الطعن رقم ٥٤۳۰ لسنة ۹۳ ق
جلسة ۲۲ / ۱۱ / ۲۰۲۳ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء ( ب )
ـــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشــــار / صفـــــــــــــوت مكـــــــــــــادي ” نــائب رئيس المحـكــــمــــــة “
وعضوية السادة المستشــــــــــــارين / محمـــــــد أبــــــو السعـــــود ، حاتـــــــــــــــم حميــــــــــــــــــدة
أحمـــــد أنــــور الغرباوي ” نُوَّاب رئيــــــس المحكمــــة ”
أيمن صالح شريف
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى راجح .
وأمين السر السيد / أحمد لبيب .
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 8 من جماد الأول سنة 1445 هـ الموافق 22 من نوفمبر سنة 2023م .
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5430 لسنة 93 القضائية .
المرفوع من
……..
……..
……..
…….. ” محكوم عليهم – طاعنون “
ضــد
النيابة العامة ” مطعون ضدها “
” الوقائــــع “
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم ….. لسنة ….. قسم ….. ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم ….. شرق ….. ) .
لأنهم في يوم ۱۹ من فبراير سنة 2022 بدائرة قسم شرطة ….. – محافظة …..
– خطفوا المجني عليهما ….. ” ….. ” وشهرته ….. و” …..” ….. ” وشهرته ….. – بطريق الإكراه بأن اقتادوهما عنوة لداخل السيارة المملوكة للمتهم الأول تحت تهديد ما بحوزتهم من أسلحة نارية “مسدسات ” وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
– سرقوا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة والمبالغ المالية المبينة قدرًا بالأوراق والمملوكة للمجني عليهما سالفى الذكر ، و ….. – وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليهم بالطريق العام حال إحرازهم لأسلحة نارية مسدسات مطالبينهم بأموالهم وهواتفهم فبثوا الرعب في نفوسهم وشلوا بذلك مقاومتهم وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من إتمام جريمتهم والاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــــــ حازوا وأحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة ” مسدسات ” .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ….. لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة ١١ من يناير سنة ٢٠٢٣ وعملاً بالمواد 32/2 ، 290/1 ، ۳۱5/ أولا ، ثانياً من قانون العقوبات والمواد ١/1 ، 26/2 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ والجدول رقم (۳) الملحق بالقانون الأول. بمعاقبة كل من ….. ، ….. ، ….. ، و ….. بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه وألزمتهم المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المُستشار المُقَرِّر والمُرافعة وبعد المُداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المُقّرَّر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم السرقة بالإكراه بالطريق العام مع التعدد وحمل السلاح ، والخطف ، وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة (مسدسات) بغير ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والتناقض ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك بأن الحكم اعتوره الغموض والإبهام ولم يحط بوقائع الدعوى ، ولم يستظهر أركان جرائم السرقة بالإكراه والخطف وإحراز أسلحة نارية مششخنة بغير ترخيص التي دانهم بها رغم الدفع بانتفائها وأضاف الطاعن الثاني بعدم ضبط أية أسلحة ولم يجر فحصها فنيًا ، ولم يدلل الحكم على وجود اتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة ، وأضاف الطاعنان الأول والرابعة أن المحكمة افترضت مساهمتهما في الجريمة رغم خلو الأوراق من الدليل على ذلك ، وعوَّل الحكم على أقوال المجني عليهما وباقي شهود الإثبات معتنقا تصويرهم للوقعة رغم استحالة حصولها على النحو الوارد بالأوراق وأن الوقعة لها صورة أخرى فضلًا عن كذب الشهود وتناقض أقوالهم وتعدد رواياتهم ما بين التحقيقات وجلسات المحاكمة ، ودون أن يعني بالرد على الدفع بعدم معقولية الوقعة وانتفاء صلة الطاعنين بها هذا إلى أن أقوال المجني عليهما جاءت بغرض الانتقام من الطاعنة الرابعة لسبق وجود علاقات اجتماعية بينهم كما أن الشاهد الأخير كان على سابق معرفة بها فجاءت أقواله كيدًا بالطاعن الأول لزواجه منها وهو ما يشير إلى تلفيق التهمة ، وقدَّموا حوافظ مستندات طُويت على صور فوتوغرافية تدليلًا على دفاعهم هذا إلا أن المحكمة لم تعرض لها ، وزاد الطاعن الثاني بأن الأدلة التي عوَّل عليها الحكم لا تؤدي إلى ما انتهى إليه من إدانته إذ خلت أقوال الشهود من إسناد الاتهام إلى شخصه ، هذا وقد تنازل وكيل المجني عليه الثاني بجلسة المحاكمة عن اتهامه للطاعنين بما تكون معه الدعوى الجنائية قد انقضت في حقهم صلحًا ، وتساءل الطاعنون لماذا لم يقم شاهد الإثبات الثالث بالاتصال بالشرطة والإبلاغ مباشرة حال تتبعه سيارة الطاعن الأول ، وتساند الحكم إلى تحريات الشرطة مُطرحًا الدفع بعدم جديتها بدلالة أنها أُجريت خلال ثلاث عشرة ساعة فقط كما أن مجريها لم يفصح عن مصدر تحرياته فضلًا عن أنها جاءت ترديدًا لأقوال المجني عليهما ، وأغفلت المحكمة بيان مؤدى ما أظهرته تسجيلات الكاميرات بالقرص المدمج ودلالاتها رغم مشاهدتها لها إذ خلت مما يشير إلى وجود آثار للعنف أو استخدام للقوة مع المجني عليهما كما تعذر منها تحديد ملامح أشخاص مرتكبي الوقعة ، ودفع المدافع عن الطاعنة الرابعة ببطلان القبض عليها لانتفاء حالة التلبس ، وببطلان الأمر الصادر بالقبض لاستناده إلى تحريات غير جدية مما لازمه بطلان شهادة القائمين به ، وببطلان التحقيق معها بالنيابة العامة لعدم حضور محام معها بالمخالفة لنص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية ، ولعدم إخطار سفارتها كونها أجنبية – صينية الجنسية – قبل البدء في استجوابها، ولعدم الاستعانة بمترجم متخصص في اللغة الصينية مما أدى إلى نقل أقوالها على خلاف حقيقتها بيد أن الحكم رد على هذه الدفوع بما لا يصلح ردًا ، ودفع الطاعنان الأول والثاني ببطلان عملية العرض القانوني التي أُجريت بالنيابة العامة وببطلان استجواب الأول بالتحقيقات لتعرضه لإكراه مادي ومعنوي وإيذاء بدني من ضباط قسم الشرطة مما نتج عنه حدوث إصابته وهو ما التفتت عنه المحكمة ، ودان الحكم الطاعنين بجريمة السرقة بالإكراه رغم عدم ضبط المسروقات بدلالة أن المبالغ النقدية التي تم ضبطها هي بالعملة المحلية وليست دولارية وأن المبلغ الذي ضُبط بحوزة الطاعن الأول يخص والده ، كما دانهم بجريمة التداخل في وظيفة أميرية رغم انتفاء عناصرها بدلالة عدم ضبط أية ملابس شرطية بحوزة الطاعنين ، ولم تعمل المحكمة القاعدة الدستورية بأن الأصل في الإنسان البراءة في حق الطاعنين الأول والرابعة ، كما تولدت لديها الرغبة في الإدانة ، وأخيرًا فقد حصَّل الحكم أدلة الدعوى بالمخالفة للثابت بالأوراق فضلا عن أن أسبابه جاءت متناقضة ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضَه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن وقعة الدعوى بقوله: ” … تتحصل في أن المتهمين قد اجتمعوا على اختيار طريق الجريمة وسيلة للكسب الحرام والصرف على المتع والملذات إذ لم يرتدع المتهم الأول ….. من انتهاء مسيرته الشرطية وعمله على خدمة القانون وحسن تنفيذه بالطريق التأديبي ولم تأتي تلك العقوبة بالقصد منها في كبح جماح غرائزه أو كبت شهواته غير الأخلاقية ، بل تطور فكره الإجرامي استنادًا لخبرته الشرطية ونماها وحوّلها إلى مخطط إجرامي رسمه وشيطانه بقصد الاستيلاء على أموال ضحاياه إكراها ، إذ تفتق خياله الشاذ وفكره المريض إلي استدراج ضحية يتوسم فيها الملاءة والثراء ممن يستطيع أن يلقي في نفسه الرعب والخوف بسهوله فيستولي على أمواله ونقوده . وحتى يضمن اطمئنان ضحيته وكبر غنيمته أوكل للمتهمة الثانية ….. ( صينية الجنسية) – وهي زوجته – التواصل مع ضحاياه من الصينيين ودعوتهم لــــــ ….. للقائها – أيًا كان الغرض من اللقاء – فيطمئنون لها كونها سيدة ومن بنات بلدهم وما أن يلتقوا بها حتى يظهر المتهم الأول ….. على مسرح الأحداث مرتديًا زيه الشرطي الذي كان يرتديه حال خدمته ويشيح بسلاح ناري في مواجهة الضحية فيلقي الرعب في نفسه ويتمم مخططه الإجرامي بالاستيلاء على أمواله . وبتاريخ 17/2/2022 شاءت أقدار المجني عليه الأول ….. (صيني الجنسية) وشهرته ….. أن يتعرف على المتهمة الرابعة ….. من خلال موقع للتواصل الاجتماعي صيني يدعى (…..) ودار بينهما حديث انتهى بدعوتها له لمقابلتها في ….. للتعرف وخلافه بعد أن علمت بإقامته في مدينة ….. ، فنقل للمجني عليه الثاني ….. (صيني الجنسية) وشهرته …. مضمون ذلك الحوار والذي لاقت الدعوة هوى في نفسه ، فأبلغاها برغبتهما في لقاءها سويًا في ….. يوم الجمعة 18/2/2022 وما أن أتمت المتهمة الرابعة ….. مع المجني عليهما ذلك الاتفاق حتى أبلغت فحواه للمتهم الأول ….. والذي استشعر بضرورة إشراك آخرين في مؤامرته حتى يضمن إحكام السيطرة على المجني عليهما ولضمان بث الرعب في أنفسهما وإتمام جريمته على الوجه الأكمل فاتفق والمتهمين الثاني ….. والثالث على اشتراكهما في سرقة المجني عليهما ، ورسم خطته حتى ما إذا وصل المجني عليهما إلي حيث فخهم وتقابلا والطعم الذي اصطادهما حتى ظهروا لهما وخطفوهما وسرقا ما معهما وألقي بهما في مكان بعيد عن الأعين وهو ما كان ، فبتاريخ الوقعة عشية يوم 18/2/2022 انتقل المجني عليهما ….. وشهرته ….. (الشاهد الأول) وبصحبته المجني عليه الثاني ….. وشهرته ….. ( الشاهد الثاني) بالسيارة المملوكة للشركة التي يعملان بها بقيادة ….. ( الشاهد الثالث ) والذي يعمل سائقًا لتلك السيارة ، وذلك لمقابلة المتهمة الرابعة ….. والتي حددت لهما مكان لقاءهم بشارع ….. دائرة قسم ….. محافظة ….. ، وما أن وصلوا المكان المحدد سلفًا حتى خرجت المتهمة الرابعة ….. من أحد المقاهي واقتربت من سيارة المجني عليهما وما أن التقوا حتى انقض المتهم الأول ….. وبصحبته المتهمين الثاني ….. والمتهم الثالث ….. المجني عليهما مرتدين ملابس سوداء اللون تشبه الملابس شرطية عسكرية وقاموا بإيهام المجني عليهما بأنهم من رجال الشرطة وأنهم قاموا بضبطهم عما ينتووا إتمامه من اتفاق ، فقام أحدهم بجذب المجني عليه الأول ….. وشهرته ….. واستولى على حقيبته التي بجواره والتي كان بداخلها خمسة عشر ألف وخمسمائة دولار أمريكي وسبعة وعشرين ألف جنيه مصري وهاتفين محمول ثم دفعه داخل سيارة المتهم الأول والتي كانت مصفوفة بالقرب من مكان فخهم ، وقام متهم آخر من بينهم بإنزال المجني عليه ….. وشهرته ….. من السيارة واستولى على حقيبته التي كان بداخلها مبلغ عشرة آلاف دولار أمريكي وهاتف محمول. وقام متهم أخير من بينهم بجذب المتهمة الرابعة ….. ودفعها داخل ذات السيارة لإيهام المجني عليهما أنها مقبوض عليها هي الأخرى ، ثم عاد وركب سيارة المجني عليهما بجوار الشاهد الثالث ….. شاهرًا سلاح ناري في مواجهته لبث الرعب في نفسه وشل مقاومته واستولى على ما معه من نقود وأمره بالانصياع له واتباع السيارة التي اقتادوا المجني عليهما فيها. وبعد أن بدأت السيارتين في التحرك حتى بلغتا طريق الكورنيش ، قام المتهم المصاحب للمجني عليه الشاهد الثالث ….. بأمره بإيقاف السيارة ونزل منها وعاد ودلف سيارة المتهم الأول التي يستقلها المتهمون وبصحبتهما المجني عليهما ….. وشهرته ….. و ….. وشهرته ….. حتى وصلوا إلى منطقة نائية بطريق …… الصحراوي وتتبعهم خلسة الشاهد الثالث ….. بالسيارة قيادته ، حتى قام المتهمون بإطلاق سراح المجني عليهما ….. وشهرته ….. و ….. وشهرته ….. وأنزلوهما بالطريق العام ولاذوا فرارًا فالتقطهما الشاهد الثالث ….. بسيارته وقام بإبلاغ الشرطة التي قامت بتحرير البلاغ بالوقعة وإذ تولت النيابة العامة التحقيقات وأسفرت تحريات جهة البحث التي أجراها الشهود من الرابع إلى السادس إلى صحة الوقعة فتم تحديد هوية المتهمين وتم ضبط المتهمين الأول والرابعة حال مغادرتهما البلاد بمطار القاهرة الدولي ، بينما تم ضبط المتهم الثالث ….. بمحافظة ….. وتم ضبط المتهم الثاني ….. قبل هروبه والذين بمواجهتهم أقروا بارتكابهم الوقعة وقدموا ما بقي تحت يدهم من حصيلة السرقة وأرشدوا عن مكان تخلصهم من الهواتف المحمولة المملوكة للمجني عليهما ” ، وساق الحكم على صحة الوقعة وإسنادها إلى الطاعنين أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها بالتحقيقات ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن وقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد بأنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة ، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالًا عن هذا القصد ، بل يكفي أن يكون مستفادًا منه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلًا للسرقة ، وأن ظرف الإكراه في السرقة ظرف عيني متعلق بالأركان المادية للجريمة ، ولذلك ، فهو يسري في حق كل من أسهم في الجريمة ولو كان وقوعه من أحد المتهمين دون الباقين ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغیر معقب مادام قد استخلصه مما ينتجه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لوقعة الدعوى – على النحو السالف بيانه – تتوافر به جناية السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح بكافة أركانها وظروفها كما هي معرفة به في القانون ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعنين سوى عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دائهم بها تطبيقا للمادة ٣٢ من قانون العقوبات ، وكانت العقوبة المقضي بها – وهي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات – تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل السلاح التي أثبتها في حقهم ، فإنه لا يكون لهم مصلحة فيما يثيرونه مما ينصرف إلى باقي الجرائم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلًا وقانونًا أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقًا لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلًا بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلًا أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان ما أورده الحكم من بيان وقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافيًا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين جميعًا على الجريمة التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلًا منهم قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلًا من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقًا لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلًا أصليًا في تلك الجريمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنيًا على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمًا مؤسسًا على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان الأول والرابعة ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعيًا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لوقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، كما أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها ، والتعويل على قول الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، ولو خالف قولًا آخر له أو لشاهد آخر، دون بيان العلة ، إذ مرجع الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه . ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليهما وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للوقعة ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلًا عن أن الدفع بعدم معقولية تصوير الوقعة وانتفاء صلة الطاعنين بها والتشكيك في أقوال المجني عليهما وباقي الشهود وما ساقوه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو – في مجمله – أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم – بحسب الأصل – من المحكمة ردًا خاصًا اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها ، ومع هذا فقد عرض الحكم لما أثاره الطاعنون من دفاع في هذا الشأن واطرحه برد سائغ ، ويكون النعي عليه في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادًا ضمنًا من الحكم بالإدانة اعتمادًا على أدلة الثبوت التي أوردها ؛ إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بشأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة منهم تدليلًا على نفي الاتهام وتلفيق التهمة لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل التمسك به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتنازل وكيل المجني عليه الثاني بجلسة المحاكمة واطرحه بقوله “… وكان وكيل الشاهد الثاني المجني عليه ….. وشهرته ….. قد مثل بجلسة المحاكمة بتوكيل عنه وقرر أن موكله يتنازل عن بلاغه وأن الوقعة ما هي إلا مشاجرة جمعته والشاهد الأول من ناحية والمتهم الأول من ناحية أخرى فقد على إثرها حقيبته بما فيها من نقود ، غير أن المحكمة لا تعول على ذلك الإقرار الحاصل أمامها بجلسة المحاكمة وتلتفت عنها ولا تقدر له وزنًا أو قيمة لعدم اطمئنانها إليه ولغلبة مظنة كذبه ومخالفته الحقيقة وتأخذ بأقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة وحدها دون غيرها إعمالًا لسلطانها في تقدير أقوال الشهود ووزنها والأخذ بما تطمئن إليه منها وتقيم قضاءها على هذا الاعتبار ” ، وكان ما أورده الحكم سائغًا وكافيًا لاطراح دلالة هذا التنازل ، وكان من المقرر أن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولًا جديدًا من الأول يتضمن عدولًا عن اتهامه ، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ، فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه ، هذا إلى أن الجرائم التي دين بها الطاعنون ليست من ضمن الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل ، فإن ما يثيرونه في هذا الشأن يكون غير ذي وجه . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون قد أوردوا نعيهم بشأن عدم قيام الشاهد الثالث بالاتصال بالشرطة مباشرة والإبلاغ بالوقعة بصيغة التساؤل ، فإن هذا الشق من النعي يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، كما لا ينال من صحتها أن تكون ترديدًا لأقوال المجني عليهما لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق أقوالهما ، وكان قصر مدة التحري لا يقدح بذاته في جدية التحريات ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون معاودة للجدل في موضوع الدعوى وتقدير أدلتها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله إيراد مؤدى ما أظهرته تسجيلات الكاميرات بالقرص المدمج ودلالاتها – على النحو الذي أشاروا إليه بأسباب الطعن – ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المقام لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن القبض على الطاعنة الرابعة تم بناء على أمر صادر به من النيابة العامة ، فلا محل لمناقشة ما تثيره بشأن قيام أو انتفاء حالات التلبس . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما نصت عليه المادتان ۱۲٦ ، ۱۹۹ من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة عندما تباشر التحقيق أن تصدر حسب الأحوال أمرًا بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروكًا لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقًا بتحريات حول شخص المتهم ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها أمر القبض وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد سوغ القبض على الطاعنة صاحبة وجه النعي واطرح الدفع ببطلان أمر القبض لعدم جدية التحريات استنادًا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات ، وهو ما يعد كافيًا للرد على ما أثارته هذه الطاعنة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديدًا إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضباط الوقعة ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البين أن الحكمة التي تغياها الشارع من النص في المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المعدل من وجوب حضور محام مع المتهم أمام جهات التحقيق لدى استجوابه هي حماية المتهم لدى استجوابه أمام جهة التحقيق من أية شائبة قد تشوب اعترافه من إكراه مادي أو معنوي أو ما قد يثار من ذلك الإكراه عليه أو على غيره من المتهمين أو الشهود في الدعوى ، فإذا انتفت حكمة النص بأن أنكر المتهم ما أسند إليه من تهمة ولم يعول الحكم الصادر بالإدانة على شيء من ذلك في تكوين عقيدته ، فقد انتفى موجب تطبيقه ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الرابعة قد أنكرت ما أُسند إليها من اتهام بالتحقيقات ، وأنه استند في الإدانة إلى أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها وما تم ضبطه من مبالغ نقدية من متحصلات السرقة – حسبما سلف – دون غيرها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان المشرع لم ينص في قانون الإجراءات الجنائية على وجوب حضور مندوب من السفارة أثناء استجواب الأجنبي بتحقيقات النيابة العامة أو المحاكمة ، ولم يرتب أي بطلان على ذلك ، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعنة الرابعة بعدم إخطار سفارتها الصينية قبل البدء في استجوابها بتحقيقات النيابة العامة ، ومع هذا فقد عرضت المحكمة لما أثير في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعنة بشأن بطلان التحقيق معها لعدم وجود مترجم متخصص يجيد اللغة الصينية في قوله “… إن النيابة العامة انتدبت أحد المترجمين كي يتولى أعمال الترجمة وهو ما ارتضته المتهمة ولم تعترض عليه فقام السيد وكيل النيابة المحقق بتحليفه اليمين القانونية على أن يؤدي عمله بالصدق والأمانة وإذ اطمأنت المحكمة من واقع اطلاعها على أقوالها بالتحقيق أن الترجمة كانت تعبيرًا صادقًا نقله المترجم عن أقوالها وليس فيه ما يثير الريبة والشك ، ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله فإذا أضفنا إلى ذلك كله أن المتهمة قد امتنعت عن الإجابة عن أغلب الأسئلة التي وجهت إليها فضلًا عن أن المحكمة لم تعول على إنكارها أو أي مما قررت به من تقريرات الأمر الذي يكون معه النعي ببطلان استجواب المتهمة قد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون جديرًا بالرفض” ، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ، ويكون طلبه خاضعا لتقديرها ، وإذ كان مفاد رد المحكمة على النحو السالف بيانه أن النيابة العامة قد انتدبت أحد المترجمين كي يتولى أعمال الترجمة عن الطاعنة الرابعة ، وكانت هي لا تدعي بأسباب طعنها أنها طلبت من جهة التحقيق الاستعانة بوسيط آخر يتولى الترجمة عند سؤالها ، فإنه لا يقبل منها ما تنعاه في هذا الخصوص ما دام أن الجهة المذكورة لم تر من ناحيتها محلًا لذلك وقد تبينت مدلول أقوالها وردودها على ما وجهته إليها من أسئلة وهو أمر موضوعي يرجع إليها في تقدير الحاجة إليه . هذا فضلًا عن أن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سببًا للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان عملية العرض القانوني التي أُجريت بالنيابة العامة أو استجواب الطاعن الأول ما دام البين من الوقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من أي منهما ، وإنما بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها – على ما سلف بيانه – ، فإن ما يثار في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنًا اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن الأول على المحكمة إغفالها وقعة إصابته – بفرض صحة ذلك – لأنها لم تكن بذي أثر في قضائه ولم يعول عليها . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولًا لمحكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل السلاح – حسبما تقدم بيانه – فإن ما يثار في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنين بجريمة التداخل في وظيفة أميرية ، بل ولم تحلهم النيابة العامة بهذا الوصف ، ومن ثم فإن ما يثيرونه في هذا الصدد بدوره لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين ٥٤ ، ٩٦ منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل من أركانها وبالنسبة لكل وقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك ، لا ينهدم أصل البراءة ؛ إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة وهذا القضاء تماشيًا مع ما نصت عليه المادة ٩٦ من الدستور من أن ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ” ، ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة ، وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ولا يُلزم المتهم بتقديم أي دليل على براءته ، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين الأول والرابعة – في الدعوى الماثلة – قد واجها الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبلهما ، وكفلت لهما المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقًا للقانون ، وقد حضر مع كل منهما محاميان للدفاع عنهما ترافعوا في الدعوى وأبدوا ما عنّ لهم من أوجه الدفاع فيها ، ثم قضت المحكمة – من بعد – بإدانتهما تأسيسًا على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان صاحبي وجه النعي في هذا المنحى يضحى تأويلًا غير صحيح للقانون . لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقيد الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديدًا للطعن وتعريفًا بوجهه ، وكان الطاعنون لم يكشفوا بأسباب الطعن عن موطن مخالفة الحكم فيما استخلصه من أدلة الدعوى للثابت بالأوراق والتناقض الذي شاب أسبابه ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقَبُول الطعن شكلًا ، وفي الموضوع برفضه .