الدعوى رقم ۱٦٦ لسنة ۲۰ المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ : ۸ / ٥ / ۲۰۲٤ حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ب) من المادة (1) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 ،والبند (2) من المادة الأولى من قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة فى المنشآت الفندقية والسياحية ،فيما نصا عليه من توزيع نسبة 20% من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع مــــن مايو سنة 2024م،الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 20 قضائية دستورية
المقامة من
1- رسن تادرس سيفيـــــــــــــــــــن
2- رفعت إسطفان سرجوس
3- زاهية كامل شحاتــــــــــــــــــــــــه
4- زكريا إسكندر جرجــــــــــس
5- زينب محمد صالــــــــــــــــــــــــــــــــح
ضد
1- وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب
2- رئيس مجلـــــــــــس الــــــــــــــــــــــوزراء
3- رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية لعربات النوم / مصر للسياحة
4- رئيس مجلس إدارة شركة أكور للفنادق
الإجـراءات
بتاريخ السادس والعشرين من أغسطس سنة 1998، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادتين (1/ بند ب) و (5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبولها، ومن باب الاحتياط الكلى: برفضها.
كما قدم المدعى عليه الرابع مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، صممت فيها على طلباتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعين أقاموا أمام محكمة أسوان الجزئية، الدعوى رقم 69 لسنة 1997 مدني، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طلبًا للحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لكل منهم قيمة متجمد نصيبه من مقابل الخدمة عن الفترة من 1/1/1991، حتى تاريخ رفع الدعوى، قولًا بأنهم من العاملين بفندقي كتراكت وكلابشة بأسوان، المملوكين لشركة الفنادق المصرية، المسند إدارتهما للشركة المدعى عليها الرابعة – التي حلت محل الشركة المدعى عليها الثالثة -، وأن هاتين الشركتين امتنعتا عن صرف مستحقاتهم المالية عن كامل حصيلة مقابل الخدمة الممنوح من عملاء الفندقين لحساب العاملين. وبجلسة 11/6/1998، دفع المدعون بعدم دستورية المادتين (1/ بند ب) و(5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت لهم باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية؛ فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البحث في الاختصاص سابق بطبيعته على الخوض في شكل الدعوى أو موضوعها، وتواجهه المحكمة من تلقاء ذاتها، وأن مقتضى ما نصت عليه المادة (175) من الدستور الصادر سنة 1971 – المقابلة للمادة (192) من الدستور الحالى – أن إرادة الدستور قد انعقدت على إيـــــــلاء المحكمة الدستوريـــــــة العليا وحدها – دون غيرها – ولاية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، وقد صدر القانون رقم 48 لسنة 1979 المنظم لأوضاعها، مبينًا اختصاصاتها، محددًا ما يدخل في ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها الاختصاص المنفرد بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعًا أية جهة مزاحمتها فيه، مفصلًا طرائق هذه الرقابة وكيفية إعمالها، وذلك كله على النحو المنصوص عليه في المواد (25 و27 و29) من قانون هذه المحكمة، وهى قاطعة في دلالتها على أن اختصاص المحكمة في مجال الرقابة على الدستورية منحصر في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، ذلك أن هذه النصوص هي التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، وما يميزها كقواعد قانونية هو أن تطبيقاتها مترامية، ودوائر المخاطبين بها غير متناهية، والآثار المترتبة على إبطالها – إذا أهدرتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور- بعيدة في مداها، وتدق دائمًا ضوابط الرقابة على مشروعيتها الدستورية، وتقارنها محاذير واضحة. فمن ثم، كان لزامًا بالتالي أن يؤول أمر هذه الرقابة إلى محكمة واحدة، بيدها وحدها زمام إعمالها، كي تصوغ بنفسها معاييرها ومناهجها، وتوازن من خلالها بين المصالح المثارة على اختلافها، وتتولى دون غيرها بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور بما يكفل تكاملها وتجانسها، ويحول دون تفرق وجهات النظر من حولها، وتباين مناحي الاجتهاد فيها. متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد فوض، بموجب الفقرة الثانية من البند (6) من المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب، سلطة إصدار قرار يُبين كيفية توزيع حصيلة مقابل الخدمة على العاملين في المنشآت السياحية، وذلك بالاتفاق مع وزير السياحة والمنظمة النقابية المختصة؛ ونفاذًا لذلك صدر القرار رقم 22 لسنة 1984، متضمنًا القواعد التنظيمية لتوزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، وتحديد النسبة المخصصة منها لكل من المنشأة والعاملين بها، المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء وغير المتصلين بهم، والنسبة المقررة لكل طائفة منهم، ومن ثم يكون هذا القرار اللائحي قد تضمن أحكامًا موضوعية تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، تسري على المخاطبين بها، وصادرة عن السلطة التنفيذية (الوزير المختص) بموجب تفويض من القانون، وبهذه المثابة ينحل القرار رقم 22 لسنة 1984 المار ذكره، إلى تشريع بمعناه الموضوعي، على النحو الذى قصده الدستور والقانون؛ ومن ثم فإن الفصل في دستوريته يدخل في نطاق الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة، في إطار اختصاصها الذى وسده الدستور لها بمقتضى نص المادة (192)، والمادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، في شأن الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية؛ مما يغدو معه الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 تنص على أنه يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون: ……………..
بالأجر: كل ما يتقاضاه العامل لقاء عمله نقدًا مضافًا إليه جميع العلاوات أيًّا كان نوعها وعلى الأخص ما يأتي: 1……. 2- ……… 3-……..
4- …….. 5-……0
6- الوهبة التي يحصل عليها العامل في المحال العامة غير السياحية إذا جرى العرف بدفعها وكانت لها قواعد تسمح بتحديدها، وتعتبر في حكم الوهبة النسبة المئوية التي يدفعها العملاء مقابل الخدمة في المنشآت السياحية.
ويصدر قرار من وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب بالاتفاق مع وزير السياحة والمنظمة النقابية المختصة بكيفية توزيعها على العاملين.
وحيث إنه بتاريخ 5/3/1984، صدر قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، ناصًّا في المادة (1) منه على أنه مع عدم الإخلال بأي نسب أفضل للعاملين يحددها النظام الأساسي للمنشأة أو العقد الجماعي، توزع الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية على الوجه الآتي:
(أ) 80٪ من الحصيلة الكلية للعاملين بالمنشأة.
(ب) 20٪ من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف.
كما نص في المادة (2) منه على أن توزع نسبة الـ 80٪ من الحصيلة الكلية المشار إليها في البند (أ) من المادة السابقة على العاملين بالمنشآت الفندقية والسياحية على الوجه الآتي:
(أ) 60٪ من الحصيلة الكلية على العاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء.
(ب) 15٪ من الحصيلة الكلية على العاملين غير المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء.
(ج) 5٪ من الحصيلة الكلية كحوافز على المستحقين من جميع فئات العاملين بالمنشأة …………
ونص في المادة (5) منه على أنه على المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت أن تقوم في نهاية كل سنة على الأكثر بمقارنة ما تم صرفه من أجور للعاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء مع حصيلة النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة وفقًا للمبين بالبند (أ) من المادة (2)، فإذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة يوزع الفرق عليهم بنسبة أجورهم الثابتة.
وحيث إن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قد نص في المادة السابعة من مواد إصداره على إلغاء القانون رقم 137 لسنة 1981، ونص في الفقرة الثانية من البند رقم (8) من (ج) من المادة (1) منه على أنه ويصدر قرار من الوزير المختص بالاتفاق مع المنظمة النقابية المعنية بكيفية توزيعها على العاملين بالتشاور مع الوزير المعني. وإعمالًا لهذا التفويض التشريعي أصدر وزير القوى العاملة والهجرة القرار رقم 125 لسنة 2003 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحة، ناصًّا في المادة الأولى منه على أنه مع عدم الإخلال بأي نسب أفضل للعاملين يحددها النظام الأساسي للمنشأة أو العقد الجماعي، توزع الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية على الوجه الآتي:
(1) 80٪ من الحصيلة الكلية للعاملين بالمنشأة.
(2) 20٪ من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف.
وتنص المادة الخامسة من القرار المشار إليه على أنه على المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت أن تقوم في نهاية كل سنة على الأكثر بمقارنة ما تم صرفه من أجور للعاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء مع حصيلة النسب المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة وفقًا للمبين بالبند (1) من المادة (2) فإذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة يوزع عليهم بنسبة أجورهم الثابتة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ارتباطها عقلًا بالمصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة لحسمها، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية، وإن كان يتحدد أصلًا بالنصوص القانونية التي يتعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، إلا أن هذا النطاق يمتد ليشمل أيضًا النصوص التي يُضار المدعون في الدعوى الموضوعية من جراء تطبيقها عليهم ولو لم يتضمنها الدفع بعدم الدستورية، إذا كان فصلها عن النصوص التي اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا متعذرًا، وكان ضمها إليها يكفل تحقيق الأغراض التي يتوخاها المدعون من دعواهم الموضوعية.
متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يدور حول مطالبة المدعين من المخاطبين بالقرار رقم 22 لسنة 1984 المشار إليه- بمتجمد مستحقاتهم المالية من حصيلة مقابل الخدمة عن الفترة من 1/1/1991 وحتى تاريخ إقامة دعواهم الموضوعية، وكان نص البند (ب) من المادة (1) من القرار الوزاري المار ذكره، قد اقتطع نسبة الـ (20٪) من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة المستحق كاملًا للعاملين وحدهم، وخصصها لصالح المنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف؛ ومن ثم فإن القضاء في دستورية هذا النص، سيكون له أثره المباشر وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر في شأنه المصلحة بالنسبة لجميع المدعين. كما تغدو المصلحة متحققة – أيضًا – في الطعن على المادة (5) من القرار ذاته، بالنسبة للمدعين الثاني والثالث والخامس، بحسبانهم من العاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء، والمضارين مما تضمنته أحكام هذه المادة من استقطاع ما تم صرفه لهؤلاء العاملين من أجور ثابتة من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة. وإذ كان نصا المادتين الأولى بند (2)، والخامسة من قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003، المشار إليه، قد رددا الأحكام ذاتها الواردة في النصين المطعون عليهما، ليشكلا بذلك تنظيمًا قانونيًّا واحدًا يواجه به الطاعنون، فإن مصلحتهم الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على أحكام التنظيم القانوني ذاته، من خلال النصوص التشريعية التي تضمنها القراران السالفان، في المجال الزمني لسريان كل منهما، إذ من غير المتصور أن يستقل النصان المطعون عليهما بذاتيهما، ليحدثا في حق الطاعنين أضرارًا شخصية، غير التي يصابون بها من جراء تطبيق النصين الساريين في حقهم؛ الأمر الذي يضحى معه الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لإلغاء قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984، لا أساس له، متعينًا رفضه.
وحيث إنه من المقرر – على ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة – أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هي من مقوماتها، لا تقوم إلا بها، ولا يكتمل بنيانها أصلًا في غيابها؛ ومن ثم تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافــــر لهــــا خاصية الإلزام. ولا كذلك عيوبها الموضوعية، إذ يفترض بحثها – ومناطها مخالفة النصوص القانونية المطعون عليها لقاعدة في الدستور من زاوية محتواها أو مضمونها – أن تكــــــون هــــــذه النصوص مستوفية لأوضاعهــــــا الشكلية، ذلك أن المطاعــــــن الشكلية
– وبالنظر إلى طبيعتها – لا يتصور أن يكون تحريها وقوفًا على حقيقتها، تاليًا للنظر في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها – من تلقاء نفسها – بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها منحصرًا في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفًا إليها وحدها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية
– سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها – إنما تتحدد في ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها؛ ومن ثم فإن التحقق من استيفاء أحكام قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 المطعون على نص مادتيه (1/ بند ب) و(5)، وعُمل بهما من تاريخ نشره في 4 أبريل سنة 1984، وكذا قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003، الذي يضم نص المادتين الأولى بند (2) والخامسة، اللذين امتد إليهما نطاق الدعوى المعروضة، وعُمل بهما من اليوم التالي لتاريخ نشره في 25 يوليه سنة 2003، يتعين أن يجري على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 1971، المعمول به في تاريخ صدورهما، وتكون هي الواجبة التطبيق في الدعوى المعروضة.
وحيث إن المدعين ينعون على المادتين (1/ بند ب) و (5) من قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 المطعون فيهما، مجاوزة الوزير لحدود التفويض التشريعي الممنوح له، بموجب نص المادة (1/ 6) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، وهو ما يصمهما بمخالفة نص المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971، فضلًا عن الاعتداء على الملكية الخاصة، والإخلال بمبدأ المساواة.
وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره، ذلك أن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصدر وفقًا لنص المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971، أنها تفصِّل ما ورد إجمالًا في نصوص القانون بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في إتمام القانون، أي وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن تضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستوري المخول له، متعديًا على السلطة التشريعية. كما أن من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال القوانين، وتنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها ، في حالات محددة ، بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971 على أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها؛ ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه ؛ ومن ثم لا يدخل في اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلًا لأحكام أوردها المشرع في القانون إجمالًا، بما يخرج اللائحة – عندئذ – عن الحدود التي عينها الدستور.
وحيث إن المشرع، في الفقرة الثانية من البند (6) من المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، والبند (8) من (ج) من المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قد فوض الوزير المختص بالقوى العاملة سلطة إصدار قرار بكيفية توزيع حصيلة مقابل الخدمة، على العاملين في المنشآت السياحية، مستبعدًا مشاركة صاحب العمل أو غيره، للعاملين بهذه المنشآت في تلك الحصيلـــــــة، ليكون توزيعهــــا عليهم – وحدهم دون سواهم – كاملًا غير منقوص، بحسبان خلو التفويض التشريعي من تخصيص أو استقطاع أية نسبة من حصيلة مقابل الخدمة، لصالح المنشأة، أو حرمان لطائفة من العاملين بالمنشآت السياحية – المتصلين منهم اتصالًا مباشرًا بالعملاء – من حصتهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، حال تقاضيهم أجرًا ثابتًا مساويًا أو يزيد عن المبلغ المستحق لهم من تلك الحصيلة.
متى كان ما تقدم، وكان البين من مطالعة النصين المطعون عليهما والنصين المقابلين لهما في القرار الوزاري الأخير، أنها استحدثت وأضافت أحكامًا جديدة، تضافرت على معنى واحد، هو الخروج عن حدود التفويض الممنوح للوزير المختص باستقطاع نسبة الــ 20٪ من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة المستحقة للعاملين، وتخصيصها لحساب المنشأة، لتغطية ما لحق أدواتها من كسر وفقد وتلف، وإلزام المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت، بأن تقوم في نهاية كل سنة على الأكثر بمقارنة ما تم صرفه من أجور ثابتة لهؤلاء العاملين، مع حصيلة النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، فإذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة، يوزع عليهم الفرق بنسبة أجورهم الثابتة، بما مؤداه: أن يكون الأصل بالنسبة للعمال الذين يتقاضون أجورًا ثابتة، حرمانهم من الحصول على النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، ليستثنى من ذلك أن تكون أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة، فيوزع عليهم الفارق بنسبة أجورهم الثابتة، مما لازمه أن تكون النصوص الواردة بالقرارين رقمي 22 لسنة 1984 و 125 لسنة 2003 المار بيانهما – والمحددة نطاقًا على النحو السالف – قد صدرت مجاوزة لحدود التفويض الممنوح للوزير المختص، إذ إنها لم تفصل أحكامًا أوردها المشرع إجمالًا في قانوني العمل الصادرين بالقانونين رقمي 137 لسنة 1984 و 12 لسنة 2003، وإنما استحدثت نصوصًا جديدة لا يمكن إسنادها إلى هذين القانونين، وخرجت عن الحدود التي رسمتها المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971 للوائح التنفيذية؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها، وسقوط ما ارتبط بها من مواد القرارين السالفي الذكر.
وحيث إن هذه المحكمة تقديرًا منها للآثار المترتبة على القضاء بعدم دستورية قرارى وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 ووزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003 المشار إليهما، من مساس باستقرار المراكز القانونية التي نشأت عن تطبيقهما، بدءًا من تاريخ العمل بأولهما في 4/4/1981، والآخر في 25/7/2003، حتى تاريخ نشر هذا الحكم، فإنها تُعمل السلطة المخولة لها بنص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره، وذلك دون إخلال باستفادة المدعين منه.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية البند (ب) من المادة (1) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984، والبند (2) من المادة الأولى من قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، فيما نصا عليه من توزيع نسبة 20٪ من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف.
ثانيًا: بعدم دستورية المادة (5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب، والمادة الخامسة من قرار وزير القوى العاملة والهجرة، المشار إليهما، فيما تضمنتاه من استثناء العاملين المتصلين اتصالاً مباشرًا بالعملاء في المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت من الحصول على النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، إلا إذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة.
ثالثًا: بسقوط أحكام القرارين المار بيانهما المرتبطة بالنصوص المقضي بعدم دستوريتها.
رابعًـا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثــاره.
خامسًا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة

اترك تعليقاً