الطعن رقم ۲۱٦۰۲ لسنة ۸٤ ق
جلسة ۲۲ / ۳ / ۲۰۱٥ – دائرة الاثنين (ج)
برئاسة السيد القاضي/ طه قـاسم نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، د/ عادل أبو النجا ، عــــادل عــمـــارة
وأحــــــمد رضـوان نـواب رئيس المـحكمـة .
(45)
الطعن رقم 21602 لسنة 84 القضائية
(1) حكم ” بيانات التسبيب ” .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة .
(2) استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة . ازدراء الأديان . جريمة “أركانها” . قصد جنائي. إثبات ” بوجه عام ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
تقدير توافر القصد الجنائي . موضوعي . ذكر المحكمة صراحة سوء نية المتهم . غير لازم . كفاية التدليل عليه في عبارة الحكم .
إثبات الحكم ترويج الطاعن لأفكار متطرفة زاعماً أنها أحكام شرعية وصدور أفعال وعبارات بذيئة منه ضد الطوائف المسيحية ومقدساتهم ومعاقبته بالمادة 98 (و) عقوبات . كافٍ للتدليل على توافر القصد الجنائي في حقه .
(3) إثبات ” بوجه عام ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . كفايته .
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض . غير جائز .
(4) إعلان . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . وكالة . قضاة ” رد القضاة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
نعي الطاعن بعدم إعلانه بتداول الدعوى بعد رفض طلب الرد . غير مقبول . ما دام أنه مثل بوكيل بجلسة المعارضة ولم يبد ما أثاره بمذكرة أسباب طعنه .
(5) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” ” اعتراف ” . تسجيل المحادثات . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
تعويل الحكم في الإدانة على أدلة سائغة مستقاة من اعتراف الطاعن وحديثه الصحفي وأقوال الشهود . كفايته .
تزيد الحكم بعد استيفائه أدلة الإدانة بالتحدث عن التسجيلات المرئية والصوتية . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(6) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة ثاني درجة . محكمة أول درجة . محكمة استئنافية . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
محكمة ثاني درجة . تحكم على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلَّا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلَّا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة .
سكوت دفاع الطاعن عن التمسك بطلب سماع أقوال الشهود المبلغين أمام محكمة أول درجة . أثره : وجوب اعتباره متنازلاً عنه وإن أبداه أمام المحكمة الاستئنافية . التفات المحكمة عنه . صحيح .
(7) إثبات ” بوجه عام ” . تسجيل المحادثات . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “.
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع أو التسجيلات . مفاده : اطراحها .
مثال .
(8) محكمة الجنح . نيابة عامة . إثبات ” بوجه عام ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” .
لمحكمة الجنح إيراد أدلة الإدانة كما تضمنتها مذكرة مرافعة النيابة العامة . ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة .
(9) إثبات ” اعتراف ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “.
عدم التزام المحكمة في أخذها باعتراف المتهم بنصه وظاهره . لها الاستنباط منه ومن العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها ما دامت متفقة مع العقل والمنطق .
(10) إثبات ” اعتراف ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . دفوع ” الدفع ببطلان الاعتراف ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
نعي الطاعن بأنه لا يقصد من قوله اعترافاً بالواقعة . لا ينتقص من قيمة الاعتراف . متى استظهرت المحكمة ارتكابه للجرائم من ظروف الدعوى وملابساتها . مجادلتها في ذلك . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(11) إثبات ” بوجه عام ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
الطلب الذى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة . موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابته .
مثال .
(12) ارتباط . عقوبة ” عقوبة الجريمة الأشد ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . نقض ” المصلحة في الطعن ” . استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة . ازدراء الأديان .
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي تدنيس رمز له حرمة عند أبناء ملة من الناس والتعدي على أحد الأديان التي تؤدى شعائرها علناً . ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وإزدراء الدين المسيحي والإضرار بالوحدة الوطنية بوصفها الجريمة الأشد . أساس ذلك ؟
(13) اختصاص ” الاختصاص المحلي ” . دفوع “الدفع بعدم الاختصاص المحلي ” . حكم “تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
إثبات المحكمة إقامة المتهم الثاني في دائرة اختصاصها . كفايته رداً على الدفع بعدم الاختصاص المحلي . أساس وعلة ذلك ؟
(14) بطلان . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
إنشاء الحكم الاستئنافي لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين واشتماله على مقوماته المستقلة بذاتها . يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الابتدائي .
مثال .
(15) دفوع ” الدفع بعدم الدستورية ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
لمحكمة الموضوع تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ووقف الدعوى وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بذلك . أساس وحد ذلك ؟
(16) ازدراء الأديان . دستور .
حرية الاعتقاد . مكفولة بمقتضى الدستور ولا تبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان امتهان حرمته أو الحط من قدره أو ازدرائه عن عمد .
(17) نقض ” المصلحة في الطعن ” .
نعي الطاعن كونه أستاذاً أكاديمياً متخصصاً في علم مقارنة الأديان وخوضه في أمر توقيع عقوبة الحبس بوصفه صحفياً وإعلامياً . غير مقبول . ما دام لا يتصل بقضاء الحكم .
(18) حكم ” حجيته ” .
اعتبار أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين في الواقعة أو غيرهم ممن يتهمون فيها . شرطه ؟
(19) إثبات ” بوجه عام ” . قوة الأمر المقضي . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل” . حكم ” حجيته ” .
نعي الطاعن بالقضاء بالبراءة في دعوى مماثلة . غير مقبول . علة ذلك ؟
(20) مسئولية جنائية . نقض ” المصلحة في الطعن ” .
إثارة الطاعن وجود متهمين آخرين في الدعوى . غير مجد . طالما أن اتهامهم لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها .
(21) نيابة عامة . دعوى جنائية ” تحريكها ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
المادة الأولى إجراءات . مؤداها ؟
إقامة النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد الطاعن عن الجرائم التي دين بها . صحيح . مادامت غير مقيدة بأية قيود في رفعها .
مثال .
(22) دعوى مدنية ” نظرها والحكم فيها ” . محكمة ثاني درجة . نقض ” المصلحة في الطعن ” .
انتفاء مصلحة الطاعن في الطعن بخصوص الدعوى المدنية . متى كانت محكمة ثاني درجة قضت بعدم جواز استئنافها لانتفاء المصلحة وعدم ثبوت الضرر الشخصي المباشر .
(23) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . مالا يوفره “. محضر الجلسة .
وجوب تسجيل مصادرة المحكمة لحق الدفاع في طلب مكتوب قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم . خلو محاضر جلسات المرافعة مما يثبت ذلك . أثره : لا إخلال بحق الدفاع .
(24) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . قضاة ” صلاحيتهم ” .
الإصرار والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وليست سبباً من أسباب عدم الصلاحية . تقديرها . متروك له . أساس ذلك ؟
(25) حكم ” وضعه والتوقيع عليه وإصداره ” .
تحرير الحكم بخط القاضي . غير لازم . تحريره بإملائه منه على سكرتير الجلسة أو بأي وسيلة فنية . لا بطلان . حد ذلك ؟
(26) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . تقرير التلخيص . تزوير ” الادعاء بالتزوير ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
الأصل فى الإجراءات الصحة . عدم جواز الادعاء بما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير .
فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته . لا يبطل الإجراءات بعد صحة .
(27) نقض ” أسباب الطعن . تحديدها ” .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بالتفات الحكم عن أوجه دفاعه دون الكشف عنها . غير مقبول . علة ذلك ؟
(28) وقف التنفيذ . نقض ” المصلحة في الطعن ” .
الفصل في الطعن . يجعل طلب وقف التنفيذ غير ذي موضوع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2- لما كان أمر توافر القصد الجنائي هو من المسائل التي لا تنظرها محكمة النقض بل تقدرها محكمة الموضوع على ضوء الوقائع والظروف المطروحة أمامها ، ولا يشترط لذلك أن تذكر المحكمة صراحة بالحكم سوء نية المتهم بل يكفي أن يكون في عبارة الحكم ما يدل على ذلك ، وحيث إن الحكم المطعون فيه أوضح ما يؤدي إلى توافر هذا الركن إذ أثبت أن الطاعن تناول الترويج لأفكار متطرفة زاعماً أنها أحكام شرعية مبناها وجوب سب المسيحيين والاعتداء عليهم بالقول رداً على ما نسب لبعض أقباط المهجر من إنتاج فيلم مسيء للرسول– صلى الله عليه وسلم – إذ أورد بتصريحه سب من سبنا هو واجب شرعي واستطرد مقراً بتمزيقه الإنجيل باعتباره الكتاب المقدس للمسيحيين ، كما استخدم ألفاظاً مشينة نحو مقدسات الدين المسيحي ومعتقداته مصرحاً ” هذه المرة مزقت كتابهم المقدس والمرة المقبلة سأحضر حفيدي الصغير لكى يـتبول عـليه أمــام الكـاتـدرائـيـة إن لـم يرتدعــوا ” ، كـما وجـه دعــوات تحـريضـية وإثـاريـة ضـد الطــوائف المسيحية …. فإذا ما عاقبته المحكمة على ما ارتكبه طبقاً للمادة 98 ( و ) عقوبات تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً ، ويكون الحكم بإثباته ما صدر من الطاعن من العبارات البذيئة والأفعال والقضاء في موضوع الدعوى بإدانته الرد الكافي من عدم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن .
3- لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد برد سائغ على دفع الطاعن بعدم إعلانه بتداول الدعوى بعد رفض طلب الرد ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من محضر جلسة المعارضة الابتدائية أن الطاعن مثل بوكيل ولم يبد ما أثاره بمذكرة أسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- لما كان البيِّن من الاطلاع على الحكم أنه عوَّل في إدانة الطاعن على الأدلة المستقاة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والحديث الصحفي وهى أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول إلى ما جاء بالتسجيلات المرئية والصوتية ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات ، طالما أنه لم يستطرد إليها إلَّا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة ، إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال استدلاله ، ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله ، وكان لا أثر لذلك في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها .
6- من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلَّا ما ترى لزوماً لإجرائه ، ولا تلتزم إلَّا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة ، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم ، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود – المبلغين – أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة التفتت عن إجابته إلى هذا الطلب وقضت بالحكم المطعون فيه دون أن تعني بتحقيق دفاعه أو الرد عليه يكون غير سديد .
7- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله ما تضمنته التسجيلات من مقاطع تؤكد احترامه للكتاب الذى يؤمن به مسيحو مصر ، وأن الواقعة موجهة في حقيقتها إلى القس الأمريكي الذى اعتاد حرق المصحف الشريف والتي تنفى التهمة عنه .
8- لما كان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنح أن تورد في حكمها أدلة الإدانة كما تضمنتها مذكرة المرافعة المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – وهو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته – يكون على غير سند .
9- لما كان الطاعن لا يماري أن ما حصله الحكم المطعون فيه له أصله الصحيح في الأوراق وقد ورد نصاً على اقترافه الجريمة على خلاف ما يذكره الطاعن بوجه طعنه ، فضلاً عما هو مقرر من أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجرائم وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
10- لما كان لا ينتقص من قيمة الاعتراف الذى تساند إليه الحكم في قضائه ما يذهب إليه الطاعن من أن هذا القول لا يعد اعترافاً بالواقعة وإنما كان قصده منه ما فعله على وجه الحقيقة وشهد به الواقع من أن ما مزقه هو الكتاب الخاص بـ …. ومن معه من أقباط المهجر مصريين وغيرهم ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استظهرت ارتكاب الطاعن للجرائم من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافرها في حقه توافراً فعلياً – أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها – فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض .
11- لما كان طلب الطاعن تقديم نسخة من الكتاب محل الاتهام لبيان مدى اعتراف الكنيسة المصرية أو أي من الطوائف المسيحية به في مصر والتصريح الصادر بتداوله لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
12- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمتي تدنيس رمزاً ” نسخة من إنجيل ” له حرمة عند أبناء ملة من الناس والتعدي على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علناً ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والإضرار بالوحدة الوطنية وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
13- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وخلص إلى اختصاصها بنظرها تأسيساً على أنها المحكمة التي يقيم المتهم الثاني بدائرتها ، ولما كان الاختصاص يتعين بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات ، فإن الحكم إذ رتب على ثبوت إقامة المتهم الثاني بدائرة …. اختصاص محكمة جنح …. بنظر الدعوى يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .
14- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن تزوير المحضر الأخير من محاضر جلسات الحكم الابتدائي لصدوره بتاريخ مغاير للتاريخ الوارد بمحضر جلسة النطق به ودلالة على ذلك على وجود عقيدة سابقة على إدانته قبل إصداره ، فضلاً عن خلو المحضر المشار إليه من بيان اسمه ، مردوداً بأن البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين ، ومن ثم يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها ، غير متصل أو منعطف على الحكم الابتدائي المستأنف مما يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير .
15- لما كان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص في المادة 29 منه على أنه ” إذ دفع أحد الخصوم أمام المحاكم أو إحدى الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أحيلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم تكن ” ، وكان هذا النص يتسق والقاعدة العامة المقررة في المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل ، ومفادها أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، ولما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها قد قدرت استناداً إلى ما أوردته من أسباب سائغة أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي ورأت أنه لا محل لإجابة طلب الدفع لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس .
16- لما كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور ، إلَّا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه ، فإذا ما تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذى أثاره المساس بحرمه الدين والسخرية منه ، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد .
17- لما كان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن كونه استاذاً أكاديمياً متخصصاً في علم مقارنة الأديان وله مؤلفات مسجلة بمكتبة الكونجرس الأمريكية ، وخوض في أمر توقيع عقوبة الحبس قانوناً بوصفه صحفياً وإعلامياً ، أمر لا يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول .
18- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن براءة المتهم الثالث فإنه من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلَّا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة للمحكوم عليهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .
19- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن القضاء في دعوى مماثلة بالبراءة ، مردود بأن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب إلى دعوى أخرى لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفتين موضعاً وسببا .
20- لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى ، طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
21- لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلَّا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجرائم التي دين بها المؤثمة بالمواد 98 ( و) ، 160/ثانياً ، 161/1 ، 171 من قانون العقوبات التي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، وثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند .
22- لما كانت محكمة ثاني درجة قد قضت بعدم جواز استئناف الدعوى المدنية الأصلية لانتفاء المصلحة وعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر والتي كانت قد تخلت عنها محكمة أول درجة في حدود سلطتها ، وقضت بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة ، فإن دفع الطاعن بعدم قبولها لانتفاء الصفة والمصلحة وعدم ثبوت الضرر الشخصي يكون غير ذي موضوع ، ومن ثم فلا مصلحة له من الطعن على الحكم في هذا الشأن .
23- من المقرر أنه على المدافع عن الخصم إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البيِّن من محاضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية أنها جاءت خلواً مما يدعيه الطاعن من مصادرة حقه في الدفاع بل إن الثابت أن المحكمة مكنته من إبداء دفاعه كاملاً مما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع .
24- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن حالة الإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغضب وتلك الرغبة لم يقوما في نفسه . لما كان ذلك ، وكانت أسباب عدم الصلاحية قد وردت في المواد 247 من قانون الإجراءات الجنائية ، 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 75 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية ، وليس من بينها السبب الوارد بالطعن والإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة ، وكان قيام ما عدا تلك الأسباب لا يؤثر على صحه الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن ذلك يكون لا سند له من القانون .
25- من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يلزم القاضي بأن يحرر الحكم بخطه ؛ ذلك أن تحرير الحكم عن طريق إملائه من القاضي على سكرتير الجلسة – أو عن طريق أية وسيلة فنية – لا يقتضي بطلانه ، ما دام قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه – في هذا الصدد – لا يكون مقبولاً .
26- لما كان ما يثيره الطاعن من أن تقرير التلخيص لم يودع ملف الدعوى مما يجعل الحكم باطلاً لابتنائه على مخالفة المادة 411 من قانون الإجراءات مردوداً بأن الثابت من الاطلاع على ديباجة الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلى ، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير ، وكان فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له .
27- من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم ، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف عن أوجه الدفاع التي عاب على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تعتبر من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تعرض لها وترد عليها أم أنها من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم من المحكمة رداً خاصاً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
28- لما كان الطعن برمته على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً فإنه يضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يتحقق به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وكان أمر توافر القصد الجنائي هو من المسائل التي لا تنظرها محكمة النقض بل تقدرها محكمة الموضوع على ضوء الوقائع والظروف المطروحة أمامها ، ولا يشترط لذلك أن تذكر المحكمة صراحة بالحكم سوء نية المتهم بل يكفي أن يكون في عبارة الحكم ما يدل على ذلك ، وحيث إن الحكم المطعون فيه أوضح ما يؤدي إلى توافر هذا الركن إذ أثبت أن الطاعن تناول الترويج لأفكار متطرفة زاعماً أنها أحكام شرعية مبناها وجوب سب المسيحيين والاعتداء عليهم بالقول رداً على ما نسب لبعض أقباط المهجر من إنتاج فيلم مسيء للرسول – صلى الله عليه وسلم- إذ أورد بتصريحه سب من سبنا هو واجب شرعي واستطرد مقراً بتمزيقه الإنجيل باعتباره الكتاب المقدس للمسيحيين ، كما استخدم ألفاظاً مشينة نحو مقدسات الدين المسيحي ومعتقداته مصرحاً ” هذه المرة مزقت كتابهم المقدس والمرة المقبلة سأحضر حفيدي الصغير لكى يـتبول عـليه أمــام الكـاتـدرائـيـة إن لـم يرتدعــوا ” ، كـما وجـه دعــوات تحـريضـية وإثـاريـة ضـد الطــوائف المسيحية …. فإذا ما عاقبته المحكمة على ما ارتكبه طبقاً للمادة 98 ( و) عقوبات تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً ، ويكون الحكم بإثباته ما صدر من الطاعن من العبارات البذيئة والأفعال والقضاء في موضوع الدعوى بإدانته الرد الكافي من عدم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد برد سائغ على دفع الطاعن بعدم إعلانه بتداول الدعوى بعد رفض طلب الرد ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من محضر جلسة المعارضة الابتدائية أن الطاعن مثلبوكيل ولم يبد ما أثاره بمذكرة أسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على الحكم أنه عوَّل في إدانة الطاعن على الأدلة المستقاة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والحديث الصحفي وهى أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول إلى ما جاء بالتسجيلات المرئية والصوتية ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات ، طالما أنه لم يستطرد إليها إلَّا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة ، إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال استدلاله ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله ، وكان لا أثر لذلك في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلَّا ما ترى لزوماً لإجرائه ، ولا تلتزم إلَّا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة ، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود – المبلغين – أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة التفتت عن إجابته إلى هذا الطلب وقضت بالحكم المطعون فيه دون أن تعني بتحقيق دفاعه أو الرد عليه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله ما تضمنته التسجيلات من مقاطع تؤكد احترامه للكتاب الذى يؤمن به مسيحو مصر ، وأن الواقعة موجهة في حقيقتها إلى القس الأمريكي الذى اعتاد حرق المصحف الشريف والتي تنفى التهمة عنه . لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنح أن تورد في حكمها أدلة الإدانة كما تضمنتها مذكرة المرافعة المقدمة من النيابة العامة ، مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – وهو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته – يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري أن ما حصله الحكم المطعون فيه له أصله الصحيح في الأوراق وقد ورد نصاً على اقترافه الجريمة على خلاف ما يذكره الطاعن بوجه طعنه ، فضلاً عما هو مقرر من أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرىالحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجرائم وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا ينتقص من قيمة الاعتراف الذى تساند إليه الحكم في قضائه ما يذهب إليه الطاعن من أن هذا القول لا يعد اعترافاً بالواقعة وإنما كان قصده منه ما فعله على وجه الحقيقة وشهد به الواقع من أن ما مزقه هو الكتاب الخاص بـ …. ومن معه من أقباط المهجر مصريين وغيرهم ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استظهرت ارتكاب الطاعن للجرائم من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافرها في حقه توافراً فعلياً – أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها – فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان طلب الطاعن تقديم نسخة من الكتاب محل الاتهام لبيان مدى اعتراف الكنيسة المصرية أو أي من الطوائف المسيحية به في مصر والتصريح الصادر بتداوله لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمتي تدنيس رمز ” نسخة من إنجيل ” له حرمة عند أبناء ملة من الناس والتعدي على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علناً ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والإضرار بالوحدة الوطنية وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وخلص إلى اختصاصها بنظرها تأسيساً على أنها المحكمة التي يقيم المتهم الثاني بدائرتها ، ولما كان الاختصاص يتعين بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات ، فإن الحكم إذ رتب على ثبوت إقامة المتهم الثاني بدائرة …. اختصاص محكمة جنح …. بنظر الدعوى يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن تزوير المحضر الأخير من محاضر جلسات الحكم الابتدائي لصدوره بتاريخ مغاير للتاريخ الوارد بمحضر جلسة النطق به ودلالة على ذلك على وجود عقيدة سابقة على إدانته قبل إصداره ، فضلاً عن خلو المحضر المشار إليه من بيان اسمه ، مردوداً بأن البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين ، ومن ثم يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها ، غير متصل أو منعطف على الحكم الابتدائي المستأنف مما يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير . لما كان ذلك ، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص في المادة 29 منه على أنه ” إذ دفع أحد الخصوم أمام المحاكم أو إحدى الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أحيلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم تكن ” ، وكان هذا النص يتسق والقاعدة العامة المقررة في المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل ، ومفادها أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، ولما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها قد قدرت استناداً إلى ما أوردته من أسباب سائغة أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي ورأت أنه لا محل لإجابة طلب الدفع لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . هذا فضلاً عن أنه وإن كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور ، إلَّا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه ، فإذا ما تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذى أثاره المساس بحرمه الدين والسخرية منه ، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد . لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن كونه استاذاً أكاديمياً متخصصاً في علم مقارنة الأديان وله مؤلفات مسجلة بمكتبة الكونجرس الأمريكية ، وخوض في أمر توقيع عقوبة الحبس قانوناً بوصفه صحفياً وإعلامياً ، أمر لا يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن براءة المتهم الثالث فإنه من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلَّا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة للمحكوم عليهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذى لم يتوفر في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن القضاء في دعوى مماثلة بالبراءة ، مردود بأن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب إلى دعوى أخرى لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفتين موضعاً وسببا . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى ، طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلَّا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجرائم التي دين بها والمؤثمة بالمواد 98 ( و) ، 160/ثانياً ، 161/1 ، 171 من قانون العقوبات التي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، وثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكانت محكمة ثاني درجة قد قضت بعدم جواز استئناف الدعوى المدنية الأصلية لانتفاء المصلحة وعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر والتي كانت قد تخلت عنها محكمة أول درجة في حدود سلطتها ، وقضت بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة ، فإن دفع الطاعن بعدم قبولها لانتفاء الصفة والمصلحة وعدم ثبوت الضرر الشخصي يكون غير ذي موضوع ، ومن ثم فلا مصلحة له من الطعن على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه على المدافع عن الخصم إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البيِّن من محاضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية أنها جاءت خلواً مما يدعيه الطاعن من مصادرة حقه في الدفاع بل إن الثابت أن المحكمة مكنته من إبداء دفاعه كاملاً مما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن حالة الإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، وذلك كله لا يحول بينه وبيننظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغضب وتلك الرغبة لم يقوما في نفسه . لما كان ذلك ، وكانت أسباب عدم الصلاحية قد وردت في المواد 247 من قانون الإجراءات الجنائية ، 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 75 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية ، وليس من بينها السبب الوارد بالطعن والإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة ، وكان قيام ما عدا تلك الأسباب لا يؤثر على صحة الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن ذلك يكون لا سند له من القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يلزم القاضي بأن يحرر الحكم بخطه ؛ ذلك أن تحرير الحكم عن طريق إملائه من القاضي على سكرتير الجلسة – أو عن طريق أية وسيلة فنية – لا يقتضي بطلانه ، ما دام قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه – في هذا الصدد – لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن تقرير التلخيص لم يودع ملف الدعوى مما يجعل الحكم باطلاً لابتنائه على مخالفة المادة 411 من قانون الإجراءات مردوداً بأن الثابت من الاطلاع على ديباجة الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلى ، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير ، وكان فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم ، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف عن أوجه الدفاع التي عاب على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تعتبر من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تعرض لها وترد عليها أم أنها من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم من المحكمة رداً خاصاً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً ويضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .