الطعن رقم ۱۱۳۳ لسنة ٥٤ ق
جلسة 28 من إبريل سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد – نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، عبد العال السمان وعبد المعين لطفي جمعه.
(140)
الطعن رقم 1133 لسنة 54 القضائية
(1) وكالة. محكمة الموضوع. محاماة.
توافر صفة الوكالة بالخصومة. استقلال. محكمة الموضوع باستخلاصها من مستندات الدعوى وظروف الحال.
(2) وكالة. محاماة. حكم “عيوب التدليل” “القصور”.
حق الموكل في عزل وكيله المحامي. وجوب عدم التعسف في استعماله. عزله في وقت غير مناسب أو بلا مبرر مقبول. أثره. التزام الموكل بكامل الأتعاب المستحقة عن إتمام المهمة الموكلة إلي المحامي. المادتان 715 مدني و120 ق المحاماة رقم 61 لسنة 1968.
1 – لمحكمة الموضوع – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن تستخلص في حدود سلطتها التقديرية ومن المستندات المقدمة في الدعوى ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة بالخصومة.
2 – النص في المادة 715 من القانون المدني على أن يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة….. ولو وجد اتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول “وفي المادة 120 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 الذي يحكم واقعة الدعوى – على أن للموكل أن يعزل محاميه وفي هذه الحالة يكون ملتزماً بدفع كامل الأتعاب عن تمام مباشرة المهمة الموكلة إلى المحامي “يدل على أن الموكل وإن كان له أن يسحب ثقته من وكيله المحامي فيملك عزله متى تراءى له ذلك إلا أنه لما كان للوكيل مصلحة في تقاضي أتعابه فقد وجب ألا يكون الموكل متعسفاً في استعمال حقه فلا يسوغ له عزل الوكيل المحامي في وقت غير مناسب أو دون قيام مبرر مقبول، فإذا ما تحقق هذا التعسف التزم بأداء كامل الأتعاب عن قيام مباشرة المهمة الموكلة إلى المحامي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن تقدم إلى نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بطلب تقدير مبلغ عشرة آلاف جنيه أتعاباً عن قيامه بالمهمة الموكلة إليه من المطعون ضدهم وإلزامهم أداء هذا المبلغ إليه، وقال بياناً لطلبه أن مورثي المطعون ضدهم الخمسة الأول قتلا خطأ في حادث سيارة، وضبط عن هذا الحادث المحضر رقم 1748 لسنة 1976 جنح الخليفة، وأقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية قبل سائق السيارة، وأثناء نظرها ادعى بالحق المدني نيابة عن المطعون ضدهم فقضت المحكمة بإدانة السائق وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، ولما استأنف المتهم قضاء الإدانة حكمت محكمة الدرجة الثانية غيابياً بتأييد الحكم المستأنف، ولعدم صيرورة الحكم الجنائي باتاً أقام بصفته وكيلاً عن المطعون ضدهم الدعوى رقم 9547 لسنة 1979 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية مطالباً بالتعويض على أساس من تحقيق مسئولية حارس الشيء، وطلب ضم أوراق تلك الجنحة فعلم أنها ضمت إلى دعوى أخرى برقم 11387 لسنة 1970 مدني منظورة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية واستبان له أنها أقيمت عن المطعون ضدهم بطلب التعويض عن ذات الحادث وحضر عنهم محام آخر بصفته وكيلاً وقرر أن موكليه عزلوا الطاعن من الوكالة ويتنازلون عن الدعوى الأولى التي رفعها نيابة عنهم أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ولما كان هذا العزل تجرد مما يسوغه فقد تقدم بطلب تقدير الأتعاب، وبتاريخ 21 من يناير 1982 صدر قرار نقابة المحامين بتقدير أتعاب الطاعن بمبلغ أربعة آلاف جنيه يلتزم كل فريق من ورثة المجني عليهما بمبلغ ألفين من الجنيهات استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1293 لسنة 99 قضائية طالبين إلغاءه، وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1984 حكمت المحكمة بعدم قبول طلب تقدير الأتعاب بالنسبة لمن عدا أرملتي المجني عليهما المطعون ضدهما الأولى والخامسة وإلزام كل منهما أن تؤدي إلي الطاعن مبلغ مائتي جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه قضي بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما الشخصية بأداء أتعاب له دون سائر باقي المطعون ضدهم ورثة المجني عليهما على سند من عدم ثبوت إصدار توكيل إليه من هؤلاء وأن وكالته كانت قاصرة على الوريثتين المحكوم عليهما وحدهما اللتين أبرمتا معه اتفاق الوكالة من أن القانون لا يشترط أن تكون وكالة المحامي قد أفرغت في محرر مكتوب، وإذ كان الثابت من الأوراق أنه باشر الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية وأقام الدعوى رقم 9547 لسنة 1979 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بصفته وكيلاً عن المطعون ضدهم ورثة المجني عليهما في الحادث وقد اعتدت المحكمة الجنائية والمحكمة المدنية بحضوره لهذه الصفة بدلالة أنها لم تحكم بشطب أي من الدعويين فإن في ذلك ما يفيد قيام وكالة له عن المطعون ضدهم جميعاً مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه بالنسبة لمن عدا المطعون ضدهما الأولى والخامسة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن تستخلص في حدود سلطتها التقديرية ومن المستندات المقدمة في الدعوى ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة بالخصومة، وإذ حصلت محكمة الاستئناف انتفاء وكالة المحامي الطاعن لمن دون المطعون ضدهما الأولى والخامسة بصفتيهما الشخصية بما أوردته في أسباب حكمها من أن وكالته في المطالبة بالتعويض عن حادث موت المجني عليهما لا تستمد قيامها إلا من توكيلين ثبت أنهما لم يصدر إلا من أرملتي المجني عليهما بصفتيهما الشخصية دون سائر الورثة من قصر أو بلغ يؤكد ذلك أن قرار محكمة الأحوال الشخصية بتعيين هاتين الأرملتين وصيتين على الأبناء القصر وفي تاريخ سابق على خصومة الادعاء بالحق المدني أمام المحكمة الجنائية فلو كان تمثيل الطاعن يمتد إليهم لصدر إليه توكيل بهذا المعنى الشامل، لما كان ذلك وكان هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه هو استخلاص سائغ استقاه مما له أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم فإن النعي الذي يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلي جدل في مسألة موضوعية مردها إلي تقدير محكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه شابة القصور والإخلال بحق الدفاع إذ تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه أن عزله من الوكالة كان بغير مسوغ وفي وقت لم يصدر فيه منه ثمة خطأ بل كان حريصاً على حقوق موكله مما يوجب تقدير أتعابه عن تمام المهمة الموكلة إليه بما لا يجاوز 20% ولا يقل عن 5% من الفائدة التي تحققت للموكل إعمالاً لنص المادتين 114، 120 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 غير أن الحكم المطعون فيه أخل هذا الدفاع الجوهري ولم يحققه ولم يرد عليه الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن النص في المادة 715 من القانون المدني على أن “يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة….. ولو وجد اتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول” وفي المادة 120 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 – الذي يحكم واقعة الدعوى – على أن للموكل أن يعزل محاميه وفي هذه الحالة يكون ملزماً بدفع كامل الأتعاب عن تمام مباشرة المهمة الموكلة إلى المحامي” يدل على أن الموكل وإن كان له أن يسحب ثقته من وكيله المحامي فيملك عزله متى تراءى له ذلك إلا أنه لما كان للوكيل مصلحة في تقاضي أتعابه فقد وجب ألا يكون الموكل متعسفاً في استعمال حقه فلا يسوغ عزل الوكيل المحامي في وقت غير مناسب أو دون قيام مبرر مقبول فإذا ما تحقق هذا التعسف التزم بأداء كامل الأتعاب عن تمام مباشرة المهمة الموكلة إلى المحامي لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المحامي الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن عزله من الوكالة له جاء متجرداً مما يسوغه فلم يقع منه ثمة تراخ في أداء عمله أو خطأ في مباشرة إجراءات الخصومة موضوع الوكالة فقد كان حريصاً في أداء مهمته بما اتخذه من إجراء الادعاء بالحق المدني أمام المحكمة الجنائية وما أعقبه من رفع الدعوى أمام المحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض فيكون عزله أثناء سير الخصومة دون ما سند مشروع يخول له الحق في تقاضي كامل الأتعاب عن تمام المهمة الموكلة إليه تطبيقاً لنص المادة 120 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 وإذ كان هذا الدفاع جوهرياً له دلالته المؤثرة في قضاء الحكم وكان الحكم المطعون فيه لم يتناوله بالتمحيص ولم يعن بالرد عليه بل أورد بأسبابه ما يفيد تقدير المحكمة للأتعاب مقابل الجهد الذي اقتصر على حضور المحامي الطاعن أثناء نظر الدعوى الجنائية ورفع الدعوى المدنية، ومن ثم يكون الحكم معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه في خصوص ما قضى به من إلزام المطعون ضدهما الأولى والخامسة.