الطعن رقم ۲٦٤۹ لسنة ۷۹ ق
جلسة ۱۰ / ۲ / ۲۰۱۰ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء (ب)
—–
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / حامـد عبد اللــه نائب رئيس المحكمـة
وعضوية السادة المستشارين / عاطـف عبد السميع و محمــد عيـد سالـم
ومحمــد محمــود و مصطفــى حسـان
نـواب رئيس المحكمـة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / السيد جابر
وأمين السر السيد / كمال سالم
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة 0
فى يوم الأربعاء 26 من صفر سنة 1431هـ الموافق 10 من فبراير سنة 2010 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول النيابة برقم 2649 لسنة 2009 وبجدول المحكمة برقــــم 2649 لسنة 79 القضائية 0
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة والمداولة 0
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها ، لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها ـ دون أن تتقيد بمبنى الرأى الى تضمنه النيابة مذكرتها ـ ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته , ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة شكلاً .
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فى الاغتصاب قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ، ذلك بأنه خلص إلى توافر ظرف سبق الإصرار فى عبارة غامضة مبهمة لا تنتجه , ومع أن الأدلة خلت مما يكشف عن توافر هذا الظرف فى حق الطاعن . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه يبين من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى فى قوله ” أنه فى حوالى الساعة الثامنة من صباح يوم 14/9/2007 الموافق الثانى من شهر رمضان عام 1428 هجرية ، حال مجالسة المتهم حمدى عبد المقصود عبد الرحمن لزميله السيد / سلطان عبد الهادى سلطان على جسر مصرف سجين مركز قطور محافظة الغربية والذى اعتاد صيد الأسماك فيه مرت عليهما المجنى عليها فاطمة المرسى شعبان والتى تبلغ الخامسة والستين من عمرها ممطية دابتها فى طريقها إلى حقلها المجـاور للمصـرف الكائن فى زمام
قرية الهياتم مركز المحلة ، وبعد فترة عادت إليهما المجنى عليها سيراً على قدميها وعاتبت المتهم على سرقته لبعض محصول القطن من حقلها وهددته بشكايته والإبلاغ عنه مما أثار حفيظته وأشعل ثورته وحاول الإعتداء عليها بالضرب بسكين مطبخ كانت فى حوزته إلا أن مجالسه حال بينه وبين المجنى عليها وانتزع منه السكين وحاول تهدئته ، وانصرفت المجنى عليها عائدة إلى حقلها لتباشر عملها فيه والمتهم يتتبعها بألفاظ نابية مهدداً إياها بأنه سيهتك عرضها وسيمنعها من زراعة أرضها . وبعد أن انصرف عنه زميله لمباشرة عمله وقت صلاة الجمعة وانفرد المتهم بنفسه تحركت غريزته الهمجية فأخذ شيطانه يوسوس ويزين له اغتصاب المجنى عليها المنفردة فى حقلها فى وقت غلت فيه الشياطين جميعاً إلا شيطان نفسه التى بلغت بها الدناءة مبلغاً حتى خرجت من مصاف البشر لتضف عليه طبائع ذئب مدفوع بشهوانية وحقارة فعقد العزم وبيت النية على اغتصاب المجنى عليها وقتلها إذا لزم الأمر مستغلاً خلو المكان من المارة لانشغال الناس بالصلاة والإعداد للإفطار بعد صيام يومهم ، وكبر سن المجنى عليها ووهنها ، فاستل سكينه وتسلل لها فى حقلها وهو لا يرتدى سوى سروال قصير ( شورت ) وأخذ يسخر منها ويتهكم عليها وأقر لها عابثاً بها أنه الذى سرق محصولها ولن تقوى عليه ، فحاولت وخذه وهددته بعصاها التى تتوكأ عليها فأصابته فى وجهه بها فأسرع بجذبها وطرحها أرضاً وجثم فوقها وحسر جلبابها حتى عنقها ونزع عنها سروالها ليعرى جسدها تماماً وهى لا تقوى على دفعه أو الدفاع عن نفسها وحاول مواقعتها كرهاً إلا أنها استماتت فى مقاومته ودفعه عنها وصرخت مستجيرة عسى أن تجد من يغيثها من ذئب يحاول افتراس شرفها بعد أن بلغت من الكبر عتياً ، فأصابه الخوف من افتضاح أمره وقرر العدول عن إتمام اغتصابها وأن يستكمل ما عقد العزم عليه وبيت النية عليه من قبل حتى لا تفتضح جريمته فانهال عليها بطعناته الوحشية بالسكين التى أعدها سلفاً لذلك محدثاً بها خمسة وعشرون جرحاً قطعياً تتراوح أطوالها ما بين 2سم و 8سم منتشرة بأعلى فروة الرأس ويمين أرنبة الأنف ….. ، ولم يتوقف عن طعنها إلا بعـد أن تأكـد من إزهاق
روحها وأنها أصبحت جثة هامدة ثم تركها مسجاة على الأرض عارية وانصرف إلى مكان صيده لإزالة آثار جريمته عن نفسه وارتدى ملابسه وأخفى السكين أداة الجريمة بغرسها فى جسر المصرف أسفل المياة وقبع فى مكانه هادئاً ملتبساً ثوب البراءة وعدم العلم بما حدث حتى حضر باهى محمد مرزوق شحاتة نجل ابنة شقيقة المجنى عليها وبصحبته إيهاب حسن مرزوق لاستطلاع أمر سرقة محصول القطن من الحقل ومرا عليه بمكان جلوسه على جسر المصرف فاستوقفهما وشكا لهما اتهام المجنى عليها له بسرقة جزء من محصول القطن وطلب اصطحابهما لإرشادهما عن مكان المحصول المسروق ودلف معهما إلى حقل المجنى عليها حتى أبصر الأول جثة المجنى عليها مسجاة عارية على الأرض فشعر بالخوف من هول ما رأى وتلاحظ له الجرح المصاب به المتهم فى وجهه فأسرع بالعدو والهرب من المكان وبصحبته مرافقه وأخبرا أهلية المجنى عليها فأسرع شقيقيها وليد السيد عبد الباقى ، ومتولى السيد عبد الباقى بالتوجه إلى مكان الواقعة ومعهما العديد من أهل البلدة وتحفظا على المتهم الذى كان لا يزال مستقراً فى مكانه متظاهراً بالبراءة رغم إبلاغ الشرطة بالواقعة التى حضرت وتم ضبط المتهم وعثر على مطواة قرن غزال بجيب بنطاله وضبط السكين المستخدم فى ارتكاب الحادث بإرشاده . وأيدت تحريات الشرطة ارتكاب المتهم للواقعة على النحو السالف البيان . ” وقد عرض الحكم إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره فى قوله : ” أنه ثابت فى الدعوى متوفر فى حق المتهم مما استخلصته المحكمة من أدلة الثبوت التى اطمأنت إليها . وقد توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التى اختزنها المتهم فى نفسه للمجنى عليها بعد أن اتهمته بسرقه وهددته بشكايته والإبلاغ عنه وحال بينه وبين الاعتداء عليها بالسكين التى فى حوزته شاهد الإثبات الرابع ومن ساعتها عقد العزم وبيت النية على الانتقام منها وقد اعمل فكره فى هدوء وروية فى تحديد الخطة التى رسمها والوسيلة التى استعملها فى قتل المجنى عليها وهى السكين التى حصل عليها من أدوات صيده وتحققه من خلو المكان من المارة ثم تسلله لها فى حقلها لتنفيذ خطته باغتصابها وإشبـاع شهوتـه الدنيئة
وإذلالها لمنعها من الإبلاغ عنه وشكايته مستقبلاً وقتلها لمنع افتضاح أمره . إذ لو توقف الأمر عند حد رغبته فى مجرد هتك عرضها على نحو ما ألبس به اعترافه واتجه إليه فى دفاعه ما كان فى حاجة على إعداد ذلك السكين التى ارتكب بها الواقعة وحملها معه لما هو معلوم من ضعف ووهن المجنى عليها الطاعنة فى السن وعدم قدرتها على مقاومته وهو الشاب مفتول العضلات مكتمل الفتوة بالنظر إلى طبيعة عمله كصياد مما يدل على أن المتهم ارتكب جريمته وهو هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير متأنى وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتواه وذلك بقصد إشباع شهوة شيطانية والانتقام من المجنى عليها وهو ما يدل وبيقين على توافر ظرف سبق الإصرار فى حقه كما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهم ” . وحيث إن القانون أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وإلا كان الحكم قاصراً . ولما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج . ويشترط لتوافره فى حق الجاني أن يكون فى حالة يتسنى له فيها التفكير فى عمله والتصميم عليه فى روية وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له فى ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معروف به فى القانون ، إلا أن ما ساقه الحكم فى هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس فى حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها فى صدره وكشفا للباعث على ارتكاب القتل ، وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه . ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التى تقوم بنفس الجاني والتى يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التى تكشف عنها مما كان ينبغى على المحكمة معه أن
توضح كيف انتهت إلى ما قالته من أنه ارتكب الجريمة ” وهو هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير متأنى وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتواه . ” وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً . ولا يقدح فى ذلك ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن الطاعن فكر فى الاعتداء جنسياً على المجنى عليها لإذلالها لأن توافر نية الاعتداء الجنسى على المجنى عليها والتصميم عليها لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين . هذا إلى أنه لما كان ما أورده الحكم فى بيان واقعة الدعوى وما استدل به على توافر ظرف سبق الإصرار من أن الطاعن ” تسلل ” إلى المجنى عليها فى حقلها ، لا أصل له فى اعتراف الطاعن ، وهو وإن ورد بشهادة ضابط الواقعة إلا أن الطاعن أنكره فيما اعترف به مقرراً أن المجنى عليها هى التى نادته إلى حقلها ، وإنه ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة أى دليل ولو كان اعترافاً والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه ، إلا أن حد ذلك أن يكون واضحاً من الحكم الذى وقعت فيه تلك التجزئة أن المحكمة قد أحاطت بما تضمنه الدليل الذى حدثت فيه التجزئة ، وأن المحكمة مارست سلطتها فى تلك التجزئة بغير بتر لفحواه أو صرفاً له عن المعنى المستفاد من صريح عبارته ـ ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بقول الضابط من أن الطاعن ” تسلل ” إلى حقل المجنى عليها ، معرضاً عما ورد باعترافه من أن المجنى عليها هى التى نادته ، وكان لا يبين من الحكم أن المحكمة حين مارست تلك التجزئة قد قصدتها وكانت مدركة لما تضمنه اعتراف الطاعن مغايراً لها ، فإن حكمها فى هذا الخصوص يكون معيباً .
ولما تقدم ، يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :ـ قبول عرض النيابة العامة وطعن المحكوم عليه شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات المحلة الكبرى لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى .
أمين الســـر رئيس الدائــرة
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها ، لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها ـ دون أن تتقيد بمبنى الرأى الى تضمنه النيابة مذكرتها ـ ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته , ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة شكلاً .
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فى الاغتصاب قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ، ذلك بأنه خلص إلى توافر ظرف سبق الإصرار فى عبارة غامضة مبهمة لا تنتجه , ومع أن الأدلة خلت مما يكشف عن توافر هذا الظرف فى حق الطاعن . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه يبين من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى فى قوله ” أنه فى حوالى الساعة الثامنة من صباح يوم 14/9/2007 الموافق الثانى من شهر رمضان عام 1428 هجرية ، حال مجالسة المتهم حمدى عبد المقصود عبد الرحمن لزميله السيد / سلطان عبد الهادى سلطان على جسر مصرف سجين مركز قطور محافظة الغربية والذى اعتاد صيد الأسماك فيه مرت عليهما المجنى عليها فاطمة المرسى شعبان والتى تبلغ الخامسة والستين من عمرها ممطية دابتها فى طريقها إلى حقلها المجـاور للمصـرف الكائن فى زمام
قرية الهياتم مركز المحلة ، وبعد فترة عادت إليهما المجنى عليها سيراً على قدميها وعاتبت المتهم على سرقته لبعض محصول القطن من حقلها وهددته بشكايته والإبلاغ عنه مما أثار حفيظته وأشعل ثورته وحاول الإعتداء عليها بالضرب بسكين مطبخ كانت فى حوزته إلا أن مجالسه حال بينه وبين المجنى عليها وانتزع منه السكين وحاول تهدئته ، وانصرفت المجنى عليها عائدة إلى حقلها لتباشر عملها فيه والمتهم يتتبعها بألفاظ نابية مهدداً إياها بأنه سيهتك عرضها وسيمنعها من زراعة أرضها . وبعد أن انصرف عنه زميله لمباشرة عمله وقت صلاة الجمعة وانفرد المتهم بنفسه تحركت غريزته الهمجية فأخذ شيطانه يوسوس ويزين له اغتصاب المجنى عليها المنفردة فى حقلها فى وقت غلت فيه الشياطين جميعاً إلا شيطان نفسه التى بلغت بها الدناءة مبلغاً حتى خرجت من مصاف البشر لتضف عليه طبائع ذئب مدفوع بشهوانية وحقارة فعقد العزم وبيت النية على اغتصاب المجنى عليها وقتلها إذا لزم الأمر مستغلاً خلو المكان من المارة لانشغال الناس بالصلاة والإعداد للإفطار بعد صيام يومهم ، وكبر سن المجنى عليها ووهنها ، فاستل سكينه وتسلل لها فى حقلها وهو لا يرتدى سوى سروال قصير ( شورت ) وأخذ يسخر منها ويتهكم عليها وأقر لها عابثاً بها أنه الذى سرق محصولها ولن تقوى عليه ، فحاولت وخذه وهددته بعصاها التى تتوكأ عليها فأصابته فى وجهه بها فأسرع بجذبها وطرحها أرضاً وجثم فوقها وحسر جلبابها حتى عنقها ونزع عنها سروالها ليعرى جسدها تماماً وهى لا تقوى على دفعه أو الدفاع عن نفسها وحاول مواقعتها كرهاً إلا أنها استماتت فى مقاومته ودفعه عنها وصرخت مستجيرة عسى أن تجد من يغيثها من ذئب يحاول افتراس شرفها بعد أن بلغت من الكبر عتياً ، فأصابه الخوف من افتضاح أمره وقرر العدول عن إتمام اغتصابها وأن يستكمل ما عقد العزم عليه وبيت النية عليه من قبل حتى لا تفتضح جريمته فانهال عليها بطعناته الوحشية بالسكين التى أعدها سلفاً لذلك محدثاً بها خمسة وعشرون جرحاً قطعياً تتراوح أطوالها ما بين 2سم و 8سم منتشرة بأعلى فروة الرأس ويمين أرنبة الأنف ….. ، ولم يتوقف عن طعنها إلا بعـد أن تأكـد من إزهاق
روحها وأنها أصبحت جثة هامدة ثم تركها مسجاة على الأرض عارية وانصرف إلى مكان صيده لإزالة آثار جريمته عن نفسه وارتدى ملابسه وأخفى السكين أداة الجريمة بغرسها فى جسر المصرف أسفل المياة وقبع فى مكانه هادئاً ملتبساً ثوب البراءة وعدم العلم بما حدث حتى حضر باهى محمد مرزوق شحاتة نجل ابنة شقيقة المجنى عليها وبصحبته إيهاب حسن مرزوق لاستطلاع أمر سرقة محصول القطن من الحقل ومرا عليه بمكان جلوسه على جسر المصرف فاستوقفهما وشكا لهما اتهام المجنى عليها له بسرقة جزء من محصول القطن وطلب اصطحابهما لإرشادهما عن مكان المحصول المسروق ودلف معهما إلى حقل المجنى عليها حتى أبصر الأول جثة المجنى عليها مسجاة عارية على الأرض فشعر بالخوف من هول ما رأى وتلاحظ له الجرح المصاب به المتهم فى وجهه فأسرع بالعدو والهرب من المكان وبصحبته مرافقه وأخبرا أهلية المجنى عليها فأسرع شقيقيها وليد السيد عبد الباقى ، ومتولى السيد عبد الباقى بالتوجه إلى مكان الواقعة ومعهما العديد من أهل البلدة وتحفظا على المتهم الذى كان لا يزال مستقراً فى مكانه متظاهراً بالبراءة رغم إبلاغ الشرطة بالواقعة التى حضرت وتم ضبط المتهم وعثر على مطواة قرن غزال بجيب بنطاله وضبط السكين المستخدم فى ارتكاب الحادث بإرشاده . وأيدت تحريات الشرطة ارتكاب المتهم للواقعة على النحو السالف البيان . ” وقد عرض الحكم إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره فى قوله : ” أنه ثابت فى الدعوى متوفر فى حق المتهم مما استخلصته المحكمة من أدلة الثبوت التى اطمأنت إليها . وقد توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التى اختزنها المتهم فى نفسه للمجنى عليها بعد أن اتهمته بسرقه وهددته بشكايته والإبلاغ عنه وحال بينه وبين الاعتداء عليها بالسكين التى فى حوزته شاهد الإثبات الرابع ومن ساعتها عقد العزم وبيت النية على الانتقام منها وقد اعمل فكره فى هدوء وروية فى تحديد الخطة التى رسمها والوسيلة التى استعملها فى قتل المجنى عليها وهى السكين التى حصل عليها من أدوات صيده وتحققه من خلو المكان من المارة ثم تسلله لها فى حقلها لتنفيذ خطته باغتصابها وإشبـاع شهوتـه الدنيئة
وإذلالها لمنعها من الإبلاغ عنه وشكايته مستقبلاً وقتلها لمنع افتضاح أمره . إذ لو توقف الأمر عند حد رغبته فى مجرد هتك عرضها على نحو ما ألبس به اعترافه واتجه إليه فى دفاعه ما كان فى حاجة على إعداد ذلك السكين التى ارتكب بها الواقعة وحملها معه لما هو معلوم من ضعف ووهن المجنى عليها الطاعنة فى السن وعدم قدرتها على مقاومته وهو الشاب مفتول العضلات مكتمل الفتوة بالنظر إلى طبيعة عمله كصياد مما يدل على أن المتهم ارتكب جريمته وهو هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير متأنى وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتواه وذلك بقصد إشباع شهوة شيطانية والانتقام من المجنى عليها وهو ما يدل وبيقين على توافر ظرف سبق الإصرار فى حقه كما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهم ” . وحيث إن القانون أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وإلا كان الحكم قاصراً . ولما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج . ويشترط لتوافره فى حق الجاني أن يكون فى حالة يتسنى له فيها التفكير فى عمله والتصميم عليه فى روية وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له فى ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معروف به فى القانون ، إلا أن ما ساقه الحكم فى هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس فى حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها فى صدره وكشفا للباعث على ارتكاب القتل ، وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه . ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التى تقوم بنفس الجاني والتى يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التى تكشف عنها مما كان ينبغى على المحكمة معه أن
توضح كيف انتهت إلى ما قالته من أنه ارتكب الجريمة ” وهو هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير متأنى وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتواه . ” وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً . ولا يقدح فى ذلك ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن الطاعن فكر فى الاعتداء جنسياً على المجنى عليها لإذلالها لأن توافر نية الاعتداء الجنسى على المجنى عليها والتصميم عليها لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين . هذا إلى أنه لما كان ما أورده الحكم فى بيان واقعة الدعوى وما استدل به على توافر ظرف سبق الإصرار من أن الطاعن ” تسلل ” إلى المجنى عليها فى حقلها ، لا أصل له فى اعتراف الطاعن ، وهو وإن ورد بشهادة ضابط الواقعة إلا أن الطاعن أنكره فيما اعترف به مقرراً أن المجنى عليها هى التى نادته إلى حقلها ، وإنه ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة أى دليل ولو كان اعترافاً والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه ، إلا أن حد ذلك أن يكون واضحاً من الحكم الذى وقعت فيه تلك التجزئة أن المحكمة قد أحاطت بما تضمنه الدليل الذى حدثت فيه التجزئة ، وأن المحكمة مارست سلطتها فى تلك التجزئة بغير بتر لفحواه أو صرفاً له عن المعنى المستفاد من صريح عبارته ـ ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بقول الضابط من أن الطاعن ” تسلل ” إلى حقل المجنى عليها ، معرضاً عما ورد باعترافه من أن المجنى عليها هى التى نادته ، وكان لا يبين من الحكم أن المحكمة حين مارست تلك التجزئة قد قصدتها وكانت مدركة لما تضمنه اعتراف الطاعن مغايراً لها ، فإن حكمها فى هذا الخصوص يكون معيباً .
ولما تقدم ، يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :ـ قبول عرض النيابة العامة وطعن المحكوم عليه شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات المحلة الكبرى لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى .
أمين الســـر رئيس الدائــرة