الطعن رقم 94122 لسنة 64 بتاريخ :2022/02/05
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحـــيد المبــــادئ
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد محمود حســــام الدين رئيــــــــس مجلس الدولـة
ورئيـــــس المحكـمـــــــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسونة توفيق حسونة محجوب نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محـمد حامد محـمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد عبد ربه علوانى خليف نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير محمد عبد الفتاح غطاس نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / صلاح الدين عبد اللطيف حسن الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / طارق محمد لطيف عبد العزيز نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سيد عبد الله سلطان عمار نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / اشرف سيد إبراهيم محمود نائب رئيس مجلس الدولة
مفــــــوض الدولــــــــــة
وسكرتارية الســـــيدة / هدية سيد محمد سكــــــرتيرة المحكمــــــــة
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن رقم 94122 لسنة 64 ق.عليا
المقام من / ….
ضــــــــــد/
1- محافظ البحيرة بصفته
2- رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت بصفته
3- رئيس الوحدة المحلية لقرية محلة فرنوي بصفته
في حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة الدائرة الثانية ( السابعة والثلاثون)
الصادر بجلسة 4/7/2018 في الدعوى رقم 2595 لسنة 15ق
الإجراءات
بتاريخ 2/9/2018 أقيم الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنًا في حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة الدائرة الثانية (السابعة والثلاثون) الصادر بجلسة 4/7/2018 في الدعوى رقم 2595 لسنة 15ق القاضي منطوقه: بقبول الدعوى شكلًا ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقيته في صرف المقابل النقدي المستحق عن كامل رصيد الإجازات الاعتيادية .
وأعدت هيئة مفوضي الدولة لدى الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بأحقية الطاعن في صرف المقابل النقدي عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية منذ تاريخ تعيينه بوظيفة عمدة في 12/11/1985 حتى تاريخ إحالته على المعاش في 1/10/2014 وعددها 942 يومًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 19/8/2020 قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 16/9/2020، حيث نظرته على النحو الموضح بمحضر الجلسة، وبجلسة 21/10/2020 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثامنة موضوع للاختصاص. ونظرته الدائرة الثامنة بجلسة 7/3/2021، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/3/2021، وبهذه الجلسة قررت الدائرة الثامنة موضوع إعادة الطعن للمرافعة وإحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بموجب المادة (54) مكررًا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته للترجيح بين أيٍّ من الرأيين التاليين:
الأول : أحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة.
الثاني : عدم أحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة.
وقد ورد الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا، حيث أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا نهائيًّا بالرأي القانوني انتهت فيه إلى ترجيح المبدأ القانوني القاضي بأحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة من جهة عمله الأصلية، وذلك على النحو المبين تفصيلًا بالأسباب، وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه على هدي ما تقدم.
ونظرت المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – الطعن، وبجلسة 1/1/2022 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع مذكرات ومستندات في أسبوعين. ولم يتقدم أحد بمذكرات أو بمستندات خلال ذلك الأجل. وبجلسة اليوم تقرر إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة ، ثم صدر الحكم آخر الجلسة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
المحكمـــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولًا من حيث الشكل.
وحيث تخلص واقعات النزاع الماثل – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ 23/11/٢٠١٤- أقام المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) الدعوى رقم ٢٥٩٥ لسنة 15 قضائية بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، مختتمًا إياها بطلب الحكم بقبولها شكلًا، وفي الموضوع بأحقيته في صرف المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب والنفاذ.
وأورد المدعي (الطاعن) شرحًا لدعواه أنه كان من بين العاملين بالوحدة المحلية لقرية محلة فرنوى – مركز شبراخيت – محافظة البحيرة منذ تاريخ تعيينه في 30/6/١٩٨٣ وأحيل للتقاعد لبلوغه السن القانونية المقررة للإحالة إلى المعاش بتاريخ 1/10/٢٠١٤ ودرجته الوظيفية كبير أخصائيين، وقد تم تكليفه أثناء مدة خدمته لدى الوحدة المحلية المشار إليها، بالعمل كعمدة لقرية محلة فرنوى، وتفرغ لهذا العمل، وكان له رصيد من الإجازات الاعتيادية لدى جهة عمله الأصلية لم يتمكن من الحصول عليها، وذلك نظرًا لحاجة العمل المكلف به كعمدة للقرية المذكورة، وتقدم بطلب لجهة عمله لصرف المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية ، لكن جهة عمله رفضت دون مبرر أو سند قانوني لذلك، على الرغم من أن قانون العاملين المدنيين بالدولة قد أجاز للعاملين بها ضم رصيدهم من الإجازات الاعتيادية وترحيله لسنوات تالية دون حد أقصى، كما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من القانون المذكور، وقد قضت العديد من أحكام المحاكم الإدارية والقضاء الإداري بأحقية العاملين المدنيين بالدولة الذين تم تعيينهم بوظيفة عمدة في صرف كامل المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية من جهات عملهم الأصلية دون حد أقصى. وأضاف المدعى أنه تقدم بطلب إلى لجنة فض المنازعات بالبحيرة قيد برقم 70 لسنة ٢٠١٤، ولكن دون جدوى؛ الأمر الذي حداه إلى إقامة دعواه بطلباته آنفة الذكر.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة المذكورة، عقب تحضير الدعوى، تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني فيها، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلًا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف المقابل النقدي عن باقي الإجازات الاعتيادية، محسوبًا على أساس أجره الأساسي مضافًا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقضاها عند انتهاء خدمته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/7/2018 أصدرت حكمها المطعون فيه والذي شيدته – بعد استعراض نص المادة (65 ) من القانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته، وكذا حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم (2) لسنة 21 ق.دستورية بجلسة 6/5/2000 بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) المشار إليها – على أن الثابت أن جهة عمل المدعي الأصلية صرفت له المقابل النقدي لرصيد إجازاته عن مدة عمله الفعلية بها ومقدارها (43) يومًا، أما الفترة من 2/11/1985حتى 1/10/2014 التي كان متفرغًا فيها لوظيفة العمدة؛ إذ إنه طيلة هذه الفترة لم يكن خاضعًا لقانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وإنما كان خاضعًا لقانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978، والذي لم تتضمن نصوصه ولا نصوص لائحته التنفيذية نصًا مقابلًا للمادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة.
وأضافت المحكمة أنه لا ينال من ذلك ما يمكن أن يثار من أنه وفقًا للمادة (٢٢) من قانون العمد والمشايخ المشار إليه، من أن العامل في الدولة إذا عين بوظيفة عمدة يحق له الاحتفاظ بوظيفته الأصلية طوال مدة شغله لوظيفة عمدة، ويتمتع بجميع مميزات وظيفته الأصلية من مرتب وبدلات وغيرها، بحسبان أن المشرع قد قرر هذا الحكم تشجيعًا لذوى الكفاءات على التقدم لشغل وظيفة العمدة، وتوفيرًا لقدر من الضمانات المالية للعامل الذي يعين عمدة لتكفل قيامه بأعباء وظيفته، حتى لا يفاجأ بإنقاص مرتبه نتيجةً لهذا التعيين، وعليه فإن المميزات المحتفظ بها تقتصر على المزايا المالية فقط من المرتب والبدلات، ولا تمتد إلى احتفاظ العمدة برصيده من الإجازات الخاصة بوظيفته الأصلية عن كل سنة من سنوات شغله لوظيفة عمدة؛ إذ إنه خلال هذه السنوات ليس له أي إجازات من وظيفته الأصلية، ولا يمكن حساب رصيده من الإجازات؛ لأنه في تفرغ كامل لشغل وظيفة عمدة، ومن ثم ارتأت المحكمة أن المدعي لا يستحق أي رصيد من الإجازات خلال فترة تفرغه للعمل كعمدة. وخلصت من ثم – بعد استعراض أسبابها – إلى حكمها المطعون فيه برفض الدعوى.
وإذ لم يلق ذلك القضاء قبولًا لدى الطاعن، فأقام الطعن الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون والفساد في الاستدلال، لأسباب يتمثل محصلها في:
أولا: مخالفة الحكم المطعون فيه نص المادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة ١٩٧٨، وكذلك المادة (22) من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة ۱۹۷۸، بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة 1994 والتي أجازت للموظف أن يحتفظ بعد تعيينه في وظيفة عمدة بجميع مميزات وظيفته الأصلية ومرتبه والبدلات المقررة لوظيفته الأصلية من جهة عمله الأصلية.
ثانيا: مخالفة الحكم المطعون فيه للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا والذي أجاز للعاملين المدنيين بالدولة الحصول على المقابل النقدي لرصيدهم من الإجازات الاعتيادية دون حد أقصى، ولاسيما أن كثيرًا ممن شغلوا وظيفة عمدة قاموا بصرف المقابل النقدي لرصيدهم من الإجازات الاعتيادية من جهات عملهم الأصلية، كما أن محكمة أول درجة لم تشر إلى تقرير الخبير المنتدب من قبلها في الدعوى إبان نظرها أمامها، والذي انتهى إلى أن للطاعن رصيدًا من الإجازات الاعتيادية لم يتمكن من الحصول عليها نظرًا لحاجة العمل إليه.
ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة وفق قرار الإحالة سالف البيان تنحصر في مدى أحقية العامل الذي تم تعيينه بوظيفة عمدة وتفرغ للقيام بمهامها في الحصول على المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية المقررة لأقرانه في الجهة التي كان يعمل بها قبل تفرغه لوظيفة عمدة.
ومن حيث إن البت في المسألة القانونية المعروضة يتطلب استعراض الاتجاهين الواردين بأحكام المحكمة الإدارية العليا:
حيث ذهب الاتجاه الأول في أحكام المحكمة الإدارية العليا، وهو ما ذهبت إليه الدائرة التاسعة بالمحكمة الإدارية العليا / موضوع في حكمها الصادر بجلسة 22/2/2018 في الطعن رقم 39706 لسنة 59 ق.ع إلى أحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة تعيينه بوظيفة عمدة.
وذهب الاتجاه الثاني كما فى حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 8204 لسنة 48 ق.ع جلسة 9/1/2008، وكذا حكمها في الطعن رقم 29302 لسنة 57 ق جلسة 18/6/2015، وفي ذات المعني فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ملف رقم 86/4/1608 جلسة 3/10/2007، حيث ذهبت إلى أن العامل الذي عين بوظيفة عمدة وتفرغ للقيام بمهامها لايستحق مقابلًا نقديًا عن إجازاته الاعتيادية طوال سنوات تفرغه لتلك الوظيفة؛ لأنه وإن كان يستحق راتبه والبدلات اللصيقة به طبقًا لقانون العمد والمشايخ، إلا أنه طوال تلك السنوات يكون غير مخاطبٍ بالأحكام التي تنظم الإجازات سواء من حيث منحها أو حسابها رصيدًا له يستحق عنها مقابلًا نقديًّا.
ومن حيث إن المادة (22) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ المعدلة بالقانون رقم 26 لسنة 1994 – قبل استبدالها بالقانون رقم 70 لسنة 2016 والتي تحكم النزاع المعروض ــ تنص على أنه: إذا تم تعيين أي من العاملين بالدولة عمدة قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ويعتبر متفرغا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية.
وعدلت هذه المادة لاحقا بموجب القانون رقم 70 لسنة ٢٠١٦ ليتضمن النص الآتي:إذا تم تعيين أي من العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، عمدة أو شيخ قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله الوظيفة، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة أو شيخ، متمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية.
وتنص المادة (٢٩) من ذات القانون – والمعدلة بالقانون رقم ٢٦ لسنة 1994على أن: يمنح العمدة مكافأة قدرها مائة وخمسون جنيهًا شهريًا، ويمنح الشيخ مكافأة قدرها خمسة وسبعون جنيهًا شهريًا وذلك مقابل النفقات التي تتطلبها وظيفة كل منهما، ويتم الجمع بين ما يمنح للعمدة أو الشيخ من مكافأة طبقًا للفقرة السابقة وما يكون مستحقًا له من مرتب أو أجر أو معاش طبقًا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر.
وعدلت هذه المادة لاحقا بموجب القانون رقم 70 لسنة ٢٠١٦ بنصها على أن: يمنح العمدة مكافأة قدرها سبعمائة وخمسون جنيهًا شهريًا، ويمنح الشيخ مكافأة قدرها خمسمائة جنيه شهريًا.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 219 لسنة 1991 بتعديل الفقرة الأخيرة من المادة ( 65 ) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 كانت تنص على أن: يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة ( 65 ) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الآتي فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافًا إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته، وذلك بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم .
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز للعاملين في الدولة أن يرشحوا أنفسهم لشغل وظيفة العمدة، وقضى أن من يتم تعيينه في وظيفة العمدة يحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية، وأساس ذلك تشجيع ذوي الكفاءات على التقدم لشغل وظيفة العمدة، وذلك حتى يضمن له وجود مورد ما لىيعتمد عليه في حياته، ويمكنه من القيام بأعباء الوظيفة التي تحتاج لنوع من المظهر؛ لأن المكافآت التي تمنح للعمدة مكافآت رمزية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن البين من استقراء نص المادة (65) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدلة بالقانونين رقمي 115 لسنة 1983 و219 لسنة 1999 أنه إذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافًا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 6/5/2000 في الدعوى رقم 2 لسنة 21ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل، تأسيسًا على أنه كلما كان فوات الإجازة راجعًا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل، عندئذ كأصل عام، أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنًا عينًا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبًا تقديرًا، فمتى كانت المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزامًا أن تتحمل وحدها تبعة ذلك…، وأن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مُخالفًا للحماية الدستورية المُقررة للملكية الخاصة.
ومن حيث إن المشرع أجاز تعيين العاملين المدنيين بالدولة بوظيفة عمدة، وقرر – لمن يتم تعيينه منهم بوظيفة عمدة – الاحتفاظ بوظيفته الأصلية طوال مدة شغله لوظيفة عمدة، كما قرر أحقيته كذلك في صرف راتبه والبدلات المقررة لوظيفته من جهة عمله الأصلية، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، وترتيبًا على ذلك فإن من يعين من العاملين المدنيين بالدولة بوظيفة عمدة تحسب مدة تعيينه في وظيفة العمدة في المعاش أو المكافأة، وهو ما يقتضي أن يظل متمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، وذلك طوال مدة شغله لوظيفة عمدة، رغم أنه كان متفرغًا لا يزاول مهام وظيفته الأصلية، ومن بين هذه الحقوق والمزايا حقه في الإجازة الاعتيادية، أو صرف المقابل النقدي عن رصيد إجازاته الاعتيادية المقررة له خلال مدة شغله لوظيفة عمدة، بحسبان أن حصوله على هذا المقابل يندرج ضمن حقوقه الوظيفية التي حرص المشرع على التأكيد عليها، والقول بحرمان من يشغل وظيفة عمدة من العاملين المدنيين بالدولة خلال فترة شغله هذه الوظيفة من صرف المقابل النقدي عن رصيد الإجازات الاعتيادية المقرر لأقرانه من شاغلي ذات الوظيفة من شأنه الإخلال بحق من يشغل وظيفة عمدة، ويخالف حكم المادة (22) من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978سالفة الذكر، والتي أكدت على حق من يتم تعيينه من العاملين المدنيين بالدولة في وظيفة عمدة قرية في الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، دون أن ينال من ذلك القول بأن العمدة لم يكن على قوة العمل خلال فترة شغله وظيفة عمدة، ومن ثم لا يكون له الحق في المطالبة بأي رصيد من الإجازات من جهة عمله الأصلية خلال تلك المدة، إذ لا محل لذلك لأن المشرع قرر الاحتفاظ للعامل الذي يعين بوظيفة عمدة بوظيفته الأصلية مع أحقيته في مميزات هذه الوظيفة الأصلية طبقًا لحكم المادة (22) من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978، ومن ثم يحق له صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية خلال فترة تعيينه بوظيفة عمدة بحسبان أن هذا المقابل يعتبر من مميزات الوظيفة الأصلية التي قررتها له المادة المشار إليها.
ويؤكد ذلك أن قانون العمد والمشايخ ليس نظامًا وظيفيًّا خاصًّا كقوانين الهيئات والجهات القضائية والشرطة وغيرها من الكادرات الخاصة التي تضع نظامًا وظيفيًّا متكاملًا يتضمن الدرجات والترقيات والإجازات…إلخ إنما هو مثل قانوني مجلسي الشيوخ والنواب يعتبر القائمين بها ممن يؤدون خدمة عامة، ويحتفظ للموظفين منهم بوظائفهم وكأنهم قائمون بها، فيحصلون على ترقياتهم ويحتفظون بمميزات وظائفهم كما لو كانوا على رأس العمل، أي أن هذا القانون العمد والمشايخ لم يضع نظامًا وظيفيًا متكاملًا شاملًا للإجازات والتعويض عنها وغير ذلك من الأمور الوظيفية.
كما لا يجوز قياس العمدة على الموظف المعار والمنتدب والحاصل على إجازة خاصة بدون مرتب لأن كلًا من هؤلاء يحصل على إجازاته الاعتيادية من الجهة المعار أو المنتدب إليها بخلاف العمدة.
ويضاف إلى ما تقدم أن المستفاد من نص المادة (22) من قانون العمد والمشايخ المشار إليه أن العامل الذي يعين بوظيفة عمدة يظل مرتبطًا بوظيفته الأصلية وكأنه قائم بها، وفي الوقت ذاته مكلف بالتفرغ لخدمة عامة دون أن يؤثر ذلك في كافة المزايا المقررة لوظيفته من ترقيات وعلاوات وإجازات، وأن الحرمان الوحيد الذي يناله هو الحرمان من أي مقابل مرتبط بالعمل الإضافي والإنتاج أي بالمباشرة الفعلية للعمل في جهة عمله الأصلية، ومن ثم فإن الإجازات الاعتيادية تعد من مميزات الوظيفة التي يتعين تعويضه عنها مثل أقرانه بجهة عمله الأصلية.
كما يُضاف إلى ما تقدم أن نص المادة (22) المُشار إليها اختص العامل بميزتين عند تفرغه لوظيفة عمدة؛ الميزة الأولى: احتفاظه بجميع مُميزات وظيفته الأصلية، ومنها العلاوات الترقيات والإجازات والتعويض عنها، والتأمين الصحي وغير ذلك من مُميزات الوظيفة الأصلية، والميزة الثانية: احتفاظه بمرتب الوظيفة الأصلية والبدلات المُقررة، وهذه منبتة الصلة بالأولى.
ومن حيث إنه كلما كان فوات الإجازة راجعًا إلى جهة العمل، أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ كأصل عام، أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنًا عينًا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبًا تقديرًا، فمتى كانت المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزامًا أن تتحمل وحدها تبعة ذلك، وأن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مُخالفًا الحماية الدستورية المُقررة للملكية الخاصة، هذا ولما كان العامل الذي تفرغ لوظيفة عمدة قد حالت ظروف تفرغه لتلك الوظيفة دون حصوله على رصيد إجازاته الاعتيادية لأسباب اقتضتها ظروف أدائه لعمله في وظيفة العمدة، فتكون جهة عمله الأصلية مسئولة عن تعويضه عنها.
ومن جماع ما تقدم، يتعين القضاء بترجيح المبدأ القانوني القاضي بأحقية العامل المتفرغ لشغل وظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة من جهة عمله الأصلية، مع مراعاة خصم ما يكون قد حصل عليه من إجازات أو ما صرفه من تعويض عنها.
فلهذه الأسبــاب
حكمت المحكمة: بترجيح المبدأ القانوني القاضي بأحقية العامل المتفرغ لشغل وظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة من جهة عمله الأصلية، وذلك على النحو المبين تفصيلًا بالأسباب، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه على هدى ما تقدم.
صدر هذا الحكم وتلي علنًا بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 4 من رجب سنة 1443 هجرية، الموافق 5 من فبراير 2022 ميلادية، وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحـــيد المبــــادئ
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد محمود حســــام الدين رئيــــــــس مجلس الدولـة
ورئيـــــس المحكـمـــــــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسونة توفيق حسونة محجوب نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محـمد حامد محـمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد عبد ربه علوانى خليف نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير محمد عبد الفتاح غطاس نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / صلاح الدين عبد اللطيف حسن الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / طارق محمد لطيف عبد العزيز نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سيد عبد الله سلطان عمار نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / اشرف سيد إبراهيم محمود نائب رئيس مجلس الدولة
مفــــــوض الدولــــــــــة
وسكرتارية الســـــيدة / هدية سيد محمد سكــــــرتيرة المحكمــــــــة
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن رقم 94122 لسنة 64 ق.عليا
المقام من / ….
ضــــــــــد/
1- محافظ البحيرة بصفته
2- رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت بصفته
3- رئيس الوحدة المحلية لقرية محلة فرنوي بصفته
في حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة الدائرة الثانية ( السابعة والثلاثون)
الصادر بجلسة 4/7/2018 في الدعوى رقم 2595 لسنة 15ق
الإجراءات
بتاريخ 2/9/2018 أقيم الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنًا في حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة الدائرة الثانية (السابعة والثلاثون) الصادر بجلسة 4/7/2018 في الدعوى رقم 2595 لسنة 15ق القاضي منطوقه: بقبول الدعوى شكلًا ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقيته في صرف المقابل النقدي المستحق عن كامل رصيد الإجازات الاعتيادية .
وأعدت هيئة مفوضي الدولة لدى الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا بأحقية الطاعن في صرف المقابل النقدي عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية منذ تاريخ تعيينه بوظيفة عمدة في 12/11/1985 حتى تاريخ إحالته على المعاش في 1/10/2014 وعددها 942 يومًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 19/8/2020 قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 16/9/2020، حيث نظرته على النحو الموضح بمحضر الجلسة، وبجلسة 21/10/2020 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثامنة موضوع للاختصاص. ونظرته الدائرة الثامنة بجلسة 7/3/2021، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/3/2021، وبهذه الجلسة قررت الدائرة الثامنة موضوع إعادة الطعن للمرافعة وإحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بموجب المادة (54) مكررًا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته للترجيح بين أيٍّ من الرأيين التاليين:
الأول : أحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة.
الثاني : عدم أحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة.
وقد ورد الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا، حيث أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا نهائيًّا بالرأي القانوني انتهت فيه إلى ترجيح المبدأ القانوني القاضي بأحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة من جهة عمله الأصلية، وذلك على النحو المبين تفصيلًا بالأسباب، وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه على هدي ما تقدم.
ونظرت المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – الطعن، وبجلسة 1/1/2022 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع مذكرات ومستندات في أسبوعين. ولم يتقدم أحد بمذكرات أو بمستندات خلال ذلك الأجل. وبجلسة اليوم تقرر إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة ، ثم صدر الحكم آخر الجلسة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
المحكمـــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولًا من حيث الشكل.
وحيث تخلص واقعات النزاع الماثل – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ 23/11/٢٠١٤- أقام المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) الدعوى رقم ٢٥٩٥ لسنة 15 قضائية بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، مختتمًا إياها بطلب الحكم بقبولها شكلًا، وفي الموضوع بأحقيته في صرف المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب والنفاذ.
وأورد المدعي (الطاعن) شرحًا لدعواه أنه كان من بين العاملين بالوحدة المحلية لقرية محلة فرنوى – مركز شبراخيت – محافظة البحيرة منذ تاريخ تعيينه في 30/6/١٩٨٣ وأحيل للتقاعد لبلوغه السن القانونية المقررة للإحالة إلى المعاش بتاريخ 1/10/٢٠١٤ ودرجته الوظيفية كبير أخصائيين، وقد تم تكليفه أثناء مدة خدمته لدى الوحدة المحلية المشار إليها، بالعمل كعمدة لقرية محلة فرنوى، وتفرغ لهذا العمل، وكان له رصيد من الإجازات الاعتيادية لدى جهة عمله الأصلية لم يتمكن من الحصول عليها، وذلك نظرًا لحاجة العمل المكلف به كعمدة للقرية المذكورة، وتقدم بطلب لجهة عمله لصرف المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية ، لكن جهة عمله رفضت دون مبرر أو سند قانوني لذلك، على الرغم من أن قانون العاملين المدنيين بالدولة قد أجاز للعاملين بها ضم رصيدهم من الإجازات الاعتيادية وترحيله لسنوات تالية دون حد أقصى، كما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من القانون المذكور، وقد قضت العديد من أحكام المحاكم الإدارية والقضاء الإداري بأحقية العاملين المدنيين بالدولة الذين تم تعيينهم بوظيفة عمدة في صرف كامل المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية من جهات عملهم الأصلية دون حد أقصى. وأضاف المدعى أنه تقدم بطلب إلى لجنة فض المنازعات بالبحيرة قيد برقم 70 لسنة ٢٠١٤، ولكن دون جدوى؛ الأمر الذي حداه إلى إقامة دعواه بطلباته آنفة الذكر.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة المذكورة، عقب تحضير الدعوى، تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني فيها، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلًا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف المقابل النقدي عن باقي الإجازات الاعتيادية، محسوبًا على أساس أجره الأساسي مضافًا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقضاها عند انتهاء خدمته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/7/2018 أصدرت حكمها المطعون فيه والذي شيدته – بعد استعراض نص المادة (65 ) من القانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته، وكذا حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم (2) لسنة 21 ق.دستورية بجلسة 6/5/2000 بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) المشار إليها – على أن الثابت أن جهة عمل المدعي الأصلية صرفت له المقابل النقدي لرصيد إجازاته عن مدة عمله الفعلية بها ومقدارها (43) يومًا، أما الفترة من 2/11/1985حتى 1/10/2014 التي كان متفرغًا فيها لوظيفة العمدة؛ إذ إنه طيلة هذه الفترة لم يكن خاضعًا لقانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وإنما كان خاضعًا لقانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978، والذي لم تتضمن نصوصه ولا نصوص لائحته التنفيذية نصًا مقابلًا للمادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة.
وأضافت المحكمة أنه لا ينال من ذلك ما يمكن أن يثار من أنه وفقًا للمادة (٢٢) من قانون العمد والمشايخ المشار إليه، من أن العامل في الدولة إذا عين بوظيفة عمدة يحق له الاحتفاظ بوظيفته الأصلية طوال مدة شغله لوظيفة عمدة، ويتمتع بجميع مميزات وظيفته الأصلية من مرتب وبدلات وغيرها، بحسبان أن المشرع قد قرر هذا الحكم تشجيعًا لذوى الكفاءات على التقدم لشغل وظيفة العمدة، وتوفيرًا لقدر من الضمانات المالية للعامل الذي يعين عمدة لتكفل قيامه بأعباء وظيفته، حتى لا يفاجأ بإنقاص مرتبه نتيجةً لهذا التعيين، وعليه فإن المميزات المحتفظ بها تقتصر على المزايا المالية فقط من المرتب والبدلات، ولا تمتد إلى احتفاظ العمدة برصيده من الإجازات الخاصة بوظيفته الأصلية عن كل سنة من سنوات شغله لوظيفة عمدة؛ إذ إنه خلال هذه السنوات ليس له أي إجازات من وظيفته الأصلية، ولا يمكن حساب رصيده من الإجازات؛ لأنه في تفرغ كامل لشغل وظيفة عمدة، ومن ثم ارتأت المحكمة أن المدعي لا يستحق أي رصيد من الإجازات خلال فترة تفرغه للعمل كعمدة. وخلصت من ثم – بعد استعراض أسبابها – إلى حكمها المطعون فيه برفض الدعوى.
وإذ لم يلق ذلك القضاء قبولًا لدى الطاعن، فأقام الطعن الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون والفساد في الاستدلال، لأسباب يتمثل محصلها في:
أولا: مخالفة الحكم المطعون فيه نص المادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة ١٩٧٨، وكذلك المادة (22) من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة ۱۹۷۸، بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة 1994 والتي أجازت للموظف أن يحتفظ بعد تعيينه في وظيفة عمدة بجميع مميزات وظيفته الأصلية ومرتبه والبدلات المقررة لوظيفته الأصلية من جهة عمله الأصلية.
ثانيا: مخالفة الحكم المطعون فيه للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا والذي أجاز للعاملين المدنيين بالدولة الحصول على المقابل النقدي لرصيدهم من الإجازات الاعتيادية دون حد أقصى، ولاسيما أن كثيرًا ممن شغلوا وظيفة عمدة قاموا بصرف المقابل النقدي لرصيدهم من الإجازات الاعتيادية من جهات عملهم الأصلية، كما أن محكمة أول درجة لم تشر إلى تقرير الخبير المنتدب من قبلها في الدعوى إبان نظرها أمامها، والذي انتهى إلى أن للطاعن رصيدًا من الإجازات الاعتيادية لم يتمكن من الحصول عليها نظرًا لحاجة العمل إليه.
ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة وفق قرار الإحالة سالف البيان تنحصر في مدى أحقية العامل الذي تم تعيينه بوظيفة عمدة وتفرغ للقيام بمهامها في الحصول على المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية المقررة لأقرانه في الجهة التي كان يعمل بها قبل تفرغه لوظيفة عمدة.
ومن حيث إن البت في المسألة القانونية المعروضة يتطلب استعراض الاتجاهين الواردين بأحكام المحكمة الإدارية العليا:
حيث ذهب الاتجاه الأول في أحكام المحكمة الإدارية العليا، وهو ما ذهبت إليه الدائرة التاسعة بالمحكمة الإدارية العليا / موضوع في حكمها الصادر بجلسة 22/2/2018 في الطعن رقم 39706 لسنة 59 ق.ع إلى أحقية العامل المتفرغ لوظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة تعيينه بوظيفة عمدة.
وذهب الاتجاه الثاني كما فى حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 8204 لسنة 48 ق.ع جلسة 9/1/2008، وكذا حكمها في الطعن رقم 29302 لسنة 57 ق جلسة 18/6/2015، وفي ذات المعني فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ملف رقم 86/4/1608 جلسة 3/10/2007، حيث ذهبت إلى أن العامل الذي عين بوظيفة عمدة وتفرغ للقيام بمهامها لايستحق مقابلًا نقديًا عن إجازاته الاعتيادية طوال سنوات تفرغه لتلك الوظيفة؛ لأنه وإن كان يستحق راتبه والبدلات اللصيقة به طبقًا لقانون العمد والمشايخ، إلا أنه طوال تلك السنوات يكون غير مخاطبٍ بالأحكام التي تنظم الإجازات سواء من حيث منحها أو حسابها رصيدًا له يستحق عنها مقابلًا نقديًّا.
ومن حيث إن المادة (22) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ المعدلة بالقانون رقم 26 لسنة 1994 – قبل استبدالها بالقانون رقم 70 لسنة 2016 والتي تحكم النزاع المعروض ــ تنص على أنه: إذا تم تعيين أي من العاملين بالدولة عمدة قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ويعتبر متفرغا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية.
وعدلت هذه المادة لاحقا بموجب القانون رقم 70 لسنة ٢٠١٦ ليتضمن النص الآتي:إذا تم تعيين أي من العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، عمدة أو شيخ قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله الوظيفة، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة أو شيخ، متمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية.
وتنص المادة (٢٩) من ذات القانون – والمعدلة بالقانون رقم ٢٦ لسنة 1994على أن: يمنح العمدة مكافأة قدرها مائة وخمسون جنيهًا شهريًا، ويمنح الشيخ مكافأة قدرها خمسة وسبعون جنيهًا شهريًا وذلك مقابل النفقات التي تتطلبها وظيفة كل منهما، ويتم الجمع بين ما يمنح للعمدة أو الشيخ من مكافأة طبقًا للفقرة السابقة وما يكون مستحقًا له من مرتب أو أجر أو معاش طبقًا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر.
وعدلت هذه المادة لاحقا بموجب القانون رقم 70 لسنة ٢٠١٦ بنصها على أن: يمنح العمدة مكافأة قدرها سبعمائة وخمسون جنيهًا شهريًا، ويمنح الشيخ مكافأة قدرها خمسمائة جنيه شهريًا.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 219 لسنة 1991 بتعديل الفقرة الأخيرة من المادة ( 65 ) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 كانت تنص على أن: يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة ( 65 ) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الآتي فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافًا إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته، وذلك بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم .
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز للعاملين في الدولة أن يرشحوا أنفسهم لشغل وظيفة العمدة، وقضى أن من يتم تعيينه في وظيفة العمدة يحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية، وأساس ذلك تشجيع ذوي الكفاءات على التقدم لشغل وظيفة العمدة، وذلك حتى يضمن له وجود مورد ما لىيعتمد عليه في حياته، ويمكنه من القيام بأعباء الوظيفة التي تحتاج لنوع من المظهر؛ لأن المكافآت التي تمنح للعمدة مكافآت رمزية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن البين من استقراء نص المادة (65) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدلة بالقانونين رقمي 115 لسنة 1983 و219 لسنة 1999 أنه إذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافًا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 6/5/2000 في الدعوى رقم 2 لسنة 21ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل، تأسيسًا على أنه كلما كان فوات الإجازة راجعًا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل، عندئذ كأصل عام، أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنًا عينًا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبًا تقديرًا، فمتى كانت المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزامًا أن تتحمل وحدها تبعة ذلك…، وأن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مُخالفًا للحماية الدستورية المُقررة للملكية الخاصة.
ومن حيث إن المشرع أجاز تعيين العاملين المدنيين بالدولة بوظيفة عمدة، وقرر – لمن يتم تعيينه منهم بوظيفة عمدة – الاحتفاظ بوظيفته الأصلية طوال مدة شغله لوظيفة عمدة، كما قرر أحقيته كذلك في صرف راتبه والبدلات المقررة لوظيفته من جهة عمله الأصلية، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، وترتيبًا على ذلك فإن من يعين من العاملين المدنيين بالدولة بوظيفة عمدة تحسب مدة تعيينه في وظيفة العمدة في المعاش أو المكافأة، وهو ما يقتضي أن يظل متمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، وذلك طوال مدة شغله لوظيفة عمدة، رغم أنه كان متفرغًا لا يزاول مهام وظيفته الأصلية، ومن بين هذه الحقوق والمزايا حقه في الإجازة الاعتيادية، أو صرف المقابل النقدي عن رصيد إجازاته الاعتيادية المقررة له خلال مدة شغله لوظيفة عمدة، بحسبان أن حصوله على هذا المقابل يندرج ضمن حقوقه الوظيفية التي حرص المشرع على التأكيد عليها، والقول بحرمان من يشغل وظيفة عمدة من العاملين المدنيين بالدولة خلال فترة شغله هذه الوظيفة من صرف المقابل النقدي عن رصيد الإجازات الاعتيادية المقرر لأقرانه من شاغلي ذات الوظيفة من شأنه الإخلال بحق من يشغل وظيفة عمدة، ويخالف حكم المادة (22) من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978سالفة الذكر، والتي أكدت على حق من يتم تعيينه من العاملين المدنيين بالدولة في وظيفة عمدة قرية في الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية، دون أن ينال من ذلك القول بأن العمدة لم يكن على قوة العمل خلال فترة شغله وظيفة عمدة، ومن ثم لا يكون له الحق في المطالبة بأي رصيد من الإجازات من جهة عمله الأصلية خلال تلك المدة، إذ لا محل لذلك لأن المشرع قرر الاحتفاظ للعامل الذي يعين بوظيفة عمدة بوظيفته الأصلية مع أحقيته في مميزات هذه الوظيفة الأصلية طبقًا لحكم المادة (22) من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978، ومن ثم يحق له صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية خلال فترة تعيينه بوظيفة عمدة بحسبان أن هذا المقابل يعتبر من مميزات الوظيفة الأصلية التي قررتها له المادة المشار إليها.
ويؤكد ذلك أن قانون العمد والمشايخ ليس نظامًا وظيفيًّا خاصًّا كقوانين الهيئات والجهات القضائية والشرطة وغيرها من الكادرات الخاصة التي تضع نظامًا وظيفيًّا متكاملًا يتضمن الدرجات والترقيات والإجازات…إلخ إنما هو مثل قانوني مجلسي الشيوخ والنواب يعتبر القائمين بها ممن يؤدون خدمة عامة، ويحتفظ للموظفين منهم بوظائفهم وكأنهم قائمون بها، فيحصلون على ترقياتهم ويحتفظون بمميزات وظائفهم كما لو كانوا على رأس العمل، أي أن هذا القانون العمد والمشايخ لم يضع نظامًا وظيفيًا متكاملًا شاملًا للإجازات والتعويض عنها وغير ذلك من الأمور الوظيفية.
كما لا يجوز قياس العمدة على الموظف المعار والمنتدب والحاصل على إجازة خاصة بدون مرتب لأن كلًا من هؤلاء يحصل على إجازاته الاعتيادية من الجهة المعار أو المنتدب إليها بخلاف العمدة.
ويضاف إلى ما تقدم أن المستفاد من نص المادة (22) من قانون العمد والمشايخ المشار إليه أن العامل الذي يعين بوظيفة عمدة يظل مرتبطًا بوظيفته الأصلية وكأنه قائم بها، وفي الوقت ذاته مكلف بالتفرغ لخدمة عامة دون أن يؤثر ذلك في كافة المزايا المقررة لوظيفته من ترقيات وعلاوات وإجازات، وأن الحرمان الوحيد الذي يناله هو الحرمان من أي مقابل مرتبط بالعمل الإضافي والإنتاج أي بالمباشرة الفعلية للعمل في جهة عمله الأصلية، ومن ثم فإن الإجازات الاعتيادية تعد من مميزات الوظيفة التي يتعين تعويضه عنها مثل أقرانه بجهة عمله الأصلية.
كما يُضاف إلى ما تقدم أن نص المادة (22) المُشار إليها اختص العامل بميزتين عند تفرغه لوظيفة عمدة؛ الميزة الأولى: احتفاظه بجميع مُميزات وظيفته الأصلية، ومنها العلاوات الترقيات والإجازات والتعويض عنها، والتأمين الصحي وغير ذلك من مُميزات الوظيفة الأصلية، والميزة الثانية: احتفاظه بمرتب الوظيفة الأصلية والبدلات المُقررة، وهذه منبتة الصلة بالأولى.
ومن حيث إنه كلما كان فوات الإجازة راجعًا إلى جهة العمل، أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ كأصل عام، أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنًا عينًا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبًا تقديرًا، فمتى كانت المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزامًا أن تتحمل وحدها تبعة ذلك، وأن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مُخالفًا الحماية الدستورية المُقررة للملكية الخاصة، هذا ولما كان العامل الذي تفرغ لوظيفة عمدة قد حالت ظروف تفرغه لتلك الوظيفة دون حصوله على رصيد إجازاته الاعتيادية لأسباب اقتضتها ظروف أدائه لعمله في وظيفة العمدة، فتكون جهة عمله الأصلية مسئولة عن تعويضه عنها.
ومن جماع ما تقدم، يتعين القضاء بترجيح المبدأ القانوني القاضي بأحقية العامل المتفرغ لشغل وظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة من جهة عمله الأصلية، مع مراعاة خصم ما يكون قد حصل عليه من إجازات أو ما صرفه من تعويض عنها.
فلهذه الأسبــاب
حكمت المحكمة: بترجيح المبدأ القانوني القاضي بأحقية العامل المتفرغ لشغل وظيفة عمدة في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يستنفدها خلال فترة شغله تلك الوظيفة من جهة عمله الأصلية، وذلك على النحو المبين تفصيلًا بالأسباب، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه على هدى ما تقدم.
صدر هذا الحكم وتلي علنًا بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 4 من رجب سنة 1443 هجرية، الموافق 5 من فبراير 2022 ميلادية، وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.