الطعن رقم ٦۹۷٥ لسنة ۸۸ ق
جلسة ۲٦ / ۱۲ / ۲۰۲۰ – دائرة الاثنين (ج)
باسم الشعب
محكمــة النقــض
دائرة السبت ( ب) الجنائية
الطعن رقم 6975 سنة 88 قضائية
جلسة السبت الموافق 26 من ديـسـمبـر سنة 2020
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي / علـــــــى سليمــــــــان نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / خالــــــــــد الجنــــــــدى ، أحمـــد كــمـال الــخــولــى نــــائـــبــي رئــيــس المحـكمـة
، رامـــــي شـــومــــان ويـاسـيـن إســمـاعـيــــل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حكم ” بيانات التسبيب ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلي تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .لا قصور.
(2) استيلاء. إثبات ” بوجه عام”. جريمة ” أركانها “. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
جريمة الاستيلاء على المال العام. لا يلزم لإثباتهما طريقاً خاصاً. كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة.
(3) استيلاء. خيانة امانة. إثبات ” بوجه عام”. دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره”. حكم ” تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.
استيلاء الطاعن على أموال الشركة المجنى عليها خلسة بنية تملكه. النعى بأنها خيانة أمانة. غير صحيح.
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين المسندتين إلى الطاعنين . تعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما. غير لازم. التفاته عنها. مفاده : اطراحها؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض .
(4) إثبات” شهود”. محكمة الموضوع ” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” “سلطتها في تقدير الدليل”.. حكم” ما لا يعيبه في نطاق التدليل”. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
حق المحكمة في الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر. متى رآت أنها صدرت منه حقيقة وأنها تمثل واقع الدعوى.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(5) إثبات ” شهود”. استدلالات. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير جدية التحريات” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود “. حكم” تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه . عدم التزامها بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . علة ذلك ؟
تناقض الشاهد في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
مثال .
(6) إثبات ” بوجه عام ” قرائن”. تسجيل المحادثات. دفوع “الدفع ببطلان إذن تسجيل المحادثات”. محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب” . نقض ” الصفة في الطعن ” “المصلحة في الطعن” “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الدفع ببطلان الدليل المستمد من مشاهدة النيابة العامة لتسجيل كاميرات مراقبة البنك التفتيش. شرع للمحافظة على المكان. التمسك ببطلان تفتيشه. لا يقبل من غير مالكه. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
استناد الحكم إلى الدليل المستمد من التسجيلات كقرينة يعزز بها أدلة الثبوت التى أوردها . لا قصور .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التسجيل .
(7) إثبات ” بوجه عام” ” شهود”. حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل” ” تسبيبه. تسبيب غير معيب “. محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل”. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.
تساند الأدلة فى المواد الجنائية . مؤداه ؟
مثال.
(8) استيلاء. إثبات ” بوجه عام ” ” شهود “. جريمة ” أركانها “. دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره”. محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود “.” سلطتها في تقدير الدليل “. حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل” ” تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض” أسباب الطعن. ما لا يقبل منها “.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي .
الأصل في المحاكمات الجنائية . هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون بذلك .
جرائم الاستيلاء . لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة الاستيلاء . غير لازم . ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
المجادلة في ذلك امام محكمة النفض . غير مقبولة .
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفات المحكمة عنها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(9) إثبات” بوجه عام “. حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “. دفوع ” الدفع بنفي التهمة “. دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره”. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل”. نقض” أسباب الطعن. ما لا يقبل منها “.
نفي التهمة . دفاع موضوعي . استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين المسندتين إلى الطاعنين . تعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما. غير لازم. التفاته عنها. مفاده : اطراحها؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض .
(10) نقض “أسباب الطعن. تحديدها”.
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
مثال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم …… لسنة ۲۰1۲ قسم النزهة ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم …… لسنة ۲۰۱۲ كلى شرق القاهرة ).
بأنه في يوم ۱۳ من أكتوبر سنة 2012 ـــ بدائرة قسم النزهة ــــ محافظة القاهرة :-
ـــ بصفته عاملاً بإحدى الشركات المساهمة ” إداري بشركة ……. ” استولی بغير حق وبنية التملك على أموال جهة عمله بأن استولى على مبلغ مائتي ألف جنيه ، وكان ذلك خلسة ، بأن فر بها عقب استلامها عرضاً من حائزها .
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى مدنياً الأستاذ المحامى ــ بصفته وكيلاً عن الشركة المجني عليها ـــ بمبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 1 من أكتوبر سنة 2014 عملاً بالمواد ۱۱۳ مكرراً/۱ ، ۱۱۸ ، ۱۱۸ مكرر من قانون العقوبات.
بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ مائتي ألف جنيه وألزمته برد مبلغ مائتي ألف جنيه والعزل من الوظيفة وألزمته المصاريف الجنائية، وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في مصروفاتها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم ….. لسنة ۸۵ القضائية.
ومحكمة النقض قضت في 9 مايو سنة ۲۰۱۵ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض
الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة ـــ بهيئة مغايرة ــــ قضت حضورياً في 3 من أغسطس سنة 2017 عملاً بالمواد ۱۱۳ مكرراً/۱ ، ۱۱۸ ، ۱۱۸ مكرر من قانون العقوبات.
بمعاقبته بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ مائتي ألف جنيه ورد مثله والعزل من وظيفته وألزمته المصاريف الجنائية.
فطعن الأستاذ ……. المحامى ــ بصفته نائباً عن الأستاذ ……. المحامي ـــ بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه ـــ في هذا الحكم بطريق النقض – للمرة الثانية – في الأول من أكتوبر سنة 2017 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في التاريخ ذاته موقعاً عليها من الأستاذ المحامي.
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سُمعت المرافعة كما هو مبــين بمحضـــر الجلسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء علي مال أحدي الشركات المساهمة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه لم يبين أدلة الثبوت التي عول عليها في الإدانة ، هذا فضلاً عن عدم توافر أركان جريمة الاستيلاء في حقه ، وأن الواقعة في حقيقتها تشكل جنحة خيانة الأمانة ، وعول في إدانته علي أقوال شهود الإثبات رغم أن شهادتهم سماعية ، وعلي تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وتناقضها مع بعضها البعض ، وعلي الدليل المستمد من تسجيلات كاميرات المراقبة الموجودة بالبنك رغم بطلانها ومطرحاً دفوعه في ذلك الشأن بما لا يسوغ ولا يكفي ، والتفت عن دفوعه بعدم وجود دليل واحد علي إدانته بالأوراق ، وببطلان الاستناد إلي أقوال المدعو / …….. كونه مرتكب الواقعة ، وعن كافة الدفوع الجوهرية التي أبداها ، كل ذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يشترط لإثبات جريمة الاستيلاء على مال أحدي الشركات المساهمة المنصوص عليهما في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استيلاء الطاعن على المبالغ التي أشار إليها الحكم في مدوناته ، فإن منعی الطاعن بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها في حقه لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان مؤدي ما أثبته الحكم في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن استولي على أموال الشركة المجني عليها التي يعمل بها خلسة بعد أن استلمها من الموظف الذي كان برفقته ، وكان ذلك بنية تملكها ، فإنه لا محل للقول بأن الجريمة في حقيقة تكييفها القانوني لا تعدو أن تكون جريمة خيانة أمانة ، ويكون الحكم إذ دانه بجريمة الاستيلاء لم يخطئ القانون في شيء ، ويكون ما نعاه الطاعن بهذا الوجه لا محل له . هذا فضلاً عن أنه ، وكان من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في انتفاء مسئوليته وعدم توافر أركان الجريمة التي عوقب عنها ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان وزن قوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتي أخذت بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ، وقد خلا حكمها من التناقض الذي يبطله ، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة الشاهد السماعية على النحو الذي ذهب إليه في تقرير أسباب طعنه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد ، فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ، وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل – بفرض صحة وجوده – لا يعيب الحكم ، ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته . وإذ كان ذلك ، وكان ما حصله الحكم من أقوال الضابطين مجريا التحريات قد خلا من شبهة أي تناقض وأسست المحكمة الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه ، وكان من المقرر أيضاً أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها المحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في بيانه للتحريات أنها أكدت ارتكاب المتهم للواقعة المنسوبة إليه على النحو الذي قرره شاهدي الاثبات بعد أن ساق مضمون شهادتهما وشهادة النقيب/ ……… الضابط بإدارة البحث الجنائي والنقيب …… معاون مباحث قسم النزهة ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين له معينه الصحيح من الأوراق وأن مدلول التحريات يتفق وما استند إليه الحكم من تلك الأقوال ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الدليل المستمد من مشاهدة النيابة العامة لتسجيل كاميرات مراقبة البنك ورد عليه بما يفيد اطراحه في قوله ” وحيث إنه وعن الدفع ببطلان الدليل المستمد من مشاهدة النيابة العامة لتسجيل كاميرات مراقبة فرع البنك محل الواقعة ، فمردود عليه بأنه من المقرر أن تقدير الأدلة المتوافرة في الدعوي من سلطة جهة التحقيق ، ولمحكمة الموضوع من بعدها . وإذ كانت هذه المحكمة قد اطمان وجدانها لواقعة استلام المتهم لمبلغ مائتي ألف جنية داخل حقيبة من الموظف …… ثم هرب وبحوزته المبلغ أخذاً مما قرره الأخير بالتحقيقات ، وأمام هذه المحكمة ، وما شهد به الشاهدان الأول والثاني ، ومن ثم يكون هذا الدفع ما هو إلا مجادلة في الأدلة التي اطمأنت اليها المحكمة وعلي غير سند ترفضه المحكمة”. وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سليماً وسائغاً لاطراحه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أنه وعلى فرض أنه تم تركيب أجهزة المراقبة بالبنك ، وكان الطاعن لا يدعي ملكية أو حيازة هذا البنك ، ومن ثم فإن التمسك ببطلان دخوله وتركيب الأجهزة به لا يقبل من غير مالكه اعتباراً بأن المالك هو صاحب الصفة في ذلك وأن الصفة تسبق المصلحة ، فإن لم يثره ، فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه ، لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها، ويكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. أضف إلي ذلك، أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من هذه التسجيلات وإنما استندت إليه كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بطلانها وقصور الحكم في الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، إذ يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن – في شأن أخذ الحكم بأقوال الشهود رغم أنها لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفته جريمة الاستيلاء – لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة الاستيلاء طريقاً خاصاً ، ومن ثم يكفي لثبوتها أن تكون المحكمة اعتقدت بحصولها من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم – كما هو الحال في الدعوى المعروضة – ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى . إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة الاستيلاء ، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات التي عولت عليها في الإدانة ، ومنها أقوال المدعو / ……. ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ، ويكون لا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم إلى هذه الأدلة بزعم ما يبديه من أوجه التشكيك فيها ، كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئیات دفاعه ، لأن مفاد التفاتها عنها أنها اطرحتها . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاعه بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه أوجه الدفاع الجوهرية التي أبداها المدافع عنه والتي قصر الحكم في استظهارها والرد عليها ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.