الطعن رقم ۸۸٤ لسنة ٥٥ ق
جلسة ۹ / ٥ / ۱۹۸٥ –
برياسة السيد المستشار/ حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر ومحمد زايد وصلاح البرجى.
(112)
الطعن رقم 884 لسنة 55 القضائية
(1) دعوى جنائية “تحريكها”. زنا. جريمة “الجريمة الوقتية”.
تعليق الشارع رفع الدعوى الجنائية فى جريمة الزنا على شكوى الزوج. عدم قبول تلك الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة ومرتكبها.
جريمة الزنا جريمة وقتية. قد تكون متتابعة الأفعال وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة فى رباط زمنى متصل جريمة واحدة فى نظر الشارع. سريان بدء ميعاد سقوط الحق فى الشكوى من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم إنتهاء أفعال التتابع.
(2) دعوى جنائية “سقوط الحق فى تحريكها. ميعاده” “سقوط الحق فى تحريك الدعوى الجنائية”.
بدء سريان الميعاد المنصوص عليه فى المادة 3/ 2 إجراءات. مناطه. العلم اليقينى لا الظنى.
(3) دفاع “الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره”.
للمحكمة أن لا تصدق دفاع المتهمة المرسل وغيره المؤيد بدليل.
(4) دفاع “الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير الدليل”
تقدير رضاء الزوج زنا زوجته أو إنتفائه أمراً موضوعيا لا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغا يؤدى الى ما أنتهى اليه.
(5) إثبات “خبرة”. محكمة الموضوع “سلطتها فى تقدير حالة المتهم العقلية”. موانع العقاب “الجنون والعاهة العقلية”. مسئولية جنائية. زنا.
المرض العقلى الذى تنعدم به المسئولية قانونا وفق المادة 62 عقوبات هو الذى من شأنه أن يعدم الشعور والادراك. سائر الأحوال النفسية التى لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سببا لانعدام المسئولية.
المحكمة غير ملزمة بندب خبير فى الدعوى تحديدا لمدة تأثير مرض الطاعنة على مسئوليتها الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى.
تقدير حالة المتهمة العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دام يقيم تقديرها على أسباب سائغة.
المحكمة لا تلتزم بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التى يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها.
(6) إجراءات “إجراءات المحاكمة”. إثبات “شهادة”.
أعراض المحكمة عن سماع شهود نفى لم يعلنوا وفقا للمادة 214 مكرراً المضافة بالقانون 170 لسنة 1981 إجراءات. لا تثريب عليها.
(7) دفاع “الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. إجراءات المحاكمة.
جواز تولى محام واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة. شرط ذلك؟ أن لا تؤدى ظروف الواقعة إلى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم. مثال. مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع أن لا يترتب على القضاء بإدانة أحداهما تبرئة الآخر.
(8) إشتراك. تزوير. عقد زواج. زنا. إرتباط. نقض “حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون”. عقوبة “الجرائم المرتبطة”.
إنتظام جريمتى الاشتراك فى تزوير عقد الزواج والزنا فى خطه جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض. إنطباق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات واجب الحكم بعقوبة الجريمة الأشد وحدها.
قضاء الحكم بعقوبة مستقله عن كل الجريمتين. وجوب نقض الحكم جزئيا وتصحيحه بإلغاء العقوبة عن الجريمة الأخف. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.
1 – لما كانت المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية فى جريمة الزنا المنصوص عليها فى المادتين 274، 275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج، نصت فى فقرتها الأخيرة على أنه “لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”. وجريمة الزنا الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادى المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج بأمرأة أجنبية يزنى بها أو ارتباط أجنبى بالزوجة لغرض الزنا وحينئذ تكون افعال الزنا المتتابعة فى رباط زمنى ومتصل جريمة واحدة فى نظر الشارع ما دام قد انتظمها وحدة المشروع الاجرامى ووحدة الجانى والحق المعتدى عليه. ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة أشهر تسرى حتما من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء افعال التتابع.
2 – من المقرر أن علم المجنى عليه بجريمة الزنا الذى يبدأ فيه سريان ميعاد السقوط يجب أن يكون علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا فلا يجرى الميعاد فى حق الزوج إلا من اليوم الذى يثبت فيه قيام هذا العلم اليقينى.
3 – لما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من عناصر الدعوى أن زنا الطاعنة الأولى لم يكن بعلم زوجها ورضاه مما لا يسقط حقه فى طلب محاكمتها، ولم تعتد المحكمة بما ساقته من شواهد على توافر هذا الرضاء بعد أن ثبت لديها أن هذا الدفاع لم يكن الا قولا مرسلا غير مؤيد بدليل بل أن البين من المفردات أن هذا الدفاع يدحضه الواقع ولا يسانده إذ أقرت الطاعنة الأولى فى تحقيق النيابة أنها رزقت بطفليها من زوجها على فراش الزوجية.
4 – إن تقرير رضاء الزوج بزنا زوجته أو إنتفائه أمرا موكولا الى قاضى الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى فى صدور سلطته التقديرية بلا معقب عليه ما دام إستخلاصه سائغا يؤدى الى ما انتهى اليه، وكان ما أثبته الحكم فيما تقدم سائغا وكافيا لتبرير ما انتهى اليه من نفى رضاء الزوج بزنا زوجته وما رتب عليه من رفض الدفاع بسقوط حقه فى طلب محاكمتهما.
5 – من المقرر أن المرض العقلى الذى يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونا على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذى من شأنه أن يعدم الشعور والاختيار أما سائر الأحوال النفسية التى لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية وكان المستفاد من دفاع الطاعنة الأولى أمام المحكمة هو أنها ارتكبت الجريمتين المنسوبتين اليها تحت تأثير ما كانت تعانيه من حالة نفسية نتيجة إصابتها بالشلل فإن دفاعها على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة فى العقل وهو مناط الاعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائى مخفف يرجع مطلق الأمر فى اعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، ومن ثم فإن ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه من أن مرض الطاعن النفسى – بفرض صحته – لا يؤثر على سلامة عقلها وصحة إدراكها وتتوافر معه المسئولية الجنائية عن الفعل الذى وقع منها يكون صحيحا فى القانون، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فنى فى الدعوى تحديدا لمدى تأثير مرض الطاعنة على مسئوليتها الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى إذ الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما هو واقع الحال فى الدعوى المطروحة وهى لا تلتزم بالالتجاء الى أهل الخبرة الا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التى يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الأولى على الحكم فى هذا الصدد من دعوى مخالفة القانون والاخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
6 – لما كان الطاعنان يسلمان فى أسباب طعنهما أنهما لم يتبعا الطريق الذى رسمه قانون الاجراءات الجنائية فى المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 170 سنة 1981 لاعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هى اعرضت عن طلب سماع شهود النفى الذين طلبا سماعهم بجلسة المحاكمة ولم تستجب اليه.
7 – كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى الى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه انه انتهى الى أن الطاعنين ارتكبا معا جريمتى الاشتراك فى التزوير فى محرر رسمى هو عقد الزواج والزنا، وكان القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع.
8 – لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتى الاشتراك فى التزوير فى عقد الزواج والزنا اللتين دان الطاعنين بهما على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعه الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعنين بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بالغاء عقوبة الحبس المقضى بها عن الجريمة الثانية المسندة للطاعنين – وهى جريمة الزنا – اكتفاء بالعقوبة المقضى بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملا بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولا: أشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما والمساعدة مع موظف عمومى حسن النية….. مأذون ناحية…. فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو وثيقة زواجهما رقم…. المؤرخة….. حالة تحريرها المختص بوظيفته بجعلها واقعة مزوره فى صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أبديا له على خلاف الحقيقة بأن الأولى خالية من الموانع الشرعية حالة كونها زوجة لـ…. وفى عصمته وتم ضبط عقد الزواج على هذا الأساس فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانيا: ارتكبا جريمة زنا حالة كون الاولى زوجة لـ……
واحالتهما الى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة.
وأدعى المطعون ضده المدعى بالحقوق المدنية مدنيا قبل المتهمين بأن يؤديا له متضامنين مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات….. قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 2 – 3، 41 213، 374، 275 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة خمس سنوات عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الثانية والزمتهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحقوق المدنيه مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض….. الخ.
المحكمة
حيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتى الاشتراك فى التزوير فى محرر رسمى والزنا والزامهما بالتعويض قد شابه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على الاخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعنين دفعا بسقوط حق الزوج فى تحريك الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا لمضى أكثر من ثلاثة أشهر على علمه بالجريمة وبمرتكبها الذى تم 21/ 7/ 1980 حين تقدم بشكويين الى الشرطة والنيابة العامة أقر فى الأخيرة بعلمه بتلك العلاقة التى أخبرته بها الشاهدة…… ولسقوط حقه فى الشكوى لرضائه بزنا زوجته المستفاد من اقراره بأنها كانت حاملا فى حين ان الزوجة أثارت فى دفاعها أنه غير قادر على الانجاب بدلالة تبنيه طفليه وقد رفض الحكم هذين الدفعين بعبارة قاصرة وعلى غير سند من القانون، كما أن الدفاع عن الطاعنة الأولى قام على أنها مصابة بشلل نصفى يؤثر على قواها العقلية مما تنتفى معه مسئوليتها عن افعالها بيد أن المحكمة لم تعن بحقيقة هذا الدفاع الجوهرى بواسطة خبير فنى وأطرحته برد غير سديد. يضاف الى ذلك أن المحكمة لم تسمع اقوال شهود النفى الذى حضروا بالجلسة، كما أن محاميا واحدا تولى الدفاع عن الطاعنين على الرغم من قيام التعارض بين صوالحهما فى الدفاع بالنظر الى ما قررته الطاعنة الأولى فى التحقيقات من أن الطاعن الثانى كان يعلم بأنها زوجة بينما نفى هو ذلك، هذا فضلا عن ان الحكم اوقع بالطاعنين عقوبتين أحداهما عن الجناية والاخرى عن الجنحة على خلاف ما توجبه المادة 32/ 2 من قانون العقوبات من توقيع عقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد لما بين الجريمتين من ارتباط لا يقبل التجزئة. وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما واورد على ثبوتهما فى حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتب عليها عرض للدفع بسقوط حق المدعى بالحقوق المدنية فى الشكوى عن جريمة الزنا لمضى ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بالجريمة ورضائه بزنا زوجته ورد عليه بقوله “ان دفع المتهمين بسقوط حق المدعى المدنى فى تقديم شكواه لانقضاء الميعاد المقرر فى المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية لا يستقيم مع ما حوته الأوراق والتحقيقات إذ الثابت أن المدعى المدنى بادر الى الابلاغ عن زنا زوجته بتاريخ 8/ 12/ 1980 فور علمه بتواجدها فى مسكن المتهم الثانى حيث تم ضبطهما معا وهو ما ينفى ايضا ويتناقض مع ما قال به دفاع المتهمين من توافر رضاء المدعى بالحق المدنى بما ارتكباه فى حقه من زنا”. لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية فى جريمة الزنا المنصوص عليها فى المادتين 274، 275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج، نصت فى فقرتها الأخيرة على أنه “لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”. وجريمة الزنا الاصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادى المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج بامرأة أجنبية يزنى بها أو ارتباط أجنبى بالزوجة لغرض الزنا وحينئذ تكون افعال الزنا المتتابعة فى رباط زمنى متصل جريمة واحدة فى نظر الشارع ما دام قد انتظمها وحدة المشروع الاجرامى ووحدة الجانى والحق المعتدى عليه. ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة أشهر تسرى حتما من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء افعال التتابع إذ لا شك فى أن علم المجنى عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافى بالجريمة وبمرتبها ويتيح له فرصة الالتجاء الى القضاء ولا يضيف اطراد العلاقة الى علمه جديدا ولا يتوقف حقه فى شكوى على ارادة الجانى فى اطراد تلك العلاقة، وكان من المقرر أن علم المجنى عليه بجريمة الزنا الذى يبدأ فيه سريان ميعاد السقوط يجب أن يكون علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا فلا يجرى الميعاد فى حق الزوج الا من اليوم الذى يثبت فيه قيام هذا العلم اليقينى. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت علم الزوج علما يقينيا بالعلاقة الآثمة التى نشأت بين الطاعنين فى تاريخ معين هو يوم 8 من ديسمبر سنة 1980 الذى علم فيه بوجود زوجته الطاعنة الأولى مع الطاعن الثانى فى مسكنه وهو اليوم الذى تقدم فيه بالشكوى حيث تم ضبطهما، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنها خلت مما يفيد علم الزوج علما يقينيا بجريمة الزنا التى ارتكبت فى حقه قبل ثلاثة أشهر من هذا التاريخ الذى تقدم فيه بالشكوى عن جريمة الزنا، إذ الثابت من الشكوى التى تقدم بها الزوج للشرطة بتاريخ 21/ 7/ 1980 ومن الشكوى الثانية التى تقدم بها للنيابة العامة فى اليوم التالى أنه ابلغ فيهما عن خروج زوجته من مسكن الزوجية تاركة طفليها واستيلائها على أغلب المنقولات الخاصة به بعد أن رفض تطليقها بناء على طلبها بتحريض من أهلها وأنه جد فى البحث عنها فلم يتوصل الى مكان وجودها بعد أن انكر ذووها علمهم بمكانها واختتم شكواه بطلب منقولاته وبسؤاله فى الشكويين ردد ما جاء بهما، وبتاريخ 8/ 12/ 1980 تقدم بشكوى الى الشرطة ضمنها انه علم فى هذا التاريخ من سيدة تدعى…. التى كانت تتردد على مسكنه لاصطحاب طفليه الى المدرسة ان زوجته مرتبطة بالطاعن الثانى فى علاقة آثمة وانها موجودة بمسكنه وطلب رفع الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا لأن الزوجة ما زالت فى عصمته وهى حامل، واذ سئلت الشاهدة سالفة الذكر فى محضر الشرطة المحرر فى ذات التاريخ قررت انها كانت تعلم بالعلاقة الآثمة بين الطاعنين اذ كانت مبعوثة الزوجة الى الطاعن الثانى فى تبادل الخطابات بينهما كما كانت الزوجة تتردد عليه فى مسكنه وكان هو بدوره يحضر اليها فى مسكن الزوجية فى فترات غيبة زوجها وعلى غير علم منه وأضافت انها ابلغت الزوج أخيرا بهذه العلاقة فتقدم بشكواه وبناء على الاذن الصادر من النيابة العامة تم ضبط المتهمين فى مسكن الطاعن الثانى نائمين فى فراش واحد كما عثر على صندوق بصيوان حجرة النوم وجد بداخله الخطابات المتبادلة بينهما ووثيقتى عقد زواجهما بتاريخ 10/ 8/ 1980 اثبت فيهما اقرار الزوجين بخلوهما من الموانع الشرعية وان الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج، واذ كان البين مما سلف ان ما ورد بالشكوتين المؤرختين 21/ 7/ 1980، 22/ 7/ 1980 وما جاء بأقوال الزوج فى المحضر المحرر عنهما لا يفيد علمه علما يقينيا بالعلاقة الآثمة التى نشأت بين المتهمين واطردت بينهما – على خلاف ما يقول به الطاعنان فى أسباب طعنهما – ولم يتحقق هذا العلم لديه الا بتاريخ 28/ 12/ 1980 وهو اليوم الذى تقدم فيه بالشكوى عن جريمة الزنا وتم ضبط الواقعة على الصورة المتقدمة فان الحكم المطعون فيه يكون صحيحا فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق فى الشكوى عن جريمة الزنا لمضى مدة ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبيها ويكون النعى عليه فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت من عناصر الدعوى ان زنا الطاعنه الأولى لم يكن بعلم زوجها ورضاه مما لا يسقط حقه فى طلب محاكمتها، ولم تعتد المحكمة بما ساقته من شواهد على توافر هذا الرضاء بعد أن ثبت لديها أن هذا الدفاع لم يكن الا قولا مرسلا غير مؤيد بدليل بل أن البين من المفردات أن هذا الدفاع يدحضه الواقع ولا يسانده إذ اقرت الطاعنة الأولى فى تحقيق النيابة أنها رزقت بطفليها من زوجها على فراش الزوجية، وكان تقدير رضاء الزوج بزنا زوجته وانتفائه أمرا موكولا الى قاضى الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى فى حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغا يؤدى إلى ما أنتهى اليه، وكان ما أثبته الحكم فيما تقدم سائغا وكافيا لتبرير ما انتهى اليه من نفى رضاء الزوج بزنا زوجه وما رتب عليه من رفض الدفاع بسقوط حقه فى طلب محاكمتهما فإن ما ينعاه الطاعنان فى هذا الشأن لا يكون له أساس وهو لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة الاولى دفع بانتفاء مسئوليتها عن افعالها لأنها تعانى من مرض نفسى نتيجة إصابتها بالشلل وأنها ما زالت تحت علاج الأطباء النفسيين وقد رد الحكم على هذا الدفاع بقوله “ولا يقدح فى ذلك ما قال به الدفاع عن المتهمة الأولى أنها غير مسئولة عن افعالها جنائيا لاصابتها بمرض نفسى لما هو مقرر من ان الاصابة بمرض نفسى لا تعد فى مفهوم المادة 62 من قانون العقوبات سببا من أسباب موانع العقاب التى تقتصر على ما يصيب العقل من جنون أو عاهات تفقد صاحبه شعوره واختياره فى عمله وقت ارتكاب الفعل أما غير ذلك من الاضطرابات النفسية أو الذهنية فلا تأثير لها عليه فى مجال المساءلة الجنائية وكان من المقرر أن المرض العقلى الذى يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونا على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذى من شأنه أن يعدم الشعور والاختيار أما سائر الاحوال النفسية التى لا تفقد الشخص شعوره وادراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية وكان المستفاد من دفاع الطاعنة الأولى أمام المحكمة هو انها ارتكبت الجريمتين المنسوبتين اليها تحت تأثير ما كانت تعانيه من حالة نفسية نتيجة إصابتها بالشلل فإن دفاعها على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة فى العقل وهو مناط الاعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائى مخفف يرجع مطلق الأمر فى اعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، ومن ثم فإن ما إنتهى اليه الحكم المطعون فيه من أن مرض الطاعنة النفسى – بفرض صحته – لا يؤثر على سلامة عقلها وصحة ادراكها وتتوافر معه المسئولية الجنائية عن الفعل الذى وقع منها يكون صحيحا فى القانون، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فنى فى الدعوى تحديدا لمدى تأثير مرض الطاعنة على مسئوليتها الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى إذ الأصل ان تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما هو واقع الحال فى الدعوى المطروحة وهى لا تلتزم بالالتجاء الى أهل الخبرة الا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحته التى يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الأولى على الحكم فى هذا الصدد من دعوى مخالفة القانون والاخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعنان يسلمان فى أسباب طعنهما أنهما لم يتبعا الطريق الذى رسمه قانون الاجراءات الجنائية فى المادة 214 مكرر أ المضافة بالقانون رقم 170 سنة 1981 لاعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هى أعرضت عن طلب سماع شهود النفى الذين طلبا سماعهم بجلسة المحاكمة ولم تستجب اليه. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن محاميا واحدا حضر عن الطاعنين وابدى دفاعا واحدا عنهما يرتكز أساس على انكارهما الفعل المسند اليهما، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من ان يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى الى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى الى أن الطاعنين ارتكبا معا جريمتى الاشتراك فى التزوير فى محرر رسمى هو عقد الزواج والزنا، وكان القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع، وإذ كان المتهمان لم يتبادلا الاتهام والتزما جانب الانكار، وكان تعارض المصلحة الذى يوجب افراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبنى على إحتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين فى الدفاع لا تكون متعارضة ويكون منعاهما على الحكم فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتى الاشتراك فى التزوير فى عقد الزواج والزنا اللتين دان الطاعنين بهما على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما اوردها أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة افعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعنين بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بالغاء عقوبة الحبس المقضى بها عن الجريمة الثانية المسنده للطاعنين – وهى جريمة الزنا – اكتفاء بالعقوبة المقضى بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملا بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ورفض الطعن فيما عدا ذلك.