بالنسبة للمجني عليها الأولى من مواقعة إلى هتك عرض استناداً إلى ما استظهرته من عدم حدوث إيلاج.
5 – إن الركن المادي في جريمة هتك العرض يتوافر بكل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أن خلع عن المجني عليها المذكورة ملابسها عنوة، وألقاها فوق أحد الأسرة، وأخذ يعبث بيده بمواضع العفة منها من الأمام والخلف متحسساً كامل جسدها، وهو ما تتوافر في حقه جريمة هتك العرض كما هي معرفة به في القانون، فإن ما يثيره الطاعن من أن التقرير الطبي الشرعي قد أثبت تعذر الإيلاج بالمجني عليها المذكورة – بفرض صحته – وكذلك خلو تقرير مستشفى هليوبوليس من وجود أعراض تفيد تعرضها لأي اعتداء جنسي، يكون غير منتج في نفي مسئوليته عن الجريمة التي دانه الحكم بها والتي تتوافر أركانها ولو لم يحدث إيلاج أو لم يترك الفعل أثراً بالمجني عليها.
6 – لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة بعدم معاينة الغرفة التي قررت كل من المجني عليهن أن التعدي عليهن قد وقع فيها، ومن ثم فلا يحل له – من بعد – أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون له محل.
7 – من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فلا على المحكمة إن التفتت عن هذا الدفع.
8 – لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب عرض الطاعن على الطب الشرعي ورد عليه بالقول “أنه عن طلب إحالة المتهم إلى الطب الشرعي لبيان مدى قدرته الجنسية فهو في غير محله، ذلك أن الثابت من وثيقة الزواج المقدمة منه أنه تزوج بتاريخ 12/ 4/ 1991 وأن الواقعة في شهر أغسطس سنة 1991 ومن ثم فإنه يكون معاصراً لها، فضلاً عن أن المحكمة قد عدلت التهمة الأولى إلى هتك عرض يتحقق بمجرد الكشف عن موطن العفة فيها، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الطلب”. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم كاف لتبرير إعراض المحكمة عن هذا الطلب لانعدام الصلة بين القدرة الجنسية وبين جريمة هتك العرض التي دانه الحكم بها، فيكون بالتالي طلباً غير منتج في الدعوى أوضحت المحكمة علة إعراضها عنه ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
9 – من المقرر أن توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه كان يستغل صداقة ابنة زوجته (…..) للمجني عليهن ويقوم باصطحابهن معه إلى فندق…… للاستحمام بحمام السباحة بالفندق المذكور، وأن أسرهن كانت توافق على اصطحابه لبناتهم ثقة في ملاحظته لهن، ولكنه خان هذه الثقة وكان استلام الطاعن للمجني عليهن واصطحابه لهن بعيداً عن مسكنهن ورقابة أهلهن مع حداثة سنهن مفاده أن سلطة الرقابة والملاحظة على المجني عليهن كانت تنتقل من الأهل إليه خلال مدة اصطحابه لهاتيك الفتيات، لما هو مقرر من أن متولي الملاحظة هو كل من أوكل إليه أمر الإشراف على المجني عليها سواء طالت المدة أم قصرت – ما دامت الجريمة قد وقعت خلال فترة الإشراف أو الملاحظة – وسواء كان من أقاربها أو غيرهم، أو كان هذا الإشراف أداء لواجب شرعي أو قانوني أم أنه تم تطوعاً واختياراً، إذ لا يقتصر إعمال الظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات على من يستمدون سلطتهم على المجني عليها من صفتهم القانونية، بل يتناول أيضاً من لهم على المجني عليها سلطة فعلية لأن العبرة هنا بالواقع لا بالصفة القانونية، لأن العلة من التشديد في جميع هذه الأحوال ترجع إلى ما لهؤلاء الأشخاص من قوة التأثير الأدبية على المجني عليها، وهو ما استظهر الحكم توافره لدى الطاعن وممارسته له مع المجني عليهن إذ أثبت الحكم أن الطاعن كان يمارس سلطته عليهن خلال فترة اصطحابه لهن، وكن ينصعن لأوامره بحسبانه متولي ملاحظتهن في الفترة التي يصاحبهن فيها، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف للتدليل على توافر السلطة الفعلية للطاعن على المجني عليهن فإن ما يثيره الطاعن في خصوص إعمال الظرف المشدد سالف الإشارة إليه في حقه غير مقبول.
10 – لما كان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بصدد خطأ المجني عليهن في تحديد صلته بابنة زوجته وما إذا كانت المجني عليها الثانية قد رافقته إلى الفندق مرة واحدة أو مرتين أو تعويل الحكم على أقوال الضابط لا تعدو أن تكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لم يثرها الطاعن أمام محكمة الموضوع فلا يسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، فضلاً عن كونها مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها فلا يقبل أيضاً الخوض فيها لدى محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: واقع الطفلة…… بغير رضاها بأن استدرجها لإحدى غرف فندق…….. وأمرها بخلع ملابسها بزعم تدليكها ثم جذبها بقوة طارحاً إياها على وجهها فوق أحد الأسرة ضاغطاً بإحدى يديه عليها بالقوة شالاً بذلك مقاومتها ورفع ساقيها وأدخل قضيبه بفرجها كرهاً عنها حالة كونه من المتولين ملاحظتها وممن لهم سلطة عليها على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: في غضون عام 1990 بذات المكان السالف هتك عرض…… والتي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد بأن استدرجها بذات الطريق المبينة بالوصف الأول لإحدى غرف الفندق سالف الذكر وخلع عنها ملابسها عنوة وألقاها فوق أحد الأسرة مهدداً لها بالقول ملقياً الرعب في قلبها وأخذ يعبث بيده بموضع العفة منها من الأمام والخلف متحسساً كامل جسدها دون رضاء منها حالة كونه من المتولين تربيتها وممن لهم سلطة عليها على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: في غضون عام 1989 بذات المكان السالف هتك عرض الطفلة….. والتي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد بأن استدرجها بذات الطريقة المبينة بالوصفين السابقين لإحدى غرف الفندق سالف الذكر وخلع عنها ملابسها عنوة وألقاها فوق أحد الأسرة مهدداً لها بالقوة ملقياً الرعب في نفسها وأخذ يعبث بيده بموضع العفة منها من الأمام والخلف متحسساً كامل جسدها وبدون رضاء منها حالة كونه من المتولين ملاحظتها وممن لهم سلطة عليها على النحو المبين بالأوراق. وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات باعتبار أن التهمة الأولى هتك عرض صبية بالقوة والتهديد أيضاًً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض……. إلخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم هتك عرض المجني عليهن الثلاثة – اللاتي لم تبلغن السادسة عشرة من عمرهن – بالقوة والتهديد حالة كونه من المتولين ملاحظتهن، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، واعتوره الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول على أقوال المجني عليهن وشهود الإثبات رغم مجافاتها للمنطق وتأخرهن في الإبلاغ، فضلاً عما أثبته التقرير الطبي الشرعي من أن المجني عليها الأولى (……) أعضائها التناسلية بحجم طفولي لا يطيق الوطء مما ينفي ما قررته من أن الطاعن أولج قضيبه إيلاجاً جزئياً، كما خلا تقرير مستشفى هليوبوليس من بيان الأعراض التي تفيد تعرضها لاعتداء جنسي، ولم تجر سلطة التحقيق معاينة للغرفة التي قررت كل من المجني عليهن أن التعدي عليها قد وقع فيها، هذا إلى أن الثابت من سجلات فندق…… أن آخر مرة نزل فيها الطاعن به كانت بتاريخ…… وهو تاريخ سابق على التاريخ الذي حددته المجني عليها المذكورة لواقعة اعتداء الطاعن عليها بالفندق المذكور، والتفت الحكم عن دفاعه بتلفيق التهمة لخلافه مع أسرة المجني عليها على شراء شقتهم كما أن ما قررته زوجته من أن ترحيلهما من ألمانيا كان بسبب إقدامه على هتك عرض طفلة ألمانية غير صحيح ويرجع إلى ضيقها منه بسبب زواجه بزوجتين عليها، كما أن المجني عليهن قررن أنهن ذهبن إلى الفندق مع….. ابنة الطاعن حالة أن المذكورة هي ابنة زوجته من آخر، وقررت المجني عليها (……) أنها رافقت….. إلى الفندق مرتين في حين قررت الأخيرة أن ذلك حدث مرة واحدة، وعول الحكم على تحريات الرائد…….. رغم أنها لا تعدو أن تكون قرنية لا تكفي للإدانة، ورد على طلب عرض الطاعن على الطب الشرعي لبيان قدرته الجنسية على ارتكاب الفعل على الصورة التي قررتها المجني عليها الأولى رداً غير سائغ، وأعمل في حق الطاعن الظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات باعتبار أنه من المتولين ملاحظة المجني عليهن، حالة أن لا تربطه بأي منهن أية رابطة قانونية أو واقعية يتوافر بها هذا الظرف، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من…. و…. و…. و…. و…. و….، وما قررته كل من المجني عليهن….. نجله زوجة الطاعن، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان المقرر أيضاً أن تأخر المجني عليه في الإبلاغ لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن من جدل في خصوص تعويل الحكم على أقوال الشهود غير مقبول لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قياماً بواجبها في تمحيص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقاً صحيحاً، قد عدلت الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن بالنسبة للمجني عليها الأولى من مواقعة إلى هتك عرض استناداً إلى ما استظهرته من عدم حدوث إيلاج، ولما كان الركن المادي في جريمة هتك العرض يتوافر بكل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أن خلع عن المجني عليها المذكورة ملابسها عنوة، وألقاها فوق أحد الأسرة، وأخذ يعبث بيده بمواضع العفة منها من الأمام والخلف متحسساً كامل جسدها، وهو ما تتوافر في حقه جريمة هتك العرض كما هي معرفة به في القانون، فإن ما يثيره الطاعن من أن التقرير الطبي الشرعي قد أثبت تعذر الإيلاج بالمجني عليها المذكورة – بفرض صحته – وكذلك خلو تقرير مستشفى هليوبوليس من وجود أعراض تفيد تعرضها لأي اعتداء جنسي، يكون غير منتج في نفي مسئوليته عن الجريمة التي دانه الحكم بها والتي تتوافر أركانها ولو لم يحدث إيلاج أو لم يترك الفعل أثراً بالمجني عليها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة بعدم معاينة الغرفة التي قررت كل من المجني عليهن أن التعدي عليهن قد وقع فيها، ومن ثم فلا يحل له – من بعد – أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر الجلسة أن الشاهد…… – مدير أمن فندق…. في تاريخ الحادث – قد شهد أمام المحكمة أن الطاعن لكثرة تردده على الفندق يمكنه أن يقيم بإحدى الغرف دون أن يكون حاجزاً باسمه ودون أن تعترض إدارة الفندق لسبق معرفتهم به، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن من أن اسمه غير مقيد بدفاتر الفندق في التاريخ الذي حددته المجني عليها الأولى لواقعة اعتدائه عليها – بفرض صحته – غير مؤثر فيما قررته المجني عليها المذكورة وشهد به والديها بشأن تاريخ اصطحاب الطاعن لها إلى الفندق واعتدائه عليها فيه، بعد أن أفصحت لمحكمة عن اطمئنانها إلى ما قرره في هذا الخصوص، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفع، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب عرض الطاعن على الطب الشرعي ورد عليه بالقول “أنه عن طلب إحالة المتهم إلى الطب الشرعي لبيان مدى قدرته الجنسية فهو في غير محله، ذلك أن الثابت من وثيقة الزواج المقدمة منه أنه تزوج بتاريخ…. وأن الواقعة في شهر أغسطس سنة…… ومن ثم فإنه يكون معاصراً لها، فضلاً عن أن المحكمة قد عدلت التهمة الأولى إلى هتك عرض يتحقق بمجرد الكشف عن موطن العفة فيها، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الطلب”. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم كاف لتبرير إعراض المحكمة عن هذا الطلب لانعدام الصلة بين القدرة الجنسية وبين جريمة هتك العرض التي دانه الحكم بها، فيكون بالتالي طلباً غير منتج في الدعوى وأوضحت المحكمة علة أعراضها عنه ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول، لما كان ذلك، وكان المقرر أن توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه كان يستغل صداقة ابنة زوجته (…..) للمجني عليهن ويقوم باصطحابهن معه إلى فندق…… للاستحمام بحمام السباحة بالفندق المذكور، وأن أسرهن كانت توافق على اصطحابه لبناتهن ثقة في ملاحظته لهن، ولكنه خان هذه الثقة وكان استلام الطاعن للمجني عليهن واصطحابه لهن بعيداً عن مسكنهن ورقابة أهلهن مع حداثة سنهن مفاده أن سلطة الرقابة والملاحظة على المجني عليهن كانت تنتقل من الأهل إليه خلال مدة اصطحابه لهاتيك الفتيات، لما هو مقرر من أن متولي الملاحظة هو كل من أوكل إليه أمر الإشراف على المجني عليها سواء طالت المدة أم قصرت – ما دامت الجريمة قد وقعت خلال فتر الإشراف أو الملاحظة – وسواء كان من أقاربها أو غيرهم، أو كان هذا الإشراف أداء لواجب شرعي أو قانوني أم أنه تم تطوعاً واختيارياً، إذ لا يقتصر إعمال الظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات على من يستمدون سلطتهم على المجني عليها من صفتهم القانونية، بل يتناول أيضاً من لهم على المجني عليها سلطة فعلية لأن العبرة هنا بالواقع لا بالصفة القانونية، لأن العلة من التشديد في جميع هذه الأحوال ترجع إلى ما لهؤلاء الأشخاص من قوة التأثير الأدبية على المجني عليها، وهو ما استظهر الحكم توافره لدى الطاعن وممارسته له مع المجني عليهن إذ أثبت الحكم أن الطاعن كان يمارس سلطته عليهن خلال فترة اصطحابه لهن، وكن ينصعن لأوامره بحسبانه متولي ملاحظتهن في الفترة التي يصاحبهن فيها، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف للتدليل على توافر السلطة الفعلية للطاعن على المجني عليهن فإن ما يثيره الطاعن في خصوص إعمال الظرف المشدد سالف الإشارة إليه في حقه غير مقبول، لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بصدد خطأ المجني عليهن في تحديد صلته بابنة زوجته وما إذا كانت المجني عليها الثانية قد رافقته إلى الفندق مرة واحدة أو مرتين أو تعويل الحكم على أقوال الضابط لا تعدو أن تكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لم يثرها الطاعن أمام محكمة الموضوع فلا يسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، فضلاً عن كونها مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها فلا يقبل أيضاً الخوض فيها لدى محكمة النقض، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.