الطعن رقم ۸۰ لسنة ۸٤ ق
برئاسة السيد القاضــــى / مصطفى جــــمال الدين محمد ” النائب الأول لرئيس محكمة النقض “
وعضوية السادة القضاة / عــبد الجـــــواد هـــــــاشم فـراج، سيد محــــمـــود يوسـف، عـــــبد اللــه فـــــهيــم يوســـــف
د. سعـيد فهـــــــيم خليل، على محمد عبد الرحمن بـــدوى، عــــــبد الله أمين محمــــــود
د. فـــتحى المصرى بكر العربى، محمد برهام السيد عجيز، حسن حسن محمد منصــــور
و عبد المقصود أحمد عطية ” نـواب رئيس المحكمة ” .
الطعن رقم 80 لسنة 84 القضائية ( هيئة عامة )
(1–4) تعويض ” التعويض عن الفعل الضار غير المشروع : الضرر الموروث ” . حكم ” حجية الأحكام : حجية الحكم بتقدير التعويض الموروث لأحد الورثة بالنسبة لبقيتهم ” .
(1) التعويض الموروث . استحقاق المضرور له عما لحقه من ضرر مادى قبيل وفاته . علة ذلك . مؤداه . انتقاله إلى ورثته . أثره . أحقيتهم في مطالبة المسئول عن جبر ذلك الضرر وما تفاقم إليه .
(2) تقرير الحق في التعويض الموروث وتقديره بحكم حاز قوة الأمر المقضى . مؤداه . عدم جواز إعادة النظر في ذلك التقدير . مقتضاه . امتناع من لم يكن ممثلاً من الورثة في ذلك الحكم عن المطالبة بذلك التعويض . علة ذلك .
(3) الوارث المطالب بحق للتركة قبل الغير . انتصابه ممثلاً للورثة فيما يقضى به لها . طلبه نصيبه في التعويض الموروث . مقتضاه . طرح تقدير التعويض المُستحق للتركة على المحكمة . مؤداه . تقرير وتقدير التعويض بحكم حائز لقوة الأمر المقضى يحوز الحجية قبل باقى الورثة . أثره . امتناع من لم يكن ممثلاً منه عن المطالبة بذلك التعويض . علة ذلك .
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام شركة التأمين الطاعنة بأداء تعويض موروث للمطعون ضده عن نفسه وبصفته ورفض الدفع بعدم جواز نظر ذلك الطلب لسبق الفصل فيه نهائياً تأسيساً على عدم اختصام المطعون ضده في الدعوى السابقة . خطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- التعويض الموروث هو حق لمن وقع عليه الفعل الضار من الغير، إذ إن هذا الفعل لابد أن يسبق الموت ولو بلحظة مهما قصرت، كما يسبق كل سبب نتيجته، إذ فى هذه اللحظة يكون المجنى عليه ما زال أهلاً لكسب الحقوق، ومن بينها حقه فى التعويض عن الضرر المادى الذى لحقه، وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه فى تركته، كل بحسب نصيبه الشرعى فى الميراث، ويحق لهم بالتإلى مطالبة المسئول بجبر الضرر المادى الذى سببه لمورثهم، لا من الجروح التى أحدثها الفعل الضار به فحسب وإنما أيضاً من الموت الذى أدت إليه هذه الجروح، باعتباره من مضاعفاتها .
2- إذ ما تقرر الحق فى التعويض ( الموروث )، وقُدِّر بحكم حائز لقوة الأمر المقضى به، فلا تجوز إعادة النظر فى تقديره مرة أخرى، ويمتنع على الوارث الذى لم يكن ممثلاً فى الخصومة التى صدر فيها هذا الحكم، معاودة مطالبة المسئول عن جبر الضرر بهذا التعويض بدعوى لاحقة لانتقال حقه فيه قبل من قضى لصالحه به فى الدعوى الأولى حسب نصيبه الشرعى فى الميراث، باعتبار أن المقضى له بالتعويض كان ممثلاً للورثة تلك الخصومة وأن الحكم الصادر فيها لصالحه قد فصل فى مسألة أساسية مشتركة ونهائية لا تتغير وتناقش فيها الطرفان فى تلك الدعوى، بما يمنع من إعادة النظر فى تلك المسألة بدعوى لاحقة .
3- المستقر – وعلى ما انتهت إليه الهيئة – أن الوارث الذى يطالب بحق من حقوق التركة قبل الغير، ينتصب ممثلاً للورثة، فيما يُقضى به لها، وأن الدعوى التى يقيمها أحد الورثة بطلب نصيبه فى التعويض الموروث، تطرح على المحكمة حتماً طلب تقدير التعويض المستحق للتركة، باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل فى هذا الطلب، ومن ثم فإنه إذا ما تقرر التعويض وقُدر بحكم حائز لقوة الأمر المقضى، فإنه يحوز حجية بالنسبة لباقى الورثة، فلا تجوز إعادة النظر فى تقدير مرة أخرى، ويمتنع على الوارث الذى لم يكن ممثلاً فى الخصومة التى صدر فيها هذا الحكم، معاودة مطالبة المسئول عن جبر الضرر بهذا التعويض بدعوى لاحقة، لانتقال حقه فيه قبل من قضى لصالحه فى الدعوى الأولى حسب نصيبه الشرعى فى الميراث .
4- إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ( حجية الحكم في التعويض الموروث الصادر لأحد الورثة على بقيتهم )، ورفض الدفع بعدم جواز نظر طلب المطعون ضده عن نفسه وبصفته بالتعويض المادى الموروث لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم … لسنة 2008 مدنى كلى الفيوم واستئنافه رقم … لسنة 47 ق بنى سويف ” مأمورية الفيوم ” والتى أقامها وارث آخر بطلب التعويض الموروث، وبإلزام الطاعنة ( شركة التأمين ) بأن تؤدى إليه تعويضاً ماديّاً وأدبيّاً ومورثاً على سند من أن المطعون ضده لم يكن مختصماً عن نفسه وبصفته فى ذلك الحكم المحاجّ به، فإنه يكون معيباً ( بالخطأ فى تطبيق القانون ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأرواق – تتحصل فى أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته، أقام الدعوى رقم … لسنة 2007 مدنى كلى جنوب القاهرة، على الشركة الطاعنة وآخرين، بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه تعويضاً عما أصابه من أضرار ؛ وقال بياناً لذلك : إنه بتاريخ 18/5/2006 تسبب قائد إحدى السيارات فى وفاة ابنه ومن ثم أقام الدعوى، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة ؛ لعدم تقديم المطعون ضده عن نفسه وبصفته بشهادة بيانات السيارة أداة الحادث، استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم … لسنة 125 ق القاهرة، وقدم شهادة بيانات تلك السيارة، تفيد أنها برقم … ملاكى القاهرة، وأنه مؤمن من مخاطرها لدى الشركة الطاعنة، والتى دفعت بعدم جواز نظر طلب التعويض الموروث لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم … لسنة 2008 مدنى كلى الفيوم واستئنافه رقم … لسنة 47 ق بنى سويف ” مأمورية الفيوم “، وبتاريخ 12/11/2003 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع، وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضده عن نفسه وبصفته مبلغ ستين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة، طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، فيما قضى به من تعويض موروث، وأودعت النيابة مذكرة، أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه جزئيّاً، وإذ عُرض الطعن على الدائرة المدنية المختصة – فى غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها، وبجلسة 4 من مايو سنة 2015 رأت الدائرة إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيه، عملاً بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، إذ ذهبت الأحكام إلى أن الحكم السابق صدوره لأحد الورثة فى التعويض المورث يحوز الحجية بالنسبة لباقى الورثة فى تحديد مقدار هذا التعويض، فلا يجوز لهم المطالبة بإعادة تقديره مرة أخرى، ويمتنع على الوارث الذى لم يكن ممثلاً فى الخصومة التى صدر فيها هذا الحكم معاودة مطالبة المسئول عن جبر الضرر بهذا التعويض بدعوى لاحقة لانتقال حقه فيه قبل من قضى لصالحه به فى الدعوى الأولى، حسب نصيبه الشرعى فى الميراث، باعتبار أن المقضى له ممثلٌ للورثة فى تلك الخصومة، بينما ذهبت بعض الأحكام الأخرى، إلى أن الحكم بالتعويض الموروث لوارث فى دعوى سابقة لا يمنع من لم يكن خصماً من الورثة فيه من المطالبة بدعوى لاحقة بتقدير تعويض يزيد عما حكم به لغيره من الورثة، فإنه يتعين درءاً لتباين المواقف فى الخصومة الواحدة، وتوحيداً للمبادئ، العدول عن أحد المبدأين السابقين، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن، أودعت النيابة مذكرة تكميلية التزمت فيها رأيها .
وحيث إن التعويض الموروث هو حق لمن وقع عليه الفعل الضار من الغير، إذ إن هذا الفعل لابد أن يسبق الموت ولو بلحظة مهما قصرت، كما يسبق كل سبب نتيجته، إذ فى هذه اللحظة يكون المجنى عليه ما زال أهلاً لكسب الحقوق، ومن بينها حقه فى التعويض عن الضرر المادى الذى لحقه، وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه فى تركته، كل بحسب نصيبه الشرعى فى الميراث، ويحق لهم بالتإلى مطالبة المسئول بجبر الضرر المادى الذى سببه لمورثهم، لا من الجروح التى أحدثها الفعل الضار به فحسب وإنما أيضاً من الموت الذى أدت إليه هذه الجروح، باعتباره من مضاعفاتها، ومن ثم فإنه إذ ما تقرر الحق فى التعويض، وقُدِّر بحكم حائز لقوة الأمر المقضى به، فلا تجوز إعادة النظر فى تقديره مرة أخرى، ويمتنع على الوارث الذى لم يكن ممثلاً فى الخصومة التى صدر فيها هذا الحكم، معاودة مطالبة المسئول عن جبر الضرر بهذا التعويض بدعوى لاحقة لانتقال حقه فيه قبل من قضى لصالحه به فى الدعوى الأولى حسب نصيبه الشرعى فى الميراث، باعتبار أن المقضى له بالتعويض كان ممثلاً للورثة تلك الخصومة، وأن الحكم الصادر فيها لصالحه قد فصل فى مسألة أساسية مشتركة ونهائية لا تتغير وتناقش فيها الطرفان فى تلك الدعوى، بما يمنع من إعادة النظر فى تلك المسألة بدعوى لاحقة، لما كان ذلك ؛ فإن الهيئة تنتهى إلى الأخذ بهذا النظر بالأغلبية المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية، والعدول عن الأحكام التى ارتأت غير ذلك، والفصل فى الطعن على هذا الأساس .
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وإذ رفض الدفع بعدم جواز نظر طلب التعويض الموروث لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم … لسنة 2008 مدنى كلى الفيوم واستئنافه رقم … لسنة 47 ق بنى سويف ” مأمورية الفيوم ” على سند من أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته لم يكن خصماً فى تلك الدعوى، بالمخالفة لما استقر عليه قضاء محكمة النقض، من أن الوارث الذى يطالب بالتعويض الموروث يمثل الورثة ويكون الحكم الصادر حجة عليهم جميعاً من اُختصم منهم فى الدعوى أو من لم يختصم فيها، بما يعيبه، ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ؛ ذلك بأن من المقرر – وعلى ما انتهت إليه الهيئة – أن الوارث الذى يطالب بحق من حقوق التركة قبل الغير، ينتصب ممثلاً للورثة، فيما يُقضى به لها، وأن الدعوى التى يقيمها أحد الورثة بطلب نصيبه فى التعويض الموروث، تطرح على المحكمة حتماً طلب تقدير التعويض المستحق للتركة، باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل فى هذا الطلب، ومن ثم فإنه إذا ما تقرر التعويض وقُدر بحكم حائز لقوة الأمر المقضى، فإنه يحوز حجية بالنسبة لباقى الورثة، فلا تجوز إعادة النظر فى تقدير مرة أخرى، ويمتنع على الوارث الذى لم يكن ممثلاً فى الخصومة التى صدر فيها هذا الحكم، معاودة مطالبة المسئول عن جبر الضرر بهذا التعويض بدعوى لاحقة، لانتقال حقه فيه قبل من قضى لصالحه فى الدعوى الأولى حسب نصيبه الشرعى فى الميراث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ورفض الدفع بعدم جواز نظر طلب المطعون ضده عن نفسه وبصفته بالتعويض المادى الموروث لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم … لسنة 2008 مدنى كلى الفيوم واستئنافه رقم … لسنة 47 ق بنى سويف ” مأمورية الفيوم ” والتى أقامها وارث آخر بطلب التعويض الموروث، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدى إليه تعويضاً ماديّاً وأدبيّاً ومورثاً على سند من أن المطعون ضده لم يكن مختصماً عن نفسه وبصفته فى ذلك الحكم المحاج به، فإنه يكون معيباً، بما يوجب نقضه جزئيّاً، فيما قضى به من تعويض مادى موروث للمطعون ضده عن نفسه وبصفته .