رفض الدعوى بعدم دستورية نص المادة 95 من لائحة الموارد البشرية للهيئة علامة للأبنية التعليمية ، الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018 فيما لم تتضمنه من وجوب إنذار الموظف كتابة قبل إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل بغير إذن .

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني مــــن سبتمبر سنة 2023م، الموافق السابع عشر من صفر سنة 1445 هـ.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر                   رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس             نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري       رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع                            أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 70 لسنة 43 قضائية “دستورية”، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية، بحكمها الصادر بجلسة 24/3/2021، ملف الدعوى رقم 4549 لسنة 47 قضائية.

المقامة من

هيثم محمد الحسيني محمد عبدالدايم

ضــــد

1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامــــــــــــــــة للأبنيــــــــــــــة التعليمية

2- مديــــــــر عـــــــام إدارة الهيئة العامـــــــــــــــة للأبنيـــــــــــــــة التعليمية

3- مدير عام منطقة الغربية بالهيئة العامة للأبنية التعليمية

الإجـراءات

بتاريخ التاسع من أغسطس سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 4549 لسنة 47 قضائية، بعد أن قضت المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية بجلسة 24/3/2021، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليـا؛ للفصل في دستورية المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية، الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018، فيما لم تتضمنه من وجوب إنذار الموظف كتابة قبل إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل بغير إذن.

وقدمت هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة للأبنية التعليمية مذكرتين، طلبتا فيهما الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة العامة للأبنية التعليمية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكــــم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعي في الدعوى الموضوعية، كان قد أقام أمام المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية الدعوى رقم 4549 لسنة 47 قضائية، ضد المدعى عليهم وآخر، طالبًا الحكم بإلغاء قرار الهيئة العامة للأبنية التعليمية الصادر بإنهاء خدمته. وذكر شرحًا لدعواه أنه كان يعمل بوظيفة مهندس حاسب آلي ثالث بفرع الهيئة بمحافظة الغربية، وانقطع عن العمل لظروف مرضية، وعقب تماثله للشفاء توجه للعمل، إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل. ونعى على هذا القرار مخالفته صحيح حكم القانون؛ لعدم إنذاره قبل إنهاء خدمته، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته السالف بيانها. وإذ تراءى لمحكمة الموضوع أن نص المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018، فيما لم يتضمنه من وجوب إنذار الموظف قبل إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل خمسة عشر يومًا متتالية يخالف أحكام الدستور، وما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، فقد أحالت أوراق الدعوى إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريته.

      وحيث إن المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية، الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018 تنص على أنـه ” إذا انقطع الموظف عن وظيفته لمدة خمسة عشر يومًا متتالية، ولم يقدم خلال الخمسة عشر يومًا التالية ما يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول، أو إذا انقطع الموظف عن وظيفته بدون إذن ثلاثين يومًا غير متصلة في السنة يجب على السلطة المختصة إنهاء خدمته من تاريخ انقطاعه المتصل عن العمل، أو من اليوم التالي لاكتمال انقطاعه غير المتصل”.

      وحيث إن المصلحة في الدعــــوى الدستورية – وهى شرط لقبولهـــا – مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعي الحكم بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل مدة تزيد على خمسة عشر يومًا متتالية. وكان نص المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية المشار إليه هو الحاكم لإنهاء خدمة الموظف المنقطع عن العمل بدون إذن لمدة خمسة عشر يومًـــا متتالية، فإن المصلحة تكون متحققة بالنسبة إلى هذا النص، لما للقضاء في دستوريته من أثر وانعكاس على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وقضاء المحكمة فيها، وبه يتحدد نطاق الدعوى المعروضة.

      وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال – في النطاق المتقدم – مخالفته لنصوص المواد (12 و13 و14 و53 و94) من الدستور الصادر سنة 2014، على سند من أن هذا النص فيما لم يتضمنه من وجوب إنذار الموظف الذي ينقطع عن عمله دون إذن أو عذر مقبول لمدة خمسة عشر يومًا متتالية كتابة قبل إنهاء خدمته، على خلاف ما كان يتضمنه قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 – الملغى – إنما يتضمن إهدارًا للحق في العمل، ومخالفة لمبدأي المساواة وسيادة القانون.

      وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة والسمو، بحسبانه كفيل الحريات وموئلها، وعماد الحريات الدستورية وأساس نظامها، وحُقَّ لقواعده أن تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة، وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، دون أية تفرقة أو تمييز في مجال الالتزام بها، بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وإذا كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطي سليم، فإنه يتعين على كل سلطة عامة، أيًّا كان شأنها وأيًّا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تنزل على قواعد الدستور ومبادئه، وأن تلتزم حدوده وقيوده، فإن هى خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضعت – متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة – للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا، بوصفها الهيئة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح؛ بغية الحفاظ على أحكام الدستور، وصونها وحمايتها من الخروج عليها.

      وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها – منذ دستور سنة 1923 – على تقرير الحقوق والحريات العامة في صلبها؛ قصدًا من المشرع الدستوري أن يكون النص عليها في الدستور قيدًا على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام، وفى حدود ما أراده الدستور لكل منها، فإذا خرج المشرع فيما يقره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، وعن الإطار الذي عينه الدستور له؛ بأن قيد حرية أو حقًّا، أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريًّا، وبالمخالفة للضوابط الحاكمة له؛ وقع عمله التشريعي في حومة مخالفة أحكام الدستور.

وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره – إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص – أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبـــــــــات العامــــــــــــــــة، دون تمييز بينهـــم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني – وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطــــــوي بالتالي على مخالفــــــة لنص المادتيــــــن (4 و 53) المشــــــار إليهمــــــا، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيـم.

      وحيث إن من المقرر في قضـــاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية التي ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافهـــــــــــــــا؛ ذلك أن كل تنظيم تشريعـــــي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.

      وحيث إن الدستور قد عُني في المادة (14) منه بكفالة حق المواطنين في شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وجعل شغل الوظائف العامة تكليفًا للقائمين بها لخدمة الشعب، وناط بالدولة كفالة حقوق شاغلي الوظائف العامة وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، وحظر فصلهم بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال التي يبينها القانون.

وحيث إن حق العمل وتولي الوظائف العامة، وفقًا لنص المادتين (12

و 14) من الدستور، ليس من الرخص التي تقبضها الدولة أو تبسطها وفق إرادتها، ليتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يُمنعون عنها، وإنما قرره الدستور باعتباره شرفًا لمن يلتمس الطريق إليه من المواطنين، وواجبًا عليهم أداؤه، وحقًّا لا ينهدم، فلا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره، بل يعتبر أداؤه واجبًا لا ينفصل عن الحق فيه، ومدخلاً إلى حياة لائقة قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وكان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة، لاختيار ما يُقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها، في خصوص الموضوع الذي يتناوله بالتنظيم.

      وحيث إن البين من استعراض نص المادة (95) من لائحة الموارد البشرية للهيئة العامة للأبنية التعليمية الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 70 لسنة 2018 – النص المحال -، أن مُصدِرها قد التزم فيها نطاق الدائرة التي يجيز فيها الدستور له أن يباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع ومتطلباته، وهى الدائرة التي تقع بين حدي الوجوب والنهي الدستوريين، وأن الاختلاف بين الأحكام التي أتى بها النص المحال، عن تلك التي كان يتضمنها قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، بما في ذلك استبعاد إنذار الموظف المنقطع عــــن عمله لمــــدة خمسة عشر يومًـــــا متتالية، إنما جاء تعبيرًا عن تغير الواقع عبر مراحله الزمنية المختلفة، ومواجهة متطلباته الحالَّة، دون إهدار للضمانات الأساسية التي كفلها الدستور لحماية حقوق الموظفين، ومراعيًا في ذلك تحقيق التوازن بين مصالح أطراف العلاقة القانونية التي كفلتها المادة (27) من الدستور، فحرص التنظيم الذي سنه المشرع الفرعـــي، وضمنه النص المشار إليه، على تحقيق التـــــوازن بين الحـــــق في الوظيفة العامـــــة كحـــــق شخصي للمواطـــــن، وما يرتبط به من حقوق قررها له الدستور في المادتين (12 و14) منه، وبين واجب الموظف في خدمة الشعب ورعاية مصالحه، بحسبان الوظيفة العامة طبقًا لنص المادة (14) من الدستور، تكليفًا للقائمين عليها لخدمة الشعب، ومن أجل ذلك حدد المشرع في النص المحال، ضوابط إنهاء خدمة الموظف المنقطع عن وظيفته، بأن تكون مدة انقطاعه خمسة عشر يومًا متتالية، وأن يكون هذا الانقطاع بغير إذن من جهة العمل، ومضى خمسة عشر يومًا تالية لمدة الانقطاع، دون أن يقدم الموظف خلالها ما يثبت أن انقطاعه عن الوظيفة كان بعذر تقبله جهة العمل، بحيث لا يجوز إنهاء خدمته إلا بعد انقضاء هاتين المدتين الزمنيتين. ومن ناحية أخرى، ترك المشرع الأعذار القانونية المبررة للانقطاع عن العمل دون تحديد ماهيتها، فأوردها في عبارة عامة مطلقة، لتحكمها القواعد العامة، ليبقى دومًــــا تقدير السلطة المختصة لها وقبولها، وآثارها على العلاقة الوظيفية، ومدى التزامها حدود الضوابط القانونية الحاكمة للانقطاع عن العمل كسبب لإنهاء الخدمة، خاضعًا لتقدير القاضي الطبيعي، بوصفه الضمانة الأساسية لحماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، طبقًــــا لنص المادتين (94 و97) منه، ليضحى النعي على النص المحال بمخالفة نصوص المواد (12 و13 و14) من الدستور في غير محله، حريًّا بالرفض.

وحيث إن الاختلاف بين الأحكام التشريعية التي تضمنها النص المحال عن تلك التي كانت واردة في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، قبل إلغائه، في نطاق الدعوى المعروضة، كانت غايته الاستجابة لمقتضيات الحال، وتغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفــــة، وهو ما لا يُعد إخلالاً بمبدأ المســــاواة، الذي يستقي – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني المطروح على المحكمة للفصل فـي دستوريتـــــه، فــإذا تبـاينـــت النصــوص التشريعيـــة فـي معالجتهـــا لـموضــوع واحـد، وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُشكل بذاته إخلالاً بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد يحول دون التطور التشريعي، هذا فضلًا عن أن التنظيم الذي تضمنه النص المحال، باعتباره الوسيلة التي اختارها المشرع، وقدر مناسبتها لمواكبة التطور الذي سعى إلى تحقيقه بالنسبة إلى الوظيفة العامة والموظف العام إنما يتطابق والتنظيم الذي تضمنه قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، والذي أورد الحكم ذاته بالبند رقم (5) من المـــادة (69)، وقضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/6/2021، في الدعوى رقم 81 لسنة 41 قضائية “دستورية” برفض الطعن على دستوريته، استنادًا إلى أنه يُعدًّ مدخلًا حقيقيًّا لبلوغ الغايات والأهداف التي حددها لذلك، والكافلة تحقيقها، وتتوافق وطبيعة وجوهر العلاقة التنظيمية التي تحكم علاقة الموظف بالوظيفة العامة، وارتباط تلك الوظيفة الوثيق بالمصلحة العامة، ومن ثم يغدو القول بمخالفة النص المحال لمبدأ المساواة الذي كفله الدستور في المادتين (4 و53) ومبدأ سيادة القانون الذي اعتبره الدستور في المادة (94) منه أساسًا للحكم في الدولة، غير قائم على أساس سليم.

      وحيث إن النص المحال لا يخالف أي نص آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة برفض الدعوى.

اترك تعليقاً