توحيد المباديء:عدم تقيد المحكمة الإدارية العليا بحكم محكمة أول درجة الصادر فى الشق العاجل بما فصل فيه من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص ، وذلك حال نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى

الطعن رقم 560 لسنة 62 بتاريخ :2020/12/05
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحيد المبادئ
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود فرج حسام الدين رئيـــــــس مجلـس الدولة
ورئيــــس المحكمــــــــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الرحمن سعد محمود عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل فهيم محـمد عزب نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسونة توفيق حسونة نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محـمد ماهر أبو العينين حسنين نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محـمد حامد محـمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسن سيد عبد العزيز السيد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد صالح الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد عبد ربه علوانى خليف نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / أشرف سيد إبراهيم محمود نائب رئيس مجلس الدولة
ومفــــــوض الدولــــــــــة
وسكرتارية الســـــيد / وائل محمود مصطفى سكــــــرتير المحكمــــــــة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 560 لسنة 62 ق. عليا
المقام من/ 1- …. 2- ….
ضـــــــــد/
1- وزير العدل 2- مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع
3- رئيس مصلحة الجوازات والسفر والهجرة بصفاتهم
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ( الدائرة الأولى )
بجلسة 3 / 8 / 2015 في الدعوى رقم 54925 لسنة 67 ق.
الإجـــراءات
في يوم السبت الموافق 3 / 10 / 2015 أودع وكيل الطاعنتين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 560 لسنة 62 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء مالإداري (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 54925 لسنة 67 ق. بجلسة 3 / 8 / 2015 ، الذي قضى برفض الدعوى ، وألزمت المدعية والخصم المتدخل المصروفات .
وطلبت الطاعنتان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه مع مايترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فى الطعن ، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة الجنايات المختصة لنظرها ، مع إبقاء الفصل فى مصروفات الدعوى.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 19 /11 /2018 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا.
وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر ، وبجلسة 25 / 5 / 2019 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا إعمالاً لحكم المادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984.
وقد أسست المحكمة قرارها على أن طلبات الطاعنتين تنصب على قرار إدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر بناء على طلب جهاز الكسب غير المشروع بمناسبة التحقيقات التى يجريها فى الشكوى رقم 6 لسنة 2012، وأنه بجلسة 25/2/2014 حكمت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، واستعرضت المحكمة فى حكمها الدفع المبدى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وناقشته فى أسباب حكمها وانتهت إلى رفضه ، ولم يتم الطعن على هذا الحكم . وبجلسة 3 / 8 / 2015 حكمت المحكمة المذكورة برفض الدعوى ، وهو الحكم المطعون فيه فى الطعن الماثل ، ولدى نظر الطعن عاودت هيئة قضايا الدولة الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى على سند من القول بانعقاد الاختصاص بنظرها لمحكمة جنايات القاهرة.
وحيث إن الطعن الماثل يثير مسألة قانونية اختلفت بشأنها المبادئ التى قررتها دوائر المحكمة الإدارية العليا تتمثل فى مدى تقيد هذه المحكمة بما فصلت فيه محكمة القضاء الإدارى أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص وذلك أثناء نظرها الطعن فى الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى .
وإذ تبين للمحكمة صدور حكم عنها (بهيئة مغايرة) فى الطعن رقم 1003 لسنة 40 ق. عليا – جلسة 1 / 6 /2002 قضى بأنه لايجوز للمحكمة لدى نظر الموضوع أن تعاود النظر فيما فصلت فيه أثناء نظر الطلب العاجل ، ولايجوز إثارة أى دفع متعلق بمسألة الاختصاص أو شكل الدعوى لدى نظر الطعن على الحكم الصادر فى الطلب الموضوعى . كما تبين للمحكمة أن هناك قضاءً مغايراً من ذات الدائرة (بهيئة أخرى) فى الطعون أرقام 6489و 6951و6958 لسنة 43 ق. عليا – جلسة 5 / 4 / 2003 ، و فى الطعن رقم 3047 لسنة 44 ق. عليا – جلسة 30/1/2001 ، وكذا فى الطعن رقم 13437 لسنة 48 ق. عليا – جلسة 18/1/2012 قضى بعدم تقيد المحكمة الإدارية العليا بحكم محكمة أول درجة الصادر فى الشق العاجل.
وإزاء هذا الاختلاف بين الأحكام الصادرة فى الطعون المشار إليها فى خصوص المسألة محل النزاع فى الطعن الماثل فقد أصدرت المحكمة قرارها آنف الذكر بإحالة هذا الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ ، إعمالاً لحكم المادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة المشار إليه .
ونفاذاً لقرار الإحالة المُشار إليه ، ورد الطعن إلى هذه الدائرة ، وعينت لنظره أمامها جلسة 3 / 8 / 2019 ، مع إحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لدى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه ، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بترجيح اتجاه المحكمة الإدارية العليا القائل بتقيدها بمافصلت فيه محكمة القضاء الإدارى أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى من دفوع ومسائل تتعلق بالاختصاص أو الشكل (مما لاتقتضى طبيعتها استمرارية البقاء طوال سير الخصومة) وذلك أثناء نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى منها، على النحو المبين تفصيلاً بالأسباب ، وإعادة ملف الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه فى ضوء ماتقدم.
وتُدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة وذلك على النحو المُبين تفصيلاً بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 6 / 6 / 2020 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5 / 9 / 2020 مع التصريح بتقديم مستندات ومذكرات خلال شهر،وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3 / 10 / 2020 لاتمام المداولة ، وتم تأجيل جلسة النطق بالحكم إدارياً لجلسة 10/10/2020 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لتغيير التشكيل ،وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم ، و فيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكـمـــــــــــة –
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى إجراءاته الشكلية المقررة قانوناً .
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 12 / 6 / 2013 أقامت المدعية الأولى الدعوى رقم 54925 لسنة 67 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلبت في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدراجها على قوائم الممنوعين من السفر مع مايترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكرت شرحاً لدعواها ، أنها فوجئت عند سفرها مع زوجها للخارج فى رحلة عمل خاصة به بمنعها من السفر بناء على اخطار جهاز الكسب غير المشروع لوجود تحقيقات يجريها الجهاز فى الشكوى رقم 6 لسنة 2012 ضد والدها / سعد حسن أبوريدة، وأضافت انها تظلمت من هذا القرار دون جدوى ، ونعت المدعية على القرار المطعون فيه صدوره بالمخالفة للقانون للأسباب الموضحة والمبينة تفصيلاً بعريضة الدعوى والتى اختتمتها المدعية بالطلبات آنفة الذكر.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبتاريخ 8/9/2013 تدخلت المدعية الثانية فى الدعوى وطلبت فى ختامها الحكم بقبول تدخلها وبوقف تنفيذ والغاء قرار إدراجها على قوائم الممنوعين من السفر ، وبجلسة 25 / 2 / 2014 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعيتين مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء .
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 3 / 8 / 2015 أصدرت حكمها المطعون فيه والذى قضى برفض الدعوى ، وألزمت المدعية والخصم المتدخل المصروفات .
وشيدت قضاءها – بعد استعراضها لنصوص المواد أرقام (1) و (2) و (5) و(6) و(10) من قانون الكسب غير المشروع الصادر بالقانون رقم 62 لسنة 1975 ، وكذا المادتين رقمى (1) و (6) من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 بشأن تنظيم قواعد الممنوعين من السفر – على أن قرار إدراج المدعية وشقيقتها (الخصم المتدخل) تم بناء على طلب جهاز الكسب غير المشروع بمناسبة التحقيقات التى يجريها فى الشكوى رقم 6 لسنة 2012 مع والدهما اللواء/ سعد أبو ريدة محافظ البحر الأحمر الأسبق وزوجته وكريمتيه ،والتى لم تنته بعد ، كما لم تقدم المدعية أو الخصم المتدخل مايفيد حفظ التحقيق معهما فى تلك الشكوى أو مع إحداهما وعدم توجيه ثمة اتهامات إليهما بعد انتهاء هيئة الفحص والتحقيق من كافة الإجراءات فى تلك الشكوى ، فمن ثم يضحى القرار المطعون فيه قائماً على سببه المبرر له قانوناً، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى .
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنتين ، فقد أقامتا الطعن الماثل بالنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، وصدوره مشوباً بالقصور فى التسبيب والفساد فى الإستدلال، تأسيساً على أن القرار المطعون فيه صدر دون تحديد لمدة المنع من السفر ، فضلاً عن أن محكمة أول درجة رفضت دفاع الطاعنتين بعدم خضوعهما لقانون الكسب غير المشروع لكونهما لم يشغلا وظيفة عامة ولم تكونا قاصرتين وقت شغل والدهما لمنصبه محافظاً للبحر الأحمر ، ومن ثم لاينطبق عليهما أحكام هذا القانون. واختتمت الطاعنتان تقرير الطعن الماثل بطلباتهما سالفة البيان.
ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر فى الترجيح بين اتجاهين بالمحكمة الإدارية العليا فيما صدر عنها من أحكام بشأن مدى تقيد المحكمة الإدارية العليا بما فصلت فيه محكمة القضاء الإدارى أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص ، وذلك أثناء نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى.
حيث ذهب الاتجاه الأول في أحكام المحكمة الإدارية العليا إلى تقيد هذه المحكمة بحكم محكمة أول درجة الصادر فى الشق العاجل بما فصلت فيه من دفع أومسأ لة تتعلق بالاختصاص ، وذلك أثناء نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى ،تأسيساً على أن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ ، وإن كان كأصل عام لايمس طلب الإلغاء فلا يقيد المحكمة عند نظر أصل الطلب موضوعاً ، إلا أنه يحوز حجية الأحكام فيما فصل فيه فى خصوص موضوع الطلب وفى المسائل الفرعية كالإختصاص وشكل الدعوى ، وأنه لايجوز للمحكمة لدى نظر الموضوع أن تعاود النظر فيما فصلت فيه أثناء نظر الطلب العاجل ، ولايجوز إثارة أى دفع متعلق بذلك لدى نظر الطعن على الحكم الصادر فى الطلب الموضوعى ولو كان الحكم المستعجل قد تنكب وجه الصواب فى مسألة تتعلق بالنظام العام ، لأن حجية الأمر المقضى به تسمو على قواعد النظام العام ، ولايجوز المساس بها ، وهى تغطى الخطأ فى تطبيق القانون بافتراض وقوعه.
(فى هذا الاتجاة حكمها الصادر فى الطعن رقم 1003 لسنة 40 ق. عليا – جلسة 1/6/2002).
بينما ذهب الاتجاه الثاني إلى عدم تقيد هذه المحكمة بحكم محكمة أول درجة الصادر فى الشق العاجل بما فصلت فيه من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص ، لدى نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى، وذلك استناداً إلى الأسباب الآتية :-
1- أن الحكم الصادر فى الشق العاجل من النزاع وإن كان حكماً قطعياً له مقومات الأحكام القضائية وخصائصها ، إلا أنه حكم مؤقت بطبيعته يزول أثره وينتهى مفعوله بصدور حكم فى الموضوع ، ومن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن فى الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمام المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ولتسلط رقابتها عليه من جميع نواحيه لاستظهار مدى مطابقته للقانون ، ومن ثم فإذا كان الفصل فى الدفوع المتعلقة بالاختصاص أوالشكل عند التصدى للشق العاجل من الدعوى يقيد محكمة أول درجة عند نظر الموضوع ، لكنه لايقيد محكمة الطعن فى تناول هذه الدفوع عند إثارتها أو التمسك بها أمامها بعد أن سقطت حجية الحكم المستعجل برمته بصدور حكم فى الموضوع.
( حكمها الصادر فى الطعون أرقام 6489و 6951و 6958 لسنة 43 ق. عليا – جلسة 5 / 4 / 2003)
2- أنه مع التسليم بأنه لايجوز لدى نظر الموضوع أن تعاود المحكمة النظر فيما فصلت فيه أثناء نظر الطلب العاجل ، إلا أن ذلك مشروط بألا يوجد ارتباط وثيق بين ذلك وبحث مشروعية القرار المطعون فيه، مما يخشى معه التناقض بين أشطار المنازعة الواحدة كما هو الحال بالنسبة لمسائل الاختصاص.
( حكمها الصادر فى الطعن رقم 13437 لسنة 48 ق. عليا – جلسة 18 / 1 / 2012)
3- أنه من المقرر أن المحكمة الإدارية العليا تملك أن تنزل حكم القانون بصورة موحدة فى مسألة الاختصاص غير مقيدة بحكم صادر من محكمة أدنى حتى ولو كان نهائياً ، ذلك أن هذه المحكمة هى نهاية المطاف فى نظام التدرج القضائى لمحاكم مجلس الدولة ولها سلطة التعقيب على الأحكام بحرية ، والقول بغير ذلك يجعل حكم محكمة القضاء الإدارى يعلو على حكم المحكمة الإدارية العليا وهى نتيجة لايمكن تقبلها خاصة أن الاختصاص الولائى يتعلق بالنظام العام ، ويجوز إثارته فى أية حالة تكون عليها الدعوى ، وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها حتى ولو لم يثره أحد الخصوم . يضاف إلى ماتقدم ، أن النظام العام القضائى والسياسة القضائية ونصوص الدستور تقود إلى عدم تقيد هذه المحكمة وهى خاتمة المطاف بحكم صادر من محكمة أدنى فى شق عاجل فى مسألة تتعلق بالاختصاص الولائى.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل يدور حول مدى تقيد المحكمة الإدارية العليا بما فصلت فيه محكمة القضاء الإدارى أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص ،وذلك أثناء نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى.
من حيث إن المشرع بموجب المادة (23) من قانون مجلس الدولة المشار إليه والتى تنص على أن … يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى … عقد الاختصاص للمحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون على الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى ،سواء كانت هذه الأحكام صادرة فى الشق العاجل أو الموضوعى من الدعوى ، على أن تسرى فى شأن هذه الأحكام ، وغيرها من الأحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة ، القواعد الخاصة بقوة الشئ المحكوم فيه ، وذلك عملاً بما تنص عليه المادة (52) من القانون ذاته .
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا في أدائها لرسالتها ووظيفتها – حسبما استقر عليه قضاؤها – لا تقف عند حد رقابة سلامة التفسير الذي تتبناه وتلتزمه الإدارة ومحاكم مجلس الدولة لأحكام القانون ، ولكنها تراقب صحة تطبيق ذلك في ذات الوقت ، باعتبارها بالحتم والضرورة ، بحكم طبيعة المنازعة الإدارية قوامة على رقابة المشروعية المتعلقة بكفالة حسن سير وانتظام المرافق العامة، وسلامة أداء جهة الإدارة لوظيفتها، ومن ثم فالمحكمة الإدارية العليا محكمة قانون ومحكمة موضوع لأنها محكمة رقابة المشروعية لتصرفات وقرارات الإدارة ،وفي مجال الشرعية الإدارية يختلط القانون بالموضوع ، بحيث يتعذر الفصل بينهما ، ويكون حتما ومن الواجب تطبيقاً للشرعية القانونية التي تبحثها وتقررها المحكمة الإدارية العليا أن يهم في إبراز جوانبها كل ذي صفة ومصلحة بما قد يثيره من أوجه دفاع تبحثها المحكمة الإدارية العليا وتمحصها ، ليس من أجل مصلحة أحد الأطراف بل من أجل مصلحة المجتمع والوطن والدولة التي تلتزم جميع سلطاتها بنص الدستور وسيادة القانون ، وهو الصالح الأسمى الذي تسهر عليه المحكمة في إرساء قواعد المشروعية وتثبيت دعائمها وإعلاء رايتها وحصانة جوهرها وحماية قدسيتها من أجل صيانة وتطبيق مبدأ سيادة الدستور والقانون وحماية المبادئ الدستورية والعليا التي تحدد إطار وغايات النشاط الإداري وتحمي حقوق الإنسان في البلاد.
ومن حيث إنه لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ سواء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أو برفض الطلب هو بطبيعته حكم وقتى تقضى به المحكمة من ظاهر الأوراق دون التغلغل فى المستندات أو المساس بأصل طلب الإلغاء ، وله مقومات الأحكام وخصائصها ، ومنها جواز الطعن عليه على استقلال ، ومن ثم يظل محتفظاً بمقوماته إلى أن يصدر الحكم فى الدعوى ، فإذا صدر هذا الحكم زال الحكم الوقتى من الوجود ،وبالتالى فإن الطعن على الحكم الوقتى لايتعدى أثره إلى الحكم الصادر فى الدعوى بل إن حجية هذا الحكم الوقتى الصادر فى طلب وقف التنفيذ تسقط بصدور حكم فى الدعوى بعد ذلك ، وأن محكمة الموضوع لاتتقيد بحال من الأحوال عند التصدى لطلب الإلغاء بالحكم السابق صدوره فى الشق العاجل ، ولو كان مؤيداً من المحكمة الإدارية العليا ، فالحكم الوقتى لا يقف أثره من تاريخ صدور الحكم فى الدعوى فحسب ، وإنما يسقط بمجرد صدور حكم فى موضوع الدعوى ، فمن هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره الحكم الواجب النفاذ من تاريخ صدوره حتى ولو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا ، وبالتالى يكون الاستمرار فى نظر الطعن فى هذا الحكم الوقتى غير ذى موضوع .
( حكمها الصادر فى الطعن رقم 251 لسنة 29 ق. عليا – جلسة 25/1/ 1994 ، وحكمها الصادر فى الطعن رقم 32499 لسنة 56 ق. عليا – جلسة 10/3/2012 وكذا حكمها الصادر فى الطعن رقم 58707 لسنة 63 ق. عليا – جلسة 6 / 7 / 2019 )
ومن حيث إنه من المستقر عليه ايضا فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ يحوز حجية الأحكام فيما فصلت فيه المحكمة من مسائل فرعية قبل البت في موضوع الطلب كالدفع بعدم الاختصاص أوبعدم قبول الدعوى أصلاً لرفعها بعد الميعاد أو لعدم توفر الصفة أو المصلحة فى الخصوم ، فقضاء المحكمة في هذا كله ليس قطعيا فحسب بل هو نهائى ، وليس مؤقتا فيقيدها عن نظر طلب الإلغاء ، كما أنه من المسلم به أن الفصل فى تلك الدفوع إنما ينسحب بحكم اللزوم على شقى الدعوى سواء المستعجل أو الموضوعى ويؤثر فيه . ومن ثم فلا يجوز لمحكمة القضاء الإداري إذا ما فصلت في دفع من هذا القبيل أن تعود عند نظر طلب الإلغاء فتفصل فيه من جديد لأن حكمها الأول قضاء نهائي حائز لحجية الأحكام ثم لقوة الشئ المحكوم به.
(حكمها الصادر فى الطعن رقم 541 لسنة 36 ق. عليا – جلسة 29/12/1996 ، وحكمها الصادر فى الطعنين رقمى 1457و 1470 لسنة 38 ق. عليا – جلسة 29/8/1998 ، وحكمها الصادر فى الطعن رقم 29373 لسنة 54 ق. عليا – جلسة 12/11/2011)
ومن حيث إنه مؤدى ماتقدم ، أنه بصدور حكم محكمة القضاء الإدارى فى الشق الموضوعى من الدعوى لايكون هناك محلاً للاستمساك بما سبق وأن قضت به المحكمة فى الشق العاجل من الدعوى ذاتها بما فى ذلك ما فصلت فيه بحكمها الصادر فى الشق العاجل بشأن الدفع بعدم الاختصاص أوعدم القبول ،إذ أن هذا الحكم فيما فصل فيه من هذه الدفوع ولئن كان ملزماً لمحكمة الموضوع فلايجوز لها عند نظر طلب الإلغاء أن تعود وتفصل فيها من جديد ، إلا أنه ينتهى أثره ويسقط من تاريخ صدور حكم فى الشق الموضوعى ، وتبعا لذلك يمتنع على المحكمة الإدارية العليا من هذا التاريخ ،وهى بصدد نظر الطعن على الحكم الصادر فى الشق العاجل ، تسليط رقابتها عليه ، وانما يتعين عليها الحكم باعتبار الخصومة منتهية ، وبذلك يقتصر دورها على رقابة الحكم الصادر فى الشق الموضوعى المطعون عليه، يستوى فى ذلك أن يكون هذا الحكم قد اعتنق قضاء الحكم الصادر فى الشق العاجل صراحة أو ضمنا أو خالفه.
ومن حيث إنه من المقرر أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ، لاستظهار ما إذا كان قد قامت به حالة من الأحوال التى تعيبه فتلغيه ، ثم تنزل حكم القانون فى المنازعة ، أم أنه صائب فى قضائه ولم تقم به حالة من تلك الحالات فتبقى عليه وترفض الطعن ، فالطعن فى الحكم يفتح الباب أمام المحكمة الإدارية العليا لتسلط رقابتها عليه فى جميع نواحيه لاستظهار مدى مطابقة قضائه للقانون ، فلها أن تتصدى لمسألة الاختصاص ، ولو اقتصر الطعن على شق الحكم الموضوعى ، حتى لايصدر عن المحكمة العليا وهى تستوى على قمة القضاء الإدارى حكم مهدد بعدم الاعتداد بحجيته لصدوره عن جهة لا ولاية لها .
(حكمها الصادر فى الطعن رقم 6941 لسنة 49 ق. عليا – جلسة 29/5/2005)
كما أنه من المقرر فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن هذه المحكمة وبما لها من سلطة التعقيب على الأحكام تملك أن تنزل حكم القانون بصورة موحدة فى مسألة الاختصاص غير مقيدة بحكم صادر من محكمة أدنى ، إذ لو كان سائغاً إلزام هذه المحكمة بمقتضى هذا الحكم نزولاً على نهائيته إن كانت الحقيقة القانونية فيه ، وكان مؤدى ذلك أن تغل يدها عن إعمال ولايتها فى التعقيب على الحكم بحريتها وباعتبارها نهاية المطاف فى محاكم مجلس الدولة ، وهذا الأمر بطبيعته غير قابل للاختلاف بالنسبة إلى شقى المنازعة لتعلقها بمسألة أساسية واحدة غير قابلة للنقاش وهى مسألة الاختصاص الولائى لمجلس الدولة ، وإلا كانت النتيجة أن يعلو حكم محكمة القضاء الإدارى على حكم المحكمة الإدارية العليا ، وهى خاتمة المطاف فى نظام التدرج القضائى لمجرد أن الحكم الأول كان نهائياً لتساهل ذوى الشأن فى الطعن وهى نتيجة لايمكن تقبلها بحال من الأحوال ، خاصة أن الاختصاص الولائى يتعلق بالنظام العام ويجوز إثارته فى أية حالة تكون عليها الدعوى ، وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها حتى ولو لم يثره أحد الخصوم.
( حكمها الصادر فى الطعن رقم 3047 لسنة 44 ق. عليا – جلسة 30/1/2001)
ومن حيث إنه متى كان مـاتقدم ، فإن المحكمة الإدارية العليا بوصفها محكمة طعن وهى نهاية المطاف فى نظام التدرج القضائى لمحاكم مجلس الدولة لاتتقيد بما فصلت فيه محكمة القضاء الإدارى أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص ، وذلك أثناء نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى بعد أن سقطت حجية الحكم المستعجل برمته بصدور حكم فى الموضوع.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن نص المادة (54 ) مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 74 لسنة 1972 ، كما يجيز للدائرة المنصوص عليها فيه أن تقتصر فى حكمها الذى تصدره بعد اتصالها بالطعن على البت فى المسألة القانونية التى كانت محلاً لتناقض الأحكام أو إقرار مبدأ قانونى على خلاف أحكام سابقة ، ثم تحيل الطعن بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل فى موضوعه، وفقاً للمبدأ الذى أرسته بحكمها، وذلك على النحو الذى اطرد عليه قضاء هذه الدائرة ، فإن هذا النص أيضاً لايحول بين هذه الهيئة والفصل فى الطعن الذى اتصلت به بقرار الإحالة بحكم منه للنزاع دون الوقوف عند القضاء بالمبدأ القانونى الذى يطعن على هذا النزاع، مادام أن الطعن قد استقامت عناصره وكان صالحاً للفصل فيه.
(حكم دائرة توحيد المبادئ الصادر فى الطعن رقم 16473 لسنة 60 ق. عليا – جلسة 3/2/2018)
كما أكد قضاؤها على مبدأ الاقتصاد فى إجراءات الخصومة بوصفه أحد ركائز العدالة الناجزة، وليس ثمة مايمنع دائرة توحيد المبادئ من الفصل فى الموضوع مادام صالحاً للفصل فيه ،وهو ماتحقق فى الطعن الماثل ، ومن ثم فإن المحكمة تفصل فى الطعن الماثل دون حاجة إلى إحالته للدائرة المختصة بنظرالموضوع مرة أخرى.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن ، فإن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن توزيع ولاية القضاء بين جهتيه الإدارى والعادى من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام القضائى الذى بسطت قواعده وشرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة ، وهو ما أضحت معه قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتى القضاء من النظام العام ، ومن ثم يتعين التصدى لبحث مدى الاختصاص بنظر النزاع قبل الولوج فى أى دفع شكلى أوموضوعى .
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت فى القضية رقم 40 لسنة 27قضائية تنازع بجلستها المنعقدة فى13/6/2015 بإن إجراءات التحقيق التى تتولاها النيابة العامة بمناسبة ارتكاب جريمة جنائية تتميز بأنها ذات طبيعة قضائية ، بها تتحرك الدعوى الجنائية، ويتحدد بمقتضاها التصرف فى هذه الدعوى، إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة، أو بالأمر فيها بأن لا وجه لإقامتها, وكان القرار الصادر من النائب العام بمنع المتهمين من السفر – بمناسبة التحقيقات التى تجريها النيابة العامة – يُعد إجراءً قضائياً من الإجراءات الجنائية التى تباشرها النيابة العامة باعتبارها سلطة ناط بها القانون مهمة التحقيق عند ارتكاب جريمة, وكانت الغاية من إصدار ذلك القرار هو بقاء المتهم قريباً من السلطة التى تباشر التحقيق والمحافظة على أدلة الاتهام , وهو بهذه المثابة يُعد عملاً من أعمال التحقيق التى تتسم بالطبيعة القضائية ,ومن ثم تكون جهة القضاء العادى , وقد ناط بها المشرع اختصاص الفصل في الدعاوى الجنائية, هى المختصة بنظر المنازعات التى تثور بشأن تلك القرارات , ذلك أن هذه القرارات وقد صدرت من النيابة العامة فى شأن منازعة جنائية باعتبارها تتصل بجريمة من الجرائم التى تدخل فى اختصاص جهة القضاء العادى, فإن هذه الجهة بحسبانها الجهة صاحبة الولاية العامة بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم – عدا ما تختص به محاكم مجلس الدولة – تكون هى المختصة بنظر الطعن على هذه القرارات .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مفاد أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع أن المشرع قصد من تشكيل هيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع من رجال القضاء العادى إنشاء هيئة لها خصائص القضاء فى اختصاصاتها وإجراءاتها وماهية قراراتها ، حيث عهد إلى تلك الهيئة بصفتها الأمينة على رفع الدعوى الجنائية عن جريمة الكسب غير المشروع بأعمال هى من صميم الأعمال القضائية ، شأنها فى ذلك شأن النيابة العامة ، وهى تلك التى تتصل بإجراءات التحقيق والاتهام ، حيث تتمتع بذات الاختصاصات المقررة للنيابة العامة وقاضى التحقيق فى قانون الإجراءات الجنائية.
مؤدى ذلك أن جهاز الكسب غير المشروع يعد جهازاً قضائياً بالنظر إلى تشكيله واختصاصاته ، ومن ثم فإن مايصدره من قرارات فى شأن التحقيق والاتهام ورفع الدعوى العمومية يعد من قبيل القرارات القضائية التى تخرج عن دائرة رقابة المشروعية التى يختص قضاء مجلس الدولة بمباشرتها على القرارات الإدارية. وأنه ولئن كانت نصوص القانون المذكور قد خلت من أى نص يخول هيئات الفحص والتحقيق المذكورة فيه الاختصاص بإصدار أمر بمنع المتهم فى جريمة كسب غير مشروع من السفر إلى الخارج ، كما خلت نصوص قانون الإجراءات الجنائية من نص يخول سلطات التحقيق إصدار أمر بالمنع من السفر ، إلا أن هذا الإجراء شأنه شأن الأوامر المقيدة لحرية التنقل كأمر القبض أو الحبس ، إذا بوشر لضرورة التحقيق ، فإنه يعد من الإجراءات الجنائية ويأخذ حكمها ومنها اعتباره قراراً قضائياً صادراً عن سلطات التحقيق الجنائية ، وهو مايؤثر تبعا لذلك فى تحديد الاختصاص القضائى بنظر الطعن على هذا القرار. وبالنسبة لتحديد المحكمة أو جهة القضاء المختصة بالنزاع فى قرار جهاز الكسب غير المشروع بالمنع من السفر ، فإن المحكمة الجنائية التى تختص بنظر محاكمة المتهم والتظلم من القرارات الصادرة ضده أثناء القبض والتحقيق ، تكون هى المختصة بنظر الخصومة فى كل الإجراءات والقرارات التى تصدر فى حق المتهم المحال إليها ، بما فيها قرارات المنع من السفر ، باعتبارها المحكمة ذات الولاية العامة فى هذا الصدد، وإعمالاً لقاعدة أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع.
(حكمها الصادر فى الطعن رقم 7960 لسنة 45 ق. عليا – جلسة 12 / 1 / 2002)
وإعمالاً لما تقدم , وكان الثابت من الأوراق أن قرار إدراج اسم كل من الطاعنتين على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول تم بناء على طلب جهاز الكسب غير المشروع بمناسبة التحقيق الجنائى الذى يجريه فى الشكوى رقم (6) لسنة 2012 كسب غير مشروع مع والدهما / سعد حسن على حسن أبوريده محافظ البحر الأحمر الأسبق وزوجته وكريمتيه ( الطاعنتين ), فيما نسب إليهم من أن المذكور حصل لنفسه ولهم على كسب غير مشروع بسبب استغلال منصبه ، بادعاء أنهم تملكوا بطرق غير مشروعة الكثير من الأراضى والقصور والفيلات والسفن السياحية واللنشات والفنادق بالمحافظة المذكورة مما أدى إلى تضخم ثروتهم بما لايتناسب مع دخله وبالمخالفة للقانون ، ومن ثم ينتفى عن هذا القرار وصف القرار الإدارى الذى تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعن فيه ، بحسبانه قراراً قضائياً صادراً من سلطات التحقيق الجنائية ، الأمر الذى تنأى معه الدعوى الماثلة عن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة وينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء العادى المنوط بها الفصل فى الدعاوى الجنائية .
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذه الوجهة من النظر، فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ، مما يتعين معه الحكم بإلغائه ، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة لإحالتها إلى الدائرة المختصة ، عملاً بحكم المادة (١١٠) من قانون المرافعات ، مع إبقاء الفصل فى المصروفات .
ـ فلهـــــــذه الأســــباب-
حكمت المحكمة : بعدم تقيد المحكمة الإدارية العليا بحكم محكمة أول درجة الصادر فى الشق العاجل بما فصل فيه من دفع أومسألة تتعلق بالاختصاص ، وذلك حال نظرها الطعن على الحكم الصادر فى الشق الموضوعى من الدعوى. وبقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة لإحالتها إلى الدائرة المختصة .
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المنعقدة اليوم 20 من شهر ربيع الآخر سنة 1442 هجرية ، السبت الموافق 5 من شهر ديسمبر سنة 2020 الميلادية بالهيئة المبينة بصدره .

اترك تعليقاً