الطعن رقم ۱٥۳۳٦ لسنة ۹۱ ق
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء (ب)
ـــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشــــار / حاتـــــــــــــــــــــــم حميـــــــــــــــــــدة نــائب رئيس المحـكمــــــة
وعضوية السادة المستشــــــــــــارين / أحمــــــــــــــــــــــد عمـــــــــــــــــــران أحمــــــد أنــــــور الغربـاوي
أحمد مصطفى عبد الفتـاح نــــواب رئيــس المحكمـــة
خالد إسماعيل فرحات
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد محمد البارودي.
وأمين السر السيد / أحمد لبيب.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 17 من رجب سنة 1444هـ الموافق 8 من فبراير سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 15336 لسنة 91 القضائية
” الوقائــــع “
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم ٦٤٥ لسنة ۲۰۲۱ جنح اقتصادية القاهرة )المقيدة برقم ١٠٢ لسنة ۲۰۲۱ جنح مستأنف اقتصادية القاهرة(.
بأنه يوم 3 من فبراير سنة 2020 بدائرة قسم شرطة النزهة ــــ محافظة القاهرة.
ــــ قذف المجني عليه …………. بطريق العلانية بأن نشر مقطعاً مسجلاً على حسابه الشخصي على موقع “اليوتيوب” المسمى ………….والمتاح للكافة الاطلاع على محتواه موجهاً إليه عبارات تضمنت وقائع محددة بالذات إن صحت لأوجبت عقابه واحتقاره عند أهل وطنه.
ــــ سب المجني عليه سالف الذكر بطريق العلانية بأن نشر مقطعاً مسجلاً ــــ محل الاتهام السابق ـــ على حسابه الشخصي المسمى قناة …………. على موقع “اليوتيوب” والمتاح للعامة موجهاً إليه عبارات تضمنت خدشاً لاعتباره وطعناً في عرضه وخدشاً لسمعة عائلته.
ــــ تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام أجهزة الاتصالات وذلك بارتكابه الجريمتين محل الاتهامين السابقين.
ــــ استخدم حسابه الخاص قناة …………. على شبكة معلوماتية موقع “اليوتيوب” بهدف ارتكاب الجرائم محل الاتهامات السابقة.
وطلبت معاقبته بالمواد ۱٦٦ مكرراً، 171 / 3 ، 302 / 1 ، 303 / 1 ، 306، 308 من قانون العقوبات والمواد ۷۰، 76/2 من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ والمادة ٢٧ من قانون جرائم تقنية المعلومات الصادر بالقانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨.
وأحالته إلى محكمة القاهرة الاقتصادية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
وبجلسة ٢٨ أبريل ۲۰۲۱ قضت محكمة جنح اقتصادية القاهرة حضورياً بتوكيل ــــ أولاً: في الاتهام الرابع ببراءة المتهم ………….. عما نسب إليه.ثانياً: عن باقي التهم بتغريم المتهم عشرة آلاف جنيه وبأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ وقدره خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته مصاريف الدعويين الجنائية والمدنية وخمسين جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف المحكوم عليه ذلك الحكم، وبجلسة ٢٠ يوليه ۲۰۲۱ قضت محكمة القاهرة الاقتصادية ــــ بهيئة استئنافية ــــ بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 18 من أغسطس سنة 2021، وبذات التاريخ أودعت مذكرة أسباب الطعن موقعاً عليها من محامٍ مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والسب والقذف قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بركنيها المادي والمعنوي، ولم يورد الألفاظ التي تعد سباً في حق المجني عليه، ولم يفطن الحكم إلى عدم جواز مساءلة الطاعن لكونه يعمل صحفياً ومقيد بجدول نقابة الصحفيين وبمخالفة مواد الاتهام للدستور بشأن حرية الصحفي في التعبير عن فكره، وبأن ما نشر هو في حدود النقد المباح، ولم تعن المحكمة بتحقق واقعة تزوير التوكيل الخاص المنسوب صدوره من المجني عليه لمقدم الشكوى ضد الطاعن، كما لم يأبه الحكم بما تمسك به الطاعن بعدم قبول الدعوى لكون الشكوى المقدمة ضده بموجب توكيل عام بالمخالفة للمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وأورد مؤداها في بيان كاف يتفق ويتوائم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون رقم 10 لسنة ۲۰۰٣ بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذان وردا بنص المادة ۳۰۸ من قانون العقوبات، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة، وكان القصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات يتحقق متى كان الجاني مدركاً وقت مقارفته الجريمة أن أقواله أو كتابته من شأن أيهما أن يزعج الغير، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه، وكان الحكم المطعون فيه إبان عرضه لصورة الواقعة قد استظهر تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال، بأن قام بنشر مقطع فيديو على موقع اليوتيوب من حسابه الشخصي تضمن عبارات سب وقذف وتشهير وإساءة لسمعة المجني عليه، وأنه كان مدركاً وقت مقارفته الجريمة أن نشر تلك المقاطع من شأنها أن تزعج المجني عليه، فإن ما أورده الحكم ــــ على السياق المار بيانه ــــ تتوافر به جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات كما هي معرفة به في القانون في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد الألفاظ التي نشرها الطاعن بمقطع الفيديو على حسابه الشخصي بموقع اليوتيوب، وأورد أنها تعد سباً في حق المجني عليه، وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الأدلة، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، كما أن حرية الإعراب عن الفكر شأنها شأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على حريات الغير، ولما كانت أحكام المواد ۱۷۱، ۳۰۲، ٣٠٣، ٣٠٦ من قانون العقوبات التي دين الطاعن بموجبها لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون في محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه، وكانت العبارات التي تضمنها الفيديو الذي نشر على الحساب الشخصي للطاعن بموقع اليوتيوب من شأنها لو صحت استيجاب عقاب المدعي بالحق المدني واحتقاره عند أهل وطنه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن ما نشر إنما هو من قبيل النقد المباح يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لما أثير من تزوير التوكيل الخاص المنسوب صدوره من المجني عليه لمقدم الشكوى ضد الطاعن وأطرحه في قوله “وحيث أنه وعن الدفع المبدى من وكيل المتهم بالطعن بالتزوير في التوكيل الخاص رقم ۲۷۸۳ لسنة ۲۰۱۹ ج نادي الزمالك …. وحيث أن الثابت بالأوراق أن الشاكي قد قدم شكواه بعريضة مقدمة للسيد المستشار النائب العام وأن التوكيل المنوه عنه من قبل وكيل المتهم والذي قرر بتزويره قد قدم عقب ذلك بسؤال وكيل الشاكي بالنيابة الجزئية والذي قرر بأقواله بالتحقيقات بذات ما جاء بالعرضة المقدمة من الشاكي نفسه وحيث أن ذلك التوكيل ليس من ضمن أدلة الدعوى المحقق لنتيجة بالإيجاب أو السلب في تكوين عقيدة المحكمة بخصوص الدعوى الأصلية وكان الشاكي قد قدم شكواه بنفسه للنيابة العامة وكان الأصل في الإجراءات صحتها فمن ثم فما جاء بدفع وكيل المتهم غير منتج في أوراق الدعوى ولا يغير وجه الرأي في الأوراق كون أنه غير متعلق بحقيقة النزاع ومن ثم تلتفت عنه المحكمة”. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد أطرحت الطعن بتزوير التوكيل الخاص سالف البيان بما أوردته فيما تقدم من رد سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن بجرائم تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والسب والقذف بطريق وسائل الاتصال وأعمل في حقه نص المادة ٣٢ من قانون العقوبات وأوقع عليها عقوبة واحدة، هي تلك المقررة للجريمة الأولى ــــ باعتبارها الجريمة الأشد ــــ والمعاقب عليها بالمادة ٧٦/2 من قانون تنظيم الاتصالات رقم۱۰ لسنة ٢٠٠٣، وكانت تلك الجريمة ليست من الجرائم التي عددت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص، ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة.