الطعن رقم ٤۰ لسنة ۳٥ ق
جلسة ۱٥ / ۲ / ۱۹٦٥ – دائرة الاثنين (ج)
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.
(28)
الطعن رقم 40 لسنة 35 القضائية
(أ, ب) دعوى جنائية. “تحريكها”. نيابة عامة. دعارة. زنا.
( أ ) قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي. وجوب قصره على أضيق نطاق وعدم التوسع في تفسيره سواء بالنسبة إلى الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها أو بالنسبة إلى شخص المتهم. دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى. مثال في جريمتي اعتياد على ممارسة الدعارة وزنا.
(ب) سقوط حق الزوج في تحريك دعوى الزنا إذا ما ارتكب المنكر بعلمه ورضاه.
1 – الأصل بأن قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة إلى الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى. ولما كانت جريمتا الاعتياد على ممارسة الدعارة وإدارة محل لها – اللتان رفعت بهما الدعوى الجنائية ودين الطاعنان بهما – مستقلتين في أركانهما وكافة عناصرهما القانونية عن جريمة الزنا، فلا ضير على النيابة العامة إن هي باشرت حقها القانوني في الاتهام وقامت بتحريك الدعوى الجنائية عنهما ورفعها تحقيقاً لرسالتها. ولا يصح النعي على الحكم قبوله الدعوى الجنائية والفصل فيها بغير بحث جريمة الزنا ـ التي لم تكن موضع بحث أمام المحكمة لاستقلال الأوصاف القانونية للأفعال الأخرى التي أقيمت بها الدعوى الجنائية عن تلك الجريمة.
2 ـ الحكمة التي تغياها الشارع من غل يد النيابة العامة عن تحريك الدعوى الجنائية في جريمة الزنا – وهى الحفاظ على مصلحة العائلة وسمعتها – لا تقوم إذا ما وضح للمحكمة من عناصر الدعوى أن ارتكاب المنكر مع الزوجة كان بعلم زوجها ورضاه مما يسقط حقه فيما فرضه الشارع لحمايته وعائلته.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 7/ 9/ 1962 بدائرة بندر المنيا: أولاً ـ المتهمة الأولى: (1) اعتادت ممارسة الدعارة (2) أدارت منزلاً للدعارة. ثانياً – المتهم الثاني: أدار منزلاً للدعارة. وطلبت معاقبتهما بالمواد 8 و9 و10 و18من القانون رقم 10 لسنة 1961 ومحكمة المنيا الجزئية قضت حضورياً في 13/ 4/ 1963 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة الأولى ثلاثة أشهر مع الشغل ووضعها تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من انتهاء تنفيذ عقوبة الحبس في المكان الذي يحدده وزير الداخلية وكفالة مائتي قرش لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وذلك عن التهمة الأولى وبراءتها من التهمة الثانية. وحبس المتهم الثاني سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس في المكان الذي يحدده وزير الداخلية وإغلاق المحل ومصادرة الأثاث والأمتعة الموجودة وكفالة مائتي قرش لوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضورياً في 27/ 10/ 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض….إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة الأولى بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة ودان زوجها الطاعن الثاني بجريمة إدارة منزل للدعارة قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في ثبوت الواقعة على أقوال الشاهد الوحيد في الدعوى مع أنه تناقض في أقواله وثبت كذبه إذ تبين من التحليل خلو سروال الطاعنة الأولى من آثار الاتصال الجنسي التي قال بها في التحقيقات كما قرر بأنه طالب في كنف والده في حين أنه مرشد بمكتب حماية الآداب. وقد صدر إذن النيابة بالتفتيش باطلاً لصدوره بعد حصوله ولم يبن على تحريات جدية. على أنه لو صحت الواقعة المسندة إلى الطاعنة الأولى فهي جريمة زنا لا ترفع الدعوى الجنائية عنها إلا بإذن من الزوج. هذا إلى أن الحكم لم يعرض بالرد على دفاع الطاعنين وما قدم من شهادات صادرة من الجيران وبعض رجال الإدارة بحسن سيرتهما. ومع ما ثبت من أوراق الدعوى من عدم وجود سوابق خلقية مماثلة للطاعنين وانتفاء ركن الاعتياد في حقهما، فإن الطاعن الثاني لم يكن قد مضى على نقله من القاهرة إلى المنيا سوى عشرين يوماً مما يدل على كذب ما تضمنته التحريات من أن منزل الطاعنين كان محلاً للمراقبة مدة طويلة.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاعتياد على ممارسة الدعارة وإدارة محل لها التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن محضر الضبط وأقوال الطاعنة الأولى، وهى أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الابتدائي أنه حصل أقوال شاهد الإثبات بما لا تناقض فيه وخلص في منطق سائغ إلى اطمئنانه إلى صدقها لاتساقها وما أسفر عنه التفتيش من ضبط الطاعن الثاني جالساً في ردهة المسكن بينما زوجته (الطاعنة الأولى) والشاهد المذكور في إحدى الغرف مستلقيين متجاورين ومتجردين من كل ملابسهما. وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتي التقاضي أن الطاعنين لم يدفعا بأن إذن النيابة بالتفتيش صدر بعد إجرائه أو أنه بني على تحريات غير جدية وقد خلا الحكم مما يدل على صحة ما يدعيه الطاعنان من بطلان هذا الإذن، فإنه لا يقبل منهما إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يقتضيه من تحقيق موضوعي لا شأن لهذه المحكمة به. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان في خصوص تكييفهما الواقعة على أنها تنطوي على جريمة زنا لم يأذن الزوج بإقامة الدعوى عنها، ما يثيرانه من ذلك مردود بأن الأصل بأن قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة إلى الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لا تلزم فيها الشكوى. ولما كانت جريمتا الاعتياد على ممارسة الدعارة وإدارة محل لها – اللتان رفعت بهما الدعوى الجنائية ودين الطاعنان بهما – مستقلتين في أركانهما وكافة عناصرهما القانونية عن جريمة الزنا، فلا ضير على النيابة العامة إن هي باشرت حقها القانوني في الاتهام وقامت بتحريك الدعوى الجنائية عنهما ورفعها تحقيقاً لرسالتها. ولا يصح النعي على الحكم قبوله الدعوى الجنائية والفصل فيها بغير بحث في جريمة الزنا ـ التي لم تكن موضع بحث أمام المحكمة – لاستقلال الأوصاف القانونية للأفعال الأخرى التي أقيمت بها الدعوى الجنائية عن تلك الجريمة كما تقدم القول، هذا فضلاً عن أن الحكمة التي تغياها الشارع من غل يد النيابة العامة عن تحريك الدعوى الجنائية في جريمة الزنا – وهى الحفاظ على مصلحة العائلة وسمعتها – لا تقوم بعد أن وضح للمحكمة من عناصر الدعوى أن ارتكاب المنكر مع الطاعنة الأولى كان بعلم زوجها – الطاعن الثاني – ورضاه مما يسقط حقه فيما فرضه الشارع لحمايته وعائلته. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعنان في شأن التفات الحكم عن الرد على شهادات حسن سيرتهما – المقدمة منهما – مردوداً بأنها لا تعدو أن تكون دفاعاً متعلقاً بالموضوع لا تلتزم المحكمة بمتابعة الطاعنين فيه والرد عليه على استقلال إذ الرد عليه يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، أما التحدي بعدم وجود سوابق مماثلة للطاعنين في نفي ركن الاعتياد للجريمتين اللتين دين الطاعنين بهما فهو غير سديد، إذ أنه فضلاً عن أن عدم سابقة الحكم على الطاعنين في قضايا مماثلة لا يدل بذاته على عدم توافر ركن الاعتياد في حقهما فإن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات يتحقق به ذلك الركن الذي لم يرسم القانون طريقاً معيناً لإثباته، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي استخلصته من أقوال ذلك الشاهد. لما كان ذلك، وكان ما ذهب إليه الطاعن الثاني من أن حداثة نقله إلى المنيا يدل على عدم جدية التحريات لا يعدو – في واقعه – أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.